عرض مشاركة واحدة

قديم 28-05-09, 07:54 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

إدارة الحرب

بالرغم من أن لا حرب تجري في النهاية كما خطط لها، وأن إدارة الحرب هي شأن متغير، فيمكن القول إن سلوك الأطراف الرئيسة التي لعبت دوراً مباشراً، أو دوراً ملموساً وإن غير مباشر، في هذه الحرب (إسرائيل، حماس والجهاد وقوى المقاومة الأخرى، السلطة الفلسطينية، مصر وعدة دول عربية أخرى، الولايات المتحدة والقوى الدولية الأخرى) قد اتسم بملامح رئيسية خلال أسابيع الحرب الثلاثة.

الدولة العبرية

السياق العسكري

بدأت الهجمة الإسرائيلية على القطاع بغارات استهدفت مقارَّ ومعسكرات الأجهزة الأمنية، وبعض مقار حركتي حماس والجهاد المعروفة للإسرائيليين.
أوقعت غارات اليوم الأول خسائر ملموسة في الجانب الفلسطيني، سواء بين صفوف خريجين جدد لقوات الشرطة، كانوا يحتفلون بتخرجهم، أو في مواقع أخرى للشرطة والقوة التنفيذية. إن كان الإسرائيليون أرادوا في ضربة الحرب الأولى إصابة عناصر قيادية وكوادر بارزة من حماس وقوى المقاومة، فإنهم لم يحققوا ذلك الهدف.

ثم تصاعدت الهجمة لتطال كافة مقار الحكم، ومساجد ينشط فيها الإسلاميون أو يعتقد بأنها تستخدم كمخازن للسلاح أو أطلقت صواريخ من جوارها أو أسطحها. كما تعرضت منطقة الأنفاق بين قطاع غزة ومصر لقصف شديد.

قد أخذت الغارات في استهداف عدد من منازل قيادات المقاومة، ونجحت في اغتيال نزار ريان، أحد قادة حماس الرئيسيين، الذي رفض مغادرة منزله، وفي اغتيال قيادي حماس ووزير داخلية حكومتها، سعيد صيام، في غارة على منزل شقيق له، كان في زيارته، ويعتقد أنها شنت بمساعدة من عملاء على الأرض.

وتطور الهجوم الإسرائيلي خلال الأسبوع الأول من الحرب إلى اختراقات برية محدودة، بهدف تقطيع أوصال القطاع، من ناحية، والتمركز في المناطق الخالية من السكان، حول المدن الرئيسية، سيما مدينة غزة والمنطقة الشمالية من القطاع، من ناحية أخرى.

في المرحلة الثانية من الهجمة (3 يناير/ كانون ثاني)، بدأت القوات الإسرائيلية في تعهد اختراقات أكبر للمناطق السكانية الرئيسة من مواقع تمركزها السابقة، بهدف تدمير قواعد عسكرية ومراكز تحكم لقوى المقاومة، وجذب أكبر عدد ممكن من المقاومين إلى مواجهة غير متكافئة. وقد استخدم الإسرائيليون في هذه الاختراقات الطائرات النفاثة والمروحية بكثافة.

ولتجنب الطرق الرئيسية التي قامت المقاومة بتفخيخها، قامت القوات الإسرائيلية بشق طريقها وسط الأحياء والمنازل، مستخدمة معدات تدمير وشق طرق ثقيلة. فأدت الهجمات الإسرائيلية إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، سيما أن قطاع غزة من أكثر المناطق في العالم اكتظاظاً بالسكان، وإلى تهجير عشرات الآلاف من السكان الذين دمرت منازلهم.

نجح الإسرائيليون في شق قطاع غزة عند محور نتساريم إلى نصفين، كما نجحوا في محاصرة مدينة غزة في شكل جزئي. وفي الأسبوع الأخير من الحرب، كانوا قد حققوا اختراقات في جباليا وبيت لاهيا وفي شرقي مدينتي رفح وخانيونس (وهي المناطق التي اعتقد الإسرائيليون أنها مراكز إطلاق الصواريخ)، كما دخلت الوحدات الإسرائيلية المدرعة أحياء الزيتون وتل الهوى وأطراف الشيخ عجلين في مدينة غزة.

وبالرغم من أن تل الهوى لا يبعد كثيراً عن وسط المدينة ومراكزها الرسمية، إلا أن القوات الإسرائيلية لم تتقدم أبعد من ذلك. وربما كان السببُ خلف ذلك القرار الخوفَ من وقوع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وفي صفوف المدنيين، تساهم في انقلاب الرأي العام الإسرائيلي، وفي تعميق واتساع ردة الفعل العالمية؛ أو أن السيطرة الكاملة على المدينة كان يعني إطالة مدة احتلال القطاع، وهو الأمر الذي لم ترغب القيادة الإسرائيلية السياسية في العودة إليه.

