عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 10:27 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ماركوني
مشرف قسم الإتصالات والحرب الإلترونية

الصورة الرمزية ماركوني

إحصائية العضو





ماركوني غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الحرب أقدم مظاهر العلاقات البشرية

وفي كتاب (روبرت سميث) ــ وهو أحد جنرالات الإنجليز ــ (فائدة القوة)، يذكر أن الحرب أو العدوان بشكل عام هو أحد أقدم مظاهر العلاقات البشرية منذ الأزل، وقد اكتسبت هذه الحرب خصائصها نتيجة لتضافر ظاهرتين حديثتين، ألا وهما:

الدولة والصناعة، وقد تحددت معالم هذه الحروب التقليدية خلال القرن التاسع عشر، وبلغت ذروتها في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكان (نابليون) هو القائد الملهم الذي أدرك متطلبات هذه الحروب التقليدية، ثم جاء بعده الألماني (كلاوزفيتز) منظّراً لفلسفة هذه الحروب الحديثة في مؤلفه (عن الحرب) الذي ذكر فيه أن أهم عناصر نجاح الحرب الحديثة عنده هي: الدولة والجيش والشعب، فلا يكفي أن تتوافر للدولة هياكلها السياسية والإدارية، وإنما لابد أن تتوفّر لها بالدرجة الأولى قاعدة صناعية وتكنولوجية متقدمة، وأما الجيش فهو توافر المعنويات العالية والروح الوطنية إلى جانب الانضباط والخبرة، وأخيراً، فإنه لا يمكن تحقيق النصر دون دعم الشعب وثقته في عدالة قضيته، ووقوفه وراء الدولة والجيش.

هل انتهى عصر الحروب التقليدية؟

يرى (روبرت سميث) أن عصر الحروب التقليدية قد انتهى، وأننا نعيش في عصرالحروب وسط الناس، وهو نمط جديد للحرب، يختلف تماماً عن الحروب التقليدية بمفهومها الذي استقر في العلوم العسكرية، كما يؤكّد على أن أسباب الانتصار المعروفة في ظل نمط الحروب التقليدية لم تعد كافية في الظروف المستجدة للحروب وسط الناس، ومن هنا كانت أسباب فشل أغلب الدول الصناعية المتقدمة في عملياتها العسكرية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، رغم ما توافر لديها من كل مقومات النصر المطلوب وفقاً لمنطق الحروب التقليدية.

ومن منطلق أن لكل عصر حروبه، فإن الحروب التقليدية للدول الصناعية قد فات أوانها، فلم تعد الآلة العسكرية وحدها قادرة على حسم الأمور، ويدلل (سميث) على نظريته بأنه على الرغم من التفوّق العسكري الأمريكي الساحق في فيتنام، فقد كانت النتيجة النهائية هي هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية، ومثل ذلك وقبله حدث بالنسبة للجيش الفرنسي في الجزائر، حيث كان النصر من نصيب جبهة التحرير الجزائرية، وربما كانت آخر المعارك التقليدية للجيوش المتحاربة بالمدافع والدبابات هو ما جرى على صحراء سيناء في أكتوبر من عام 1973م بين مصر وإسرائيل.
لقد كانت المعارك العسكرية التقليدية تدور بين القوات المسلحة في ساحات القتال، أما الآن فقد أصبحت المواجهات تقع في وسط الناس، بل وتذاع في الوقت نفسه على شاشات التلفاز وتنقل على صفحات الصحف يوماً بيوم، ولم تُعد أخبار المعارك مجرد هزائم وانتصارات عسكرية بين الجيوش بقدر ما أصبحت صوراً للقتل والتدمير والمآسي الإنسانية.


وفي النهاية، لا يدعو الجنرال الإنجليزي إلى استبعاد القوة العسكرية، وإنما يحرص فقط على التأكيد على أن محاولة إحراز الانتصار العسكري بأساليب الحروب التقليدية وحدها لم تعد مجدية، فنحن إزاء أوضاع مختلفة تتطلب معالجات مختلفة باستخدام العمل العسكري في إطار منظومة مختلفة عن منظومة المواجهة بين الجيوش التقليدية.

تراجع القوة الخشنة في فرض الاستقرار

ــ يرى كثير من الاستراتيجيين أن الحرب عنف منظم من قِبل وحدات سياسية ضمن بعضها البعض، كما أنها وسيلة لاتخاذ القرار عندما تنعدم الوسائل الأخرى.
ــ الشيء الوحيد الذي أثبتته المواجهات هو أنه يمكن للقوى الكبيرة أو الصغيرة أن تبدأ القتال في الوقت والمكان، وبالطريقة التي تختارها، ولكن بعد انطلاق الطلقة الأولى، لا يمكن لهذه القوى أن توقف القتال في الوقت والمكان الذي تريده، نظراً لقدرة آخرين على اللعب في موازين القوى.
ــ بعد أن كانت القوى تستخدم في مواجهات التحديات صغيرها وكبيرها، تراجعت عن ذلك، وبعد أن كانت تهدف إلى تغيير النظم وإسقاطها، أصبحت تعمل على تغيير سلوكها بكثير من الكلمات وقليل من الطبقات.


ــ لقد شملت الحرب العالمية الثانية ــ كنموذج للحروب التقليدية ــ أوروبا وآسيا والبحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط، وإفريقيا، وكان من أبرز المشاركين في قوات الحلفاء: الاتحاد السوفيتي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وفرنسا، والصين، وبولندا، والنمسا، وكندا، كما كان أبرز المشاركين في قوات المحور: ألمانيا، واليابان، وإيطاليا، ورومانيا، والمجر، وبلغاريا، وبلغ ضحايا تلك الحرب ما يقرب من (25) مليوناً من العسكريين، و (37) مليوناً من المدنيين، إضافة إلى ملايين اللاجئين والمشردين، وانهيار الاقتصاد الأوروبي، وتدمير (70?) من البنية التحتية الصناعية في أوروبا.

ــ إن القوة الغالبة والمطلقة لا يمكنها فرض الاستقرار، كما أصبح واضحاً ــ في الوقت نفسه ــ أنه يمكن للقوى الصغيرة التي تمتلك الرادع الأصغر أن تتصدى للقوى ذات الرادع الأكبر، بل ثبت أن القوى الصغيرة يمكنها أن تحدث خسائر ضخمة في القوي العظمى، وأن القوات المحدودة عدداً وتسليحاً يمكنها أن تغير الأهداف السياسية للقوى العظمى أثناء القتال بما تملكه من قدرة على التصدّي وتوقيع العقاب ومواجهة توازن الرعب في تحديه لتوازن القوى وشهد شاهد من أهل الحروب الخشنة:

في تقرير نشرته مجلة (فورن أفريز) في عددها الصادر في يناير 2009م، ذكر (روبرت جيتس) ــ وزير الدفاع الأمريكي ــ ما يلي: إنّ الولايات المتحدة هي أقوى وأعظم أمة في العالم، وإن كانت هناك حدود لما تستطيع فعله، إن قوة عسكريتنا وامتداد طاقتها عالمياً كانت إسهاماً لا غنى عنه للسلام العالمي، ويجب أن تظل كذلك، ولكن لا يمكن أن يثير كل تهجّم ولا كل عمل عدواني ولا حتى كل أزمة رداً عسكرياً أمريكاً»، ثم يمضي في المصارحة حول مسألة حدود القوة العسكرية الأمريكية فيقول: «يجب ألاّ يهمل أحد الأبعاد النفسية والثقافية والسياسية والإنسانية للحرب، ذلك لأن الحرب لايمكن إلاّ أن تكون مأساوية غير فاعلة لا مؤكدة، وبالتالي فإنه من المهم أن نتشكك في التحليلات النظامية المتكاملة وأنماط الكمبيوتر، ونظريات الألعاب، وعلى ذلك فليس من المتوقع أن تكرر الولايات المتحدة عراقاً أو أفغانستان أخرى، أي أن تلجأ لتغيير النظام بالقوة الذي يتلوه بناء أمة تحت النيران ...» ?

المصادر
1. كتاب: (القوى الناعمة)، Jospeh Naye
2. كتاب: (قواعد القوة)، Lesely geleb
3. كتاب: (فائدة القوة)، Robert smith
4. مجلة: foreign affairs، يناير/فبراير 2009م.
5. مقالات في صحيفة الأهرام: د. حازم الببلاوي، عاطف الغمري، أمين هويدي.

 

 


   

رد مع اقتباس