السلام الموعود

[المقاتل]

السلام الموعود

الأرض الموعودة: بحث أمريكا عن السلام الضائع بين العرب وإسرائيل

تأليف: أرون دايفيد ميلر
بانتام 2008

يقول آرون دايفيد ميلر الذي يكشف لنا عن تجربته الإنتقالية من شاب نشأ في أسرة تؤمن إيماناً شديداً بالصهيونية إلى شخصية سياسية ناضجة تعترف بموقف حكومتها المنحاز على طول الطريق: "لقد إكتشفت أن النزاع العربي الإسرائيلي في حقيقة الأمر كان له وجهان".

يمدنا هذا الكتاب برؤية ثاقبة للنزاع العربي الإسرائيلي. فمؤلفه آرون ديفيد ميلر عمل كمتخصص عربي إسرائيلي بوزارة الخارجية الأمريكية على مدى ما يقرب من ربع قرن كما عمل لدى ست إدارات أمريكية خلال حياته المهنية سواءاً مع الديمقراطيين أو الجمهوريين بدءاً من إدارة كارتر في عام 1979 وإنتهاءاً بإدارة بوش الابن في عام 2003. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن ميلر ينتمي إلى أسرة يهودية وتربى على أيدي أبوين شديدي التمسك باليهودية حيث كافحا جاهدين من أجل الجالية الإسرائيلية واليهودية. ويناقش ميلر هذا الأمر بالتفصيل في الفصل الأول من كتابه، مؤكداً أهميته وملائمته في تأييد رؤيته التي تبدو فريدة من نوعها. فهذا ليس كتاباً سياسياً عادياً، إنما هو بمثابة سيرة ذاتية تشبه في بعض الأحيان رواية مثيرة أو كتاباً يتمتع بعمق سياسي كبير من منظور شاهد عيان.

ويذكر ميلر أنه في العديد من المواقف كانت الحكومة الأمريكية منحازة للرؤية الإسرائيلية. ومما يزيد من مصداقية وقيمة هذا الكتاب أنه يأتينا من شخص لديه أدلته الموثوقة، كما أن نشأته خير شاهد على رؤيته. إنه يؤمن إيماناً قوياً بأن المسئولين الأمريكيين كانوا متعاطفين في كثير من الأحيان مع الجانب الإسرائيلي وذلك على حساب الموقف العربي والفلسطيني، الأمر الذي إعتبره سبباً في فشل محادثات السلام.

إذن المؤلف شاهد على التاريخ، ففي كتابه يعرض لنا رواية شخصية لجانب من التاريخ الذي كان جزءاً منه ويعطينا تحليلاً للأمور التي يؤمن بأنها كانت صائبة وتلك التي كانت خاطئة. وسوف يجد القراء بالكتاب حوارات أُجريت مع ثلاثة رؤساء سابقين وتسعة وزراء خارجية بمن فيهم رايس وأربعة من مستشاري الأمن القومي وحوالي 150 مسئولاً أمريكياً وأجنبياً.
ويبدي ميلر إعجاباً شديداً بجيمس بيكر وكارتر في الوقت الذي ينتقد فيه طريقة كلينتون في التعامل مع عملية السلام. فهو يرى أنه كي تنجح محادثات السلام، ينبغي أن تتخذ واشنطن موقفاً صارماً من الحكومة الإسرائيلية.

ويعطي الكتاب تحليلاً سياسياً نقدياً للكيفية التي وصلت بها عملية السلام إلى الوضع الراهن، إضافة إلى مقترحات بشأن الإتجاه الذي ينبغي أن تسير فيه هذه العملية كي تخرج من حالة الجمود الحالي. وهذه المقترحات دون شك تجعل هذا الكتاب ذا قيمة بالغة للمسئولين الحاليين. لكن أهم سمة تميز هذا الكتاب أن المؤلف يمنح القارئ فرصة نادرة لرؤية ما يجري خلف الكواليس وحقيقة ما يحدث على طاولة المفاوضات.

وفي ختام الكتاب، يأمل المؤلف في أن يصبح السلام ممكناً لكنه يعلن أن عملية السلام تحتاج إلى أسلوب جديد ومختلف يتمنى أن تتبناه الإدارة الحالية.
سوف يستمتع كل من لديه إهتمام خاص بالنزاع العربي الإسرائيلي بقراءة هذا الكتاب وسوف يجد فيه قدراً كبيراً من التشويق إضافة إلى ثرائه بالمعلومات.