الموضوع: حرب العصابات
عرض مشاركة واحدة

قديم 30-04-09, 08:49 AM

  رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

.
يمكن اجتناب هاتين اللحظتين الصعبتين في الثورة، اللتين حللناهما بإيجاز، ما دام الحزب الماركسي اللينيني القائد يعرف الخطر معرفة تامة في حقبة معينة، وما دام قادراً على تعبئة الجماهير إلى أقصى حد ممكن وعلى قيادتها في الطريق الصحيحة لحل التناقضات الأساسية.
دور المناطق الريفية:
افترضنا عند صياغة موضوعاتنا أنه يمكن أن يقبل الشعب احتمال فكرة النضال المسلح وأن يقبل اقتراح حرب الغوار وسيلة للقتال. لماذا نعتقد أن حرب الغوار هي الطريق الصحيحة في الظروف المتحققة في أمريكا اليوم؟ لماذا ينبغي أن تكون حركة الغوار هي وسيلة النضال الرئيسية في أمريكا؟ الأسباب الأساسية، في رأينا، هي الآتية:
أولاً: ما دام معلوماً أن العدو سوف يقاتل لصون سلطته السياسية، وجب النظر في إزالة جيش القمع. لكن إزالة هذا الجيش تقتضي وجود جيش شعبي يناهضه. لا يأتي هذا الجيش الشعبي إلى الوجود من تلقاء ذاته، أنما ينبغي تسليحه بالسلاح الذي يقدمه العدو. هذا ما يحدد للصراع طابعه الطاحن والمديد، ذلك الصراع الذي يتعرض فيه جيش الشعب وقادته إلى هجمات مستمرة من قوة عدوة متفوقة، إذ تعوزهم وسائل الدفاع والجؤول المناسبة.
من جهة أخرى، فأن النواة الغوارية العاملة في مناطق مؤاتية للنضال سوف تضمن سلامة واستمرار القيادة الثورية. ويمكن للمفارز المدنية التي تقودها قيادة الجيش الشعبي العامة أن تؤدي أعمالاً في غاية الأهمية. حتى لو حدث أن دمرت هذه الوحدات الصغيرة، فلن يتم سحق مركز الثورة العصبي (القيادة الثورية)، وسوف تمضي قيادة الثورة تبعث روح الجماهير الثورية انطلاقاً من المآزر الريفية، وتنظم قوى جديدة للمعركة القادمة.
ثم أن جهاز الدولة المقبل سوف يبدأ يتشكل في هذه المنطقة. وسوف يكون مسؤولاً عن ممارسة الدكتاتورية الطبقية الفعلية في المرحلة الانتقالية كلها. وكلما طال أمد الصراع، عظمت وتعقدت مسألة الشؤون الادارية. ينبغي لحل هذه المسألة تدريب جماعة من الملاكات لمعالجة هذه المهمة الصعبة وهي توطيد سلطة الدولة، وفي مرحلة لاحقة، تنمية الاقتصاد.
ثانياً: ينبغي النظر في الظرف العام لفلاحي أمريكا اللاتينية، وفي طابع نضالهم الذي يزداد انفجاراً ضد البنيات الاقطاعية، في وضع اجتماعي يتعاون فيه المستثمرون المحليون مع المستثمرين الأجانب.

سوف يكون النضال نضال حياة أو موت:
لنعد إلى بيان هافانا الثاني: "تحررت شعوب أمريكا في مطلع القرن الماضي من الاستثمار الاسباني، ولكنها لم تتحرر من الاستثمار. اضطلع الملاكون الإقطاعيون بسلطة الحكام الاسبان، وبقي الهنود يعانون عبوديتهم الشاقة، وبقي إنسان أمريكا اللاتينية عبداً بشكل أو بآخر، وماتت أدنى آمال الشعوب من وطأة الفئات الأوليغارشية الحاكمة وطغيان الرأسمال الأجنبي. هذه هي حقيقة أمريكا بدرجات متباينة من الاختلاف. تقع أمريكا اللاتينية اليوم تحت وطأة امبريالية أكثر وحشية وعتّواً وشراسة من الامبريالية الإسبانية.
"ما هو موقف الامبريالية اليانكية من الثورة الأمريكية اللاتينية ذات الحقيقة الموضوعية والمحتومة تاريخياً؟ انه التأهب لخوض حرب استعمارية ضد شعوب أمريكا اللاتينية. انه إنشاء جهاز من القوة، وإقامة الذرائع السياسية والأدوات شبه القانونية التي يوقع عليها ممثلو الفئات الأوليغارشية الرجعية، لاذلال نضال شعوب أمريكا اللاتينية بالحديد والنار".
لقد كشف لنا هذا الموقف الموضوعي أن لدى فلاحينا ينابيع قوة كامنة لم يستنبطها أحد، وأنه ينبغي استخدام هذه القوة لتحرير أمريكا.
ثالثاً: ينبغي النظر في الطابع القاري للنضال.
هل يمكن اعتبار هذه المرحلة الجديدة من تحرر أمريكا على أنها نزاع على سلطة الدولة بين قوتين محليتين في بعض الأرجاء؟ هيهات. سوف يكون هذا النضال معركة حياة أو موت بين قوى الشعب كافة وقوى القمع كافة. وتتوقع المقاطع المستشهد بها آنفاً هي الأخرى ذلك.

طابع النضال القاري:
سوف يتدخل اليانكيون لتدعيم مصالحهم، إذ أنهم يعتبرون الصراع في أمريكا حاسماً. انهم في الواقع قد ساهموا منذ الآن في تنشئة قوى القمع، وأقاموا منظمة للمكافحة على نطاق القارة. وسوف يفعلون ذلك من الآن فصاعداً بكل ما أُوتوا من قوة ويحاولون قمع قوى الشعب بكل ما لديهم من أسلحة الفتك. لن يسمحوا بتوطيد أي نظام ثوري، وإذا ما اشتد ساعد أي نظام ثوري في أحد البلدان، فسوف يهاجمونه، ويرفضون الاعتراف به، ويسعون جهدهم لشق القوى الثورية، ويرسلون كل صنوف المخربين إلى داخله، ويخلقون اضطرابات على الحدود، ويعبئون بعض البلدان الرجعية الأخرى في صف واحد لمناهضته، ويحاولون خنق البلد الوليد اقتصادياً. وقصارى القول أنهم سوف يسعون جهدهم لتدمير هذا البلد الوليد. وبالنظر لهذا الوضع في أمريكا، يصعب جداً لبلد واحد أن يحرز الظفر ويعززه. ينبغي مقاومة تحالف القوى القمعية بتحالف القوى الشعبية. وفي كل البلدان التي بلغ فيها القمع حداً لا يطاق، ينبغي رفع راية الانتفاض، وسوف تتخذ هذه الراية، نظراً للضرورة التاريخية، صفة شمول نطاق القارة. فمثلما قال فيدل إن جبال الآندس سوف تتحول إلى سييرا ماسترا جديدة، كذلك سوف تتحول أرض هذه القارة الواسعة إلى حلبة صراع حياة أو موت مع الحكم الامبريالي.
لا نستطيع التأكيد متى سوف يأخذ هذا الصراع صفة قارية، وكم سوف يدوم، ولكننا نستطيع التنبؤ أن هذا الصراع قادم ومظفر حتماً، لأنه النتيجة المحتومة للظروف التاريخية والاقتصادية والسياسية وليس ثمة وسيلة لتغيير مجراه. إن مهمة القوى الثورية في مختلف البلدان هي المضي قدماً في النضال حالما تنضج الظروف في بلدانها، وبصرف النظر عن الوضع في البلدان الأخرى. ونشر النضال هو الذي سوف يحدد الاستراتيجية العامة بالتدرج. أما التنبؤ بأن النضال سوف يتخذ صفة قارية، فهو نتيجة تحليل مختلف القوى المتصارعة. انه لا ينفي أبداً وقوع انفجارات للصراع بعضها مستقل عن بعض. وكما أن الصراع الذي ينبثق في مكان من بلد لابد أن ينتشر إلى البلد كله، كذلك سوف يؤدي شن حرب ثورية إلى نشر ظروف جديدة في البلدان المجاورة.

أوائل حرب الغوار:
يشتمل تطور الثورة المنتظم على تعاقب المد والجزر. المد في الثورة يعني الجزر لتضاد الثورة، وبالمقابل، لما تكون الثورة في نكوص يكون تضاد الثورة في نهوض. يكون موقف القوى الشعبية في مثل هذه اللحظة صعباً وعليها أن تبذل كل جهد لاتخاذ تدابير دفاعية بحيث تعاني الحد الأدنى من الخسائر. ولما كان الأعداء في غاية القوة وحائزين الصفة القارية، ينبغي أن نقتصر على تحليل نواحي ضعف البرجوازية النسبي في منطقة محلية وعلى صياغة قرارات تخص نطاقاً محدوداً. ولنبتعد عن التفكير بأن الفئات الأوليغارشية الحاكمة قد تشكل يوماً تحالفاً مع الشعب المسلح. لقد قرعت الثورة الكوبية جرس الخطر. ثمة استقطاب كامل لمختلف القوى، حيث يقف المستثمِرون في أحد الطرفين، والمستثمَرون في الطرف الآخر. وسوف يميل سواد البرجوازية الصغيرة إلى أي من هذين الطرفين تبعاً لمصلحة الخاصة ولكفاءة أي منهما في اكتسابه سياسياً إليه. وسوف يغدو الحياد حالة استثنائية. تلك هي الحرب الثورية.
لننظر كيف يمكن إحداث مركز لنشاط الغوار.
تنتقي وحدات صغيرة ضئيلة القوام بعض الأمكنة المؤاتية لنشاط الغوار، تستطيع التقدم منها للهجوم، والانسحاب إليها ملاذاً، وتبدأ أعمالها في هذه الأمكنة. لكن ثمة نقطة لابد من إيضاحها تماماً: لما تكون الغوارات لما تزل أميَل إلى الضعف، في المرحلة البدئية، عليها أن تركز عملها فقط على تثبيت أقدامها، والتآلف بالبيئة، وإقامة الصلة بالسكان، وتوطيد الأماكن التي يمكن تحويلها إلى مآرز.
وإذا ما أرادت وحدات الغوار أن تبقى حية في النضال بمثل هذه الظروف، لابد لها أن تحرز صفات ثلاثاً: الجؤول الدائم، واليقظة الدائمة، والاحتراز الدائم، ويؤدي سوء تطبيق هذه العناصر من التكتيك الحربي إلى صعوبة بقاء الغوارات حية. ينبغي التذكر أن بطولات المغاوير في مثل هذه الساعة تقوم على توسيع الهدف الذي سبق تحديده، وعلى اتيان تضحيات عظيمة في سبيل بلوغ الهدف.
لا تعني هذه التضحيات قتالاً يومياً أو نضال العدو كشافاً. انها أمرّ وأصعب احتمالاً على المغاوير، جسمياً وذهنياً.
قد يتعرضون لضربات قاصمة من قوى العدو، ويمكن أحياناً أن يهزموهم أو يقتلوهم بعد الأسر. وقد يتم اصطيادهم مثل طرائد الوحش في المناطق التي اختاروها لعملياتهم، وابقاؤهم في حالة استنفار مستمرة، خشية أن يكون العدو في أعقابهم. ينبغي أن يحترزوا من السذاجة في تصديق أي شيء، لأن الفلاحين المروعين، إذا ما أعوزتهم الذريعة أحياناً ورغبوا في التنصل بأنفسهم، قد يسلمونهم إلى جيش القمع. أما الظفر أو الموت. ليس ثمة احتمال آخر. الموت في هذه اللحظات حقيقة داهمة، في حين أن الظفر تُرهة لا يستطيع غير الثوري رؤياها.
تلك هي بطولة المغاوير. يتبع ذلك أن جؤولهم هو أيضاً شكل من القتال، وأن اجتناب القتال، في لحظة معينة، هو أيضاً شكل للقتال.

اتساع حرب الغوار:
مذهبنا في وضع المسألة هو، إزاء تفوق العدو العام، استخدام شكل من التكتيك يساعد على إحراز تفوق نسبي في نقطة مختارة، أما بتركيز قوة أكثر عدداً من العدو، أو باحتلال أرض مؤاتية، بحيث يتغير ميزان القوى. ويمكن ضمان إحراز الأظفار التكتيكية في مثل هذه الظروف، ويفضل الامتناع عن العمل عندما لا يكون التفوق النسبي كثير الوضوح. وما دام ثمة مجال لاختيار "كيف نقاتل" و"متى نقاتل"، ينبغي عدم خوض المعركة عندما لا يكون الظفر أكيداً.
سوف تمضي الغوارات تنمو وتتوطد في حركة سياسية عسكرية هائلة، ويتم التأريز بالتدريج، فيؤلف العامل الأساسي لاستمرار نمو الغوارات. وسوف تغدو المآزر معاقل لا يستطيع العدو ولوجها دون أن يدفع ثمناً غالياً من الاصابات. انها حصون الثورة وملاذ الغوارات التي تزداد إقداماً في شن الهجمات باتجاه المناطق البعيدة

 

 


   

رد مع اقتباس