عرض مشاركة واحدة

قديم 07-10-09, 02:08 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي الحرب الإلكترونية -الجزء الاول



 


الحرب الإلكترونية -الجزء الاول


مقدمة


يُعد ظهور ثورة تكنولوجيا الإلكترونيات واستخدامها في الأغراض العسكرية، نقطة تحول كبيرة؛ سواء في فن الحرب، أوفي إدارة الصراع المسلح، فقد أخذت أسلحة القتال الحديثة ومعداته مكان الصدارة في حسم أي صراع مسلح، وخاصة أسلحة الهجوم الجوي الحديثة؛ لاعتمادها على نظم السيطرة والتوجيه الإلكتروني، التي تمكنها من تنفيذ المهام المطلوبة منها بكفاءة وإصابة أهدافها بدقة عالية؛ نظراً لاستخدامها نظم ووسائل الكشف، والتوجيه، والتحكم، وقيادة النيران وتصحيحها لاسلكياً، ورادارياً، وحرارياً، وليزرياً، وتليفزيونياً، وهي النظم التي يستوي تشغيلها واستخدامها ليلاً ونهاراً. هذا إضافة إلى النظم الحديثة والمتقدمة للتصوير التليفزيوني باستخدام آلات التصوير ذات الحساسية العالية، التي يمكنها العمل في مستوى الضوء المنخفض بكفاءة ودقة عاليتين.

ومع دخول المعدات الإلكترونية الحديثة، واستخدامها بتوسع في الجيوش الحديثة بصفة عامة، وفي القوات الجوية بصفة خاصة؛ سواء في أسلحة الهجوم الحديثة، أو في نظم السيطرة الآلية على القوات ووسائلها من أجهزة وحاسبات آلية. وانطلاقاً من اعتماد أسلحة القتال الحديثة على النظم والوسائل الإلكترونية، فقد أظهرت العمليات الحديثة في حرب فيتنام، وحرب أكتوبر 1973، وحرب فوكلاند، وحرب الخليج الثانية، وحرب البلقان، الدور الذي يمكن أن تؤديه الحرب الإلكترونية؛ بوصفها سلاحاً مضاداً يمكنه التأثير بفاعلية على الحد من إمكانات هذه الأسلحة والمعدات في ساحة القتال؛ لما تتميز به الحرب الإلكترونية من القدرة على تنفيذ أعمال الاستطلاع، والإعاقة الإلكترونية بأنواعها المتعددة، ضد نظم السيطرة ووسائلها، والكشف والتوجيه الإلكترونية لهذه الأسلحة.

ولما كانت إستراتيجية القوات المسلحة، في كل دول العالم، قد تأسست على إمكانية تحقيق النصر على العدو بكل الوسائل المتيسرة لديها، وبما أن الحرب الإلكترونية عُدّت إحدى صور الصراع التكنولوجي، التي تؤدي أعمالها القتالية إلى إيجاد الظروف المناسبة للقوات المسلحة لتحقيق هذا النصر، لذا فإن الحرب الإلكترونية أصبحت في مقدمة تلك الوسائل؛ بل أصبحت في مقدمة الموضوعات التي يعكف العسكريون على دراستها، كما تعكف مراكز البحوث العلمية والفنية على تطويرها، وتحديثها، باستمرار؛ لمواجهة التهديدات الإلكترونية لأسلحة القتال الحالية والمستقبلية.

وانطلاقاً من هذا المفهوم، فقد تعاظم دور الحرب الإلكترونية لتشكل البعد الرابع بين أسلحة القتال البرية، والبحرية، والجوية والدفاع الجوى، في التأثير بفاعلية على كفاءة هذه النظم الإلكترونية. لذلك سارعت دول العالم إلى تسليح مختلف أنواع قواتها بوسائل الحرب الإلكترونية.

