الموضوع: حرب العصابات
عرض مشاركة واحدة

قديم 30-04-09, 08:50 AM

  رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 


ويأتي يوم يتغلب فيه المغاوير على المصاعب التكتيكية السياسية في أن ينبغي ألا ينسوا لحظة أنهم طلائع الشعب، ولا ينسوا المهمة الملقاة على عواتقهم. لذا وجب عليهم أن يخلقوا المقدمات التي تسبق إقامة نظام ثوري تؤيده الجماهير تأييداً تاماً. ينبغي إجابة مطالب الفلاحين الهامة حسب الظروف، بحيث يصبح السكان برمتهم متحدين كالبنيان المرصوص.
وإذا كان الوضع الحربي صعباً في المرحلة الابتدائية، فالوضع السياسي لا يقل عنه دقة.
فإذا كانت خطيئة حربية واحدة قد تؤدي إلى تدمير الغوارات، فأن خطيئة سياسية قد توقف نمو الغوارات لمدة طويلة جداً.
النضال حربي وسياسي معاً، ولذا يجب نشره وفهمه على هذا النحو.
ولما كانت الغوارة تنمو بانتظام، فسوف يأتي وقت تحوز فيه عدداً زائداً من الرجال، وتركيزاً مفرطاً للقوى في المنطقة التي لا تستطيع قدرتها على العمل أن تغطيها. يبدأ التأثير عندئذ على نمط تثويل النحل، حيث يقفز أحد قادة الغوار، ويكون مغاوراً بارزاً، على رأس رجاله، إلى منطقة أخرى، ويعيد نشر سلسلة حرب الغوار، تحت القيادة المركزية طبعاً.

يجب أن نبني جيشاً شعبياً:
والخلاصة، أنه ينبغي الإشارة إلى عدم إمكان الظفر بدون بناء جيش شعبي. يمكن توسيع الغوارات عددياً إلى حد ما ويمكن أن تنزل قوى الشعب الأذى بالعدو في بعض المدن والمناطق التي يحتلها، إلاَّ أن قوة الرجعيين العسكرية قد تبقى سالمة. ينبغي التذكر دائماً أن النتيجة النهائية يجب أن تكون إزالة العدو. لذلك ينبغي أن تبقى مناطق الغوار المفتتحة حديثاً، والمناطق العميقة في مؤخرة العدو. والقوى العاملة في المدن الرئيسية، كلها تحت امرة القيادة. ليس هذا نظام مرؤوسية ضيق من رتبة إلى أخرى كما في الجيش النظامي، بل علاقة مرؤوسية في الاستراتيجية. يترك للغوارة الواحدة بعض التصرف في العمل، لكن عليها أن تنفذ كافة الاستراتيجية الصادرة عن القيادة العامة الموجودة في أوثق وأمنع منطقة بغية تهيئة الظروف لاستخدام القوى بشكل مركزي في مرحلة معينة.
تجتاز حرب الغوار أو حرب التحرر، على العموم، مراحل ثلاثاً. تبدأ بمرحلة الدفاع الاستراتيجي، عندما تقوم الوحدات الصغيرة، سريعة الجؤول والاختفاء، بطعن العدو من وقت لآخر، لكنها لا تنسحب إلى منطقة صغيرة بغية الدفاع السلبي. ان دفاعها يعني شن كل الهجمات الصغيرة الممكنة. يتلو ذلك مرحلة التوازن الاستراتيجي، عندما يكون ثمة نشاط من العدو والمغاوير معاً. ثم تبلغ المرحلة النهائية، مرحلة انهيار جيش القمع. يحتل المغاوير عندها المدن الكبرى ويخوضون معارك كبيرة حاسمة ويسحقون العدو سحقاً تاماً ناجزاً.
بعد أن تبلغ حرب الغوار مرحلة التوازن لدى جيوش الطرفين، تتخذ صفات جديدة إبَّان تطورها اللاحق. يأخذ مفهوم المناورة بالتكوّن، وتظهر الوحدات الكبيرة القادرة على مهاجمة المعاقل المحصنة جيداً، وتبدأ ممارسة حرب الحركة التي تستلزم تحريك عدد كبير من الجنود وشهر أسلحة هجومية، غير أن العدو ما زال قادراً على المقاومة والهجوم المعاكس، ولذا لا يمكن أن تحل حرب الحركة كلياً محل حرب الغوار. انها لا تعدو شكلاً من العمليات في تطور حرب الغوار، وهي أعظم تركيز لقوى الغوار، ذلك إلى أن يتم تشكيل عدة جيوش من القوى الشعبية. وحتى بعد ذلك، سوف تتابع الغوارات استخدام طريقة قتال الغوار "البحتة"، في عمل منسَّق مع عمليات القوى الرئيسية، لنسف وسائل النقل والمواصلات، وتخريب آلة دفاع العدو برمتها.

سوف يكون النضال طويلاً ودامياً:
تنبأنا أن الحرب سوف تكون ذات صفة قارية. يعني هذا أنها سوف تكون مديدة أيضاً. سوف تكون هناك جبهات قتال كثيرة وسوف تكلف دماء كثيرة ونفوساً لا تحصى لمدة طويلة. وفق ذلك، فأن ظاهرة استقطاب القوى التي أخذت تتبادر في أمريكا، والانفصام الواضح بين المستثمِرين والمستثمَرين في الحروب الثورية المقبلة، يشيران إلى أن طليعة الشعب المسلحة، متى هبت لتولي سلطة الدولة، فأن البلد أو البلدان التي تم فيها تولي سلطة الدولة، سوف تزيل في الوقت ذاته للمضطهِدين، من امبرياليين ومستثمِرين محليين، فيتم تحقيق المرحلة الأولى من الثورة الاشتراكية، ويبادر الشعب إلى تضميد الجراح، ويشرع في البناء الاشتراكي.
هل ثمة إمكان أقل شراسة؟
لقد تم تمزيق العالم منذ زمن بعيد، وأخذت الولايات المتحدة حصة الأسد في قارتنا. وراح امبرياليو العالم القديم يهيئون عودة لهم. وأخذت قوة السوق الأوروبية المشتركة العاتية تهدد حتى الولايات المتحدة. يحدو كل ذلك ببعض الناس إلى الاعتقاد بأنه قد يكون ثمة إمكان لتشكيل تحالف مع الدكتاتورية الوطنية، وهي الأكثر قوة منا، لترقُّب الصراع بين الامبرياليين بذراعين مكتوفتين، بحثاً عن فرصة لإحراز بعض التقدم. يجب أن نفهم أن سياسة سلبية في الصراع الطبقي لا تؤتي أبداً نتائج حسنة. لأن الدكتاتورية، مهما بدت ثورية في وقت من الأوقات، لا يمكن أن يكون التحالف معها إلاَّ موقوتاً. فإذا ما تجاوز المرء عن هاتين النقطتين، سلك طريقاً أخرى، إذا ما أدخل العامل الزمني في الحساب. لقد أخذت التناقضات الأساسية في أمريكا اليوم تحتدم بسرعة كبيرة إلى حد أنها طفقت تتداخل في تطور التناقضات "الطبيعي" بين المعسكرين الدكتاتوريين المتناحرين على الأسواق.

اليقين بالنصر:
إن غالبية البرجوازية الوطنية مترابطة مع امبريالية الولايات المتحدة، وتريد ربط مصيرها بها في كل بلد. وحتى لو حصلت مساومة واتفاق في التناقض القائم بين البرجوازية الوطنية وسائر الامبريالية من جهة، وبين امبريالية الولايات المتحدة من جهة أخرى، فلا يتعدى ذلك بعد فلك الصراع الرئيسي الذي لابد أن يشمل المستثمِرين والمستثمَرين كافة إبان تطوره. ان استقطاب القوى الطبقية المتصارعة أسرع كثيراً من استفحال التناقضات بين المستثمِرين على تقاسم الأسلاب. المعسكران متمايزان، والاختيار واضح لكل فرد وكل فئة.
يسعى "التحالف من أجل التقدم"[98] إلى تقييد ما لا يمكن تقييده.
غير أنه، بحال إحراز السوق الأوروبية المشتركة، أو كتل امبريالية أخرى، تقدماً في الأسواق الأمريكية يتجاوز تطور التناقض الأساسي، يكون على القوى الشعبية عندئذ أن تشق طريقها خلال الثغرة الحادثة، وتخوض النضال كله وتفيد من المتدخلين الجدد، متذكرة هدفها الخاص النهائي.
ينبغي عدم تسليم أي موضع أو سلاح أو سر إلى العدو الطبقي، والا خسرنا كل شيء.
الواقع أن النضال قائم منذ الآن في أمريكا. ألن تهبّ أعاصير النضال في فينزويلا وغواتيمالا وكولومبيا وبيرو واكوادور.؟ هل صحيح أن القتال الحالي فيها لا يعدو كونه تعبيراً عن اندفاع جامح لا طائل فيه؟ أن ثمرة نضال هذا اليوم ليست شيئاً ملموساً. قد تنقطع الحركة إلى حين، ولكن ذلك طفيف الأثر على النتيجة النهائية. المهم هو نضوج التصميم على النضال يوماً بعد يوم، ووعي ضرورة التغيير الثوري، والاقتناع الراسخ بإمكان ذلك.
هذا تنبؤ. قناعتنا راسخة بأن التاريخ سوف يظهر أننا على حق. وقد أوضح لنا تحليل العوامل الذاتية والموضوعية في أمريكا وفي عالم البروليتاريا، أن التأكيدات التي قدمناها على أساس بيان هافانا الثاني هي صحيحة.



الدور الاجتماعي للجيش المتمرد[99]
هذه الأُمسية هي أُمسية الذكرى، ولذا أود ان أُلخِّص ما كانت عليه حركة 26 تموز، وما هي عليه الآن، قبل أن أدخل في صلب الموضوع أي في مغزاه التاريخي.
لا أستطيع العودة إلى الوراء حتى الهجوم على ثكنة مونكادا، وفي 26 تموز 1953. وإنما أريد أن أتحدث عما يختص بمشاركتي في الأحداث المختلفة التي أدت إلى انتصار الثورة في أول كانون الثاني الأخير.
فلنبدأ إذاً هذا التاريخ كما بدأ بالنسبة لي، في المكسيك.
إنه لأمر مهم جداً بالنسبة لنا جميعاً أن نعرف فكر أولئك الذين يؤلفون جيشنا المتمرد؛ وفكر تلك الجماعة التي اندفعت في مغامرة غرانما، وتطور هذا الفكر الذي تولّد داخل حركة 26 تموز وتحوّلاته المتتالية تبعاً لمراحل الثورة، كي نصل إلى درس هذا الفصل الآخر الذي يختتم به الشطر التمردي.
قلت لكم إني تعرفت إلى الأعضاء الأوائل في حركة 26 تموز في المكسيك. كان المسقط الاجتماعي للجماعة مختلفاً كل الاختلاف قبل حادثة غرانما، وقبل أن يقع الانقسام الأول داخل حركة 26 تموز، زمن الهجوم على ثكنة المونكادا، وأذكر أني عرضت أثناء اجتماع سري عُقد في منزل من منازل مكسيكو ضرورة تقديم برنامج ثوري لشعب كوبا، وقد أجابني أحد محاربي المونكادا، الذي هجر لحسن الحظ حركة 26 تموز، جواباً ما أزال أذكره فقال: "هذا أمر بسيط جداً، يجب أن نقوم بانقلاب، باتيستا قام بانقلاب واستلم الحكم في يوم واحد؛ ومن الضروري وقوع انقلاب ثانٍ لطرده... إرتضى باتيستا بمائة تنازل للأمريكيين، وسنقدم لهم نحن مائة تنازل آخر". كانت المسألة بالنسبة إليه مسألة الاستيلاء على الحكم. وكنت أرى من جانبي أن نقوم بهذا الانقلاب على أساس بعض المبادئ، وأن المهم في الأمر هو أيضاً معرفة ماذا سنفعل عندما نصير في الحكم لقد رأيتم ما الذي كان يفكر به عضو من أعضاء الفترة الأولى لحركة 26 تموز؛ بيد أنه، لحسن حظنا، كما قلت لكم، هجر حركتنا الثورية وسلك طريقاً أخرى كجميع أولئك الذين كانوا يفكرون مثله.
إنطلاقاً من تلك اللحظة بدأت ترتسم ملامح الجماعة التي ستنطلق فما بعد إلى الغرانما؛ تكونت بصعوبة كبيرة لأننا كنا ملاحقين باستمرار من السلطات المكسيكية التي توصلت إلى تعريض نجاح حملتنا لخطر شديد. لقد عملت بعض الأسباب الداخلية على التقليل من عدد أعضاء حملتنا؛ منها مثلاً موقف بعض الأفراد الذين كان يبدو أنهم يريدون في البداية الاشتراك في المغامرة ثم هجرها بحجة من الحجج. وفي نهاية المطاف، بقي 82 رجلاً للنزول في غرانما. أما تتمة القصة فمعروفة تماماً لدى الشعب الكوبي.
إن ما يهمني، وما أجده هاماً، هو الفكر الاجتماعي للذين ظلوا على قيد الحياة بعد أليغريا ده بيو Alegria de pio وهي النكبة الأولى والوحيدة التي حلت بالجيش المتمرد طوال فترة التمرد. كنا حوالي خمسة عشر رجلاً مضعضعين جسمياً بل ومعنوياً، ولم نستطع مواصلة الكفاح إلاَّ بفضل الثقة الكبرى لدى فيدل كاسترو في تلك اللحظات الحاسمة، وبفضل شخصيته القوية كزعيم ثوري وإيمانه بالشعب إيماناً لا يتزعزع. كنا من رجال المدينة نطوف بالسييرا ماسترا دون أن نكون ملتصقين بها. كنا ننتقل من كوخ إلى كوخ، ولم نكن، بطبيعة الحال، نمس شيئاً مما لا نملك؛ حتى أنا لم نكن نأكل شيئاً لا نقدر على دفع ثمنه (وغالباً ما كان هذا المبدأ يسلمنا للجوع). كنا جماعة تلقى التسامح من الناس لكنها لم تكن مندمجة بهم؛ ودام هذا الحال زمناً طويلاً... لقد قضينا عدة أشهر تائهين في أعالي القمم من جبال سييرا ماسترا حيث كنا نعود إلى الصعود بعد القيام بعمليات متفرقة وكنا ننتقل من قمة إلى أخرى، في منطقة خالية من الماء، والحياة فيها شاقة غاية المشقة.
تبدل شيئاً فشيئاً موقف الفلاح منا بسبب القمع الذي تقوم به قوات باتيستا؛ فقد كانت تقتل وتدمر المنازل وتظهر عداءً شاملاً لأولئك الذين كانوا يتصلون بجيشنا المتمرد أقل اتصال، حتى لو كان عرضياً. ووجد هذا التبدل تعبيره بظهور قُبعة القش لدى مغاويرنا وتحوَّل تدريجياً جيشنا المؤلف من مدنيين إلى جيش فلاحي. وعندما أنضم الفلاحون (الغواخييروس) إلى النضال المسلح للمطالبة بالحرية وبالعدالة الاجتماعية، ظهرت الكلمة السحرية التي ستعبئ الجماهير المضطهدة الكوبية في النضال من أجل امتلاك الأرض: الإصلاح الزراعي. وهكذا تحدد المشروع الاجتماعي الكبير الأول الذي سيصير لواء حركتنا، رغم فترة القلق الشديد التي وجب أن نمر بها بسبب سياسة جارتنا الشمالية الكبرى. في تلك الفترة، كان حضور صحفي أجنبي، والأفضل أن يكون أمريكياً أهم بالنسبة إلينا من تحقيق نصر عسكري. وكنا نهتم بالمناضلين الأمريكيين، الذين يمكن أن ينفعونا في تصدير دعايتنا الثورية، أكثر من اهتمامنا بانضمام الفلاحين الذين كانوا يجلبون للثورة إيمانهم ومثلهم الأعلى.
وفي هذا الوقت بالذات وقع في سانتياغو حادث مؤسف: مصرع رفيقنا فرانك بايس F.Pais، فكان انعطافاً لبنية الحركة الثورية كلها. لقد تأثر شعب سانتياغو كوبا تأثراً عميقاً لموت فرانك بايس فنزل عفوياً إلى الشارع: وقد شَلّتْ هذه المحاولة الأولى للإضراب السياسي العام شللاً تاماً مقاطعة أوريانته رغم غياب القيادة، وترددت أصداؤه في مقاطعتي كاماغواي ولاس فيلاس. وصفّت الديكتاتورية هذه الحركة التي انبثقت دون تحضير ودون إشراف ثوري. هذه الظاهرة الشعبية قد أتاحت لنا أن نلتفت إلى وجوب إدخال الشغيلة في الكفاح لتحرير كوبا؛ وفي الحال بدأت النشاطات السرية في المراكز العمالية للقيام بإضراب عام يساعد الجيش المتمرد على الاستيلاء على السلطة.
وهكذا بدأت حملة تنظيمات سرية بروح تمردية؛ بيد أن الذين شجعوا هذه الحركات لم يكونوا يعرفون حقاً مغزى النضال الجماهيري وتاكتيكه، فقادوه في طرق مضللة إطلاقاً، لأنهم لم يؤمنوا بالروح الثورية وبوحدة المقاتلين، ولأنهم حاولوا توجيه الإضراب من القمة، دون أن تكون لهم أية صلات بقاعدة المضربين

 

 


   

رد مع اقتباس