عرض مشاركة واحدة

قديم 10-07-09, 12:10 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

أمن الخليج

واستقرارالعالم


ولا شك أن عولمة الاقتصاد وترابط المصالح الدولية في المجالات كافة، أعطى بعداً دولياً لأهمية أمن الخليج العربي، وتأثيره في أمن واستقرار وازدهار المجتمع الدولي برمته، حيث تعتمد دول صناعية عظمى مثل الولايات المتحدة واليابان والصين والهند وكبريات الدول الأوروبية على موارد الطاقة الخليجية، ولذلك وضعت هذه الدول خططاً واستراتيجيات من أجل تأمين استمرار وصول الطاقة إليها، واستندت في الأساس على سبل حماية خطوط المواصلات البحرية وتأمين حرية الملاحة في مياه الخليج.

وعمدت قوات بحرية من دول عدة إلى إيجاد صيغ تعاون فيما بينها من أجل تأمين طرق المواصلات البحرية وحماية الملاحة الدولية وتجنب أي صراعات قد تؤثر في الاستقرار السياسي لمنطقة الخليج، وتؤثر تالياً في الاقتصاد العالمي، فخلال الحرب العراقية- الإيرانية (1980 - 1988) اتخذت بحريات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي (السابق) ودول أخرى، إجراءات احترازية من خلال المرابطة المستمرة لعدد من قطعها البحرية في مياه الخليج وإرسال إشارات رادعة إلى إيران بعدم إغلاق مضيق هرمز الحيوي، والعمل على احتواء النزاع وعدم انتشاره إلى مناطق أخرى من الإقليم.

وخلال الاحتلال العراقي للكويت في العام 1990 نشرت دول الحلفاء أساطيل بحرية ضخمة في مياه الخليج العربي، من حاملات الطائرات والسفن والمدمرات والغواصات، كقوة ردع سريعة للقوات الغازية، تعطي في الوقت نفسه رسالة تحذيرية واضحة للعراق من عواقب أي اعتداء قد يرتكبه ضد المملكة العربية السعودية، إضافة إلى قيامها بحماية خطوط المواصلات البحرية لضمان استمرارتدفق النفط وتأمين مصادر الطاقة للعالم.
وفي عمليات حرب تحرير العراق في العام 2003 لعبت القوات البحرية دورا استراتيجيا في نقل المجهود العسكري الأساسي عن طريق البحر، بعد رفض عدد من دول الجوار إعطاء القوات المتحالفة تسهيلات عسكرية في أراضيها تتيح شن العمليات العسكرية على العراق ، فقد نشرت دول الائتلاف، خصوصا الولايات المتحدة، عددا كبيرا من السفن والقطع البحرية في الخليج العربي والمحيط الهندي والبحر الأحمر والبحر المتوسط لشن هجمات جوية وصاروخية تدعم العمليات العسكرية على الأرض، الأمر الذي أسهم بشكل فعال في تدمير القوة العسكرية العراقية وحسم المعركة بالسقوط السريع للنظام.

القوة البحرية والجغرافيا


أما اليوم، وفي ظل هذه المتغيرات والتحديات الدولية والإقليمية، كيف لدول الخليج العربي أن تلعب دوراً فاعلاً في تأمين الأمن والاستقرار والازدهار العالمي من خلال توظيفها قواتها البحرية كأداة استراتيجية لتحقيق هذا الغرض؟ لا سيما أن هذه الدول تمتلك مخزونا ضخما من موارد الطاقة الطبيعية من نفط وغاز، الأمر الذي دفع دول العالم الكبرى إلى الإبقاء على وجود عسكري دائم لها في هذه المنطقة المهمة من العالم.

في كتابه «القوة البحرية كاستراتيجيا»، يرى الخبير في شؤون الدفاع فريدمان نورمان أن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة أو دولة ما تكمن في موقعها الجغرافي وفي كيفية استخدام هذا الموقع ضد العدو في أي أزمة أو حرب متوقعة،وأوضح مثالين على ذلك تايوان وسنغافورة اللتان تسيطران على خطوط المواصلات البحرية من وإلى شرق آسيا، كما تتحكمان بطرق إمداد النفط والغاز والتجارة الدولية من الصين وإليها.

وتعد هذه الممرات البحرية الحيوية من أهم النقاط الاستراتيجية التي تحدد رد فعل الصين في أي أزمة أو صراع مستقبلي، من جهتها لا تزال بريطانيا تصر على السيطرة على مضيق جبل طارق، على الرغم من المطالبات الأسبانية بحق النفوذ عليه، كذلك تعتبر قناة بنما من الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة في منطقة وسط القارة الأمريكية، لما لها من أهمية في ربط المحيطين الأطلسي والهادي، وانتقال الأسطولين الأمريكيين الشرقي والغربي بحرية خلال الأزمات.

أما منطقة الخليج العربي، فلا تكتسب أهميتها الحيوية من موقعها الاستراتيجي كممر مائي، بل مما تحتويه من مخزون هائل من مصادر الطاقة (النفط والغاز) ومن تأثيرها تالياً على الأمن والاستقرار العالمي. كما إن حجم إنتاج الطاقة في دول الخليج العربي وتكلفتها المنخفضة مقارنة بباقي مناطق الإنتاج العالمية، أجبر كثيراً من المستهلكين، مثل اليابان ودول آسيا وأوروبا، على الاعتماد عليها كمصدر أساسي للطاقة، حيث تنتج منطقة الخليج حوالي 40 في المئة من مجمل إنتاج العالم من الطاقة، لذلك فإن منع أو إعاقة حرية الملاحة في الخليج العربي سيتسبب في إرباك إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية، وخاصة إلى الدول الصناعية، وقد يؤدي إلى أزمة عالمية، تفضي إلى تدخل دولي كالذي حصل في العام 1973 إبان الحرب العربية- الإسرائيلية، حين أوقفت دول الخليج العربية إمدادات النفط، ما أدى إلى ارتفاع سريع في أسعار الوقود ودخول العالم في أزمة اقتصادية دفعت الدول العظمى إلى وضع خطط مستقبلية لأمن الطاقة.

توظيف القوة البحرية


دأب كثيرون من الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين على مناقشة دور القوة البحرية وكيفية توظيفها لتحقيق الأهداف السياسية للدولة وضمان المحافظة على مصالحها القومية، فقد كتب ألفريد ماهان وجوليان كوربت عن كيفية استثمار الاستراتيجيا البحرية في الأغراض السياسية، وطبيعة القدرة البحرية للدولة ومدى اختلافها عن باقي صنوف القوات المسلحة، وأسهم كوربت، الذي كان متخصصا في التاريخ والجغرافيا الاستراتيجية، في رسم وتطوير البحرية الملكية البريطانية، وناقش في كتابه «مبادئ الاستراتيجيا البحرية» الصادر عام 1911، بعض مبادئ الحرب البحرية، وتوصل إلى عدم قدرة الدول على احتلال البحر أسوة بالبر، وذلك لطبيعة البحر غير القابلة للتملك.

وفي ضوء الحقائق الراسخة على أرض الواقع في يومنا هذا، يطرح السؤال: هل مازالت مثل هذه الأفكار والمبادئ قابلة للتطبيق؟.
فالخليج العربي تبحر فيه اليوم أعداد كبيرة من السفن التجارية والحربية، ويشهد حركة سير بحرية كثيفة بين الدول، الأمر الذي يعقِّد أعمال المراقبة والرصد والتعرف، ويجعلها في غاية الصعوبة، وبالتالي يحدّ كثيراً من إمكان السيطرة البحرية.
ولهذا السبب قامت قيادة الأسطول الخامس الأمريكي بتقسيم الخليج العربي إلى عدد من مناطق المسؤولية لتسهيل عمليات مراقبة حركة السفن المختلفة، ومن ثم تفتيش السفن المشتبه بها عند الضرورة.

ولكن هل لبحرية دول الخليج وحدها القدرة الذاتية على القيام بهذه العمليات؟

تنصّ العقيدة الكويتية للقوة البحرية على أن السيطرة البحرية هي «الوضع الذي تكون فيه لنا حرية العمل باستخدام البحر لأغراضنا الخاصة ولفترات محددة وعند الضرورة، ولكن من غير المحتمل أن تكون السيطرة البحرية غاية بحد ذاتها، إلخ» (كتاب «العقيدة الكويتية للقوات البحرية» 2003).

وخلال الحروب العالمية السابقة، ثبت أن تحقيق السيطرة البحرية يكون عبر تطبيق مبدأ المعركة الحاسمة، كدفع أسطول العدو إلى المجابهة واشتباك القوتين الرئيسيتين في البحر لحسم الحرب، أو تبني مبدأ الهجوم على المصدر، مثل مهاجمة الموانئ والقواعد البحرية الأساسية عندما يرفض العدو المجابهة والخروج إلى البحر، حسب شرح الاستراتيجي نورمان فريدمان في كتابه «الاستراتيجيا البحرية».

أما في الخليج العربي، فلا توجد مساحات واسعة لخوض المعركة البحرية الحاسمة، فضلاً عن فقدان عنصر المفاجأة على المستوى الاستراتيجي لأي عمليات بحرية مستقبلية بسبب المراقبة المستمرة من قبل الأقمار الاصطناعية والطائرات والوسائل الأخرى، والأهم أن نسبة المساحة البحرية للخليج العربي، بالمقارنة مع حجم أي قوة بحرية للدول المطلة عليه، لا تعطي القدرة على القيام بعمليات السيطرة البحرية التامة، كما أن تبني سياسات عدم التعرض من قبل دول مجلس التعاون طغى على طبيعة وحجم الأساطيل الموجودة لدى هذه الدول، مع بعض الاختلاف في ميزان القوة البحري بين الدول المطلة على الخليج.

فخلال الحرب العراقية- الإيرانية لم يستطع أي من طرفي القتال تحقيق السيطرة البحرية التامة طوال سنوات الحرب الثماني، ولكن كان بمقدور كل منهما إعاقة طرق المواصلات البحرية للآخر والإضرار باقتصاده من خلال مهاجمة أسطوله التجاري ومراكزه الاقتصادية، أما في حرب تحرير الكويت (1991) وحرب تحرير العراق (2003)، فإن قوة الائتلاف البحرية بقيادة الولايات المتحدة حققت مبدأ السيطرة البحرية التامة في الخليج العربي ومداخله، مثل مضيق هرمز وبحر العرب، من خلال تبنيها مبدأ التواجد المكثف وإحكام الحصار البحري لوقف أي دعم للقوات العراقية، ومنعها في الوقت نفسه من مهاجمة القوات المتحالفة.
خلاصة


لقد أثبتت الأحداث التي شهدتها منطقة الخليج العربي في السنوات القليلة الماضية، أهمية تبنّي القوة البحرية كإحدى الأدوات الاستراتيجية لحماية المصالح الوطنية، وفي ظل توفير الإرادة السياسية الإمكانات الاقتصادية والبشرية لمنظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، فضلاً عن متانة علاقاتها مع مختلف الدول والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، تبدو الفرصة سانحة لبناء قوة بحرية موحدة تحت علم مجلس التعاون، وتوظيفها كأداة استراتيجية فاعلة لتأمين المصالح الوطنية والمحافظة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

وأولى خطوات بناء هذه القوة البحرية الخليجية، هي توفير قطع حربية متطورة قادرة على العمل ضمن منظومات إقليمية ودولية، وكذلك توفير بنية تحتية داعمة لهذه القوة، كالقواعد البحرية ومنظومات القيادة والسيطرة لتبادل المعلومات والتجاوب السريع مع المستجدات العسكرية المحتملة.

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المصدر : مجلة حماة الوطن

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس