بدا وكأن "أبو عمار" بدأ في سياسة المفاجآت، فزار مصر التي قاطعها العرب بعد كامب ديفيد والتقى الرئيس المصري
حسني مباركفانشقت "فتح" إلى أكثر من "فتح".
في العام التالي فجر مفاجأة أخرى حين أعلن من القاهرة عن شجبه "للإرهاب خارج الأراضي المحتلة" مغلقا بذلك ملف العمليات الخارجية.
وتتواصل المفاجآت بإعلان "المجلس الوطني الفلسطيني" عن قيام "الدولة الفلسطينية" والقبول بقرار مجلس الأمن
رقم 242.
ودون مقدمات ووسط التنازلات الفلسطينية، كانت تتفجر في فلسطين
الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي أطلق شرارتها استشهاد مجموعة من العمال في غزة.
وعلى مدى سنوات طويلة رفض عرفات الزواج بدعوى تكريس وقته للثورة الفلسطينية وهمومها.
وعلى الرغم من ذلك، فاجأ عرفات الكثيرين، وتزوج عام 1990 بسكرتيرة مكتبه سهى الطويل، أنجبا لاحقا ابنتهما الوحيدة "زهوة".
منيت "منظمة التحرير" بانتكاسة غير مسبوقة عندما قطعت معظم دول الخليج العربي مساعداتها عن "المنظمة" بعد موقفها من دخول القوات العراقية للكويت عام 1990.
فقد آلاف الفلسطينيين أعمالهم في الخليج، ولم يأت عام 1991 على آخره حتى كانت "المنظمة" تشارك في مؤتمر "
مدريد للسلام" من خلف الكواليس من بوابة الوفد الأردني الفلسطيني المشارك.
وبعد نحو عامين كان "أبو عمار" يوقع مع
إسحاق رابين اتفاق "غزة-أريحا أولا" كثمرة لـ"مفاوضات أوسلو" السرية.
عاد "أبو عمار" وكوادر "فتح" وبعض التنظيمات الفلسطينية إلى غزة والضفة الغربية بعد توقيع "أوسلو" ضمن ما عرف فيما بعد بـ"
السلطة الوطنية الفلسطينية"، وهي سلطة اتهم معظم الرسميين فيها بالفساد.
ودخلت "السلطة" في "مفاوضات" مضنية ومنهكة مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة دون إحراز أي تقدم.
وما هي إلا أيام قليلة حتى كان شارون يصل إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية ويصعد الأوضاع المتفجرة بزيارته الاستفزازية للمسجد الأقصى، ويفرض حصارا بعد ذلك على "أبو عمار".
بات "أبو عمار" عرضة لانتقادات لا حصر لها عربية ودولية، واتهم بأنه يقاوم أي تغيير، بعد أن ارتفع صوت التذمر حتى في صفوف "فتح" بعد اتساع دائرة الفساد وسوء الإدارة وانعدام القانون داخل "
السلطة الفلسطينية " التي دمر شارون جميع أدواتها ومكتسباتها.