عرض مشاركة واحدة

قديم 17-10-09, 11:13 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

دور المؤسسة العسكرية في صناعة السياسة الإسرائيلية

من جانبه، بحث أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم التطبيقية د. نظام بركات في دور المؤسسة العسكرية في صناعة السياسة الإسرائيلية، وذلك من خلال تتبع مسار نشأتها الذي يعود إلى مرحلة ما قبل قيام إسرائيل عام 1948م، وبحث العوامل التي أسهمت في تنامي دورها، وتلك التي حدّت منه، وصولاً إلى دراسة تأثيرها في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية المختلفة.
يعتبر د. بركات أن دور المؤسسة العسكرية لا يقتصر فقط على الجيش والقوات المسلحة مثل الدول الأخرى، وإنما يتعداهما ليشمل عدة مؤسسات وجماعات داخل المجتمع الإسرائيلي، كوزارة الدفاع، والجيش، ومجموعة المؤسسات المرتبطة بها كالأجهزة الأمنية وحرس الحدود، وأجهزة المخابرات العسكرية والسياسية، ومعاهد الدراسات الإستراتيجية، والصناعات العسكرية، والمفاعلات النووية، والمستوطنات العسكرية، إضافة إلى منظمات الشباب، ومنها الجدناع والناحال.
وبحسب الباحث، فإن المؤسسة العسكرية "تتمتع بدرجة كبيرة من الاستمرارية والتكيف والاستقلالية والتماسك"، إلى جانب القدرة على التغلغل في كافة المناحي الحياتية الإسرائيلية، مسلطاً الضوء على دورها في بلورة النظرية الأمنية الإسرائيلية وترسيخ الاعتقاد بأهمية القوة العسكرية في تحقيق أهداف إسرائيل.
يجد الباحث أن ثمة عوامل عديدة أسهمت في تنامي دور المؤسسة العسكرية، تكمن في حالة إسرائيل الأمنية، والعقيدة الصهيونية والتراث الثقافي اليهودي اللذين يركزان على أهمية القوة والقتال في تحقيق الأهداف الصهيونية، مثلما يضفيان أهمية كبيرة للقوة والنخب العسكرية في إدارة الصراع، إضافة إلى تفكك المجتمع الإسرائيلي وعدم تجانسه، والصلاحيات الواسعة الممنوحة للمؤسسة العسكرية لمواجهة الأزمات، إلى جانب دور العسكريين (المسرحين) في دعم تلك المؤسسة.
في المقابل هناك عوامل أخرى تحدُّ من دور المؤسسة العسكرية تتمثل في استقرار النظام السياسي، وقدرة المؤسسات السياسية على استيعاب العسكريين بعد تركهم للخدمة مما حال دون تشكيلهم قوة ضاغطة منعزلة، إضافة إلى نفاذية الحدود بين المؤسسة العسكرية والسلطة السياسية، والتوجهات السلمية في المنطقة، وتراجع أهمية المؤسسة العسكرية في ظل زوال التهديد الناتج عن الصراع العربي الإسرائيلي، وظهور اتجاهات جديدة للسياسة الإسرائيلية في السيطرة الاقتصادية والسياسية على المنطقة ضمن مقولات "الشرق الأوسط الجديد" أو "الموسع"، وتعميق حدة الانقسام بين معسكري السلام والحرب في إسرائيل، إلى جانب الانتكاسات التي منيت بها المؤسسة العسكرية أخيراً.
ومع ذلك، فإن الباحث يعتقد بأهمية الدور المركزي والفاعل الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في النظام السياسي الإسرائيلي رغم محاولة المسؤولين الإسرائيليين التقليل منه، وهو الأمر الذي يظهر- بحسبه- في سيطرتها على أجهزة الاستخبارات وجمع المعلومات، وفي سيطرتها على مراكز الدراسات الإستراتيجية المسؤولة عن وضع التقديرات وصياغة البدائل لصانعي القرار، ودورها في وضع المبادئ العامة لسلوك الدولة داخلياً وخارجياً، ومشاركتها في الإجراءات والترتيبات السلمية والأمنية مع الدول المجاورة. وتلعب المؤسسة العسكرية أيضا دوراً فاعلاً في المجال الأمني من خلال بلورة نظرية الأمن القومي، وبناء القوات العسكرية، وإعدادها للحرب، والمحافظة على درجة استعدادها للقيام بالمهام التي توكل إليها من قبل السلطة السياسية، إضافة إلى تأثيرها البارز في المجالين الاجتماعي والاقتصادي.
يخلص الباحث مما سبق إلى أنه بالرغم من تعرض مكانة المؤسسة العسكرية للتهديد بفعل الدعوات المتلاحقة لإصلاحها بعد موجات الفشل التي منيت بها أخيراً، إلا أن المؤسسة ستعمل على إبقاء باب الحل العسكري مفتوحا حتى ولو كان ذلك من خلال عمليات عسكرية مفتعلة ومحدودة لضمان وحدة المجتمع والقوى السياسية الإسرائيلية. ويشير إلى أن الأحداث الأخيرة أظهرت قدرة المؤسسة العسكرية على التحكم في إدارة الصراع، غير أن ثمة اتجاهات حديثة تتجه نحو زيادة تأثير السلطة السياسية وتحكمها في سلوك العسكر، مما دفع المؤسسة العسكرية إلى الاستخدام المكثف للأسلحة التقليدية للاستعاضة عن عدم قدرتها على استخدام الأسلحة المتطورة.
ويرى الباحث أن "المرحلة الأخيرة ضخمت التوجه لدى الشباب الإسرائيلي لرفض الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة، ومطالبتهم بالعيش برفاهية كحال معظم الدول المتقدمة، فيما يزال النقاش دائرا في الداخل الإسرائيلي حول دور المؤسسة العسكرية ومكانتها في صنع القرارات، خاصة في ظل غياب النصوص القانونية، وتنامي دعوات وضع القيود على تدخلاتها نتيجة اهتزاز الثقة بها بعد فشلها في تحقيق أهدافها الأمنية، وكذلك في ظل تراجع التهديدات بالحرب في المنطقة".
يعتقد الباحث بأن "قسماً من المجتمع الإسرائيلي توصل إلى نتيجة مؤداها أن استمرار الاحتفاظ بمؤسسة عسكرية ضخمة سيؤدي إلى زيادة أعباء الإنفاق العسكري وزيادة التضخم، وبالتالي لا خيار أمام إسرائيل سوى التخلي عن جزء من ميزانية الدفاع وتعويضه بزيادة الارتباط الإستراتيجي بالولايات المتحدة لتخفيف حدة التوتر في المنطقة من خلال الاندماج بالعملية السياسية".
الجلسة الثانية:
تداعيات صراع إسرائيل مع الفلسطينيين والعرب على مستقبل اقتصادها

تناول د. محمد صقر في دراسته البحثية تداعيات صراع إسرائيل مع الفلسطينيين والعرب على مستقبل اقتصادها، من خلال البحث في نشوء إسرائيل ودورها الاستراتيجي وتطورها الاقتصادي، وأثر الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، والعلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والعرب، إضافة إلى أثار الدعم الاقتصادي الخارجي والأمريكي ومستقبله.
تطرق الباحث في البداية إلى مفاصل تاريخية بارزة في عمر الصراع العربي – الإسرائيلي، مشيراً في ذلك السياق إلى العدوان الإسرائيلي عام 1948م الذي مكنها من السيطرة على حوالي 70% من فلسطين، فيما استكملت بعد حرب 1967م السيطرة على كامل التراب الفلسطيني، إلى جانب سيناء وهضبة الجولان والجنوب اللبناني، غير أن هذا الحال تغير مع حرب 1973م التي أضرت بالاقتصاد الإسرائيلي وأصابت المشروع الصهيوني بتراجع استراتيجي خطير.
ورأى الباحث أن إسرائيل استفادت اقتصادياً من التوسع العسكري، وحققت تقدماً اقتصادياً كبيراً خلال السنوات الستين الماضية، وأقامت أيضا علاقات اقتصادية مع مختلف قارات العالم، فيما لا تزال تتلقى الدعم من التبرعات السخية التي تقدمها الجاليات اليهودية وخصوصا في الولايات المتحدة، ومن بيع سندات التنمية والاستقلال التي تطرحها إسرائيل في الأسواق العالمية والتي يقبل اليهود على شرائها بشكل كبير، إلى جانب الدعم المالي الأمريكي الكبير الذي تقدمه على شكل هبات ومساعدات وقروض وتسميات عديدة أخرى.
يعتقد الباحث أنه إذا كان الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان قد أضعف من قدرات المقاومة هناك مقابل تمتع إسرائيل بقدر كبير من الطمأنينة والاستقرار اللذين مكَّناها من ترسيخ أقدامها في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلاّ أن الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في نهاية عام 1987م أثارت لديها- مجدداً- الهاجس الأمني، وألحقت باقتصادها الخسائر الفادحة، مقابل مردود إيجابي على الاقتصاد الفلسطيني.
ورغم أن الحال ما لبث أن تغير مع اتفاق أوسلو (1993م) الذي كان بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي بمثابة "طوق نجاة"، إلا أنه تعرض مجدداً لخسائر فادحة بسبب انتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28 أيلول (سبتمبر) 2000م، وبسبب المقاومة التي تصدت للعدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية في تموز (يوليو) من العام الماضي، فقد انخفضت السياحة بنسبة 54% في الربع الثالث من عام 2006م مقارنة بالفترة المماثلة في عام 2005م، وتقلص النمو الاقتصادي في عام 2007م إلى 3,8 بدلاً من 5,5% مثلما كان متوقعا، وتوقف النشاط الاقتصادي عموماً، ونزح أكثر من (1.5) مليون إسرائيلي إلى الداخل، وأخليت بلدات عديدة، وقدرت تكاليف الحرب بالنسبة لإسرائيل بمبلغ (24) مليار شيكل، أي ما يزيد على (5) مليارات دولار.
ورغم إحراز إسرائيل نموا اقتصاديا كبيرا، إلا أنها ستظل دولة مغتصبة صغيرة الحجم قليلة السكان، وسوقها المحلي ضيق، وهي كيان يعيش منذ بداية تكوينه التعسفي بمستوى أعلى بكثير من القدرات والموارد الاقتصادية التي اغتصبتها. وإن بقاء الدخل الفردي في مستوى عال- يضاهي أغنى الدول الصناعية ويتفوق على معظم الدول العربية كإستراتيجية لاجتذاب المهاجرين اليهود- لا يمكن أن يستمر إلا باعتماد إسرائيل على العون الخارجي، وبالذات الأمريكي الذي يقدر سنوياً بين (6 – 8) مليارات دولار.
وقد أثار هذا الاعتماد المالي الكبير المخاوف لدى عدد من السياسيين والإستراتيجيين الإسرائيليين، ورأوا في استمراره نوعا من العجز المزمن للاقتصاد، مما يبعده عن تحقيق هدف ما سمي بالاستقلال الاقتصادي، ومن ذلك تسعى إسرائيل إلى توسيع سوقها ضمن محيطها. وقد لفت الباحث إلى هذا بأن سلطات الاحتلال تمارس سياسة التقييد الاقتصادي ومصادرة الأراضي الزراعية للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، فيما عمدت منذ عام 1967م إلى إخضاع سوق الضفة الغربية وقطاع غزة لاقتصادها وإغراقهما بمنتجاتها والتحكم بالتصدير والاستيراد عبر المعابر، وتدمير الإنتاجية الفلسطينية.
أشار الباحث إلى أن قيمة التبادل التجاري مع الدول العربية بلغت حسب المصادر الإسرائيلية (190) مليون دولار صادرات إسرائيلية، ومبلغ (69) مليون دولار واردات إسرائيلية من الدول العربية عام 2006م، ويدخل ضمن دائرة المتعاملين مع إسرائيل بالإضافة إلى مصر والأردن منطقة الخليج وشمال أفريقيا.
ويرجح الباحث بقاء الدعم الأمريكي دون تغيير جوهري نظراً للتغيرات التي حدثت في حرب لبنان وفي غزة والفشل الذريع في العراق، وتنامي القدرة العسكرية بما يبقى إسرائيل احتياطا أمريكيا مهما.

التركيبة الاجتماعية وأثرها على الملامح الاجتماعية في إسرائيل

بحث د. خالد أبو عصبة في التركيبة السكانية وأثرها على الملامح الاجتماعية في إسرائيل حتى العام 2015م، مشيراً بداية إلى أن النمو الديموغرافي الإسرائيلي الذي يصل اليوم إلى ما يقرب من سبعة ملايين نسمة اعتمد- في الأساس- على الهجرة متعددة الطوائف والأصول العرقية غير المتجانسة، وليس على الزيادة الطبيعية، مما أثار إشكاليات وتناقضات حادة داخل إسرائيل لم تجد أجوبة وحلولا واضحة بعد، تتعلق بإشكاليات العلاقة بين الدين والدولة، وماهية الدولة، وهوية اليهودي.
طرح الباحث إشكالية عميقة بالنسبة لإسرائيل تتمثل في الهاجس الديموغرافي الذي يصاحبه عامل التركيبة السكانية والتوزيع السكاني في المناطق الجغرافية المختلفة، والتي ما زالت تحدث انشطارا وانقساما في المجتمع اليهودي بين مهاجري الغرب (الأشكناز) وبين ومهاجري الشرق (السفارديم) في جانب، وبين المجتمع المتدين (الحريديم) وبين العلمانيين في جانب ثان، وبين المهاجرين القدامى وبين المهاجرين الجدد (خاصة الهجرة الروسية من الاتحاد السوفييتي سابقاً) في جانب ثالث، وبين السكان الأصليين من العرب الفلسطينيين وبين السكان اليهود في جانب خاص أخير. ويرى الباحث أن إسرائيل تعاني- بفعل التناقضات في التركيبة السكانية- من أزمة اجتماعية وثقافية، بالإضافة إلى الأزمة السياسية والأمنية التي ترافقها منذ قيامها عام 1948م.
تعود "المعضلة الديموغرافية" بالنسبة لإسرائيل إلى معطيات رقمية تشير إلى أن استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967م- مثلما هو الواقع اليوم- سيتمخض عن تحول اليهود إلى أقلية في المساحة الممتدة بين البحر وحدود الأردن، بحيث لن تتجاوز النسبة خلال (15) عاما 42 % من السكان فقط، فيما يتعدى عدد المواطنين العرب اليوم (1,15) مليون نسمة، أي حوالي % 18 من السكان، وهذا العدد مرشح للتضاعف في العام2020 م.
وقد تسبب ذلك الأمر في خلق قسمين شبه متكافئين في الشارع الإسرائيلي: قسم يدعو إلى وحدة كامل الأرض (الطرح الجغرافي) على حساب المسألة الديموغرافية، أي الدعوّة إلى ضمّ الأراضي المحتلة، ومن ثم يجري العمل لاحقاً على طرد السكان، وقسم يدعو إلى وحدة الشعب (الطرح الديموغرافي) على حساب المسألة الجغرافية، أي عدم ضمّ الأراضي المحتلة، وتحديداً المكتظة منها بالسكان الفلسطينيين، خشية أن يؤثّر ذلك على طبيعة الدولة، باعتبارها ُتعرف نفسها على أنها "دولة يهودية". ويلتقي هذان الطرحان مع الرؤية السياسية لأحزاب اليمين (الطرح الجغرافي)، وأحزاب اليسار (الطرح الديموغرافي).
ترافق مع ذلك مقترحات وآراء متعددة لخبراء وباحثين إسرائيليين يدعون إلى حل المشكلة الديمغرافية من خلال طرد السكان العرب وترحيلهم، أو تبادل الأراضي والسكان. وقد قامت إسرائيل باتباع عدة أساليب للتعامل مع المواطنين العرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948م، تتلخص في قطع صلة الهوية بينهم مع باقي أجزاء الشعب العربي الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية ،ومحاولة بناء مجموعة جديدة "عربية إسرائيلية" أو "العربي الإسرائيلي" الجديد، ومعارضة تنظيمهم خارج ما تريده الأكثرية والدولة من حيث التمثيل البرلماني، والتدخل لمنع أية إمكانية جدّية لنسبة كبيرة منهم لعمل سياسي خارجلا البرلمان يرتكز على العمل الشعبي والنضال الجماهيري، وإجبارهم على القبول بتوزيع موارد الدولة حسب المفتاح الإثني وليس حسب المواطنة حتى يتسنى للدولة الحفاظ على تفوُّق اليهودي ودونية العربي الفلسطيني.
يعتقد الباحث أنه "من غير الممكن الحديث عن مساواة حقيقية للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل في ظل قوانين تمييزية ترسي علاقة هرمية بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية الفلسطينية، وتتسم بفوقية المجموعة القومية المسيطرة"، فإلى جانب التبعية الرسمية -وفق القوانين والتشريعات المختلفة،-يُستَدَلّ من واقع العرب الفلسطينيين وجود إجحاف تاريخي متواصل في ظروف المعيشة، ويظهر ذلك جليًا في المعطيات الاجتماعية-الاقتصادية في البلاد الرسمية منها والشعبية، وهي تتجلى في سياسة الأراضي والبناء، وفي آفة الفقر التي تصل نسبتها بين صفوفهم إلى 31 %، وفي البطالة المتفاقمة، وفي التحصيل الدراسي المتدني، وفي الاستيطان الذي يهدف إلى محو المعالم التاريخية والجغرافية الفلسطينية لمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين وحصر وجودهم في أمكانهم اليوم، وفي نقل ملكية الأراضي العربية إلى ملكية يهودية قصرًا، وتبني نظام أراض جماعي مركزي شمولي وليس فرديًا، وفي عدم تخصيص "أراضي الدولة" للقرى والمدن العربية في إسرائيل، وفي هدم البيوت العربية والتلويح الدائم بالخطر الديموغرافي العربي لتشجيع الاستيطان اليهودي.
غير أن موقف الشارع الإسرائيلي بحسب الباحث يتسم "بالتباين حيال الاستيطان وتجاه النظرة إلى المستوطنين". وتظهر المعارضة في أن المستوطنات تستنفد الموارد الكبيرة من الميزانية العامة على حساب الخدمات الاجتماعية، والمتضرر منها هنا هي تلك الشرائح الاجتماعية الموجودة في أدنى السلم الاجتماعي- الاقتصادي الإسرائيلي، إلى جانب أنها تشكل عائقا أمام أي أمل في حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. أما الفئة المؤيدة من الجمهور الإسرائيلي فترى في الاستيطان مشروعاُ صهيونياً يستحق المستوطنون علية كل ثناء.

السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في إسرائيل: النظام ضد الأقلية

بحث د. أسعد غانم في السياسات الإسرائيلية التمييزية تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، والتي تنبع في الأساس بحسبه من "نظرة السلطات الإسرائيلية تجاههم باعتبارهم جزءا من "العدو" الفلسطيني".
يرى الباحث أن "إسرائيل وليدة عملية استعمار كولنيالي إحلالي يسعى إلى فصل أهل الوطن الأصليين عن أرضهم وبلادهم واستبدال يهود أو غير يهود بهم، وهي أيضاً دولة استيطان إثنوقراطيّة"، مشيراً إلى تهجير إسرائيل لأكثر من (700) ألف فلسطينيّ من وطنهم في حرب 1948م، وسيطرتها على أكثر من 78% من أرض فلسطين المنتدبة، فيما بقي (160) ألفا من الفلسطينيين داخل إسرائيل وحصلوا على المواطنة. ولكن وبمرور عقد من تلك الفترة، استقبلت إسرائيل نحو (800) ألف لاجئ ومهاجر يهوديّ، مقابل حرمان اللاجئين الفلسطينيّين من حقهم في العودة، إذ بقي غالبيتهم مشتتين في الدول العربية المجاورة وبقاع الأرض.
أشار الباحث إلى أن إسرائيل نفّذت عمليّة التهويد بأشكال متعددة، منها مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948م، وإقامة أكثر من (700) مستوطنة، معظمها في الضواحي، بغية استيعاب المهاجرين اليهود القادمين من الدول العربية ومن العالم الثالث، وذلك ضمن سياسة الهجرة التي تستند إلى قانون العودة. وقد ارتكزت هذه الأعمال على تهويد الحيّز الجغرافي، ومحو الماضي الفلسطينيّ، وإقامة اقتصاد مركزيّ ومنظومات سياسيّة تهمّش وتُضْعف الأقلّيّة الفلسطينية في إسرائيل، وتُقوّي المهاجرين اليهود من الشرقيين والمتديّنين.
يعتقد الباحث أن "إسرائيل أقامت رسميّا عام 1948م نظامًا ديمقراطيًّا؛ لكنها باشرت - في المقابل - بتنفيذ مشروع "إثنيّ" مكثّف، بدعم من الجاليات اليهوديّة في الخارج، والتي لم يقتصر نشاطها على تمويل العديد من المخططات الإسرائيليّة، بل قامت بالالتفاف على جهاز الدولة من خلال إقامة المنظمات اليهوديّة- التي بدأت تعمل في إسرائيل كأذرع إثنيّة للدولة- وصيانتها. وقد وفرت هذه المنظمات- مثل الكيرن كييمت والوكالة اليهوديّة- إمكانية تنفيذ السياسة الإثنوقراطيّة للمجموعة الإثنيّة اليهوديّة المهيمنة".
ويقول: "إن الطابع اليهودي-الصهيوني للدولة يعطل أي تغيير جاد في وضع الفلسطينيين في إسرائيل، ويسبب الإجحاف بحقهم على مستوى الحياة اليومية، ويهدرُ أيضا الإمكانية النظرية لتحقيق المساواة بينهم وبين اليهود، ويبقيهم من الناحية القانونية والرسمية دون إطار أو كيان رسمي مُعرّف على أن الدولة دولتهم".
حدد الباحث أبرز مواطن التمييز العنصري الذي يتعرض له الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948م، والذي يطال الرموز والقيم المهيمنة في الدولة ومؤسساتها، والقوانين والتشريعات، إضافة إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، مع استبعادهم من المؤسسات الإسرائيلية، والسيطرة على أراضيهم، ومنعهم من التوسع الجغرافي وبناء مساكن على ما يسمى بأراضي الدولة، بذريعة الخطر الديموغرافي، مع هدم البيوت العربية بذريعة البناء غير المرخص، فضلاً عن التمييز في توزيع الميزانيات والأراضي.
يرى الباحث أن الأقلية العربية في دولة إسرائيل تتعرض إلى أنماط من العنصرية اليومية، مثل العنصرية "الشعبية" من قبل السكان اليهود، بالإضافة إلى التمييز والعنصرية من قبل المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة.
يخلص الباحث إلى القول بأن "سياسة الدولة انتقلت منذ صعود اليمين إلى الحكم عام 1977م- وبشكل تدريجي- من حالة السيطرة المحكمة إلى حالة مركبة من (اللبرلة) من جهة، والتأكيد (المُمَأسس) على يهودية الدولة من جهة أخرى، ويرجع هذا التغيير إلى عوامل مركبة مرتبطة بتغييرات عالمية: إشكاليات الهوية في العالم، وثورة الاتصالات والمعلومات،.. إلخ، وصعود اليمين الليبرالي إلى الحكم وتطلعه إلى ضعضعة مكانة حزب العمل واليسار الإسرائيلي عموماً في الشارع العربي، وازدياد قوة العرب (ديموغرافياً وسياسياً)، واتفاق أوسلو، والاعتراف بالحركة الوطنية الفلسطينية، وحالة التوازن بين اليمين واليسار في الشارع اليهودي (خصوصاً في فترة حكم رابين الثانية).

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس