عرض مشاركة واحدة

قديم 17-07-09, 08:18 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الفصل الرابع: إغواء المعركة والانحراف الأخلاقي الذي ينشأ عن الحرب

يستهل المؤلف هذا الفصل بالإشارة إلى أن كل ما نسمعه أو نشاهده أو نقرأه عن الحرب، لايعكس حقيقتها وما يدور فيها من مآسٍ وأهوال، كما يشير إلى أن هناك أفكاراً مورثّة عن الحرب كالاعتقاد بأنها تمثّل اختباراً لرجولة المرء ومروءته هي التي تدفع الشباب إلى الانخراط في الجيش وخوض غمار الحرب بمحض إرادتهم، لتحقيق طموحاتهم وأمجادهم، باعتبار الحرب هي مجال البطولة ونيل إعجاب الجماهير.

ويذهب المؤلف إلى كافة التصورات أو الموروثات التي كانت سائدة عن الحرب، واعتبارها مجال الرجولة والبطولة والشهامة والمروءة ... إلى أخره، قد تلاشت مع الحرب العالمية الأولي، التي استخدمت فيها الأسلحة الحديثة ذات القدرة الهائلة على قتل أعداد كبيرة من البشر، بينهم مدنيين أبرياء نساء وأطفال وشيوخ لم يشاركوا في تلك الحرب. مما جعل المبادئ الإنسانية والسلوكيات الراقية التي كانت تميّز الفارس الشهم فيما مضى شيئاً من التراث؛ "لقد أصبحت الحرب تكنولوجية وصناعة منذ اندلاع الحرب العالمية الأولى" (ص 116)؛ وأصبح الجندي في الحروب الحديثة: "أداة في يد التكنولوجيا، وحسبنا القول إن كثيراً من المقاتلين لا يرون الأفراد الذين يطلقون عليهم النار". (ص 117).
ويلفت المؤلف إلى أن الجنود الذين يقتلون أبرياء في الحروب يدفعون ثمناً عاطفياً ونفسياً كبيراً، بعد انتهاء الحرب وعودتهم إلى المجتمع المدني، حيث يكون تأثير وإغراء الحرب الذي يشبهه المؤلف بالأفيون الذين يحوّل من يدمنه إلى وحش لا يهدأ إلاّ بتحقيق النشوة التي تتجسد خلال الحرب في القتل وسفك الدماء قد انتهى أثره، ومن ثم تبدو على من ارتكبوا تلك المجازر علامات الاكتئاب والمرارة والصدمة؛ وينقل المؤلف عن أحد مؤرخي الحرب العالمية الثانية أنه عندما كان أولئك الجنود يكلفون بتنفيذ مجازر جديدة، فإنهم كانوا يلجأون إلى شرب الكحول قبل تنفيذ عملياتهم. ويعقّب المؤلف على تلك الرواية بأن مثل ذلك كان يحدث في البوسنة، وكوسوفو، والجزائر، والأرجنتين، والسلفادور، والعراق.

بيد أن ما سبق لا يعني عدم وجود بعض المقاتلين الذين تحولهم الحرب إلى (شيء مجرد من الإنسانية) فلا يتورعون عن ارتكاب أعمال همجية أثناء الحرب، مقابل مميزات تافهة تشعرهم بالقوة والسلطة؛ حيث تؤدي ممارساتهم للعنف وسفك الدماء إلى انحرافهم الأخلاقي، ما يجعلهم يتصرفون كالوحوش الهائجة؛ ولذلك فإن الحروب تنعدم فيها كثير من القيم. وقد استعرض المؤلف نماذج من تلك السلوكيات الوحشية، كالتي ارتكبت في فلسطين، من عمليات اصطياد الأطفال الفلسطينيين بواسطة جنود الاحتلال الصهيوني، حيث كان الجنود يستدرجون الأطفال عبر مكبرات الصوت مُدَّعين أنهم سيوزعون عليهم الحلوى ، ثم يطلقون الرصاص عليهم؛ وفي البلقان، حيث (معسكرات الاغتصاب)، وقتل المغتصبات أو تشويههن، وتصور ذلك بالفيديو!؛ وفي الأرجنتين، التي شهدت موبقات مماثلة خلال ما عُرف ب: (الحرب القذرة).