ونظراً لغموض الأهداف المباشرة للحملة العسكرية، وضآلة الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية، فقد كان بإمكان القيادة الإسرائيلية أن تعلن وقف إطلاق النار من طرف واحد، بعد ثلاثة أسابيع من بدء الحملة، وأن تدعي تحقيق النصر. الحقيقة، أن نتائج الحرب العسكرية الملموسة، لم تشر إلى متغيرات جوهرية في وضع القطاع العسكري أو السياسي.

السياق السياسي


قادت الحكومة الإسرائيلية المصغرة معظم مراحل الحرب، سياسياً وعسكرياً؛ ولكن القرار في النهاية كان محصوراً بالثلاثي أولمرت، ليفني، وباراك.
والواضح أن القيادة الإسرائيلية قررت بدء الحملة قبل تولي أوباما الرئاسة في واشنطن، نظراً لأنها كانت تثق في دعم إدارة بوش ولم تكن تريد مفاجأة الرئيس الجديد بحرب في الشرق الأوسط. ولذا، فالأرجح أن الحملة خطط لها أصلاً لأن تستمر لأسابيع قليلة فقط، وليس من الصحيح أن القيادة الإسرائيلية اضطرت إلى وقف إطلاق النار لتفسح المجال الإعلامي لتولية الرئيس الأميركي الجديد.

مهما كان الأمر، فقد ارتكب الإسرائيليون خطأً بارزاً خلال التحضير للحرب، تمثل في زيارة رئيس الوزراء أولمرت، قبل أيام قليلة من بدء الحرب، للعاصمة التركية أنقره، حيث تركزت المباحثات مع رئيس الوزراء التركي حول التقدم بمباحثات السلام الإسرائيلية – السورية، التي تلعب تركيا دور الوسيط والمضيف لها.

عندما بدأت الحرب، وأخذت وسائل الإعلام في بث مشاهد الضحايا والدمار، رأت القيادة التركية أن أولمرت استخدم زيارته لأنقره لتغطية مخطط الحرب، مما اعتبر إهانة بالغة للدولة التركية.

المفارقة، أن الزيارة المشابهة التي قامت بها وزيرة الخارجية ليفني للقاهرة، قبل يومين فقط من الحرب، وتمحورت كما أعلنت القاهرة حول الوضع في قطاع غزة، والجهود المصرية لتهدئة الأوضاع، لم تثر ردود فعل مشابهة من الحكومة المصرية.
كانت الحكومة الإسرائيلية قد شكلت عدداً كبيراً من طواقم العلاقات العامة، التي كلفت بالاتصال بكافة وسائل الإعلام الغربية، لتقديم وجهة النظر الإسرائيلية وتبرير الحرب، باعتبارها خياراً اضطرت إليه الدولة العبرية للدفاع عن مواطنيها ضد صواريخ المنظمات الإرهابية التي تتحكم بقطاع غزة.

ولم يكن الخطاب الذي وجهه الإسرائيليون لأهالي القطاع مختلفاً كثيراً؛ فقد قيل للفلسطينيين إن الحرب التي يتعرضون جاءت نتيجة لسياسات حماس، وأن الدولة العبرية تعمل على مساعدة السلطة الفلسطينية؛ ودعا المسؤولون الإسرائيليون أهالي القطاع للإطاحة بحكومة حماس. ولكن ما إن اتضح أن أهالي القطاع يقفون خلف قوى المقاومة وضد العدوان، وأن صوتاً لم يصدر لانتقاد حماس، حتى تغير الخطاب الإسرائيلي وأصبح أكثر سفوراً في توكيده على تركيع قطاع غزة.

رفض الإسرائيليون، خلال زيارة ليفني لباريس (1 يناير/ كانون ثاني)، الاستجابة لدعوة الرئيس الفرنسي ساركوزي إعلان هدنة مؤقتة، للسماح بمرور قوافل الإغاثة والمعونات الطبية للقطاع؛ ولكن الواضح أن الإسرائيليين كانوا مطمئنين لموقف الدول الأوروبية الرئيسة، على الأقل إن لم تستمر الحرب طويلاً.
ولكنَّ الإسرائيليين، الذين فوجئوا كما يبدو برد فعل الرأي العام العربي والعالمي، سرعان ما سمحوا بالفعل بمرور بعض العون الطبي من الجانب المصري. كما أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية معارضتها وجود قوات رقابة دولية في قطاع غزة، تماماً كما كانت قيادة حماس والجهاد وقوى المقاومة الأخرى أعلنت رفضها لوجود هكذا قوات.

الغموض الذي شاب الأهداف المباشرة للحملة على القطاع، شاب أيضاً الإدارة السياسية الإسرائيلية لمجريات الحرب. فما إن أعلن الرئيس المصري الخطوط العامة للمبادرة المصرية، حتى أظهر الإسرائيليون استعداداً للتعامل مع المبادرة، بدون أن يحددوا موقفاً صريحاً منها، وما إن كانوا ينتظرون تحقيق أهداف بعينها، أهدافا عسكريةً أو من خلال التفاوض.

وقد كلفت الحكومة الإسرائيلية عاموس جلعاد، مساعد وزير الدفاع للشؤون السياسية، بإدارة المفاوضات مع القاهرة. ولكن ما إن اتضحت ملامح التحرك المصري حتى بدأ الخلاف بين أعضاء القيادة الإسرائيلية الثلاثية حول ما إن كان من الأفضل للدولة العبرية الوصول إلى اتفاق تهدئة طويلة ومفتوحة زمنياً (باراك)، أو عدم السعي لاتفاق تهدئة وإبقاء القطاع تحت تهديد الرد الإسرائيلي المستمر على كل إطلاق للصورايخ (ليفني).

بيد أن القيادة الإسرائيلية لم تعط أهمية خاصة للجهد المصري التفاوضي، ولم يكن ثمة ارتباط منطقي بين القرار الإسرائيلي بوقف إطلاق النار، الذي أعلن في شكل منفرد، وبين نتائج الوساطة المصرية بين حماس، من جهة، والمفاوض الإسرائيلي، من جهة أخرى.

وخلال شهر من نهاية الحرب، وبعد جهود مصرية كبيرة للتوصل مع حماس إلى اتفاق تهدئة مُرْض للجانب الإسرائيلي، أعلن أولمرت ربط المفاوضات حول التهدئة بالإفراج عن الأسير الإسرائيلي لدي حماس، موحياً باستعداده ترك الملف بكامله للحكومة الإسرائيلية القادمة. وقد لجأ الإسرائيليون إلى الولايات المتحدة وأوروبا لتوفير الإطار السياسي لوقف الحرب.
فبعد يومين من إعلان الدولة العبرية وقفَ إطلاق النار وبدء الانسحاب من قطاع غزة، وقعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ووزيرة الخارجية الأميركية بروتوكول تفاهم في واشنطن (19 يناير/ كانون ثاني)، تعهدت فيه إدارة بوش بالعمل على منع تهريب السلاح إلى قطاع غزة. وبدا وكأن هذا الاتفاق كان الإنجاز السياسي الأهم للحرب.

وبعد ثلاثة أيام (22 يناير/ كانون ثاني)، وصل إلى الدولة العبرية وفد القادة الأوروبيين، في محطتهم الثانية بعد شرم الشيخ، حيث أكدوا من جانبهم على العمل على وقف تهريب السلاح للقطاع، مؤكدين بالتالي على توفير هذا الغطاء السياسي للقرار الإسرائيلي بوقف النار والانسحاب.

خلال أيام قليلة، كانت سفن أوروبية وأميركية قد بدأت في اعتراض سفن مشتبه بها في البحرين المتوسط والأحمر، وقد أوقفت بالفعل سفينة قبرصية تحمل سلاحاً خفيفاً إيرانياً. ولكن من المؤكد أن السفينة لم تكن في طريقها إلى قطاع غزة. كما أنه من المشكوك فيه أن سلاحاً قد هرب للقطاع عن طريق البحر في السابق.

والتساؤل عن قانونية قيام سفن أميركية أو أوروبية باعتراض سفن أخرى في المياه الدولية هي ليس بالتأكيد شأناً فلسطينياً على وجه الخصوص، إذ من المفترض أن تدافع دول المنطقة عن سيادتها وأمن خطوطها البحرية. وقد أشارت تقارير عديدة إلى أن إدخال السلاح للقطاع عبر الحدود مع مصر قد استمر بعد نهاية الحرب، كما كان قبلها.

إضافة إلى الشواهد على أن القيادة الإسرائيلية وضعت في حسابها احتمال توجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة منذ صيف 2008، على الأقل، فقد كانت الحرب على القطاع شأناً بسيطاً نسبياً من الوجهة السياسية.

فالحرب موجهة ضد منطقة محدودة، وضد طرف سياسي واحد، يعيش تحت حصار دولي ولا يتمتع بعلاقات حسنة مع عدد ملموس من الدول العربية. وكان يفترض بالتالي أن تكون الإدارة السياسية الإسرائيلية للحرب بالغة الكفاءة والوضوح. ولكن تلك لم تكن الصورة الذي أظهرتها القيادة الإسرائيلية للحرب. فكما لم تعلن أهداف الحرب على وجه التحديد، لم يعرف لماذا، وعلى أية أسس، أخذت القيادة الإسرائيلية قرار نهاية الحرب.

وقد اتسمت علاقات الثلاثي الإسرائيلي طوال أسابيع الحرب (وبعدها) بالتنافس والاختلاف. في الطريق، كانت صورة الدولة العبرية في العالم قد اهتزت، وعلاقاتها بتركيا قد أصابها عطب عميق، وعلاقاتها بمصر شابها قدر من فقدان الثقة، وقد استعاد قطاع غزة التضامن العربي الشعبي مع فلسطين كما لم يكن منذ عقود. نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية
من مواضيعي

   

رد مع اقتباس