عرض مشاركة واحدة

قديم 21-12-11, 05:37 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الاستراتيجية الوطنية
الاستراتيجية الوطنية هي مجمل الخطط البعيدة المدى لتطور الدول في مختلف المجالات وحمايتها من كافة الأخطار واستعدادها لمواجهة المستقبل. وهي تشمل خطط اقتصادية وصناعية وزراعية وعلمية وإنسانية وعسكرية وصحية. تستند هذه الخطط على حساب ثروات البلاد، واحتياجاتها وطرق الحفاظ عليها وتغطية هذه الحاجات وخلق طاقات بشرية من مواطنيها قادرة على قيادة دفة الأمور في المستقبل. بهدف الارتقاء بمستوى الحياة في البلاد وتخفيف حدة الطوارئ التي قد تحدث بعمل حساب لها والتخطيط لمواجهتها. بعض الدول قد تغطي 50 عاما باستراتجياتها الوطنية أو أكثر. وتترك الخطط الاستراتيجية مجالا للتكتيك من خلالها ولكن على أن لا يتأثر المسار الرئيسي.
هناك دول تقريبا أتمت استعداداتها بايجاد بدائل الطاقة الحالية المعتمدة على النفط كما جاء ضمن استراتيجياتها الوطنية. بعض الدول بدأ في استخدامها وبعضها ما زال في طور التجارب ولكن خلال ال 25 سنة القادمة لابد وأن تكون بدائل الطاقة في متناول يد الجميع إذا تم الاستعداد.
سياسة الزعزعة الديموقراطية
هنالك العديد من العوامل التي تتداخل في بلورة استراتيجية السياسة الخارجية الاميركية وبخاصة المصالح الإقتصادية للشركات الكبرى والإلتزامات التي تحصل عليها في الدول النفطية الغنية. لكن هذه المفاهيم توفّر، وباعتراف السيد بوش ومساعديه، فكرة عامة وخطوطاً توجيهية. وهي ما يسمّيه السيد روبرت ساتلوف بالـ”فوضى البنّاءة”.
ويلاحظ أنّ البحث عن الاستقرار كان “تاريخياً صفة مميزة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. اذ “يناقش واضعو الاستراتجية الاميركية ملاءمة مسألة الاستقرار في مناطق أخرى من العمل، لكن جورج ووكر بوش وعلى عكسهم كان أول رئيس يعتبر أن الاستقرار بحدّ ذاته يشكّل عائقاً أمام تقدّم المصالح الاميركية في الشرق الاوسط. فامريكا بوش استخدمت في عملها سلسلة من التدابير القسرية وغير القسرية لتنفيذ رؤية سيطرتها على عالم عقائدي – إسلامي غني بالنفط ومهدد تالياً لمصالحها. وذلك بدءاً من استخدام القوة العسكرية لتغيير الانظمة في افغانستان والعراق، مروراً بسياسة التهديد بالقوة وصولاً الى تفجير الأمن الداخلي لدول المنطقة إعتماداً على الفوضى البناءة.
وهكذا فإن هذه القوة الأميركية اللينة أصبحت مقدمة للعمليات المخابراتية القذرة ولكن بقفازات مخملية. وهي توجه ضد الأعداء والأصدقاء على حد سواء وإن بنسب متفاوتة بإختلاف التجاوب مع خدمة المصالح الأميركية. فاحتواء النفوذ الايراني لا يزال يمثّل أولوية في نظر واشنطن، لجعل طهران أكثر عرضة للضغوط الدولية الهادفة الى دفعها للتخلّي عن مشروعها النووي او، على الاقل، الى الحدّ من قدراتها على الردّ في حال تعرّض منشآتها للهجوم. وإفترض هذا الاحتواء ارغام سوريا، الحليف الاخير لطهران في الشرق الاوسط، على التخلي عن هذا التحالف بعد دفعها للإنسحاب من لبنان ونزع سلاح حزب الله. وامام الرفض السوري، النابع اساساً من غياب البديل المناسب ـ مثل استئناف المفاوضات السورية الاسرائيلية حول الجولان ـ حصلت واشنطن بعد أن التحقت بها باريس على قرار من مجلس الامن الدولي، في ايلول/سبتمبر 2004، يحمل الرقم 1559، يطالب بانسحاب القوات السورية من لبنان ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية (حزب الله والمنظمات الفلسطينية) ونشر الجيش اللبناني في الجنوب.
للتعمق انظر مؤامرة اميركية جديدة لتغيير الخارطة العربية: http://mostakbaliat.com/link149.html
وقد رأى العديد من القوى السياسية والطائفية بلبنان في التصويت على القرار الاممي 1559 اعلاناً من قبل “المجموعة الدولية” بنهاية الانتداب السوري على لبنان، الذي كان مقبولاً أميركياً طيلة خمسة عشرة عاماً. وكان هذا القرار بمنزلة تشجيع للمعارضة اللبنانية على التحرّك في وجه الوجود العسكري السوري في لبنان. وقد شكّل اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005، والخاضع اليوم لتحقيق دولي، نقطة انطلاق لمظاهرات حاشدة، على خلفية طوائفية، ضدّ السلطة اللبنانية، مطالبة بالانسحاب السوري مع تزايد الضغوط الدولية على البلديْن. فكانت “ثورة الارز” نسخة مطابقة للثورات الملونة في الدول الاشتراكية السابقة في صربيا وجورجيا واوكرانيا، وقد نجحت هذه الفوضى اللبنانية بتحقيق هدفها الرئيسي وهو انسحاب القوات السورية، وذلك بفضل الدعميْن الأميركي والفرنسي.
للتعمق انظر التلفيق والتزوير بين الشهادات والشهود: http://www.mostakbaliat.com/?p=153 خيث تؤكد هذه الشهادات المزورة على قذارة نتائج الثورات المخملية الاميركية المستندة الى فوضى تسمى بالبناءة رغم تفوق وحشيتها على وحشية الفوضى العادية.
وهذا النوع من الثورات المخملية تعكس نمطاً جديداً من التدخّل الدولي، يصفه جيل بونتكورفو بـ”سياسة الزعزعة الديموقراطية”. وتقوم هذه السياسة على “الارتكاز الى قطاعات من المجتمع المدنيّ تطالب بالتغيير، ودعم تحرّكاتها من خلال تعبئة الاعلام المحلي والدولي، واختراع ابطال موحّدين لحركة الاعتراض، وتعزير الضغط الدولي على السلطات القائمة. بيد أنّ هذه السياسة ساهمت في لبنان بتفاقم الطائفية، ممّا أدّى الى مواجهة بين مكوّنات البلد”. وهو ما إنعكس بقبول الأمر الواقع الطوائفي في الإنقلاب المخملي الذي جرى على شكل ما سمي بالإنتخابات اللبنانية 2005. حيث تحولت التظاهرات المتواجهة بين الشيعة ( أمل وحزب الله) وبقية الطوائف ( تيار الحريري والقوات اللبنانية والدروز) الى تحالف إنتخابي (التحالف الرباعي الطوائفي). وذلك عبر معادلة غير متوازنة تجعل كل طرف من الأطراف قادراً على تعطيل الحركة السياسية في البلد. إذ لا يمكن تشكيل أية حكومة بدون مشاركة حزب الله/ أمل لتمثيلهما الحصري للشيعة. وهو أمر يعطل الأكثرية النيابية المخملية. للتعمق انظرالانتخابات اللبنانيــة صفقــة مخابراتية: http://www.mostakbaliat.com/?p=1156
ويمتد التعطيل الى مجلس النواب الذي عوض عجزه النشريعي بالتعدي على صلاحيات السلطة القضائية. عبر تعطيل المجلس الدستوري بعدم تعيين عضوي الحكومة فيه. لكونه المرجع القانوني للطعن بدستورية التعديات البرلمانية على القضاء. وعليه يمكن القول بفشل سياسة الفوضى البناءة في لبنان وتحولها السريع الى فوضى عارمة مهددة باهتراء مؤسسات الدولة اللبنانية لغاية اضمحلالها.
إن التجربة اللبنانية للفوضى البناءة قد تطرح ضرورة مراجعة استخدام المشاعر الطائفية في تخليق الفوضى. مثال ذلك في سوريا حيث يبدو انّ الولايات المتحدة قررت تشجيع تغيير النظام لأنه، كما قال السيد ساتلوف في العام 2005، “لا مصلحة للولايات المتحدة ببقاء نظام الأسد الأقلّوي القائم على مرتكزيْن هشّيْن هما الخوف والترهيب. ويمكن ان تتحوّل اهتزازات النظام الى تفسّخات والى هزّة ارضية …”. يؤكّد بعد ذلك أنّ على الولايات المتحدة التركيز على أولويات ثلاث:
1. تجميع أكبر عدد من المعلومات حول الديناميات السياسية والاجتماعية والاقتصادية و”الاثنية” (العبارة لساتلوف) الداخلية حول سوريا.
2. خوض معركة حول شعارات كالديموقراطية وحقوق الانسان ودولة القانون.
3. عدم توفير فرصة للنجاة أمام النظام السوري، الاّ اذا أبدى الرئيس بشار الاسد استعداده لزيارة اسرائيل في اطار مبادرة للسلام، او اذا طرد من الاراضي السورية جميع المنظمات المناهضة لاسرائيل، وتخلّى علناً عن العنف او “الكفاح المسلح والمقاومة الوطنية باللغة المحلية”. لكن الوضع السوري يطرح تعقيدات إضافية بالمقارنة مع اللبناني. حيث البديل القادر على الحلول مكان النظام هو حركة ” الأخوان المسلمين”. وهو بديل لا يناسب المصالح الأميركية من حيث المبدأ.
هذا ويقدم لنا العراق نموذجاً آخراً للفوضى البناءة. حيث بدأ التدخل الأميركي عبر الأمم المتحدة ولجنتها للبحث عن أسلحة الدمار الشامل. وبعدها جاء التدخل العسكري والإحتلال لتبدأ الفوضى البناءة بطريقة مخالفة. إذ هدفت هذه الفوضى الى تخليق نظام بديل فكان إنقلاب الإنتخابات العراقية. الذي أدخل عنصر التمييز العرقي والطائفي الى صلب النظام. ومن ثم كانت محاولة تكريس هذا العنصر عبر مسودة الدستور العراقي. مما أدى الى تفاقم التوتّر بين مختلف مكوّنات المجتمع بسبب المواقف من المخالب المخملية للإحتلال. التي ركزت على مكافأة الفئات العراقية المتعاونة ومعاقبة الآخرين والسنة خاصة. وفي هذا المجال يقول روول مارك غيريشت في مقال له صدر قبل الانتخابات: “على علاّوي والاميركيين ان يظهروا بوضوح بأنّ الشيعة قادمون، وأنّ امام النخب السنّية عاماً واحداً للالتحاق بالعراق الجديد. في الوقت نفسه، عليهما التأكيد علناً وباستمرار أنّ الجيش العراقي سيكون شيعياً وكردياً بغالبيته، لأنّ السنّة لم يتركوا امامهما خياراً آخر… على السنّة العرب ان يعرفوا ويشعروا حسّياً انهم يخسرون العراق”. وبهذا التفجير للتناقضات الداخلية أصبح العراق عصياً على الحكم بدون تكريس هذه التناقضات ودونها الحرب الأهلية. وبالرغم من كل هذه الأذية اللاحقة بالبنية العراقية فإن النموذج العراقي لا يقدم مثالاً ناجحاً للقوة الأميركية بشقيها اللين والقاسي. فمصالح الولايات المتحدة في المنطقة أصبحت أكثر تهديداً بعد التجربة العراقية منها قبلها. وهو ما يمكن تعميمه على مختلف تجارب الفوضى البناءة في المنطقة. إذ أدن هذه التجارب الى تصاعد العداء للولايات المتحدة في المنطقة بما يستدعي التفكير الأميركي بضرورة تجميل الوجه القبيح لهذه التدخلات غير البناءة. خاصة بعد إدراك الولايات المتحدة لهشاشة وضآلة الشخصيات المتعاونة معها في تدخلاتها الفوضوية. ومثلهم الهامشيون النابتون على ضفاف المستنقع الأميركي في العراق أولاً وفي دول المنطقة عموماً. للتعمق انظر تربية الضباع: http://www.mostakbaliat.com/?p=1163
مـلاحظة: ان الفوضى البناءة وشكلها المتطور بالتجربة والمسمى "سياسة الزعزعة الديمقراطية هي في الاساس مجرد تكتيكات مخابراتية. الا انه تحولت الى رؤى استراتيجية بعد نجاحها الاستراتيجي عبر الثورات الملونة التي غيرت الحكام الاشتراكيين السابقين في اوروبا الشرقية عقب سقوط جدار برلين. ويعتبر السيد ساتلوف احد منظري تطوير هذه الآليات لتصبح صالحة للاستخدام في ظروف وثقافات مختلفة.
وهذا الارتشاح بين التكتيكي والاستراتيجي يأتي بعد 16 عاماً من القصور الاستراتيجي الاميركي. حيث أمضى الرئيس كلينتون 8 سنوات معتمداً مبدأ معالجة كل حالة على حدة وهو مبدأ يعادل الاعتراف بفقدان الرؤية الاستراتيجية الموحدة. كما استمر هذا الفقدان خلال السنوات الـ 8 من حكم ووكر بوش الذي اعتمد استراتيجية الحرب الاستباقية كاستراتيجية سحرية. لكنها لم تكن صالحة للاستخدام في الحالتين الكورية والايرانية وحالات اخرى. وهكذا تكشفت "الحرب الاستباقية عن استراتيجية فاشلة حتى في افغانستان والعراق. وفي الخلاصة فان مظاهر الجبروت الاميركي متعدد الصعد والميادين هو الذي يتكفل لغاية الآن بسد الثغرات الاستراتيجية السياسية والعسكرية والاقتصادية الاميركية. الا ان هذا العجز الاستراتيجي يقلق صانع القرار الاميركي كما يقلق صناع الاستراتيجيات المستقبلية من الاكاديميين الاميركيين.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس