عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 11:51 AM

  رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الثامنة عشرة) ـ معلومات وصلت إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من مصدر مهم عن الحشود السورية

طائرات التجسس الإسرائيلية كانت تحصي في كل يوم عدد الضباط الذين يزورون الجبهة



تل أبيب: نظير مجلي
تكشف حلقة اليوم من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في اخفاقات حرب أكتوبر 1973، جانبا آخر من أساليب الجيش الاسرائيلي، يشير الى مدى أهمية وخطورة أجهزة المخابرات، وخصوصا جهاز الاستخبارات العسكرية، وما يبذله من جهود خارقة وما يصرفه من أموال طائلة، على رصد تحركات الجيوش العربية. وقد بلغت هذه الجهود حد رصد وتعداد عدد الزيارات التي يقوم بها ضباط الجيش الى الوحدات المحتشدة على الجبهة.
ولكن، هذه الجهود، وبقدر ما تكشفه عن ضخامة حجم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمختلف أذرعها، كان أيضا مثار غضب لجنة التحقيق. حيث انه لم يحقق الهدف الرئيسي الذي صرفت من أجله تلك الأموال وبذلت لأجله تلك الجهود. فالعنجهية العسكرية تغلبت على كل الإنجازات الاستخبارية. وتواصل اللجنة في هذه الحلقة أيضا مقارعة جهاز الاستخبارات العسكرية وقادته الكبار والصغار، على أنهم رأوا بعيونهم المتعددة الاتجاهات، كل التحضيرات الحربية المصرية ـ السورية ولكنهم أصروا على ان هذه ما هي إلا تعبير عن الخوف من الجيش الاسرائيلي ومحاولة للدفاع عن النفس أمام هجوم عسكري إسرائيلي يتوقعونه.

يشير التقرير الى ان من بين أسباب فشل الاستخبارات الإسرائيلية في قراءة النوايا العربية لشن الحرب لاستعادة أراضيهم المحتلة، هو تكرار لفشل شبيه سقطت فيه المخابرات الأميركية إبان الحرب العالمية الثانية، عندما استخفت باليابان وقررت انها لن تجرؤ على مهاجمة قواتها.

وفي ما يلي ما ورد في التقرير: «(هـ) ينبغي أيضا انتقاد المنطلق الذي كان بمثابة البناء الذي قامت عليه نظرية الفرضية والتي بموجبها ينبغي التفريق بين القدرات العسكرية (capability) وبين نية اعلان الحرب (intention).

ولأقل بكلمات الأخرى [كاتب تقرير اللجنة يستخدم هنا خطابا فرديا] ان الأمر الأول [أي القدرات العسكرية] لا يدل بالضرورة على الأمر الثاني [النية لاعلان الحرب]، وليس من المفروض أن يكون حاسما في التقديرات الاستخبارية ولا أن يكون المعتمد الأساسي في عمل رجال الاستخبارات. وكما تمت الاشارة آنفا (البند 46)، اعتمدت شعبة الاستخبارات العسكرية على هذه الفرضية قبيل الحرب، فقررت بأنه توجد قدرة تقنية لدى القوات البرية المصرية بأن تعبر القناة ولكن الرغبة في تنفيذ [هذا العبور] لم تتبلور لديهم بعد، وذلك بدافع من شعورهم بأنهم ما زالوا يعانون من انعدام امكانية السيطرة في الجو. ومن رأينا انه حتى لو كان صحيحا من الناحية النظرية، أن يتم التفريق ما بين "القدرات" و"النوايا"، فإنه لم يكن مكان لتطبيق هذا على الوضع الذي سبق حرب يوم الغفران ولم يكن ممكنا أن يساعد الفرضية. ونوضح أقوالنا:

إننا نوافق على انه ليس من الصحيح، في كل حالة، بأن نخرج باستنتاجات بشأن نوايا الدولة الخصم للذهاب أو عدم الذهاب الى الحرب، وفقا لقدراتها أو وفقا للقيود التي تكبلها. من هنا، فمن واجب رجال الاستخبارات أن يتبعوا الحذر قبل أن يقدموا على «المزج» ما بين «القدرات» و«النوايا». الباحث إتش. إتش. رانسوم (H.H.Ransome) في كتابه عن المخابرات الأميركية «Central Intelligence and National Securety» (صفحة 57)، يقدم مثلا على هذا الموضوع حول الفترة التي سبقت الهجوم الياباني على بيرل هاربر في ديسمبر [كانون الأول] 1941 فيقول ان الأميركيين لم يؤمنوا بأن اليابان تستطيع أن تهاجم القاعدة العسكرية الموجودة هناك، وهذا لم يكن صحيحا. لهذا، لم يؤمنوا بأنه كان في نية اليابان في ذلك الوقت أن تنفذ الهجوم. ومع ذلك، فمن المحتمل أن تتطور أحداث خاصة يكون فيها تبرير عادل لإعطاء تقديرات [استخبارية] تربط رباطا وثيقا ما بين الأمرين [القدرات والنوايا]، من المفهوم القائل بما يلي: [في تلك الأحداث الخاصة]، بالامكان أن تكون القدرات العسكرية للدولة الخصم سوية مع وصول معلومات تحذيرية أخرى ووسط ظروف خاصة، يمكن أن تشكل دليلا على ان لديها ما يكفي من النوايا للقيام بهجوم. لن يكون زائدا أن نعرض هنا نظرية المخابرات الفرنسية في هذه القضية، كما وردت في شهادة الجنرال في الاحتياط، [أهرون] يريف (الذي سبق الجنرال زعيرا في منصبه كرئيس لشعبة الاستخبارات العسكرية)، والتي وضعت التركيز على جانب «القدرات» بالذات، لكي تتوصل الى الاستنتاجات بخصوص النوايا. وهذه أقواله في الصفحة 3262 من بروتوكول اللجنة:

"سؤال: ربما تسمعنا ما يقوله الفرنسيون؟

أ. يريف: قالوا في حينه: يجب اجراء تشريح جيد للقدرات، الممكن (possibilite) وليس النوايا (intention). الممكن هو الذي تستطيع عمله من خلال القدرات. من خلال الممكن، أعط تقديرك حول الأمر المرجح حدوثه. لا تقل بأن هذا هو ما ينوي العدو عمله..

سؤال: ماذا تعطي من خلال الممكن؟

أ. يريف: ما هو الأكثر احتمالا والأقل احتمالا.. ».

في ضوء كل هذه الأمور، يجب أن نؤكد انه إذا أخذنا بالاعتبار بأن حاكم مصر قرر ان اللجوء الى الخيار العسكري هو السبيل الوحيد بالنسبة له كي يخرج من «الطريق السياسي المسدود»، وانه من أجل ذلك يكتفي في المرحلة الأولى، بوضع هدف عسكري هو الوصول الى المعابر في سيناء ثم يتوقف، فإن من المنطق أن ترى الحقيقة ان القوات البرية المصرية كانت مؤهلة (حسب تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية) لعبور القناة. فهذه شهادة مهمة، دلت على ان لدى العدو نوايا مقدرّة لشن الحرب. وقد قلنا «نوايا مقدرة» وليس «مؤكدة» لأنه – وكما قال دي فيرد، من المستحيل أن تعرف بشكل مؤكد ما هي نوايا العدو الحقيقية (intelligence on enemy intention is never clear).

خلاصة الأمر، ان شعبة الاستخبارات العسكرية وباعتمادها – غير الصحيح في ظروف هذا الحدث ـ على التفريق المذكور ما بين القدرات والنوايا، قد تجاهلت عن سبق تعمد وإصرار ذلك الرابط القائم ما بين العنصرين في هذه الحالة وتجاهلت المعطى القائل إن مصر تملك القدرات التقنية على عبور القناة، مما ساهم بالضرورة في اعطاء التقدير الخاطئ بأن هناك احتمالا ضعيفا لأن تذهب سورية ومصر الى حرب شاملة.

 

 


   

رد مع اقتباس