عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:06 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

أهداف الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج العربي:

تميز النفوذ الأمريكي في منطقة الخليج العربي، منذ بداية القرن وحتى الحرب العالمية الثانية في الدفاع عن المصالح التجارية الأمريكية، وكذلك مصالح رعايا الولايات المتحدة، مع الابتعاد عن كل تدخل سياسي في منطقة الخليج العربي التي كانت تعد ساحة نفوذ بريطانيا(1).
غير أن ملامح التغير في هذه السياسة بدأت في الإرتسام مع بداية الحرب العالمية الثانية، حين لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور القوة المساعدة للقوى العسكرية البريطانية.
وما لبثت هذه الملامح تتضح وتتعاظم مع إعلان الأمريكان عن دخولهم في الحرب العالمية الثانية بشكل رسمي. فقد حمل الأمريكان على عاتقهم مساعدة السوفييت عن طريق إيران، وهو دور استلزم بلا شك تواجداً عسكرياً أمريكياً في الخليج وهو ما سيعرف لاحقاً بقيادة الخليج الفارسي التي بلغ عدد أفرادها ما يقارب الثمانية وعشرين ألفاً(2).
ومن جهة أخرى، فقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً كبيراً في إمدادات الحلفاء بالبترول. وقد كان النفط الأمريكي يمثل ما يقارب 70% من موارد الطاقة المستخدمة في الحرب(3). وإدراكاً من الإدارة الأمريكية لعدم تمكنها من الاستمرار في الإنتاج النفطي بنفس المستوى في فترة ما بعد الحرب فقد وجه الأمريكان أنظارهم نحو الدول الخليية الغنية بالنفط.
وقد عاضد هذا التوجه سلسلة من الدراسات المقدمة من الشركات البترولية الأمريكية الكبرى، والتي كانت تشير إلى أن مركز الجاذبية في الإنتاج البترولي العالمي سوف يتركز في منطقة الخليج العربي، إزاء هذه المعطيات كلها، لم تتردد الحكومة الأمريكية في إعطاء القروض للحكومة السعودية في فترة الحرب، وذلك بطلب(4) من شركة ستاندرد الكاليفورنية (SOCAL)، إذ واجهت المملكة العربية السعودية حينها أزمة مالية بسبب الإنخفاض الذي حدث في الإنتاج البترولي السعودي من ناحية، والنقص في عدد الحجاج من جراء الحرب من ناحية أخرى. وقد أنابت الحكومة الأمريكية بريطانيا تسليم القروض للعاهل السعودي في عامي 1941، 1942(5). هذه القروض قدرت بخمسة ملايين وعشرت ملايين دولار على التوالي وكانت جزءاً من المعونات الأساسية التي قدمت للبريطانيين من الحكومة الأمريكية ولعل في ذلك ما يدلل على أن الولايات المتحدة الأمريكية برغم مصالحها الاقتصادية في المنطقة فإنها كانت وما تزال تعترف بأولوية السيطرة السياسية والعسكرية البريطانية في منطقة الخليج العربي.
وقد أدت هذه المساعدات المالية التي تأتي عن طريف لندن إلى إثارة القلق ومخاوف الشركات البترولية الأمريكية، وكان مرجع هذا الخوف يعزى إلى تزايد النفوذ البريطاني في المملكة، تزايداً من شأنه أن يدفع البريطانيين في المستقبل المنظور إلى المطالبة بحصص من البرتول السعودي. وقد نجح هذا التخوف في إقناع إدارة روزفلت إلى تبني استراتيجية تقوم على الإرتباط المباشر بالعربية السعودية. وما لبثت مؤشرات هذه السياسة في التبدي عبر مفردات الخطاب السياسي الأمريكي حين أعلن الرئيس روزفلت في الثامن عشر من شهر فبراير 1943:
إن الدفاع عن المملكة العربية السعودية مهم جداً للدفاع عن الولايات الأمريكية(6).
وبالرغم من أن هذا الإعلان لم يكن يحمل مضموناً عسكرياً، إلا أنه كان يهدف إلى وضع العربية السعودية في خانة تتيح لها ـ بحسب القوانين الأمريكية ـ الحصول على المساعدات من الخزانة الأمريكية دون الحاجة إلى وساطة لندن.
على هذا المنوال دشنت الإدارة الأمريكية سياسة لتقوية نفوذها في المملكة العربية السعودية أثناء الحرب العالمية الثانية متخذة إجراءات كثيرة نذكر ثلاثة منها:
1 ـ مساعدة المملكة العربية السعودية في نطاق قانون الإعارة والتأجير.
