عرض مشاركة واحدة

قديم 12-07-09, 07:51 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مسألة الحرب بقوات قليلة العدد والصراع بين المدنيين والعسكريين




إن القوات الأمريكية بصدد التركيز بشكل متزايد على الوسائل العسكرية التي تستبعد أي احتكاك مباشر بين عناصرها وعناصر المقاومة. لا يمثل ذلك في ذاته تغييرا في عقائد الجيش الامريكي، بل تأكيدا لها، فقد أصبح كما هو معروف التقليل إلى الحد الأقصى في الخسائر البشرية الأمريكية ضرورة اساسية في ذهنية القادة العسكريين الامريكيين منذ زمن ليس بالقريب وخاصة اثر خسائرهم الهائلة في حربي كوريا والفيتنام.

وعموما يمكن رد جذور هذه الذهنية بشكل أشمل إلى تزامن تعاظم القوة العسكرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها مع تراجع حل المشاكل الدولية من خلال الهيمنة العسكرية وهو ما تجسد بشكل خاص مع انهيار قوي الاحتلال العسكري المباشر اثر الحرب.

ومنذ ذلك الحين حتى وقت قريب اعتمدت مراكز القرار الامريكية على استراتيجية ترى في تفوقها العسكري عاملا ردعيا وليس وسيلة لمباشرة الهيمنة بشكل فرضي. فحتى الحرب على كوريا ثم الفيتنام لم ترق إلى رؤية إستراتيجية شاملة كما هي الحال مع الحرب على العراق، والتي تمت ضمن رؤية المحافظة الجديدة معلنة تتبنى رؤية إستراتيجية جديدة تعتمد أسلوب الحرب الاستباقية .

كما تضافرت عوامل أخرى لجعل الحملة على العراق بشكل خاص مقيدة بضغوط أكبر للتقليل من الخسائر البشرية الأمريكية، لكن بضغط من القادة المدنيين بشكل خاص هذه المرة.

حيث تركزت الخطة العسكرية الامريكية ضد العراق على اساس العقيدة الجديدة التي يحاول وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد ونائباه والمستشاران المحافظين الجدد المقربان منه فرضها على القادة العسكريين منذ وصوله في كانون الثاني (يناير) 2001 الى البنتاغون. وتتمثل هذه العقيدة الجديدة أساسا في الهجوم والانتصار من خلال الاعتماد من الناحية الكمية على الحد الادنى من العنصر البشري فى ميدان المعركة .

وتدفع هذه الرؤية التي صاغها أســــاسا احد المستشارين الأساسيين لرامسفيلد اندرو كريبينفيتش (Andrew Krepinivich) بالتركيز على الهجمات الصاروخية المختلفة.

والنتيجة الأساسية لهذه الرؤية هي الهجوم والاحتلال العسكري بقوات قليلة العدد، وفعلا لا تتجاوز القوات الأمريكية في العراق 150 ألف جندي. كما اعتمدت الخطة الأمريكية للهجوم على العراق بشكل مكشوف على خيار استسلام القوات العراقية ولهذا فقد تجنبت المواجهة المباشرة وعملت على تأخيرها من خلال تجنب الطرق المؤدية للقوات العراقية وعدم الدخول في اشتباكات برية حتى ضمان استسلام القوات العراقية.


صراع الاراء قبل الحرب وبعدها.


وقد شكلت هذه النقطة محورا أساسيا لصراع الاراء داخل الاوساط العسكرية الامريكية قبل الحرب إلى الآن. وترجع هذه المسألة لتطفو على السطح الاعلامي كلما تصاعدت المقاومة العراقية، وهو ما يعكس شدة المعارضة التي يلقاها القادة المدنيون للبنتاغون من قبل العديد من القيادات العسكرية المخضرمة والتي ترى نفسها بصدد تكرار التجربة الفيتنامية متى كان القادة العسكريون على الميدان يتلقون أوامرهم مباشرة من واشنطن.

علينا هنا ان نلاحظ ان هذا الصراع لا يتعلق بالحرب على العراق فحسب بل هو سابق لها، كما يتميز بمواجهة صامتة ولكن عنيفة اتهم فيها في السنوات الأخيرة رامسفيلد وخاصة كريبينيفتش القادة العسكريين بـ التخلف الثقافي (في حوار قبل وصول الرئيس بوش الي سدة الرئاسة مع قناة بي بي اس PBS بداية سنة 2000 )، كما ان التوتر بين الأخير والنخبة العسكرية الأمريكية يرجع إلى بداية التسعينات حينما قوبلت آراؤه بتحميل القادة العسكريين في الفيتنام مسؤولية الهزيمة بردود رافضة (دورية غلوبال سكوريتي سنة 1990) في شكل دراسات أكاديمية من قبل بعض القيادات العسكرية.

وقد تم الضغط بشكل واسع أثناء الحملة على أفغانستان وبداية التحضير لضرب العراق من اجل ترويض القيادات العسكرية خاصة في ظل آراء ترى تقاربا بين مجموعة من القادة العسكريين المخضرمين بدفع من قادة عسكريين خارج الخدمة بمن في ذلك وزير الخارجية كولن باول.

وهدف هذا الضغط بشكل واضح لرضوخ هذه القيادات العسكرية للقيادات المدنية الجديدة وذلك بالدفع في اتجاه حملة فكرية وإعلامية تحت شعار أولوية قرار القيادات السياسية على القيادات العسكرية، وهو ما روج له بشكل خاص المحلل العسكري النافذ والمقرب من مجموعة المحافظين الجدد ايليوت كوهين (Eliot Cohen) بداية سنة 2002 حين نشر كتابه القيادة العليا الذي يدافع فيه بشكل قوي عن الأهمية القصوى للدور القيادي للقادة الميدانيين على حساب القادة العسكريين.

وبلغت الحملة ذروتها بالترويج الإعلامي مباشرة اثر ذلك بأن الرئيس الأمريكي متأثر بشدة بالآراء الواردة في مؤلف كوهين.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس