الموضوع: حرب العصابات
عرض مشاركة واحدة

قديم 30-04-09, 08:39 AM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

.
يمكن حيازة ملابس داخلية للغيار، إلاَّ أنها عامة، من أحمال الأغرار. يمكن توفر بنطال للغيار، على الأكثر، وحذف الملابس الداخلية والمناشف... الخ. فعلى المغاور، بالحياة التي يعيشها، أن يقتصد من طاقته حين يحمل متاعه. سوف يتخلى هكذا شيئاً فشيئاً عن كل ما ليس ذا قيمة جوهرية.
الأمتعة المتممة الخاصة باللياقة البدنية هي: قطعة صابون تستخدم لغسل الثياب ولنظافة الجسم، فرشاة للأسنان وسَنُون[40]. ويحسن توفر بعض الكتب يتعايرها أعضاء الغوارة: سيرة جيدة لأبطال سالفين، كتب تاريخ أو جغرافية اقتصادية، والأفضل عن البلد ذاته، وبعض الأعمال ذات الطابع العام التي ترمي إلى رفع مستوى الجنود الثقافي وتُنقص من ميلهم إلى الميسر، إذ ربما وجد وقت فراغ زائد أحياناً في حياة المغاور.
كلما بقي ثمة مكان في الحقيبة، ينبغي ملؤه بالزاد، إلاَّ في المناطق التي تحسن فيها شروط التموين. يمكن حيازة السكاكر، أو الأطعمة الأقل ضرورة، التي تشكَّل تكملة للأغذية الجوهرية. البسكويت هو من هذا القبيل، وإن كان كبير الحجم ويتكسر حتى يغدو مسحوقاً. ويفيد في الجبال ذات الإنبات المداري، حوز مُدية "ماشيته"، كما تفيد في الأمكنة الرطبة جداً، قنينة بنزين صغيرة أو خشب راتنجي، لأشعال النار عندما يكون الحطب مبلولاً.
على كل مغاور أن يحوز أيضاً مفكرة يسجل فيها المعلومات، ويكتب الرسائل ويتخاطب مع المغاوير الآخرين، وكذلك قلماً أو قلم حبر. يجب أن يكون في متناوله دائماً قطعة خيط أو نبات حبلي، ذات فوائد متعددة، وكذلك إبر وخيط وأزرار. إن المغاور الذي يمتلك هذا التجهيز يحمل على منكبيه بيتاً متيناً، كبير الوزن إلاَّ أنه كافٍ لتأمين أرفه حياة ممكنة في غمرة ظروف الحرب.





3 – تنظيم الغوارة
لا يمكن تنظيم الغوار وفق مخطط جامد. فهناك فروق لا تحصى تبعاً للبيئات التي ينبغي أن تتكيف بها. وسوف نفترض، تبسيطاً لعرضنا، أن تجربتنا الخاصة هي ذات قيمة عامة، بَيْدَ أنه ينبغي التذكير دائماً أنه يمكن تنظيم غوارة بطرق أخرى أكثر مؤاتاة لخصائص جماعة مسلحة أخرى.
إن عدد الرجال الذين يؤلفون الغوارة هو من أعسر المسائل حسماً. يتفاوت هذا العدد، ومثله بنية الفرقة ذاتها، كما شرحنا آنفاً. وإذا قبلنا أن الجماعة قوة تجول في أرض مؤاتية لها، جبلية، في شروط ليست من السوء بحيث تلوذ بفرار دائم، ولا من الجودة بحيث تتخذ لها مأرِز عمليات، ففي هذه الحالة ينبغي ألا تعد جماعة مسلحة أكثر من مئة وخمسين رجلاً في كل وحدة مقاتلة. إنه عدد مرتفع نوعاً ما. والأمثل أن تضم مئة رجل. هذا ما يشكل رتلاً يقوده مقدم، وفق تسلسل الرتب الكوبية. ويحسن التذكير بأن رتب العريف والرقيب التي كانت تعتبر مميزة للطغيان، كانت قد أُلغيت في حربنا.
يتولى إذاً مقدَّم قيادة جملة القوى التي عددها مئة إلى مئة وخمسين رجلاً. وسوف يكون عدد النقباء بعدد ما يوجد من مجموعات قوامها ثلاثون إلى أربعين رجلاً. إن دور النقيب هو قيادة مجموعته وتأليبها، وجعلها تقاتل بتماسك، وتولي توزيعها وتنظيمها العام. إن الوحدة الوظيفية في حرب الغوار هي الزمرة. قوام الزمرة حوالي ثمانية إلى اثني عشر رجلاً، وعلى رأسها ملازم يقوم من أجل زمرته بوظائف النقيب ذاتها، إلاَّّ أنه يبقى تحت إمرة الأخير.
إن ميل الغوارة إلى العمل في جماعات صغيرة يجعل من الزمرة الوحدة الحقيقية فيها. فيؤلف ثمانية رجال إلى عشرة الحد الأقصى للقتال المتماسك. تعمل هذه الزمرة تحت إمرة قائدها المباشر، الذي كثيراً ما يكون منفصلاً عن النقيب، وإن كان في جبهة واحدة معه، إلاَّ في بعض الظروف الخاصة. إن ما لا يجوز عمله أبداً هو تجزئة الوحدة. يُعين في كل فصيلة وكل زمرة خَلَف مباشر للقائد، في حالة فقدان الأخير. وينبغي أن يكون الخلف ذا تهيئة كافية لتولي مسؤولياته الجديدة مباشرة.
التغذية مسألة أساسية في هذه الفرقة حيث ينبغي أن يحظى الجميع، من آخر نفر إلى القائد، بذات المعاملة. تتخذ التغذية أهميتها القصوى ليس فقط من جراء نقص التغذية المزمن، بل لأن توزيعها يشكل الحدث اليومي الوحيد أيضاً. الفرقة شديدة الحساسية بالعدالة، فتَرْزِن الجِرَايات[41] بفكر نقاد. ينبغي عدم السماح بأية حظوة لأحد أبداً. فإذا أجرى توزيع الطعام، لسبب ما، على الرتل كله، ينبغي وضع نظام والتقيد به بصرامة، مع احترام كميَّات الطعام المقدم لكل فرد وجودته. أما توزيع الملابس، فمسألة مختلفة. هذه أمتعة ذات استعمال فردي. هناك عاملان يتقدمان في هذه الحالة: أولاً درجة احتياج الطالبين، وغالباً ما يكون عددهم أكثر من الأمتعة المعدة للتوزيع، وثانياً قِدَم كل فرد واستحقاقه. يصعب تحديد نظام القِدَم والاستحقاق، ويجب أن يضعه أحد المسؤولين، ويخضع هذا بدوره إلى رقابة قائد الرتل المباشر. ينبغي أن يتم التوزيع على ذات النحو من أجل الأشياء الأخرى الطارئة والتي ليست ذات استعمال جماعي. ينبغي توزيع التبغ والسيكار بالعدل بين الجميع.
يجب تكليف رجال خاصين بعمل التوزيع هذا. ويفضل أن يكونوا تابعين إلى القيادة مباشرة. تضطلع القيادة بالمهمات الإدارية وبالارتباطات، وهما أمران جد هامين، كما تضطلع بسائر المهمات التي تخرج على العادة. ينبغي أن يشترك بالقيادة أشد الضباط ذكاء. وينبغي أن يكون جنودهم نابهين ومفعمين بروح تضحية قصوى، إذ كثيراً ما يطلب منهم أكثر مما يطلب من سائر الفرقة. أما الطعام فلن يكون لهم فيه حق بأي معاملة خاصة.
يحمل كل مغاور تجهيزه الكامل، إلا أنه ينبغي بالإضافة، توزيع عدة أشياء هامة تخص الرتل كله توزيعاً عادلاً. توجد لذلك طريقتان. يتعلق تفضيل أحديهما بعدد الرجال الذين لا يحملون سلاحاً. تقوم الطريقة الأولى على توزيع كل الأشياء مثل الأدوية والأدوات الجراحية والسنية، والجرايات الإضافية، والملابس والأواني المختلفة الزائدة، والتسليح الثقيل، بصورة متكافئة بين الفصائل كافة، وهي التي تكون مسؤولة عندئذ عن العتاد المخصص لها. يوزع كل نقيب هذه الأشياء بين الزمر، وكل آمر زمرة بين رجاله. تستخدم الطريقة الثانية عندما لا تكون الفرقة كلها مسلحة تسليحاً كاملاً، فتقوم على تشكيل زمر أو فصائل مكلفة بالنقل بصورة خاصة: تكون هذه الطريقة عادة أحسن مردوداً إذ أن أحمال جنود هذه الزمر والفصائل أخف وزناً، ما دام العزَّل منهم خالصين من ثقل البندقية ومسؤوليتها. والعدة في هذه الحالة أكثر تمركزاً، فيقل عليها خطر الضياع. ويكون جزاء الحاملين منحهم قطعة سلاح، فتدب بينهم روح المباراة ويريدون مزيداً من الحمل ويبدون حماساً أعظم. تسير هذه الفصائل في المؤخرة، عليها ذات الواجبات ولها حق في ذات المعاملة كبقية الفرقة.
تتنوع المهمات داخل الرتل تبعاً لنشاطه. فإذا لم يبارح الرتل المعسكر، تؤلف زمرة خاصة للحراسة، ينبغي أن تتألف من جنود متمرسين بالقتال، مختصين، ينالون لهذه المهمة مكافأة خاصة، هي بصورة عامة، مزيد من الاستقلال، أو توزيع فائض من الحلوى أو التبغ. فإذا كان ثمة مئة رجل مثلاً، ومئة وخمس عشرة علبة سيكارة، يمكن توزيع هذه العلب الخمس عشرة الفائضة بين أفراد هذه الزمر. تكلف المقدمة والمؤخرة، والمتمايزتان نهاراً على مساحة متسعة، ويصعب بلوغها ليلاً. وإذا وجب المكوث فيها عدة أيام، لزم إنشاء وسائل دفاع فعالة تحسباً لحالة تعرضها للهجوم. يمكن ضرب وسائل الدفاع هذه عند انسحاب الغوارة، أو تركها إذا لم تفرض الظروف ضرورة تعفية[42] كل أثر عن مرور الرتل.
ينبغي أن تقع الأماكن المختارة للحرس على مرتفعات، تسمح بالإشراف تماماً عن بقية الفرقة بمهام الحراسة الرئيسية إلاَّ أن كل فصيلة ينبغي أن يكون لها حرَّاسها وكلما كان الحرس مبتعداً عن المعسكر، لا سيما في المنطقة المحررة، كلما ازداد أمان الجماعة.
وفي حال إقامة معسكر دائم، يلزم استكمال. جملة وسائل الدفاع باستمرار. ينبغي التذكر أن مدفع الهاون هو السلاح الثقيل الوحيد الذي يكون فعالاً في المنطقة الجبلية وعلى أرض أُحِكم اختيارها. وباستخدام سقوف مناسبة من المواد المحلية، كالخشب، والحجر... إلخ، يمكن إنشاء ملاجىء ممتازة توقف اقتراب جنود العدو وتقي شر قذائفه.
من المهم جداً في المعسكر أن يحافظ على الضباطة، التي ينبغي أن ترمي إلى أهداف تربوية: إجبار المغاوير على الهجوم والنهوض بساعات محددة، ومنعهم من ممارسة الألعاب التي لا صفة اجتماعية لها والتي تستدرج معنويات الفرقة إلى الانحلال، ومنع استهلاك المشاريب الغَوْلية[43]... إلخ. وتكلف لجنة بالنظام الداخلي، تنتخب من بين المقاتلين المتحلَّين بأعظم الجدارات الثورية: لتقوم بتحقيق هذه المهمات كافة. ويكون من مهماتها أيضاً منع إيقاد النيران في الأمكنة المكشوفة أو تصاعد الدخان قبل حلول الليل، والعناية بتنظيف المعسكر قبل مغادرته، لصون السر المطلق حول وجود الغوارة

 

 


   

رد مع اقتباس