عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 10:24 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ماركوني
مشرف قسم الإتصالات والحرب الإلترونية

الصورة الرمزية ماركوني

إحصائية العضو





ماركوني غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي القوة الخشنة والقوة الناعمة



 

القوة الخشنة والقوة الناعمة


نشوب الصراع بين الدول أمر طبيعي، حتى وإن تجمّل البعض ووصفوا هذا الصراع بالمنافسة، إذا إنه يظل في حقيقة الأمر صراعاً بكل ما تحمله تلك الكلمة من معاني، لأن الدول تستخدم في هذا الصراع كل إمكاناتها المتاحة لتحقيق أغراضها السياسية، وقد يتم ذلك باستخدام الوسائل السياسية من مناورات وحوارات تنتهي إلى اتفاقيات تعبّر ــ عادة ــ عن توازن قوى الموقعين عليها، ويطلق على هذا الأسلوب : (القوة الناعمة).

وقد يتم تحقيق الأغراض السياسية عن طريق اللجوء لخوض الحروب والمعارك والأعمال العدائية لتليين الإرادات، والوصول إلى اتفاقيات تعبّر عن توازن قوى موقعيها أيضاً، أو عن طريق الردع، وهو استخدام وسائل القتال لمنع القتال، وتحقيق الأغراض السياسية، وهذا ما يُعرف بأسلوب (القوة الخشنة).

إن استخدام القوة الخشنة هو جزء من الصراع، وهو في مجمله عمل سياسي يبدأ بقرار سياسي ويجسّد غرضاً سياسياً يتم التعامل معه، ويجري تقويم استخدام نتائج القوة في إطار النتائج السياسية التي تتحقق، حيث يعرف كل لاعب مكانه الحقيقي في خريطة الصراع في زمن معين.

مقاومة الاحتلال مشروعة بالحرب الخشنة والحرب الناعمة

أما الاحتلال والعدوان، فيتم تعزيزهما باستخدام القوة لغرض سياسي، كما أن مقاومة هذا الاحتلال والقضاء عليه هو غرض سياسي لا يتم تحقيقه إلاّ باستخدام القوة بكل أنواعها خشنة كانت أو ناعمة، ولهذا كان إعلان الحرب على الاحتلال، وإقرار المقاومة عملاً مشروعاً يدخل في نطاق الحروب الشرعية، كما أن إعلان الحرب أو القبول باقتحامها بعد حسابات دقيقة يعني رفض العدوان، وإعمال الإرادة، وتحقيق الغرض الأسمى من الحرب وهو الوصول إلى سلام أفضل، أي إلى منع الحروب المقبلة.

(جوزيف ناي) ونظرية (القوة الناعمة)

يرى المنظِّر الأمريكي (جوزيف ناي)، وصاحب نظرية (القوة الناعمة)، وهو كاتب أكاديمي متخصص في أدبيات القوة المرنة وتناول قضية (قوة أمريكا الخارجية)، وواحد ممن تمثّل آراؤهم جاذبية خاصة داخل أمريكا وخارجها على السواء، يرى (ناي) أن الاعتماد على القوة العسكرية الأمريكية وحدها ــ كما حدث في الحرب الأمريكية علي العراق ــ كان سبباً جوهرياً في اتجاه منحنى القوة الأمريكية إلى الأسفل، وأن الهيمنة العسكرية الأمريكية لم تعد ذات جدوى في عصر باتت فيه المعلومات متداولة، و (الحروب مخصخصة)، بحيث أصبحت القوة المرنة لا تقل عن القوة الصلبة إن لم تكن تفوقها.

وفي كتاب (ناي) soft power الذي نشره عام 2004م، يؤكّد على أهمية القوتين العسكرية والاقتصادية، لأن استخدام العصا والجزرة وحدهما لن يحقق هدف مواجهة مخاطر الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، كما يؤكد على أن القوة الناعمة ــ من وجهة نظره ــ أوسع من الدعاية وأكبر من مجرد صورة أو علاقات عامة، بل إنها قوة حقيقية قادرة على حصد الأهداف، وأخذ ما تريد عبر جذب الآخر، وإقناعه باتباعك في غير إكراه، إلاّ أن الجاذبية قد تتحوّل إلى نفور إذا ما صدرت عن غرور وتكبّر.

فئات القوة كما يراها (جوزيف ناي)

يقسِّم (ناى) القوة إلى ثلاث فئات:
1. أن تحصل على ما تريده بالقوة والتهديد.
2. أن تحصل على ما تريد بالإغراءات المالية.
3. أن تحصل على ما تريد بجذب الآخرين وجعلهم يحبون ما ترغبه.


وبعد التقسيم، يؤكّد على أن عصر المعلومات قد عمَّق تأثير الفئة الثالثة، ويستشهد بمقولة للمتحدث السابق باسم الكونجرس: «إن المفتاح الحقيقي ليس هو كم من الإعداد أَقتُل؟ ولكن كم من الحلفاء أَكسب؟، وذلك لأن التاريخ لا يقف دائماً في صف ذوي الجيوب العامرة أو الذخائر المدمرة، كما أن سياسة الجذب التي تعتمد عليها القوة المرنة أقل كلفة من سياسة الإرغام التي تعتمد عليها القوة الخشنة بشرط توافر المصداقية وليس مجرد الدعاية، وعلى من يمتلك العصا الغليظة أن يتعلم كيف يتحدث بنعومة»، وقد كانت نصيحة الرئيس الأمريكي الأسبق (روزفلت): «يجب التحدث بمرونة في وقت الإمساك بالعصا الكبيرة».

قواعد القوة كما يراها (ليسلي جلب)

أما (ليسلي جلب) ــ الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ــ فيعدّد في كتابه : (قواعد القوة) على النحو التالي:
1. أن القوة العسكرية وحدها لن تحقق سوى القليل، وأن القوة في عالم اليوم لها مكونات عسكرية ودبلوماسية واقتصادية ومعنوية، وهي التي تمنح الدولة القدرة عل شق طريقها في العالم، وبالتالي لم تعد القوة العسكرية وحدها هي التي تتحكم في ميزان القوى بين الدول وبعضها البعض.
2. أن جوهر القوة هي ضغط سياسي ونفسي، وأن هذه المكونات للقوة هي أدوات الضغط.
3. أن القوة العسكرية تتضاءل أهميتها في وقت تأخذ فيه القوة الاقتصادية المركز المحوري في تشكيل الدولة، وإن كان هذا لا يعني التقليل من شأن القوة العسكرية.


ويشير (جلب) إلى أن هناك اتفاقاً عاماً في العالم على أن القدرة الاقتصادية صارت هي المكوّن الفاعل في قدرة الدولة على تحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي داخلياً وتمتعها خارجياً بمكانة ونفوذ على المستويين المحلي والدولي، ولقد أصبحت معايير الاعتراف بهذه المكانة لأية دولة تستند إلى ما تنجزه من تقدم اقتصادي عبر التنمية الاقتصادية. كما تجدر الإشارة إلى ما لوحظ في السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين، حيث استقر في الفكر السياسي العالمي أن القدرة الاقتصادية التنافسية للدولة قد وصلت إلى قمة مكونات الأمن القومي، ولم تعد تنتمي فقط إلى السياسات الاقتصادية، واتضح ذلك جلياً في تجارب دول آسيا والبرازيل التي صعدت بتنمية اقتصادية وفق مشروع قومي متكامل من جانبيه السياسي والاقتصادي.

 

 


 

   

رد مع اقتباس