2 ـ إرسال البعثات العسكرية للقيام بتدريب القوات السعودية. وباستثناء الفترة القصيرة الواقعة بين 1951 ـ 1954، والتي قامت فيها مصر بإرسال بعثه عسكرية للعربية السعودية، فإن النشاطات العسكرية كان مسيطراً عليها من قبل الأمريكان، الذين كانوا يمدون المملكة السعودية بكل ما تحتاجه من معدات عسكرية تقريباً.
3 ـ إنشاء قاعدة عسكرية(7) للقوات الجوية الأمريكية بالقرب من آبار النفط في الظهران(8). وقد نص الإتفاق على تأجير القاعدة العسكرية للأمريكان لفترة خمس سنوات، تصبح بعدها القاعدة بأكملها ملكاً للسعودية. ولكن الأمريكان حصلوا على تجديدين الأول عام 1951 والثاني في عام 1957(9). في أثناء فترة حكم الملك سعود. وهكذا لم تترك القوات الأمريكية القاعدة إلا في الثاني عشر من شهر مارس عام 1962.
أما في إيران فقد ساهمت عوامل كثيرة في تسهيل مهمة الاختراق الأمريكي:
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، أعلنت إيران حيادها، وكان هذا الحياد يميل بطبيعة الحال إلى ألمانيا. وهذه الأخيرة من ناحية أخرى أيضاً كانت صاحبة نفوذ قوي في إيران. ولعل هذا ما دعا كل من بريطانيا وروسيا إلى التخوف من التواجد الألماني في إيران والنظر إليه على أنه مصدر كبير.
وفي الثاني والعشرين من شهر يونيو 1941م عندما هاجم هتلر الإتحاد السوفيتي، أصبحت موسكو في وضع خطير جداً. ومن أجل مساعدتها، اختار الحلفاء الطريق الأكثر أمناً، ألا وهو طريق إيران. لكن الحكومة الإيرانية رفضت طرد المواطنين الألمان(10) من اراضيها كما رفضت الموافقة على استعمال أراضيها لنقل المساعدات الأتية من الحلفاء إلى الإتحاد السوفيتي، ونتيجة لهذا الرفض قامت القوات السوفيتية والبريطانية بغزو الأراضي الإيرانية في الخامس والعشرين من شهر أغسطس لعام 1941، حيث عبرت القوات السوفيتية الحدود الشمالية لإيران، في حين تكلفت خمس فوق بريطانية بالجنوب الشرقي، والجنوب والغرب الإيرانيين مجبرين رضا شاه على التنازل عن العرش لأبنه محمد رضا شاه بهلوي في الخامس عشر من سبتمبر لعام 1941. كتب الأخير في مذكراته أن والده كان يرغب في الحفاظ على الحياد، وكذلك ذكر بأنه بمجرد أن عرف رضا شاه أن القوات البريطانية قد اقتربت من طهران. قرر التخلي عن العرش لأنه لا يقبل الأوامر من ضابط بريطاني صغير(11).
وفي التاسع والعشرين من شهر يناير 1942 وقعت معاهدة أنجليزية روسية إيرانية. من أهم ما جاء في هذه المعاهدة وضع جميع خطوط المواصلات الإيرانية تصرف القوات المعادية للمحور. وأن هذه الخطوط تشمل الخطوط الحديدية، الشوارع، الموانئ، المطارات، الأنهار، خطوط الأنابيب وكذلك طرق البرق واللاسلكي. وقد تعهدتا باحترام وحدة أراضيها وسيادتها واستقلالها السياسي. وقد نص البند الخامس من هذه المعاهدة على وجوب خروج قوات الحلفاء من الأراضي الإيرانية في فترة لا تزيد على ستة أشهر بعد انتهاء الحرب(12). وقد رفض الإتحاد السوفيتي الطلب الإيراني المقدم في التاسع عشر من شهر مايو 1945 والمتعلق بشرط الجلاء المسبق. وكانت القوات الروسية متركزة في الشمال الإيراني. وتقوم بمساعدة الحزب الشيوعي الإيراني "توده" في أذربيجان لإعلان الإنفصال التام وقيام جمهورية مستقلة في أذربيجان، وهو ماتحقق في الثاني عشر من شهر ديسمبر 1945م، مع إعلان جعفر بشوري رئيساً للوزارة.
وفي الخامس عشر من شهر ديسمبر، وتحت الغطاء السوفيتي أيضاً، أعلن زعماء الحزب الديمقراطي الكردي في مهاباد عن قيام الجمهورية الشعبية الكردية. وانتخب قاضي محمد رئيساً لهذه الجمهورية(13).
وفي تطور لاحق التزمت القوات الأمريكية والبريطانية بنص اتفاقية 1942 القاضي بمغادرة القوات الأجنبية للأراضي الإيرانية في الثامن من مارس 1946، في حين تلكأت القوات السوفيتية في الخروج. وقد أثار هذا التصرف مذكرات الاحتجاج البريطانية والأمريكية والإيرانية.
وعلى غير المتوقع أعلن الإتحاد السوفيتي في السادس والعشرين من شهر مارس موافقته على سحب قواته في غضون ستة أسابيع. وفي الرابع من أبريل تم توقيع اتفاقية روسية إيرانية كان من بنودها:
1 ـ جلاء الجيش الأحمر.
2 ـ تكوين شركة بترولية إيرانية سوفيتية، يصدق على قانونها الأساسي من قبل المجلس (البرلمان الإيراني) وذلك في ظرف ستة أشهر بعد الرابع والعشرين من شهر مارس 1946م.
3 ـ المفاوضات المباشرة بين إيران وأذربيجان.
وبعد رحيل السوفييت، تهيأت الحكومة الإيرانية التي أدركت مدى الدعم الشعبي لها في الداخل وكذلك تأييد أمريكا وبريطانيا للزحف على الشمال حيث قامت في الرابع والعشرين من نوفمبر 1946م بسحق الحركتين الإنفصاليتين سابق الإشارة لهما دون رحمة.
وفي هذا الإطار فقد خلق التصرف السلبي السوفيتي غير المعقول في شمال إيران حالة من عدم الارتياح عند الإيرانيين، وهيأ إيران لاستقبال المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية. ولم يكن إتفاق 6 أكتوبر 1947 بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران المتعلق بإرسال البعثة الأمريكية إلا نموذجاً لهذا التقارب(14).
الهوامش:
1 ـ خيرية قاسمية، "أمريكا والعرب: تطور السياسة الأمريكية في الوطن العربي ـ فترة ما بين الحربين"، مجلة المستقبل العربي، العدد التاسع والعشرون، يوليو 1981، بيروت، ص 50.
2 ـ رؤوف عباس، "أمريكا والعرب: تطور السياسة الأمريكية في الوطن العربي ـ الحرب العالمية الثانية"، مجلة المستقبل العربي، العدد التاسع والعشرون، يوليو 1981، بيروت، ص ص 63 ـ 64.
3 ـ نفس المصدر السابق.
4 ـ جاء في الرسالة التي وجهت للرئيس روزفلت: "نحن نعتقد بأن مساعدة المملكة العربية السعودية مادياً، أمر ضروري ويجب القيام به بسرعة وإلا أصبح استقلال المملكة وربما الوطن العربي بأكمله في خطر.
Halliday Fred, "Arabia Without Sultans", "Penguin Books, England, 50.
5 ـ د. صلاح العقاد، "التيارات السياسية في الوطن العربي"، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1974، 376.
6 ـ عسان سلامة، "السياسة الخارجية للمملكة العربية العسودية منذ 1945"، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1980، ص 242.
7 ـ أنضر نص الإتفاق في:
Hurewitz J.C., “Diplomacy in the Near and Middle East. A ********ary Record: 1914- 1956”, Vol II, ed Princeton, New Jersey, 1956, PP. 323- 324.
8 ـ أعطت هذه القاعدة للولايات المتحدة الأمريكية موقفاً مستقلاً، بالنسبة للقاعدتين البريطانيتين في القاهرة وعبادان. وأصبحت فيما بعد أكبر قاعدة للقوات الجوية الأمريكية موجودة بين ألمانيا واليابان والقاعدة الأقرب للمنشآت الصناعية السوفيتية.
9 ـ وقع هذا الإتفاق بعد خمسة أشهر من مواقفة أرامكو على مبدأ مناصفة الأرباح البترولية أن ما يسمى (الفيفتي فيفتي).
10 ـ ارتفع نصيب ألمانيا في التجارة الخارجية الإيرانية من 8% في 1932 / 1933 إلى 45% في 1940/ 1941. وقد قامت الشركات الألمانية ببناء الخطوط الحديدية والمصناع المختلفة بما فيها مصانع السلاح. وقد كان 80% من الآلات المستوردة في إيران تأتي من ألمانيا، وكان أكثر من 2000 ألماني يعيشون في إيران. وهذا الانفتاح نحو أمانيا يعتبر من قبل رضا شاه، طريقة لتحرير إيران من النفوذ البريطاني والروسي.
Duroselle Jean- Baptiste, “Histoire Diplomatique de 1919 a nos Jours" Op. Cit, PP. 441- 442.
11 ـ Pahlave Mohammad Reza, "Reponse a I’Histoire”, Albin Michel, Paris, 1979, P. 50.انظر نص المعاهدة في:
12 ـ انظر نص المعاهدة في:
urewitz J. C. “Diplomacy in the Near and Middle East”, Op. Cit, PP. 232- 234.
13 ـ Duroselle J.B., "Histoire Diplomatique de 1919 a Nos Jours", Op. Cit, p. 523.
14 ـ للإطلاع على نص هذا الإتفاق انظر:
“Diplomacy in the Near and Middle East". Op. Cit, PP. 275- 279.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس