عرض مشاركة واحدة

قديم 20-04-21, 02:19 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 



ويفيدنا الذهبي -في ‘تاريخ الإسلام‘- بأن أبا بكر ابن حُبَيش البغدادي الضرير ‏‏(ت 314هـ/926م) كان "يقرأ بصوت شجيّ يقع في القلوب، ويصلي بالناس
التراويح في الجامع" ‏ببغداد.‏
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حظر سياسي
أشرنا سابقا للخلاف الطائفي في مدى شرعية التراويح؛ ولكن المنع السياسي لإقامتها المؤيد بقوة السلطان كان أقوى تأثيرا من تلك الآراء الفِـرَقية التي ‏ظلت محدودة الانتشار زمانا ومكانا؛ فقد عُرف الفاطميون –وهم مؤسسو دولة الشيعة ‏الإسماعيلية- بمنع صلاة التراويح في حقب من تاريخ حكمهم الذي شمل الغرب الإسلامي ‏ومصر والشام والحجاز.‏
فقد خاطب الفاطميون أتباعهم -وهم ما زالوا في طور التنظيم قبل تأسيس الدولة- قائلين لهم عند حلول أول رمضان بعد انطلاق دعوتهم في بلاد تونس: "إن رمضان قد جاء، ومذهبنا ألا تُصلَّى التراويح لأنها ليست من سنة النبي ﷺ وإنما ‏سنّها عمر، ونحن نطوِّل القراءةَ في صلاة العشاء الأخيرة ونقرأ بالسُّور الطوال، فيكون ذلك عوضا عن التراويح"؛ حسبما يرويه ابن عِذاري المراكشي (ت بعد 712هـ/1312م) في ‘البيان المُغرب في أخبار الأندلس والمَغرب‘.
ويخبرنا سبط ابن الجوزي (ت 654هـ/1256م) -في ‘مرآة الزمان‘- أن خليفة الفاطميين المنصور إسماعيل بن القائم بأمر ‏الله (ت 334هـ/946م) خالف سيرة أبيه وجدِّه في الحكم فـ"أقام التراويح والسُّنن" في تونس قبل مقدم خليفتهم منها إلى مصر سنة 362هـ/973م.
وأفاد المؤرخ ابن سعيد الأنطاكي (ت 458هـ/1067م) -في تاريخه- بأنه في سنة 370هـ‍/981م ‏مَنَع خليفة الفاطميين الثاني بمصر العزيزُ بالله (ت 386هـ/997م) صلاةَ التراويح بمصر فـ"عظُم ذلك على كافة ‏أهل السُّنة من المسلمين".‏
لكن خلَفـَه الحاكم بأمر الله (ت بعد 411هـ/1021م) سمح بإقامتها مؤقتا ثم منعها عشر سنوات حتى كانت عقوبة من يصليها الإعدام؛ فقد قال المقريزي ‏-في ‘اتعاظ الحنفا‘- إنه في سنة 399هـ/1011م أمر الحاكم بـ"قتل رجاء بن أبي الحسين (ت 399هـ/1010م) من أجل أنه صلى صلاة التراويح ‏في شهر رمضان".
وفي المسجد الأقصى بالقدس ضُرب الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي (ت القرن 4-5هـ/الـ10-الـ11م) حتى أوشك على الهلاك لأنه اعترض على "أمر السلطان [الفاطمي] بقطع صلاة التراويح"؛ طبقا لابن عساكر.
ثم سمح الحاكم الفاطمي بإقامة التراويح في المساجد مرة أخرى سنة 408هـ/1018م، وأصدر بذلك قرارا رسميا قرئ في مساجد مصر وغيرها فاستمرت إقامتها حتى وفاته؛ ‏وكانت دوامة المنع والإذن تلك للتراويح من أمثلة قرارات الحاكم المزاجية التي عُرف بها عهده المتقلب ‏المواقف والقرارات.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


دوافع متعددة


وفي الجناح الشرقي من الخلافة العباسية؛ منع "الحشاشون" -وهم فصيل من الشيعة الإسماعيلية منشق عن ‏الدولة الفاطمية الأمّ بمصر- صلاة التراويح بالمناطق التي سيطروا عليها في فارس وخراسان، ‏ثم سمحوا بإقامتها في نهاية عمر كيانهم هناك.
فقد ذكر المؤرخ ابن تَغْرِي بَرْدي (ت 874هـ/1469م) -في ‘النجوم الزاهرة‘- أنه ‏في سنة 608هـ/1211م "قدِم بغدادَ رسولُ جلال الدين حسن (ت 618هـ/1221م) صاحب [قلعة] ألَمُوتْ يخبر ‏الخليفة [الناصر العباسي (ت 622هـ/1225م)] بأنهم تبرؤوا من الباطنية، وبنوا الجوامع والمساجد…، ‏وصلّوا التراويح في شهر رمضان؛ فسُرَّ الخليفة والناس بذلك".‏
وربما كان تدخل السلطة في شعائر العبادات بالمساجد -ومنها التراويح- نتيجة لحسابات الصراع السياسي مع الخصوم الإقليميين أكثر من كونه اقتناعا حقيقيا باختيار مذهبي معين؛ فالإمام الذهبي يخبرنا -في ‘تاريخ الإسلام‘- أنه "في رمضان [سنة 494هـ/1101م] أمر المستظهر باللَّه بفتح جامع القصر [ببغداد]، وأن تصلى فيه التراويح، وأن يجهر بالبسملة، ولم تَجْرِ بهذا عادة؛ وإنّما تركوا (= العباسيون) الجهر بالبسملة في جوامع بغداد مخالفةً للشّيعة [الفاطميين] أصحاب مصر".
ولم تكن القرارات السياسية المدفوعة بالتحيزات المذهبية هي الوحيدة التي تعطلت بسببها التراويح؛ إذ ترصد كتب التاريخ بعض الأزمات العامة من جوائح الأوبئة أو الحروب التي تزامن وقوعها ببعض البلدان الإسلامية مع حلول رمضان، فتوقفت جراءها صلوات الجماعة -بما فيها التراويح- كليا أو جزئيا.
فقد أورد ابن الجوزي -في أحداث سنة 439هـ/1048م- أنه "في رمضان غلا السعر ببغداد، وورد كتاب من الموصل أن الغلاء اشتد بها حتى أكلوا الميتة، وكثر الموت حتى إنه أحصِي جميع من صلى الجمعة فكانوا أربعمئة". وإذا تعطلت الجمعة في رمضان -وهي شعيرة واجبة الأداء نصًّا وإجماعا- فمن باب أولى أن يتوقف المصلون عن إقامة التراويح وهي نافلة.
وفي الغرب الإسلامي يقدم لنا المؤرخ المغربي أبو العباس الناصري (ت 1315هـ/1897م) -في كتابه ‘الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى‘- نصا صريحا في تعطل التراويح بسبب الاضطراب الأمني؛ فيقول إنه "لما قُـتل السلطان عبد الملك بن زيدان (السّعدي سلطان المغرب ت 1040هـ/1629م).. بُويع أخوه الوليد بن زيدان (ت 1045هـ/1634م)…، وعظُمت الفتن بفاس حتى عُطلت الجمعة والتراويح من جامع القرويين مدة، ولم يصلِّ به ليلةَ القدر إلا رجل واحد من شدة الهول والحروب"!!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

محاريب متعددة

كان من أغرب سمات إقامة التراويح في الحرم المكي تعددُ محاريبها وجماعاتها وفقا للمذاهب الفقهية، ‏وهو مشهد آخر من مشاهد تمزق وحدة المسلمين تاريخيا جراء جناية التعصب المذهبي والطائفي حتى وهم يجتمعون في حرم كعبتهم وقِبلتهم الموّحِّدة، ‏ويؤدون شعيرة موَّحَّدة النُّسُك، وضمن طائفة واحدة (أربعة مذاهب سنية)!!
ولذا كان من المألوف أيامها أن "يصلي إمام الشافعية في مقام إبراهيم تجاه باب الكعبة، ثم إمام الحنفية مقابل حِجْر إسماعيل تجاه الميزاب، ثم إمام المالكية بين الركنين اليماني والشامي، ثم إمام الحنابلة مقابل الحَجَر الأسْود"؛ طبقا ‏لوصف مُجير الدين العُلَيْمي الحنبلي (ت 928هـ/1522م) في كتابه ‘الأنس الجليل‘.‏
وهي عادة بدأ العمل بها على الأقل منذ سنة 497هـ/1104م، ولم تختفِ إلا بعد إكمال آل سعود سيطرتهم على الحجاز سنة 1344هـ/1923م؛ ففي سنة 497هـ/1104م حج الإمام أبو طاهر ‏السِّلَفي (ت 576هـ/1180م) فوصف تعدد محاريب المذاهب في الحرم المكي وكيف يكون ترتيبهم في ‏أداء الصلوات، وقال إن إمام الشافعية هو "أول من يصلي من أئمة الحرم.. قبل المالكية والحنفية والزيدية"؛ طبقا للفاسي في ‘شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام‘.
وبعد قرون من شهادة ‏السِّلَفي؛ تحدث مؤرخ المدينة المنورة السمهودي عن تقليد تعدد المحاريب المذهبية ‏وانتشاره في الأقطار، فقال إن حدوثه في المدينة النبوية كان -في منشئه- بسعي من الفقيه الحنفي طُوغان شيخ المحمدي (ت 881هـ/1476م) "فبرزت المراسيم [السلطانية] به بعد الستين وثمانمئة (860هـ/1456م)"، مشيرا إلى أن "هذا الأمر دَبّ إلى المدينة الشريفة من مكة المشرفة‎".‏
ويصور لنا ابن جبير -في رحلته- مظاهر الاحتفال برمضان في مكة كما ‏شاهدها؛ فيقول إنه لما دخل رمضان سنة 579هـ/1183م "وقع الاحتفال في المسجد الحرام لهذا الشهر ‏المبارك.. حتى تلألأ الحرم نورا وسطع ضياءً، وتفرقت الأئمة لإقامة التراويح فِرَقاً (حسب ‏المذهب الفقهي).. كل فرقة منها قد نصبت إماما لها في ناحية من نواحي المسجد…، وكاد لا يبقى ‏في المسجد زاوية ولا ناحية إلا وفيها قارئ يصلي بجماعة خلفه، فيرتجّ المسجد لأصوات ‏القراءة من كل ناحية". وقد يتعدد أئمة تراويح المذهب الفقهي الواحد، فالمالكية مثلا قال إنها "اجتمعت على ‏ثلاثة قراء يتناوبون القراءة"!‏
ومن الحرم المكي انتقل تعدد المحاريب إلى المسجد الأقصى وغيره، إذْ "‏جرى مثله في بيت المقدس وجامع مصر"؛ وفقا للسمهودي. كما انتقل هذا التعدد أيضا إلى مسجد الخليل -عليه السلام- في فلسطين؛ حسب العُلَيْمي الحنبلي في ‘الأنس الجليل‘.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ضبط تنظيمي


ويبدو أن بروز هذه الظاهرة في الأقصى -فيما يخص التراويح تحديدا- لم يتأخر كثيرا عن تاريخ ظهورها في الحرم المكي إن لم يكن مزامنا له، بدليل أن الإمام ابن العربي المالكي (ت 543هـ/1148م) شاهد هذا الأمر في الأقصى حين زاره أواخر ثمانينيات القرن الخامس الهجري/الـ11 الميلادي.
يقول ابن العربي في تفسيره ‘أحكام القرآن‘: "وقد رأيت على باب الأسباط -فيما يقرب منه- إماما من جملة الثمانية والعشرين إماما، كان فيه يصلي التراويح في رمضان بالأتراك، فيقرأ في كل ركعة بالحمد لله وقل هو الله أحد، حتى يتم التراويح؛ تخفيفا عليهم ورغبة في فضلها".
كما يحدثنا الرحالة الأندلسي القاضي أبو البقاء البَلَوي (ت بعد 767هـ/1365م) عن مشاهداته الرمضانية ‏في "المسجد الأقصى… أعظم مساجد الدنيا" حين زاره في رحلته إلى المشرق، ويصف كثرة جماعات ‏التراويح فيه؛ فيقول: "ولقد عددت مواضع الإشفاع وصلاة التراويح بها في شهر رمضان ‏المعظم فألفينا نحو الأربعين موضعا"!!
وأحيانا تتدخل السلطات لتنظيم "فوضى" التراويح المتعددة في المسجد الواحد، وما ينتج عن هذا التعدد من ‏تداخل لأصوات الأئمة المقرئين وتشويش على المصلين المستمعين.
ولذا يذكر الإمام ابن كثير (ت ‏‏774هـ/1372م) -في ‘البداية والنهاية‘- أنه كان في الجامع الأموي بدمشق محاريب متعددة للمذاهب الأربعة، ولكن في زمنه ‏تدخلت السلطة لتوحيدهم "في صلاة التراويح، [فـ]ـاجتمع الناس على قارئ واحد وهو الإمام الكبير في المحراب المقدَّم عند المنبر"، كما يشير إلى واقعة تدخُّل أخرى للسلطة سبقت تلك بأكثر من قرن سنة 635هـ/1237م.‏
وجاء في كتاب ‘مفاكهة الخلان‘ لشمس الدين ابن طولون الدمشقي (ت 953هـ/1546م) أنه في رمضان سنة 926هـ/1520م أمر حاكم دمشق العثماني "إمامَ الحنفية بالجامع الأموي… بأن ‏يتروّح (= يصلي التراويح) بالمقصورة ليلة… و[يصليها الإمام] الشافعي ليلة، وفُعل ذلك وتركت ‏التراويح بمحراب الحنفية، ولم يسهل ذلك على متعصبي الشافعية" الذين لم يتقبلوا القرار بأريحية.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إمامة الصبيان

ومن الأمور الطريفة التي اقترنت -على مدى قرون- بشهر رمضان "إمامة ‏الصبيان" للتراويح في بعض جوامع الحواضر الكبرى وفي الحرم المكي خاصة؛ رغم أنه وقع ‏‏"في صلاة التراوِيح خَلْفَ الصبيان اختلافٌ" بين العلماء في صحتها؛ كما يقول ابن الضياء الحنفي (ت 854هـ/1450م) في ‘تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام‘.‏

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس