واستطاعت القبائل العبرية أن تهزم الكنعانيين حوالي عام 1125 قبل الميلاد، وتقاسموا حكم البلاد مع الفلسطينيين، ثم سيطر العبرانيون على كامل المنطقة إبان الحكم الملكي بقيادة النبي داود عليه السلام نحو سنة ألف قبل الميلاد، وازدهرت المملكة على يد ابنه النبي سليمان عليه السلام، ولكن مع موته عام 935 قبل الميلاد قسمت المملكة.
وهاجم شيشنق ملك مصر مملكة يهوذا عام 920 قبل الميلاد واحتلها، وفي عام 721 قبل الميلاد هاجم الآشوريون مملكتي إسرائيل ويهوذا واحتلوهما وفرضوا الجزية عليهما، وقد حاولت مملكة إسرائيل التمرد لكن الآشوريين قمعوا تمردها بقوة وأخذوا معظم سكانها أسرى إلى العراق.
وشن نبوخذ نصر الكلداني هجوما على فلسطين عام 597 قبل الميلاد، واستولى على القدس عاصمة يهوذا وأخذ ملكها وعائلته ومعظم قادتها أسرى إلى العراق، وفي عام 586 قبل الميلاد حاول بقايا اليهود التمرد على سلطان بابل في فلسطين فعاد نبوخذ نصر وغزاها من جديد، وفي هذه المرة دمر القدس.وفي عام 539 قبل الميلاد احتل الفرس المنطقة، وظلت فلسطين تابعة للدولة الفارسية طوال قرنين من الزمان، وفي عهدهم عادت بقايا قبيلة يهوذا إلى القدس، وفي عام 333 قبل الميلاد غزا المنطقة الإسكندر الأكبر وضمها إلى الإمبراطورية اليونانية.
وفي القرن الثاني قبل الميلاد، تمرد اليهود وأسسوا دولة مستقلة حتى قهرهم بومبي العظيم عام 63 قبل الميلاد وأصبحت فلسطين جزءا من الدولة الرومانية، وبعد انقسام الدولة الرومانية إلى غربية وشرقية (بيزنطة) دخلت فلسطين تحت الحكم البيزنطي حتى القرن السابع الميلادي.
وانتهى حكم البيزنطيين عندما فتحت الجيوش العربية الإسلامية فلسطين بعد معركة اليرموك عام 636، حيث بدأ حكم إسلامي لفلسطين دام نحو 1300 سنة تخللتها الحروب الصليبية التي دامت حوالي قرنين.
بعد هزيمة
الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، دخلت فلسطين تحت
الانتداب البريطاني عام 1917، وخلال فترة الانتداب سعت بريطانيا إلى تمكين اليهود في فلسطين، فأصدرت
وعد بلفور 1917، الذي وعدت فيه اليهود بالمساعدة على تأسيس "وطن قومي" في فلسطين، وقد دُمج الوعد بعد ذلك في صك الانتداب الممنوح لبريطانيا من عصبة الأمم عام 1922.
وعملت الإدارة العسكرية البريطانية على تهيئة فلسطين بالتدريج لتصبح وطنا قوميا لليهود بكافة الوسائل والأساليب الممكنة، في بلد يتجاوز سكانه 92% من العرب الفلسطينيين، وأصدر المندوب السامي قانون الجنسية الفلسطينية بقصد منح اليهود المقيمين في البلاد الجنسية الفلسطينية، ولم توافق بريطانيا على تأسيس مجلس تشريعي في فلسطين يقوم على أساس التمثيل النسبي، والذي من الطبيعي أن تكون الأغلبية الساحقة فيه للعرب الفلسطينيين.
وخلال فترة الانتداب البريطاني زاد عدد المهاجرين اليهود، وبلغت الهجرة اليهودية إلى فلسطين حتى عام 1948 نحو 650 ألف يهودي. وأخذ المواطنون العرب على مدار فترة الانتداب بالاحتجاج والمقاومة والتظاهر والتمرد والعصيان المدني على سياسات بريطانيا، مما أدى إلى صدام عنيف مع قوات الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود، وانتفضوا بثورة عام 1928 سُميت "
ثورة البراق"، حين حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربي للمسجد الأقصى، وكذلك اشتعلت الثورة الفلسطينية الكبرى وامتدت بين عامي 1936 و1939.
وقد تم تحويل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، بناء على طلب من الحكومة البريطانية عام 1947، وتبعا لذلك أصدرت الأمم المتحدة القرار الذي حمل رقم 181، الذي يقترح إنهاء الانتداب البريطاني، وتقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين: واحدة عربية فلسطينية والأخرى يهودية، بحيث يُعطي للأخيرة ما يقارب 55% من أرض فلسطين، مع تدويل القدس.
وقبل اليهود بالقرار، بينما رفضه العرب، وعلى أثر قرار التقسيم قاوم عرب فلسطين الاستيطان الصهيوني، واتسعت المقاومة حتى شملت جميع أنحاء البلاد، وقامت معارك طاحنة، راح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى.
وكان الإنجليز عونا لليهود في تحقيق مآربهم، إذ دربوهم خلال فترة الانتداب وأمدوهم بالسلاح، وكلما انسحبوا من منطقة سلموها لهم.