المبحث الأول: الحرب الإلكترونية: نشأتها، وتطورها، ومفهومها

عند تتبع تاريخ نشأة الحرب الإلكترونية في العالم، نجد أن جذورها تعود لما قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، فقد بدأت الاتصالات بين أرجاء العالم المختلفة باستخدام المواصلات السلكية مـن طريق المورس "جهاز البرق الصوتي" عام 1837؛ ولم يتحقق أي اتصال آخر في ذلك الوقت إلا من طريق تبادل المراسلات؛ باستخدام السفن في نقل الرسائل بين الموانئ البحرية.

منذ اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية، في أبريل 1861، كانت خطوط التلغراف هدفاً مهماً للقوات المتحاربة؛ إذ كان عمال الإشارة يتداخلون على خطوط المواصلات السلكية، من طريق توصيل هاتف على التوازي مع كل خط من هذه الخطوط؛ للتنصت على المحادثات؛ ولهذا السبب، كان كل جانب يقطع المواصلات الخطية عند عدم الحاجة إليها، حتى لا يتداخل عليها الطرف الآخر.

ثم كانت بداية استخدام الاتصال اللاسلكي في عام 1888 مع الألماني هرتز Hertz. وفي منتصف عام 1897 استطاع "ماركوني" Guglielmo Marconi المهندس والمخترع الإيطالي من تطوير جهاز لاسلكي يناسب الاستخدام في البحر. ثم استخدم اللاسلكي في أعمال الاتصالات بالمسرح البحري الأوروبي في عام 1901.
ونتيجة لتزايد الاستخدام اللاسلكي، كان طبيعياً أن تظهر الشوشرة على الاتصالات اللاسلكية، وكانت في البداية شوشرة طبيعية، نتيجة لكثرة استخدام الأجهزة اللاسلكية، وهو ما يعرف بالتداخل البيني للموجات الكهرومغناطيسية عند إشعاعها بكثافة عالية في مساحة محددة، أو في مناطق مغلقة، مثل المضايق والممرات الجبلية.
ومن هنا بدأ التدريب على العمل في ظل الشوشرة نتيجة الاستخدام اللاسلكي المكثف، ثم بدأ الاستخدام المتعمد للشوشرة؛ لإعاقة الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات العسكرية المعادية؛ لإرباكها وشل سيطرتها على قواتها وأسلحتها.

وفي عام 1904 قصفت السفينتان اليابانيتان الحربيتان "كاسوجا ونيشين" القاعدة البحرية الروسية في ميناء "آرثر" Arthur، وكانت معهما سفينة صغيرة تصحح النيران باستخدام الراديو "اللاسلكي"، وسمع أحد عمال "الإشارة" الروس، بالمصادفة، تعليمات تصحيح النيران، فاستخدم جهاز إرساله اللاسلكي في إعاقة الاتصال الياباني بالضغط على مفتاح الإرسال على تردد الشبكة اليابانية نفسها، مما عطل بلاغات تصحيح النيران من أن تُبّلغ لمدفعية السفينتين؛ وهكذا، لم ينتج عن هذا القصف البحري سوى إصابات طفيفة، لعدم دقة النيران في إصابة أهدافها.
وحتى عام 1905، وخلال المعارك بين السفن اليابانية والروسية، استخدمت السفن الروسية الأسلوب نفسه ضد الشبكات اللاسلكية اليابانية، وانعكس ذلك في أن السفن الروسية استطاعت إخفاء اتصالاتها، قدر الإمكان، من طريق تقليل فترات استخدام اللاسلكي لأقل فترة ممكنة، وبأقل قدرة إشعاع لاسلكي تحقق الاتصال المطلوب، وكانت السفن الروسية تتنصت وتراقب الإرسال اللاسلكي الياباني، ثم تشوّش عليه أثناء القصف بهذا الأسلوب نفسه.
وفي عام 1906 استطاع مكتب معدات البحرية الأمريكية من استحداث جهاز تحديد اتجاه لاسلكي؛ لخدمة الملاحة البحرية في البحر، وهو ما يعرف باسم "المنارة اللاسلكية" لإرشاد السفن، وتحديد مواقعها، وخطوط سيرها، مما كان له أثر كبير في مجالات الحرب الإلكترونية فيما بعد.

 

 


 

   

رد مع اقتباس