عرض مشاركة واحدة

قديم 31-03-09, 07:10 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

متطلبات الحرب الخاطفة


ويرى الخبيران البريطانيان (فولر) و (هارت) أن الاختراق الأوّل للجبهة يجب أن يتم بواسطة التعاون الوثيق بين حشود المدرعات التي ترتكز على واجهة ضيّقة قد تصل إلى عدة كيلومترات، وبين القاذفات المقاتلة التي تقدّم دعماً تكتيكياً، إضافة إلى الدعم الجوي غير المباشر المتمثل في قصف خطوط مواصلات العدو ومراكزه الإدارية والقيادية في العمق العملياتي. وتتطلب عمليات الحرب الخاطفة درجة عالية من التفوّق الجوي وسرعة الحركة من ضباط يتحلّون بقدر كبير من الخبرة والمرونة، مع الاعتماد على عنصر المفاجأة وبطء رد فعل العدو، وضعف سيطرته الجوية، مع استغلال عامل السرعة في التخطيط والتنفيذ كسلاح نفسي لزلزلة العدو، وزرع الاضطراب والفوضى في هيكل أوضاعه الميدانية، علاوة على الغموض في عمقه ومؤخرته.


من أشهر عمليات الحرب الخاطفة


لعل من أشهر عمليات الحرب الخاطفة ما قامت به القوات الألمانية خلال مهاجمتها لأراضي الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، وعمليات الإنزال في (كوريا) عام 1950م، وعمليات الكيان الصهيوني في حروبه ضد العرب، وكلها باستثناء حرب أكتوبر 1973م كانت معتمدة على الضربة الإجهاضية والمباغتة، ثم نقل المعركة إلى أرض العرب، وقد ظهر ذلك جليّاً في حرب عام 1967م، التي شنّتها إسرائيل بحجة احتشاد القوات العربية على حدودها وسحب القوات الدولية، أما في حرب أكتوبر 1973م، فقد شملت الموجة الأولى من هجوم الطيران المصري أكثر من (200) طائرة، والهجوم السوري ما يقرب من مئة طائرة، وتحقق النصر للعرب، لأنهم أخذوا زمام المبادأة.


ثانياً: الحرب الشاملة


تحاول الجيوش تحقيق الحسم عن طريق الحشد في ميدان المعركة، ولكن ظهور الحرب الشاملة المزوّدة بأسلحة الثورة الصناعية وأحدث التكنولوجيات جعل من العسير تطبيق ذلك المبدأ، حيث إن قوة الفتك التي تتميز بها الأسلحة الجديدة أصبحت قادرة على تحقيق التدمير الشامل، كما اتضح أن حشد الجيوش يجعل منها لقمة سائغة للعدو بمجرد اكتشافها، وتحديد مواقعها، إضافة إلى صعوبة توفير الإمداد والتموين للجيوش كبيرة الحجم لمدة طويلة.
وتُعرف الحرب الشاملة بأنها: "الحرب التي لا تفرِّق بين الجبهة والداخل، وتطبع جميع نواحي وأنشطة الحياة بطابعها، فهي لا تفرِّق بين الحرب العسكرية على الحدود والحرب على الجبهة الداخلية التي تشمل الناس، وطرق المواصلات، والجسور، والموانئ، والمرافق".
وفي الحرب الشاملة، تستغل الحرب النفسية من أجل زعزعة معنويات المدنيين والعسكريين بضرب المدن والعواصم، حتى تضطر الخصم إلى سرعة الاستسلام، كما تُسخَّر فيها كل الأسحلة والمخترعات العلمية من طائرات، وحاملات طائرات، وغواصات، ومظليين، وحتى القنابل الذرية في خدمة المعارك، إضافة إلى الحرب الاقتصادية التي يتم فيها القصف الجوي للمراكز الصناعية بهدف تدمير القاعدة الاقتصادية التي يعتمد عليها المجهود الحربي لدى العدو، في الوقت الذي يتم فيه تجنيد جميع الموارد البشرية والاقتصادية والتكنولوجية للدولة، لتوفير متطلبات الحرب الشاملة.
وتعتبر الحرب العالمية الثانية أوضح مثال للحرب الشاملة، وأكثرها كلفة في تاريخ البشرية، وذلك نظراً لاتساع رقعة الحرب وتعدد مسارح المعارك، وسقوط ما يقرب من خمسين مليوناً من الضحايا بين عسكريين ومدنيين، وقد بدأت هذه الحرب بنزاع دولي في آسيا في يوليو من عام 1937م، وانتقلت إلى أوروبا في سبتمبر 1939م، ثم انتهت في عام 1945م باستسلام اليابان وهزيمة دول المحور وانتصار الحلفاء.
وقد نشبت الحرب العالمية الثانية لأسباب عديدة، أبرزها: هجوم ألمانيا على بولندا، وماتلاه من إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا، و إصرار ألمانيا على تطبيق نظرية (المجال الجوي) التي ترى أن ألمانيا ينبغي أن تتوسع على حساب شعوب أوروبا الشرقية، وتستغل طاقاتهاومواردها البشرية، وذلك نظراً لتفوّق الجنس الآري وبخاصة الألمان بالإضافة إلى ضعف عصبة الأمم، وانهيار مبدأ الأمن الجماعي على يد اليابان، وألمانيا، وإيطاليا، إضافة إلى قسوة شروط معاهدة (فرساي) تجاه ألمانيا التي شعرت بالإذلال، فحاولت التخلُّص من شروطها.

 

 


   

رد مع اقتباس