ويتابع المؤلف إلى نهاية هذا الفصل المظاهر والآثار غير الأخلاقية التي تواكب اندلاع الحروب وتعقبها، فيشير إلى عمليات (التهجير) بما يترتب عليها من مآسٍ وجرائم؛ وإلى نشوب طبقة من المجرمين الذين يستغلون ظروف الحرب ليقوموا بعمليات سلب ونهب، وتهريب مخدرات، وتسهيل دعارة ... وغيرها من الأنشطة التي تدمّر أخلاقيات الشعوب، مما يؤدي إلى حالة من (الانهيار الروحي)، حيث ينتاب أغلب الأهالي شعور بالخمول والعجز والاتكالية التي تصرفهم عن الرغبة في العمل أو البناء لإزالة الدمار الذي خلّفته الحرب. كذلك تنتاب الشعوب حالة من الشعور بالذنب والتقصير وتأنيب الضمير تجاه من سقطوا في الحرب من أقاربهم وجيرانهم ومعارفهم، وأنهم ربما قصَّروا ولم يفعلوا ما فيه الكفاية من أجل إنقاذهم. يُضاف إلى ما سبق أن الحرب تخلِّف للبعض عاهات جسدية دائمة تجعله عبئاً معنوياً على من يحيط به من أهله وذويه.
الفصل الخامس: سرقة الذاكرة واستعادتها

يتناول المؤلف في هذا الفصل آثار الحرب على بعض الجماعات العرقية التي تتعرّض لحروب الإبادة، فيشير في بدايته إلى أولى عمليات الإبادة الجماعية التي تمت في القرن العشرين ممثّلة فيما تعرّض له (الأرمن) وهم شعب قديم ورد ذكره في تاريخ الإغريق والفرس في القرن السادس ق.م، حسب قول المؤلف من حرب إبادة على أيدي الأتراك عام 1915م، حيث عمدت الامبراطورية العثمانية آنذاك إلى تهجير مليوني أرمني عنوة، فدفعتهم في اتجاه الصحراء السورية ليموتوا في العراء، وذلك خشية من أن يقوموا بثورة وطنية ضد الأتراك؛ ما أدى إلى مقتل مليون وهجرة ربع مليون منهم إلى أمريكا أعقاب الحرب العالمية الأولى.

ورغم مرور ما يقرب من مئة عام على مأساة (الأرمن) التي ينكرها الأتراك فإنها كغيرها من المآسي البشرية تطل برأسها مجدداً من بين ركام المقابر البشرية التي يعجّ بها العالم، إذ إن هذه المقابر عادت لتقضَّ مضاجع الجناة بعد عشرات السنين.
وفي كثير من بقاع العالم التي شهدت حروباً وحشية، أُبيدت فيها جماعات كبيرة من الناس تتم عمليات نبش القبور الجماعية لتعيد إلى الذاكرة حقائق قد طمست في حينها، وتعيد في الوقت نفسه كتابة التاريخ كما يجب أن يكتب، حدث ذلك في كمبوديا، والسلفادور، ومدينة سربرنيتشا في البوسنة، كما حدث في العراق إبان حرب تحرير الكويت (مقابر الأكراد)، وبعد الغزو الأمريكي للعراق.

ويشير المؤلف إلى أن استعادة الذاكرة المفقودة من خلال التعرُّف على المقابر الجماعية قد يؤدي إلى تحديد القتلة وضحاياهم، بما يترتب عل ذلك من التوبة الجماعية والاعتراف بالخطأ، مثلما حدث في جنوب أفريقيا بواسطة (لجنة الحقيقة والتصالح) التي ترتب عليها الاعتراف بحق المواطنين السود في جنوب أفريقيا، وجعلت الضحايا يستردون كرامتهم وهويتهم. ويستدرك المؤلف بأن المشهد السابق قليل الحدوث، إذ الأغلب هو أن يُسمح لمن اقترفوا جرائم الحرب من القادة بأن يتواروا عن الأنظار، وأن من يدفع الثمن هم من نفّذوا عمليات القتل بالوكالة عن قادهم.

وعلى الرغم مما تحدثه عمليات نبش القبور من أثر نفسي مؤلم على أهالي القتلى والمفقودين، بما تستحضره من ذكريات مؤلمة ومشاهد مفجعة عدّد المؤلف نماذج كثيرة لها في العراق، والبوسنة، والأرجنتين "... لكنها في نفس الوقت تنزل السكنية في القلوب، ذلك لأن استعادة رفاة ابن أو زوج مفقود، تخفف من وطأة الفاجعة، وتمكّن المفجوع من السير قدماً في الحياة". (ص 175).
كذلك تعدّ أشرطة (الفيديو) التي تسجّل جرائم الحرب ومآسيها إحدى الوسائل الهامة للاحتفاظ بالذاكرة واستعادتها وقتما يشاء أصحابها، لتظل حيّة في العقول والقلوب. والغريب أن قادة الحرب وأمراء ها هم الذين يسجّلون تلك الأشرطة بأنفسهم؛ ومن الأمثلة التي يذكرها المؤلف لذلك، مجموعة أشرطة الفيديو التي استخدمتها الشرطة السريّة العراقية في العهد السابق لتسجيل عمليات الإعدام التي قامت بتنفيذها، والتي تعكس الانهيار التام للمبادئ والأعراف الأخلاقية، حيث كان القتلى يقيدون إلى أعمدة ثم تُطلق عليهم النار بغزارة، فضلاً عن إزهاق أرواح أطفال ونساء وأناس لا يحملون السلاح. وقد تم تهريب هذه الأشرطة إلى خارج العراق قبل الغزو الأمريكي عبر المعارض العراقي (كنان مكية) ولجنة حقوق الإنسان وظهرت بصورة أوضح بعد الغزو، لتقف شاهداً للإخبار عن حقيقة ما حدث، وتميط اللثام عن الجرائم التي يرتكبها مثيرو الحرب.
الفصل السادس : القضية

لابد لكل حرب من (قضية) تثار من أجلها، وهذه القضية قد تكون حقيقية تجعل الشعب مؤمناً بها، فخوراً بخوض الحرب من أجلها، وقد تكون (مفبركة)، أو (مصطنعة)، أو (مزيفة) عبر وسائل الإعلام والمراسلين العسكريين وغيرهم لكسب الرأي العام من خلال ما يتم نشره من صور وقصص مصممة بأساليب تستهوي أبناء الشعب وتداعب مشاعرهم. وقد خصص المؤلف هذا الفصل لطرح العديد من الأساليب التي يتم من خلالها استهواء الشعب وكسب تأييده للقضية التي أُثيرت من أجلها الحرب، ومنها:
تشويه الحقائق التي تحدث في ساحات القتال، وإبراز الجوانب التي تضع قواتنا في صورة جذّابة تبرز تفوقها العسكري والتكنولوجي، في الوقت الذي يتم فيه عن عمد إخفاء أعداد القتلى والمصابين لكلا الطرفين، سواء كانوا من المقاتلين أو المدنيين الأبرياء النساء والأطفال والشيوخ الذين تحصدهم النيران بلا ذنب أو جريرة.

تمجيد القتلى الذين سقطوا من قواتنا في الحرب، وإضفاء هالة من القداسة عليهم سواء أكانوا شهداء حقيقيين أم وهميين وتحمليل العدو مسؤولية قتلهم؛ ويشير المؤلف في هذا الصدد إلى القداسة التي أضفتها الحكومة الأمريكية على قتلى أحداث سبتمبر 2001م، لتسويق سياسة (الحرب على الإرهاب) التي تفتقر في رأي المؤلف إلى وضوح الرؤيا أو الإطار المحدد، الذي يجعلها تقبل التفكير أو النقاش، حيث وظَّفت قضية قتلى البرجين بصورة تجعل الشعب الأمريكي يشعر بأنه مهدد، ومن ثم فعليه تأييد (الحرب على الإرهاب) وفق الصورة والكيفية التي يراها مروّجو تلك الحرب دونما تفكير أو نقاش.

استثارة الرأي العام ضد العدو، وتأجيج مشاعر الكراهية والبغض له، ولو بترويج الشائعات والأكاذيب ضده، ومن الأمثلة التي طرحها المؤلف لذلك ما أُشيع عن قيام القوات العراقية عند احتلالها للكويت عام 1990م بإخراج الأطفال الرضّع من الحضّانات ووضعهم بلا شفقة على أرضيات المستشفيات ليواجهوا الموت المحتوم؛ فقد تبيّن حسب قول المؤلف بعد دخول القوات المتحالفة للكويت وإخراج العراقيين منها أن الرواية لا أساس لها من الصحة.

ويشير هذا الأسلوب إلى أن مخططي الحرب يوجدون ضحية أو يختلقونها ويحمّلون العدو مسؤولية موتها، لتكون تلك الضحية قضية القضايا، أو القضية المحورية التي تحشد الرأي العام الداخلي والخارجي لتأييد الحرب ضد العدو، أياً كانت الصورة التي تتم بها.

تغليف القضية التي تثار من أجلها الحرب بهالات من الدين والخلق والمبادئ الإنسانية حتى تتصف بالمصداقية وتستقطب الرأي العام وتلقى تأييده. ويذكر المؤلف أن رجال الدول العلمانية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الذين يجنحون إلى شنّ الحروب، يلجأون إلى التحالف مع رجال الدين ليروجوا بين الناس أن أولئك القادة (العلمانيين) ينفذون المشيئة الإلهية بتلك الحرب!
ومن النماذج التي يطرحها المولف لتغليف قضية الحرب بهالة من الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية قضية حرب (تحرير العراق) التي تخوضها الولايات المتحدة حالياً، حيث يوقن أن إشعال تلك الحرب كان من أجل الحصول على البترول بأرخص الأسعار، ولكن إعلان ذلك السبب الحقيقي لن يجعل الشعب الأمريكي يدعم تلك الحرب أو يؤيدها.

البحث عن مبررات ولو كاذبة لتبرير ما يتم اقترافه من جرائم، أو الزعم بأن تلك الجرائم جاءت رداً على جرائم أبشع منها اقترفها العدو. ومن الأمثلة التي يوردها لهذا الأسلوب ما أثير بشأن اشتعال الحرب في (سراييفوا)، حيث زعم المسلمون أن الصرب قصفوا السوق الرئيسة في (سراييفوا)، بينما زعم الصرب أن المسلمين هم الذين أطلقوا القذائف على إخوانهم في السوق لتبرير الحرب واستمالة الرأي العام العالمي والحصول على الدعم الدولي لقضيتهم.

وينهي المؤلف هذا الفصل بالإشارة إلى أن اكتشافنا بعد نهاية الحرب أن (القضية) التي حاربنا من أجلها قد أخضعت للتزييف والتضليل والتزوير، لا يجعلنا نتخلى عن تلك القضية، ما لم يتخلَّ الطرف الآخر عن قضيته التي قد تكون عادلة تماماً وذلك لأن الخوف من العدو، وعدم الثقة في أفعاله، يظل هو الدافع لسلوك المجتمع بعد الحرب. ويستدل المولف لذلك بما كان يتم في البلقان بعد اتفاقية (دايتون 1995م)، حيث ظلت سلوكيات ومشاعر وقناعات الصرب البوسنيين ضد المسلمين البوسنيين كما كانت عليه قبل إبرام الاتفاقية من العداء والكراهية.
الفصل السابع : (ايروس وثناتوس)

يتناول المؤلف في هذا الفصل الأخير من كتابه تأثير الحرب على ما يدور داخل النفس البشرية من صراع بين غريزتي: (حب الحياة والتعلّق لها) وهي ما أطلق عليه (سيجموند فرويد): (ايروس) (والنزعة إلى الفناء أو الرغبة في الموت) وهي ما أطلق عليها (فرويد): (ثناتوس).

ويرى المؤلف أنه على الرغم من التناقض التام بين هاتين الرغبتين، فإن الحرب تثيرهما داخل النفس البشرية بقوة، حيث تفرض على الإنسان بدافع انتمائه وولائه القومي والعرقي والطبقي الإقدام، والتضحية بالنفس، وإنكار الذات، وعدم الخوف من الموت، بل والرغبة فيه من أجل الوطن والأهل والواجب؛ كما تبعث (الحرب) في الوقت نفسه حالة من التواصل مع الآخرين، ومحبتهم، والتعلق بهم والرغبة في الحياة معهم، وهنا تلتقي النزعتان: (ايروس وثناتوس).

ويذهب المؤلف إلى أن افتقار الإنسان إلى محبة الآخرين والارتباط بهم، تجعله يعيش في عزلة ووحدة تفقده إنسانيته، وقد يكون ذلك دافعاً لإثارة الحروب وإشعالها، أو تأييدها والمشاركة فيها. وعندما يشارك أولئك المفتقرين إلى المحبة في الحرب، فإنهم يشعرون باللذة من خلال تحكُّمهم في حياة الآخرين، ومن ثم فإنهم يميلون إلى ترويع العزّل والضعفاء، ويستبيحون حرماتهم، وغالباً ما يكون هذا الضعف من قِبَل (أمراء الحرب) و (رجال الميليشيا) الذين يتجنبون المعارك الحقيقية ويعوزهم التدريب والانضباط العسكري، وينظرون إلى الحرب باعتبارها وسيلة للتحكُّم في حياة الآخرين فحسب.

وقد تكون النزعة إلى تدمير الذات أو الرغبة في الموت (ثناتوس) لدى البعض مرضاً نفسياً يدفع صاحبه إلى المشاركة في الحرب، حيث يزعم المؤلف أن هناك حالة مرضية تسمى (نيكروفيليا) أو (الافتنان اللاإرادي بالموت)، تنتاب الذين يمارسون الإرهاب، والذين يفجّرون أنفسهم؛ وتختبئ خلف شعارات مثل المروءة أو الواجب؛ وهذه الظاهرة تلازم أولئك الذين ليس لديهم ما يعيشون من أجله أو أي أمل في المستقبل، ولذلك يجدون في الحرب البيئة التي تزيل مشاعر الاحتقان النفسي التي يعانون منها.

وقد تأتي تلك النزعة كنتيجة لحالة الهيجان والإثارة التي تصيب الإنسان عند المشاركة في الحرب، وقد تعود إلى كثرة ما يراه المقاتل من جثث القتلى حوله، والذين ربما كانوا رفاقه في السلاح أو بعض أقربائه أو جيرانه، ما يجعله راغباً في الموت أغلب الأحيان.

ويذهب المؤلف إلى أن الصراع بين (ايروس وثناتوس) قد يؤدي إلى (تشويه الشخصية الإنسانية)، وذلك لأننا يجب أن نكبت مشاعر المحبة والوفاء ونطلق العنان لغرائزنا البدائية والهمجية التي تستثيرها الحرب، بما تتيح لنا القيام به من أعمال القتال والتدمير المتعمد للآخرين، باعتبارها السبيل الوحيد لحماية الذات والإبقاء عليها.

وتتجلى مظاهر (تشويه الشخصية الإنسانية) في حالة التوتّر العصبي، والخوف، والترقّب، وإطلاق النيران بصورة عشوائية على النساء والأطفال، والقيام بأعمال السلب والنهب... إلى غير ذلك من السلوكيات التي تعكس عدم الانضباط، وتحوّل الجنود إلى قتلة أصابهم جنون القوة وتملكتهم نشوة الحرية المطلقة في التحكّم في رقاب الناس، ويزول الستار الرقيق بين التحضُّر والبربرية، حيث يذوب الفرد في خضم هيجان جماعي.

وعلى الرغم من إحساس المقاتل بالنشوة والانتصار بقتل أعدائه، إلاّ أن هذا المشهد المقيت يترك آثاره على الذين مارسوه فيما بعد، حيث تظل صور القتلى وجثثهم تلاحق ذاكرة قاتليهم، فضلاً عن رفاقهم وأقاربهم، ولهذا فإن كثيراً ممن شاركوا في الحروب من المحاربين القدماء يصبحون فريسة للهواجس التي تقضّ مضاجعهم، وخصوصاً من فقدوا عضواً من أعضائهم، حيث يشعرون بالوحدة ويجدون صعوبة في الاندماج في المجتمع بعد عودتهم، بل إن بعضهم يحاول الانتحار بعد نهاية الحرب نتيجة الشعور بكراهية الذات التي تنتابهم على ما اقترفوه من عنف في الحرب. ويختتم المؤلف كتابه بكلمة شكر وتقدير لكل من علّمه وشجعه على نشر مؤلَّفه.
تقويم الكتاب

وأختتم هذا العرض بالقول: ربما كان بعض الآراء والأفكار التي طرحها المؤلف لحقيقة الحرب وآثارها مثير من وجهة نظري للجدل والنقاش، وتدعو إلى الاختلاف، ويعود ذلك في ظني إلى أن المؤلف قد نظر إلى حقيقة الحرب وآثارها من زاوية واحدة دون سواها، وعمّم ما توصّل إليه من قناعات على ظاهرة الحرب بعامة؛ وهو منهج تعوزه الدقّة والموضوعية؛ بيد أن اختلافنا مع المؤلف في بعض ما طرحه من رؤى وقناعات لا يمنعنا من التأكيد على أننا أمام كتاب متميّز في موضوعه، ومع كاتب مثير في آرائه وأفكاره، ومع رؤية غير تقليدية لحقيقة الحرب وآثارها، وهذا ما يجعله كتاباً جديراً بالقراءة والاهتمام

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس