دول الساحل تنوي الانسحاب من الجنائية وتأسيس منظومتها العدلية

خريطة مجموعة دول الساحل (الجزيرة)
18/9/2025
اجتمع وزراء العدل في دول تحالف دول الساحل (مالي، بوركينا فاسو، والنيجر) هذا الأسبوع في العاصمة النيجرية نيامي لمناقشة شروط الانسحاب المنسق من المحكمة الجنائية الدولية، بهدف إنشاء محكمة جنائية إقليمية بديلة تُعرف باسم "محكمة الساحل لحقوق الإنسان".
وخلال القمة الاستثنائية، عبّر الوزراء عن نيتهم إعلان الانسحاب من المحكمة الدولية المختصة بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
وأشار اللواء محمد تومبا، رئيس وزراء النيجر المؤقت، إلى رغبة الدول الثلاث في "إعادة تعريف عضويتها في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية". 
رؤساء دول الساحل الجنرال عبد الرحمن تياني يتوسط نظيريه النقيب إبراهيم تراوري (يمين) والعقيد أسيمي غويتا (رويترز)ورغم أن النقاشات تناولت أيضًا توحيد القوانين الجنائية داخل فضاء التحالف، فإن التركيز كان على التنديد المشترك بالمعاهدة. ووفقًا لمصدر مالي مطلع، فإن "النصوص جاهزة"، وقد يُنشر البيان الرسمي خلال الأيام المقبلة.
محكمة الساحل لحقوق الإنسان
يرافق إعلان الانسحاب مشروع إنشاء مؤسسة قضائية إقليمية بديلة تُعنى بالجرائم الدولية والجريمة المنظمة والإرهاب، وهي قضايا تؤثر بشدة على منطقة الساحل.
ويُنظر إلى هذه الخطوة كوسيلة لتحرر دول التحالف من الاعتماد على الهيئات القضائية الدولية.
أحد المحامين الماليين وصف المشروع بأنه محاولة من قادة الدول الثلاث، الذين يُتهمون بانتهاكات حقوق الإنسان، الهروب من الملاحقة الدولية. كما يرتبط المشروع ببناء سجن شديد الحراسة لاستيعاب المدانين من الدول الثلاث.
وفي كلمته الافتتاحية، انتقد رئيس وزراء النيجر المؤقت المحكمة الجنائية الدولية، معتبرًا أن قراراتها "تستهدف حصريًا الدول الأفريقية وقادتها"، واصفًا إياها بأنها "أداة قمع تخدم القوى الإمبريالية لكبح أي تطلع للتحرر".
رد المحكمة الجنائية الدولية
من جهتها، رفضت مارغو تيديسكو، مسؤولة الاتصال في مكتب المحكمة بباماكو، هذه الاتهامات، مؤكدة أن المحكمة لا تحل محل القضاء الوطني، وأن معظم القضايا أُحيلت إليها من قبل الدول الأفريقية نفسها، مثل الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وأضافت أن المحكمة تحقق أيضًا في قضايا خارج أفريقيا، مثل أوكرانيا وجورجيا و
فلسطينوفنزويلا والفلبين. وأشارت إلى أن الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي، رغم انسحاب بلاده من المحكمة، تم تسليمه إليها في مارس/ آذار الماضي بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.
الإجراءات القانونية والآثار
حتى بعد إعلان الانسحاب، يجب على الدول الثلاث تقديم طلبات فردية مكتوبة إلى المحكمة، كما أن المحكمة تحتفظ بولايتها القضائية على القضايا المفتوحة سابقًا.

عناصر أمن ماليون يعتقلون رجلا بعد إعلان الجيش المالي عن تعرض أحد معسكراته بالعاصمة باماكو لهجوم (أسوشيتد برس)
على سبيل المثال، كانت مالي نفسها قد أحالت قضيتها إلى المحكمة في عام 2012 للتحقيق في جرائم ارتكبتها جماعات مسلحة، ولا يزال هذا التفويض ساريًا.
المحكمة الجنائية الدولية لا تزال تحتفظ بمكتب في باماكو، حيث تنظر في قضيتين، إحداهما تخص الجهادي الحسن أغ عبد العزيز، الذي حُكم عليه بالسجن 10 سنوات في يونيو/ حزيران 2024. أما إياد أغ غالي، زعيم جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، فلا يزال فارًا من العدالة.
ويُرجّح وزير العدل المالي السابق، مامادو كوناتي، أن الانسحاب يهدف إلى حماية القادة من التحقيق، قائلاً إن "تحالف دول الساحل لا يستبدل المحكمة الجنائية الدولية، بل يدفنها؛ فهو لا يحاكم المجرمين، بل يحميهم، ويحوّل العدالة إلى أداة بيد الانقلابيين" على حد قوله.
المصدر: أفريكا ريبورت + الجزيرة نت