الموضوع: جبل عامل
عرض مشاركة واحدة

قديم 14-04-09, 10:39 PM

  رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

- في العهد الشهابي:

سقطت الإمارة المعنية عام 1697 وخلفتها الإمارة الشهابية حيث تولى الأمير بشير الأول الحكم فيها، وعلى الرغم من تبدّل الحكام في هذه الإمارة، فإن الخط السياسي العام الذي اتبعه زعماء جبل عامل تجاه الحكم الشهابي لم يتبدل عما كان عليه تجاه الحكم المعني، إذ أنه، كما في عهد الأمراء المعنيين الذين خلفوا فخر الدين الثاني، لم يكن للأمراء الشهابيين في جبل عامل حكم ثابت مستقر، وعلى الرغم من أن كلاً من هؤلاء الأمراء كان يطمح الى أن يتولى حكم هذا الجبل، بضمان من والي صيدا، فغالباً ما كانت مهمتهم تنحصر في معاونة هؤلاء الولاة في جباية الأموال والضرائب المترتبة على العامليين، إذا تمنع هؤلاء عن دفعها، وهكذا نرى بشير الأول، بعد عام واحد من توليه الحكم، أي عام ،1698 يلبي دعوة أرسلان باشا المطرجي والي صيدا، ويزحف الى جبل عامل بجيش قوامه 8 آلاف مقاتل، ليخضع أحد زعمائه الشيخ مشرف بن علي الصغير، الذي خرج على الوالي وقتل بعض أعوانه واعتصم في قريته (المزيرعة، أو المزرعة، أو مزرعة مشرف)، فيقاتله الأمير فيها وينتصر عليه ويقتل عدداً كبيراً من جماعته، ثم يقبض عليه وعلى أخيه محمد بن علي الصغير ويسوقهما الى الوالي الذي يسجنهما، وتطلق يد الأمير مقابل ذلك في صفد ومقاطعات جبل عامل (بلاد بشارة ومقاطعة الشقيف وإقليمي الشومر والتفاح). وتسلّم الأمير حيدر عام 1706 حكم الإمارة الشهابية، فكان أول عمل قام به هو محاولة السيطرة على جبل عامل، وكان بشير باشا الذي أصبح والياً على صيدا، قد أعاد الشيخ مشرف الى حكم مقاطعته في بلاد بشارة (وكان أرسلان باشا قد سبق وأطلق سراحه)، والتمس الأمير حيدر من بشير باشا حكم جبل عامل بعد أن أغراه بالمال، فأقطعه أياه، وفي عام 1707 زحف الأمير حيدر على جبل عامل بجيش قدّره بعض المؤرخين بـ12 ألف مقاتل، (يزبك، أوراق لبنانية، حزيران ،1956 ص 277)، وكان آل الصغير قد اعتصموا، مع حلفائهم من آل منكر حكام إقليمي الشومر والتفاح وآل صعب حكام الشقيف، في بلدة النبطية، فهاجمها الأمير حيدر، ودارت بين الفريقين معركة انتهت بانتصار الأمير الشهابي واحتلاله للبلاد، حيث نصب عليها متسلماً من قبله هو الشيخ محمود أبو هرموش، بينما تشتت آل الصغير وحلفاؤهم تاركين حكم الجبل للأمير الشهابي.
ولم يكن الحال بين الشهابيين والعامليين في عهد الأمير ملحم (1732 - 1754) بأفضل منه عما كانت عليه مع من سلفه من حكام هذه الإمارة، إذ استهل الأمير ملحم المذكور حكمه بإظهار طموحه للتوسع نحو مقاطعات جبل عامل، ففي عام 1734 طلب من سليمان باشا العظم والي صيدا أن يقطعه بلاد بشارة، وكان زعماؤها، من آل الصغير، قد خرجوا عن طاعة الوالي وامتنعوا عن أداء الأموال الأميرية إليه، فأقطعه إياها، فقام الأمير ملحم بحملة على هذه البلاد حيث نازل زعماءها في بلدة (يارون) فهزمهم، وفرّ آل الصغير الى القنيطرة.
ويذكر دي لان De Lane قنصل فرنسا بصيدا عام 1734 هذه الوقعة في رسالة وجهها بتاريخ 20 آب من العام نفسه الى الكونت دي موريباس C. De Maurepas وزير الدولة الفرنسية، فيقول "ان الصدر الأعظم حانق بسبب رفض مشايخ المتاولة دفع الضرائب وبعض الأموال المترتبة عليهم له ولحكامه، وقد كلف سليمان باشا (والي صيدا) وأمير الدروز - يقصد الأمير ملحم - مهمة حصار قلاعهم وتصفيتهم جميعاً، وهكذا دخل الأمير، عند تلقيه هذا الأمر، بلاد المتاولة، بجيش مقداره خمسة عشر ألف مقاتل حيث نشر النار والدماء في كل مكان حل فيه".
Ismail Adel, ********s diplomatiques et consulaires, T, 2 p77
وفي عام 1743 خرج المناكرة والصعبية على الوالي سعد الدين باشا العظيم، والي صيدا فأرسل الأمير ملحماً لتأديبهم، ودارت بين الفريقين معركة ضارية في جوار قرية (أنصار) انتهت بهزيمة العامليين ولجوئهم الى داخل القرية، حيث أقدم الأمير ملحم على اقتحامها وإحراقها، ثم عاد بعسكره الى دير القمر، بعد أن خسر العامليون في هذه المعركة نحو ألف وستمئة قتيل، كما قبض الأمير على أربعة من مشايخهم.
وفي عام 1750 اعتدى المناكرة على إقليم جزين وكان داخلاً في حكم الجنبلاطيين حلفاء الشهابيين، فقتلوا اثنين من أتباع الشيخ بشير جنبلاط حليف الأمير ملحم، فحشد هذا الأخير جيشاً وسار لقتالهم حيث لقيهم في قرية (جباع الحلاوة) فقاتلهم وقتل منهم نحو ثلاثمئة رجل.
مرت ولاية الأميرين منصور وأحمد الشهابيين (1754 - 1763) ثم ولاية الأمير منصور منفرداً (1763 - 1770)، على الإمارة الشهابية من دون حوادث ذات أهمية بين العامليين والشهابيين، وذلك لأن الأمراء الشهابيين كانوا منشغلين في هذه الفترة بالخصومات والصراعات الداخلية فيما بينهم، مما قيض للعامليين نوعاً من الاستقلال الذاتي والتصرّف الحرّ، إلا أن ذلك لم يمنعهم من التحسّب واليقظة، خصوصاً وقد لقوا في خلال انتفاضاتهم المتعددة على الحكم العثماني، وبالتالي على الحكمين المعني والشهابي، من الشدة والقسوة ما جعلهم لا يطمئنون إلا لحكم زعمائهم، وكان عليهم، في الوقت نفسه، أن يزيدوا من قواهم الذاتية من جهة، وأن يبحثوا عن تحالفات عسكرية تتيح لهم الصمود والمنفعة من جهة أخرى، وفي هذه الأثناء، قام في العامليين زعيم وحد صفوفهم وجمع كلمتهم هو الشيخ ناصيف النصار من آل الصغير الذي وصفه "شيفالييه دي توليس" Chevalier de Taulés قنصل فرنسا بصيدا في رسالة منه الى "الدوق ديغويون" Duc D'Aiguillon بتاريخ 28 حزيران 1772 بأنه "الشيخ الكبير الذي اشتهر في كل سوريا بشجاعته".

 

 


   

رد مع اقتباس