عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:29 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

علاقات الأمريكية الإيرانية بعد رحيل الشاه.
وقد بدأت العلاقات الإيرانية الأمريكية في التدهور، بعد فترة من الهدوء المؤقت، في الرابع من نوفمبر 1979 وذلك بسبب احتلال السفارة الأمريكية في طهران(1) من قبل الطلبة الإيرانيين وبعدها بقليل، وفي العشرين من نوفمبر 1979، طرح أمن المملكة العربية السعودية ثانية للبحث، بعد أحداث الحرم المكي. وفي الرابع والعشرين من شهر ديسمبر دخلت القوات السوفيتية بشكل مكثف أفغانستان.
وعلى أثر هذه الحوادث، قررت الولايات المتحدة تغيير استراتيجيتها المتعلقة بالخليج العربي. هذه الاستراتيجية التي كانت مرتكزة بشكل جوهري على دعم الركيزتين. أما الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية فلا تعتمد ابداً على القوات الإقليمية لحماية مصالحها ومصالح حلفائها الغربيين. هذه التغييرات دفعت بالإدارة الحاكمة آنذاك إلى إعداد ما سوف يلقب بعد ذلك "بمبدأ كارتر".
وقد أعلن الرئيس كارتر في الثالث والعشرين من شهر يناير 1980 في خطبته ما يلي: "لا بد أن يكون موقفنا واضحاً، فأية محاولة، من أي دولة من الدول، لضمان سيطرتها على الخليج سوف تعد تهديداً للمصالح الحيوية الأمريكية، وسوف نرد على هذا التهديد باستعمال كل الأساليب اللازمة، بما فيها القوة العسكرية(2).
بمعنى آخر، أرادت الإدارة الأمريكية القول بأنها سوف تتكفل بنفسها أمر الدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها الغربيين في منطقة الخليج العربي دون الاعتماد على أية قوة وسيطة. وهذا يعني أيضاً أن منطقة الخليج العربي أصبحت بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، مهمة أيضاً مثل أوروبا الغربية.
وفي الحقيقة أنه منذ زمن طويل، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تفكر في التدخل المباشر(3) في الخليج العربي للدفاع عن صالحها. وهذه السياسة لم تكن نتيجة للثورة الإيرانية أو التدخل السوفيتي في أفغانستان. فهاتان الحادثتان ليستا سوى مبرر، لأن التخطيط الأمريكي للتدخل في منطقة الخليج، العربي، أعد له منذ أن استعمل العرب في عام 1973، سلاح النفط في صراعهم مع إسرائيل، والمتطرفون في الولايات المتحدة الأمريكية نظروا إلى الحظر العربي كدليل على عدم قدرة الولايات المتحدة إملاء إرادتها على الأمم الأخرى. وعدم القدرة التي تؤكد مرة أخرى حالة التردد بالنسبة للحملات العسكرية في الخارج وذلك بعد الفشل الأمريكي في فيتنام. ففي الواقع لقد أدى الحظر النفطي إلى مراجعة جزئية للاستراتيجية الأمريكية في الخليج العربي، خاصة فيما يتعلق بموضوع الاعتماد كلية على الشاه من أجل حماية المصالح الأمريكية.
ونستطيع أن نحصل على فكرة عن الاستراتيجية الجديدة التي ظهرت خلال هذه الفترة، وذلك عن طريق تصريحات كبار المسؤولين الأمريكان الذين لم يستبعدوا سيطرة أمريكية على الآبار النفطية الخليجية في حالة حدوث حظر نفطي جديد على الصادرات من البترول أو حتى في حالة حدوث ارتفاع في اسعار النفط من قبل الدول المنتجة. وهكذا وفي مقابلة مع مجلة "البيزنس ويك" "Business Week"، لم يستبعد هنري كيسنجر احتمال التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأدنى إذا هددت الدول العربية الأعضاء في منظمة الأوبك خنق العالم الصناعي(4).
وبعد شهرين قدمت تحت توقيع ميلز ايكنوتس Miles Ignotus، مستشار قضايا الدفاع في واشنطن، براهين مماثلة. فقد تنبأ في مقال له، أن كل المحاولات السلمية الهادفة لخفض أسعار النفط، ما هي إلاّ محاولات عبثية، مثل كل سلوك تهدئة بخصوص الاوبك، وهذا لن يؤدي إلا إلى فقر كامل للعالم الرأسمالي. وأمريكا ليس لها خيار آخر سوى خيار التدخل(5).
إن التفكير في احتلال أمريكي لآبار النفط الخليجية كان وارداً منذ الحظر النفطي في أكتوبر 1973، هذا الحظر الذي نتج عنه مضاعفة أسعار النفط أربع مرات. والرأي العام الأمريكي هيئ لمثل هذا الاحتمال، والإدارة الأمريكية لم تكن تنتظر إلا الفرصة للانتقال من الخطة النظرية إلى الخطة العملية.
وفي الواقع فقد استفادت الإدارة الأمريكية من الأحداث الطارئة التي ألمت بالمنطقة، حتى تبرر أمام الرأي العام العالمي سياستها العدوانية وتمويهها في هيئة استراتيجية دفاعية. وقد أعطت الثورة الإيرانية والتدخل السوفيتي في أفغانستان الفرصة المنتظرة. ولا نتجنى كثيراً إذا قلنا أننا أصبنا بالدهشة، لرؤيتنا الولايات المتحدة الأمريكية وهي تتبنى سياسة تذكرنا بعصور الإستعمار(6)، في الفترة الرئاسية لرئيس أعلن بعد فوزه في الانتخابات أن الحرب الباردة، قد انتهت وأنه سوف يدافع عن حقوق الإنسان وعن السلم العالمي. كانت هذه هي البيانات التي استهل بها الرئيس كارتر دورته الرئاسية قبل أن يتبنى سياسة خارجية مناقضة. وفي السنوات الأولى التزمت إدارة كارتر بمبدأ نيكسون، بالرغم من أن هذه السياسة كانت مناقضة تماماً لسياسة حقوق الإنسان التي نودي بها، والتي تجد تعبيرها في عدم التعاون مع الأنظمة المستبدة. والكل يعرف أن مبدأ نيكسون في الخليج كان قائماً على دعم النظام الشاهنشاني المعروف بتعسفه وذلك لتسهيل حماية المصالح الأمريكية.
ونستطيع ملاحظة التناقض في السياسة الكارترية أيضاً في مسائل بيع السلاح الأمريكي. فقد ارتفعت مبيعات السلاح الأمريكية بشكل ملحوظ أثناء فترة رئاسة نيكسون وفورد، وذلك تمشياً مع مبدأ نيكسون والذي ركز بشكل مباشر على تقوية الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية، لكن المرشح الديمقراطي للرئاسة (جيمي كارتر) لم يكن مؤدياً لهذه السياسة. وقد أعلن في عام 1976 أن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن تصبح في الوقت نفسه زعيمة العالم في قضايا السلام والأولى في العالم في تصدير أسلحة الحرب". وقد وعد "بتشديد الدعوة إلى السلام وخفض تجارة السلاح"(7).
لكن "ديبلوماسية السلاح" المتبعة في فترة حكم الرئيس كارتر تبين لنا العكس وبناء على تقديرات من البنتاجون الأمريكي، والتي قدرت الإتفاقات الحكومية بحوالي 17,900 مليون دولار لميزانية السنوات 1976 ـ 1977
وهذا الارتفاع الكبير في مبيعات الأسلحة الأمريكية كان في معظمه، نتيجة لاتباع أمريكا سياسة تشجيعية في تصدير السلاح لدول مثل العربية السعودية ومصر واليمن الشمالي وبالنسبة لإسرائيل فإن المصدر إليها من السلاح ازداد عن ذي قبل بكثير(8). وبالتالي فسوق السلاح وتشجيع تسليح جيران إيران كان خطوة هامة نحو كسر أنف التشدد الإيراني ولهذا ستصبح دبلوماسية السلاح غير مفهومة دون إدخال هذا العنصر مع عناصر أخرى.
ولهذا إذا طرح السؤال لماذا شجعت الولايات المتحدة الأمريكية "ديبلوماسية السلاح" بالرغم من إدراكها بأن الإتحاد السوفيتي لن يتدخل أبداً من أجل السيطرة على آبار النفط الخليجية لأسباب هي:
1 ـ إن الإتحاد السوفيتي لم يكن بحاجة ملحة إلى نفط الخليج في تلك الفترة ولا في الفترة الحالية(9).
2 ـ كل تحرك يهدف إلى إيقاف تصدير نفط الخليج إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية واليابان، سوف يؤثر حتماً على العلاقات بين واشنطن وموسكو وقد يؤدي إلى صدام مسلح. ولذلك لنا أن نتساءل هنا ضد من كان موجهاً مبدأ كارتر؟
لن يطول بنا التفكير حتى نجد الإجابة ممثلة في عاملين يهددان المصالح الحيوية الأمريكية من وجهة نظر بعض الاستراتيجيين الأمريكان وهما:
1 ـ ترويض إيران ووقف تدخلها في شؤون جيرانها وإثارتها القلاقل عبر عناصر أصولية متطرفة تقوم إيران بتبنيها وتمويلها وتوجيهها بل وأحياناً بخلقها.
2 ـ تقوية العناصر الحاكمة المعتدلة في المنطقة وعدم إجبارها على التحالف مع السوفييت من أجل السلاح أو السقوط لصالح عناصر التطرف اليساري المراهقة كما حدث في اليمن الجنوبي وفي القرن الأفريقي وفي أفغانستان(10).
ولذا قررت الولايات المتحدة الأمريكية إبعاد هذين الخطرين بأساليبها الخاصة ودون الاعتماد على أي قوة في اختلاط معقد بين الموقف من إيران والمصالح الأمريكية عامة في المنطقة حيث أن بداية الثمانينات، شهدت وضعاً في الولايات المتحدة الأمريكية يختلف تماماً عما كان عليه في فترة الانسحاب البريطاني. في تلك الفترة كانت الولايات المتحدة الأمريكية مأخوذة تماماً بالحرب الفيتنامية، وكان من الصعب عليها التكفل بأي التزامات خارج حدودها، بسبب المعارضة التي سوف تلاقيها سواء من الرأي العام الأمريكي أو من الكونجرس ضد أي ارتباط بالخليج.
فضلاً عن ذلك. لم يكن بعض القادة في الخليج في تلك الفترة يرغب في أن يرى انتشار القوات الأمريكية في المنطقة. وكانوا يعتقدون بقدرة الولايات المتحدة على المحافظة على الاستقرار، بالرجوع دائماً إلى دورهم في إسقاط مصدق وإعادة عرش الشاه.
وفي بداية الثمانينات ومع الإعلان عن مبدأ كارتر كانت كل الأسباب التي تمنع الولايات المتحدة الأمريكية من تبني سياسة التدخل قد توارت وكان الرأي العام الأمريكي مستعداً لمساندة أي تدخل أمريكي(11) في الخارج يعيد إلى هذه الدولة هيبتها التي فقدتها في مشكلة الرهائن. إضافة إلى ذلك، إن بعض حلفاء أمريكا في المنطقة، فقدوا الثقة في قدرتها على التدخل لمساعدتهم.
في هذا الوضع أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية على تبني استراتيجية مباشرة، بالرغم من أنها في هذه الفترة لم تكن تملك القدرة للإيفاء بالالتزامات التي أخذتها على نفسها. وهذا ما سوف نحاول معالجته في القسم التالي من هذه الدراسة أثناء حديثنا عن سياسة ريجان الخليجية وتبنيه لمبدأ كارتر وكيف حاول تطويره.
الهوامش:
1 ـ يقول روبرت تاكر بأن حكاية الرهائن المؤثرة مثل هزيمة فيتنام قد رسمت انحطاط الهيبة الأمريكية والذي لم تفعله أي حادثة أخرى في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
Tucker Robert, “The Middle East: Carterism without Carter”?

2 ـ Commentary, Vol. 72, No. 3, September 1981, P. 28.
3 ـ أنظر "خطة الغزو الأمريكي لمنابع النفط العربي" (تقرير للكونغرس الأمريكي)، ترجمة سليمان الفيومي، دار القدس، الطبعة الأولى، 1976.
4 ـ “Business Week", 13 January 1975, PP. 67- 76.
5 ـ Klare Michael T., "La Strategie Americane Dans le Golfe Arabo Persique”, Le Monde Diplomatique, No Mars 1976.
6 ـ إن مبدأ كارتر في الواقع أكثر تطرفاً من مبدأ إيزنهاور، فبينما كان مبدأ إيزنهاور يؤكد على دعم الولايات المتحدة للدول التي تطلب المساعدة، نرى أن مبدأ كارتر يذهب إلى أعبد من ذلك، لأنه ينص على أن الولايات المتحدة هي التي تقرر إن كانت ستتدخل في الدول التي تواجه مصاعب، دون انتظار لطلب هذه الدول.
7 ـ Holland Max, "la Diplomatie des Armes et Ses Dangers”, Le Monde Diplomatique, No. January 1980.
8 ـ نفس المصدر السابق.
9 ـ Newsom Devid D., "America Engulfed”, Foregn Policy, No 43, Summer 1981, P. 20.
10 ـ Hurewitz J. C., “The Persian Gulf After Iran's Revolutino", Headline Series 244, April 1979 Foreign Policy Association, New York, P. 6.
11 ـ Newdsom David D., "America Engulfed", Op. Cit, P. 17.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس