عرض مشاركة واحدة

قديم 16-04-09, 03:22 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
السادات
•¦ رقـيـب ¦•

إحصائية العضو





السادات غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

حقائق الموقف الأمريكي
من الصراع العربي الإسرائيلي

وبدون الدخول في تفاصيل هذا الجدل فإن التحليل الموضوعي للموقف الأمريكي في الصراع العربي - الإسرائيلي وتطوره، منذ نشأة إسرائيل عام 1948م حتى الآن، يفضي إلى عدد من الحقائق، يمكن إجمالها على النحو التالي:
1- أن قدرة إسرائيل على الولوج إلى أعماق التفكير الأمريكي والتأثير بالتالي على الرؤية الأمريكية للصراع لصالح إسرائيل ليس دالة لنفوذ اللوبي الصهيوني وحده، رغم أهميته، وإنما لعوامل أخرى عديدة: تاريخية ودينية وحضارية، بالإضافة إلى الاعتبارات الاستراتيجية والأمنية.
2- أن إسرائيل أثبتت فعاليتها كحليف للولايات المتحدة الأمريكية في مقاومة أعدائها المشتركين: الاتحاد السوفيتي (السابق)، والنظم الراديكالية ذات التوجه القومي أو الإسلامي في المنطقة... الخ.
3- إن إسرائيل هي نواة لمشروع صهيوني أكبر لم يكتمل بعد «مشروع إسرائيل العظمى» وما تزال مستمرة في العمل لاستكماله وفق أساليب وآليات ومعدلات تحرص على أن لاتضعها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وفي المرات القليلة التي حدثت فيها خلافات كبيرة وعلنية بين البلدين حول قضايا بعينها ثبت أن إسرائيل هي الأقدر دائماً على تطويع واحتواء الخلاف وسحب الموقف الأمريكي في اتجاهها ولصالحها وليس العكس.
4- هناك حادثة واحدة في تاريخ العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية نجحت فيها الولايات المتحدة في حمل إسرائيل على الرضوخ لمطالب الإدارة الأمريكية بالانسحاب الفوري من سيناء وذلك عقب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، لكن هذه الحادثة تمت في سياق أوضاع عالمية وإقليمية غير قابلة للتكرار، وبسبب ارتكاب إسرائيل لخطأ استراتيجي حين تعاونت مع بريطانيا وفرنسا من وراء ظهر الولايات المتحدة، وحرصت على أن لا يتكرر مطلقاً بعد ذلك.
5- نجحت إسرائيل نجاحاً باهراً في استغلال التناقضات العربية - العربية من ناحية والتناقضات العربية - الأمريكية من ناحية أخرى، وتوظيفها لصالحها والحيلولة دون بناء علاقات عربية - أمريكية قوية وصحية. وكان آخر أهم الإنجازات التي حققتها في ذلك المجال، نجاح «شارون» في إقناع الولايات المتحدة في أن الإرهاب العربي الإسلامي الذي ضربها في 11 سبتمبر ليس إلا شكلاً من أشكال الإرهاب الذي تتعرض له يومياً من جانب فصائل المقاومة الفلسطينية. وتلا هذا الإنجاز تحريض إسرائيل للولايات المتحدة على ضرب العراق عام 2003م، الذي أدى إلى احتلاله عسكرياً.
هذا ناهيك عن التعاون الاستراتيجي الوثيق والقائم ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمعونة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل والتي تتجاوز الثلاثة مليارات دولار سنوياً بهدف إبقاء إسرائيل متفوقة على القدرات العسكرية العربية، حتى لو كانت مجتمعة.

ثالثاً: منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة:

ظهر هدف منع انتشار أسلحة الدمار الشامل عقب اختفاء الاتحاد السوفيتي السابق وأصبح من الأولويات الأمنية الأمريكية، كما أصبح الشاغل الرئيسي هو إمكان تسرب مواد نووية من روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق إلى أيد معادية للولايات المتحدة، ولهذا ركزت الولايات المتحدة على ترتيبات أنفقت فيها حوالي 400 مليون دولار لضمان تأمين القدرات والمواد النووية للاتحاد السوفيتي السابق، سواء في روسيا الاتحادية (الحالية) أو جمهورياته السابقة، وخاصة أوكرانيا وكازاخستان وروسيا البيضاء، كذلك كان الشغل الشاغل الذي يشغل الدبلوماسية الأمريكية طوال السنوات الأربع عشرة الماضية هو منع روسيا الاتحادية من تزويد دول مثل إيران، بما يُمكن أن يساعدها على تطوير قدرات نووية وصاروخية، هذا فضلاً عن إصرار الولايات المتحدة على حصار العراق - قبل سقوط نظام صدام حسين - باقتناع بأنه ما زال يمتلك ويطور أسلحة دمار شامل. ونرى هذه الإجراءات أيضاً في وقتنا الحاضر، عندما تتهم الولايات المتحدة سورية بأن لديها مفاعلاً نووياً، وتتعاون نووياً مع كوريا الشمالية.
وتصدر عن الكونجرس الأمريكي بوجه خاص، تقارير عن انتشار أسلحة الدمار الشامل في عدد من دول الشرق الأوسط: إيران، العراق (سابقاً)، ليبيا، سورية، السودان ومصر. والواقع أنه من الصعب الحديث عن الاهتمام الأمريكي بقضية منع انتشار أسلحة الدمار الشامل دون أن نتذكر الموقف المتناقض حقاً للولايات المتحدة إزاء ما تمتلكه إسرائيل من ترسانة نووية (حوالي 200 قنبلة نووية)، وتسامحها معها، بل رفضها لجهود حث إسرائيل على وضع منشآتها النووية تحت رقابة دولية.
ومعروف أن الولايات المتحدة قادت حملة أولية للتمديد النهائي لمعاهدة منع الانتشار عام 1994م بدون أن تلتزم إسرائيل بهذه المعاهدة. وتظل هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لم تنضم إلى المعاهدة المذكورة، وبتسامح من الولايات المتحدة وكذلك تساعد في نقص مبدأ هام وهو عالمية المعاهدة، بل إنها بموقفها هذا تشجع دولاً في المنطقة على تصحيح الاختلال في ميزان القوى بامتلاك مثل هذه الأسلحة، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد هزمت أحد أهدافها الرئيسية وهو منع الانتشار، ونذكر هنا أن القوات الأمريكية والبريطانية عندما احتلت العراق الشقيق عام 2003م، لم تعثر على أية منشآت أو مواد نووية في العراق. وتركز الولايات المتحدة نشاطها في هذا المضمار على إيقاف مشروع إيران النووي في وقتنا الحاضر، وباتت تتهم سورية مجدداً بالسعي لامتلاك أسلحة نووية بالتعاون مع كوريا الشمالية.

رابعاً: مقاومة الأصولية الإسلامية، ومحاربة الإرهاب

أما الهدفان الأخيران: مقاومة الأصولية الإسلامية، ومحاربة الإرهاب، فقد تداخلا حتى كانا يتطابقان في التصور الأمريكي، خاصة بعد أحداث سبتمبر عام 2001م، فعلى مدى التسعينات من القرن الماضي بدا الإسلام، مجسداً في التيار الأصولي المتصاعد، هو العدو الجديد للولايات المتحدة بل والحضارة الغربية، واعتماده في ذلك -كما يدّعون- على رفض الحداثة، وتصوره للعالم كساحة للصراع بين المؤمنين والكفار، ونظرية للولايات المتحدة باعتبار أنها تؤيد الدكتاتوريات التي تمنع تطبيق المفهوم الإسلامي في الحكم. وعلى المستوى السياسي نظر هذا التيار للولايات المتحدة باعتبار أنها تساعد أعداء الإسلام، كما في فلسطين، وتضرب أقطاراً عربية إسلامية مثل: العراق، وليبيا والسودان وغيرهم.
وخلال التسعينات انطلقت نظريات تحاول أن تؤصل لمفهوم العدو الجديد وتضعه في إطار أشمل من صدام الحضارات، كما جاءت أحداث التسعينيات لكي تنقل المفهوم الأمريكي للتيار الإسلامي السياسي من مستوى التصور (النظري) إلى مستوى الخبر العملي (الواقع) من خلال ما تعرضت له في عدة مناطق ابتداءً من الصومال إلى حادثة «الخبر» في السعودية إلى سفارتيها في كينيا وتنزانيا، إلى حادثة المدمرة «كول» في اليمن، ثم بلغ هذا الاتجاه قمته بأحداث نيويورك عام 2001م.
وفي كل الحالات نُسبت أحداثها ومدبروها إلى جماعات ومنظمات إسلامية تنتشر عبر العالم، وهي النقطة التي أصبحت معها هذه الجماعات مرادفة للإرهاب، وحدث الخلط بينها وبين الإسلام كدين وعقيدة، ونشطت أصوات تعتبره أصل المشكلة وأنه دين يحض على العنف، وإن كانت هناك أصوات وتيارات أمريكية وغربية، حرصت على أن تنفي هذا الربط بين الإرهاب الذي تمارسه جماعات تدعي تمثيل الإسلام، وبين التيار الإسلامي العريض والعقيدة الإسلامية السمحاء.
وأياً كانت هذه التفسيرات فإن ما يعنينا في هذا المقال هو أن محاربة الإرهاب وتعقبه عالمياً أصبحا من المحاور إن لم يكن محور السياسة الخارجية الأمريكية والمعيار الذي يحدد أولوياتها وعلاقاتها بالعالم ودوله المختلفة وأنها مقبلة على مرحلة أخرى شبيهة بتلك التي بدأت مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى أصبح هدفها الرئيسي ومحور سياستها الخارجية هو احتواء الشيوعية ونفوذها في العالم. وقد مارست الولايات المتحدة هذه العملية على كل الجبهات: السياسية والاقتصادية، والعسكرية والايديولوجية، من أجل كسب معركة “العقول والقلوب” ضد الشيوعية وتأثيرها الإيديولوجي، وهي نفس المستويات التي بدأت بها الولايات المتحدة حربها ضد الإرهاب، فهل ستنجح الولايات المتحدة في حربها الجديدة مثلما نجحت مع الاتحاد السوفيتي في اختفائه واختفاء التهديد الذي كانت تتصوره فيه كمعاد للحضارة الغربية وقيمها؟.
ونتصور أن الإجابة على هذا السؤال ليست مطلقة، ذلك أن الأمر سيتوقف على مدى ما تمارسه الولايات المتحدة من بحث في الذات عن الأسباب الحقيقية لما حدث، وإعادة فحص المواقف والسياسات التي جلبت عليها استياء العالم -بمن فيه حلفاؤها- وسخط العالم العربي والإسلامي، والتي خلفت بيئة صالحة لتوليد تيارات التطرف والعنف. وسيكون من الخطأ البالغ إذا ما نجحت بعض الدوائر الأمريكية- وخاصة جماعات الضغط اليهودية- في منع عملية إعادة البحث والتقييم، وإقناع الإدارة الأمريكية -مهما كان لونها الحزبي- أن مايسود العالم العربي والإسلامي من سخط على الولايات المتحدة هو نتيجة لما يحمله هذا العالم من حسد وحقد على قوة أمريكا ورفاهيتها أو رفض قيمها.
والواقع، بعيداً عن تبرير الإرهاب، أن التيارات الراديكالية التي تتمسح بالإسلام هي وليدة الإحساس بالظلم، بل والمهانة من السياسة الأمريكية، خاصة تجاه مأساة الفلسطينيين وتأييدها المطلق لإسرائيل على حساب حقوقهم الأساسية المشروعة، وعندما تتوصل الإدارة الأمريكية - سواء إدارة المحافظين الجدد أو الإدارة التي ستخلفها فيما بعد - إلى هذه الأسباب الحقيقية تكون قد قطعت أول خطوة نحو المحاربة الحقيقية للإرهاب وتجفيف منابعه، ونحو حربها الجديدة لكسب العقول والقلوب في العالم العربي والإسلامي.
عندئذ يمكن القول أن الولايات المتحدة قد نجحت في تحقيق بعض مصالحها لكنها تعثرت في إنجاز البعض الآخر، وكل ما يطلب منها أن تكيل بمكيال واحد فتنهي احتلال العراق الشقيق، وتتوقف عن التدخل في الأمور الداخلية لدول المنطقة، وتقتنع أن الإسلام الحنيف هو دين التسامح والمساواة والعدل وأنه بعيد كل البعد عن الإرهاب والعنف والاعتداء على الآخرين.
المراجع:
- د. عبدالوهاب المسيري - [ المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة بين العرب وإسرائيل]، مجلة «السياسة الدولية» العدد 165 عام 2006م. مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة دار الأهرام، القاهرة. ص- 091.
- د. حسن نافعة [وجهة نظر في تطور الرؤية الأمريكية تجاه العالم العربي]، مجلة «السياسة الدولية» العدد 153 عام 2003م. مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة دار الأهرام، القاهرة. ص 57.
- د.نصير عاروري [الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط: حسابات النجاح والفشل]، مجلة «شؤون عربية» العدد 129 عام 2006م. جامعة الدول العربية، الإدارة الثقافية، القاهرة، جمهورية مصر العربية. ص - 30/24
- ماجد كيالي [ التحول في الإستراتيجية الأمريكية السياسية من احتلال العراق إلى دعوات التغيير في المنطقة ] جامعة الدول العربية. ص -04، مجلة «شؤون عربية» العدد 114 عام 2003م، القاهرة ص - 04.
- مجموعة من الباحثين [ الوطن العربي في السياسة الأمريكية ] جامعة الدول العربية. مجلة «شؤون عربية» العدد 118 عام 2004م القاهرة ص - 242
- فواز جرجس [ أمريكا والإسلام السياسي: صراع الحضارات أم صراع مصالح؟ ]، مجلة «شؤون عربية» العدد 116 جامعة الدول العربية، الإدارة الثقافية، القاهرة، جمهورية مصر العربية. لعام 2003م، ص - 932.
- خليل العناني [السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم الغربي، رؤية مستقبلية ]، مجلة «شؤون عربية» العدد 123 لعام 2005م الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية، القاهرة، جمهورية مصر العربية. ص - 81/79
- د. علي الدين هلال [ معجم المصطلحات السياسية ] إصدار وتوزيع مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، جامعة القاهرة. عام 1994م، ص- 562.

 

 


   

رد مع اقتباس