عرض مشاركة واحدة

قديم 11-04-21, 07:03 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي لعبة الثغرات القانونية.. من ربح اتفاق المبادئ حول سد النهضة؟



 


لعبة الثغرات القانونية.. من ربح اتفاق المبادئ حول سد النهضة؟

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

11/4/2021

في صيف يونيو/حزيران عام 2018، كانت القاهرة على موعد مع حدث استثنائي التقطته وسائل الإعلام بعناية. فقد التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمرة الأولى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ضابط المخابرات السابق في الجيش الإثيوبي، الذي نجح في إظهار نفسه كشخص غير مُثير للشكوك أمام رجل يقاسمه الخلفية العسكرية نفسها. وقف السيسي ضاحكا ومُلقِّنا ضيفه الإثيوبي كلمات عربية بدت غير مفهومة، فلم يتردَّد آبي أحمد لحظة في ترديدها دونما فضول لمعرفة معناها: "والله لن نقوم بأي ضرر للمياه في مصر".

انتهت الرحلة التي استمرت يومين، لكن ذكراها حاضرة إلى اليوم، ففي حين اعتقد الكثيرون -أو أرادوا أن يعتقدوا- أن رئيس الوزراء الإثيوبي عاد إلى بلاده بعدما قطع وعودا بألا يقطع المفاوضات أو يمسَّ حقوق الطرف الآخر من مياه النيل، فإن وقائع الأشهر والسنوات التالية أثبتت عكس ذلك. لكن المفارقة أن اتفاق المبادئ الموقَّع عام 2015، الذي بدا ضمانا مصريا سودانيا لعدم الإضرار بالدولتَيْن، كان السلاح نفسه الذي استخدمه آبي أحمد للالتفاف على كل المباحثات لحين انتهاء التعبئة الأولى لسد النهضة، وصولا إلى موعد الملء الثاني في يوليو/تموز المقبل تحت سمع وبصر دولتَيْ المصب، اللتين تخوضان حاليا واحدا من أعقد الصراعات ضد رجل لم يكترث حقيقة لكلمات السيسي حين التقاه أول مرة قبل ثلاثة أعوام.

تضرب الهواجس المصرية في أزمة سد النهضة بجذورها في الجغرافيا؛ فوقوع مصر في آخر مصب النيل الذي يمر بـ11 دولة يجعلها دوما تحت رحمة الجميع إذا ما قرَّروا الانتفاض والمطالبة بإعادة تقاسم المياه، والتمرُّد على بنود اتفاقيتَيْ 1929 و1956 اللتين تمنحان مصر اليد العليا في النهر. لم يكن ذلك ممكنا في النصف الأخير من القرن العشرين؛ فرؤساء مصر الثلاثة الذين حكموا في هذه الفترة (عبد الناصر والسادات ومبارك) أخضعوا لعنة الجغرافيا تلك لأدوات النفوذ السياسي، الذي لم يخلُ أحيانا من ورقة التهديد بالحرب، فالنيل يؤمِّن 95% من احتياجات مصر المائية، ما يقتضي الحفاظ على الهيمنة التاريخية فيه بأي ثمن.

لكن أفريقيا تغيَّرت على مر السنين، في وقت لا يزال الماضي فيه حاكما لتصوُّرات مصر حول حقوقها التاريخية في النهر. فلم تعد بلدان المنبع عاجزة تكنولوجيًّا عن بناء سدود بمواصفات تُمكِّنها من حبس المياه عن مصر، ولم تعد إثيوبيا التي تحتضن مقر الاتحاد الأفريقي دولة ضعيفة تفتقر إلى أدوات المواجهة السياسية، لا سيما وقد وصل السد إلى نقطة اللا عودة. والمفارقة في تلك المُعضلة الجغرافية هي أن 80% من مياه النيل تنبع بالأساس من المرتفعات الإثيوبية، وهو ما يمنح أديس أبابا إمكانية طبيعية للضغط على القاهرة.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

سد النهضة

وضعت إثيوبيا حجر أساس بناء سد النهضة عام 2011، ليصبح أكبر مشروع قومي لإنتاج الكهرباء في أفريقيا بقدرة نحو 6450 ميغاوات، وبسعة استيعابية تبلغ 74 مليار متر مكعب، وهو مجموع ما تحصل عليه مصر والسودان تقريبا من حصتهما السنوية من مياه النيل. لكن الأخطر في ذلك المشروع أن خزان السد يمكنه أن يحجب مرور النيل الأزرق إلى دولتَيْ المصب لمدة متواصلة تبلغ عاما ونصفا في أيام التدفُّق العادية، وهي مواصفات فاقمت شكوك مصر في النيّات الإثيوبية، مُعتبِرة أن الأخيرة تستهدف الإضرار المتعمَّد بالمصالح المصرية في مياه النيل، وتدفعها لعدم استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي داخلي، رُغم رد أديس أبابا الدائم بأنها لا تستهدف الإضرار بدولتَيْ المصب.

منذ عقد من الزمان تقريبا، شاركت مصر وإثيوبيا والسودان في مفاوضات لم تنتهِ إلى اليوم. وكان الغرض الرئيس للقاهرة والخرطوم إبرام معاهدة نهائية تُقلِّل الأضرار المتوقَّعة للسد، وتفرض على أديس أبابا اتفاقا مُلزِما بشأن سياسة التشغيل وملء الخزان وحجم المياه التي ستُضخ في موسم الجفاف. ومن جهتها، سعت أديس أبابا للوصول إلى مبادئ إرشادية عامة تمنحها الحق في البناء دون مقابل ولا ضمانات، كما رفضت احتفاظ القاهرة بحصتها التاريخية في مياه النيل -55 مليار متر مكعب- بدعوى أن ذلك سيؤثر على الحصة الإثيوبية وقت الجفاف المتوسط والممتد أثناء الكوارث الطبيعية. ولأن المصالح لا يمكن أن تلتقي وفق تلك التصوُّرات التي تتشبَّث بها كل دولة، خاض الجميع منذ البداية لعبة دبلوماسية محسوبة بعناية. (1)

وفقا لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية الصادرة عن شركة "ستراتفور" الاستخبارتية الأميركية لعام 2010، نقلا عن السفير المصري في لبنان؛ تخشى مصر خسارة صراعها الدبلوماسي مع إثيوبيا، لأنه يُمثِّل سابقة لأديس أبابا في تقييد حقوق مصر التاريخية، ويفتح بابا أمام دول المنبع للتحكُّم في موارد النيل، والمطالبة ببناء مشاريع سدود عملاقة تحت غطاء الحق المشروع في التنمية وتوليد الطاقة. وتذكر الوثيقة -التي نشرها موقع ويكيلكس لاحقا- أن مصر تعتقد بأن الإثيوبيين يهدفون أساسا للدفع بالقاهرة نحو رد بالشكل الخاطئ، ومن ثمَّ فإنها ملتزمة بدرجة عالية من ضبط النفس والاحتكام إلى الدبلوماسية وطاولة المفاوضات.(2)
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من جهة أخرى، لا تريد إثيوبيا هي الأخرى ارتكاب أي أخطاء؛ لذا اضطرت عام 2011 إلى الموافقة على تشكيل لجنة من عشرة خبراء، مصريين وسودانيين وإثيوبيين، وأربعة خبراء دوليين أجانب، لتقييم الآثار النهائية لسد النهضة عبر نموذج محاكاة للتأكُّد من معدلات الأمان وضمان تصريف المياه لدولتَيْ المصب. لكن أديس أبابا امتنعت عن تقديم أي تفاصيل كافية عن قواعد التشغيل، ومنشآت الطاقة الكهرومائية، فأُضيفت تلك الملاحظات إلى تقرير اللجنةالصادر عام 2013 الذي أكَّد وجود عيوب في تصميم السد، وشكَّك في السلامة الهيكلية للبناء. أبدت اللجنة أيضا على هيكل السد بسبب غياب فتحات تصريف مياه إجبارية في قيعان السدود تضمن استمرار تدفُّق المياه من دول المنبع إلى المصب دون تدخُّل بشري من الدولة صاحبة السد. وفي الشكل الحالي، فإن تدفُّق المياه سيكون فقط عبر تربونات توليد الكهرباء أو الطوارئ؛ مما يعني فعليا توقُّف نهر النيل عند حدود السد الإثيوبي. (3)

في أغسطس/آب 2014، اتفقت مصر والسودان وإثيوبيا على تنفيذ توصيات اللجنة الدولية من خلال مكتب استشاري دولي، واختارت الدول الثلاث شركة فرنسية وأخرى هولندية، لكنهما سرعان ما
انسحبتا بعد عمل خمسة أشهر، بدعوى أنه لم تُقدَّم دراسة مستقلة من قِبَل أديس أبابا تضمن إنجاح عمل الاستشارات الفنية لمشروع السد. وقد أعطى انسحاب المكتب الفني مؤشرا قويا على اتجاه الأمور للتصعيد، لكن التطوُّر الأكبر وقع في مارس/آذار 2015، عندما وقَّعت الدول الثلاث اتفاقية حول مشروع سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم عُرفت باسم "إعلان المبادئ". ويتكوَّن الاتفاق من عشرة بنود عامة لم تخلُ من تعدُّد التفسيرات المصرية والإثيوبية؛ مما دفع بكل دولة للاعتقاد بأنها تملك الأدوات القانونية لكسب قضيتها سواء على مستوى التفاوض، أو التصعيد فيما بعد حال تم تدويل القضية في مجلس الأمن. (4)

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

في عام 2009، خاضت مصر والسودان مفاوضات فاشلة في مواجهة دول حوض النيل التي وقَّع أغلبها على اتفاقية "عنتيبي" للانتفاع بموارد نهر النيل. واشترطت دولتا المصب للانضمام للاتفاقية أن يتضمَّن إطارها القانوني نصا يضمن عدم المساس بحصة مصر والسودان من مياه النيل، طبقا لاتفاقية 1956، وأن تمتلك الدولتان "فيتو" مُتمثِّلا في حق الاعتراض السابق على أي مشروع يُقام على النهر، طبقا لاتفاقية 1929، لكن طلبهما قوبل بالرفض، فرفضتا بالمقابل التوقيع. (5)

وفقا لرواية المستشار القانوني للخارجية المصرية، محمد هلال، التي ذكرها في ثلاث مقالات حول مفاوضات سد النهضة، لم تسعَ مصر لانتزاع أي اعتراف من إثيوبيا بالمعاهدات التي ليست طرفا فيها (1929 و1956). وبدلا من ذلك، سعت مصر في اتفاق المبادئ للتوصُّل إلى اتفاق بشأن سد النهضة فحسب على أساس القانون الدولي، دون التأثير أو المساس بحقوق والتزامات الأطراف الحالية أو المستقبلية بخصوص النهر. وقد بدا ذلك وفق النظرة الإثيوبية التفافا مصريا لحفظ حصتها القديمة دون نقاش. وفي غياب بند واضح باتفاق المبادئ حيال اتفاقيتَيْ 1929 و1959، تُصِرُّ إثيوبيا على إلغائهما وعدم اعتبارهما تماما، كما تَعتبر الاتفاق الحالي بمنزلة موافقة من دولتَيْ المصب على إنشاء أديس أبابا أي سدود قادمة. بينما تَعتبر مصر إعلان المبادئ معاهدة محدودة واستثنائية ومؤقتة تُلزم الدول الثلاث بالتوصُّل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة فقط، ومن ثم فلا علاقة لها بمسألة إعادة توزيع مياه النيل من جديد. (1)

في صيف عام 2020، أعلنت إثيوبيا أنه يحق لها البدء في الملء الأول لسد النهضة دون اتفاق مع شركائها، على اعتبار أنّ الاتفاق ينص على إخطار دولتَيْ المصب بتشغيل السد، وليس استشارتهما أو استئذانهما. وقد رد الخبراء المصريون بأن توقيع اتفاق المبادئ دون استكمال دراسات السد سعيا للوصول إلى اتفاق نهائي يجعل ملء السد من جانب واحد غير مسموح. الأزمة الأكبر لسد النهضة ليست في البنود الغائبة التي لم يتضمَّنها الاتفاق، بل في المواد الحاضرة التي كانت من المُفترض أن تقود الجميع بسلالة إلى اتفاق نهائي يحكم تصوُّرات كل دولة، ويكون مُلزِما وفق قواعد القانون الدولي، لكنها على النقيض فتحت الباب على مصراعيه لسوء الفهم واستغلال الثغرات القانونية.

أول البنود التي يمكن اعتبارها ثغرة في اتفاق المبادئ هو البند الثالث المُتعلِّق بالتعامل مع وقوع الضرر. بحسب النسخة الرسمية المنشورة على موقع الهيئة العامة للاستعلامات، التابعة لرئاسة الجمهورية المصرية، لم يمنح البند الدول المتضرِّرة صلاحية التدخُّل لمنع وقوع أي ضرر، لكنه اكتفى بإجبار الدول الراعية للسد على مناقشة مسألة تخفيف الضرر أو التعويض بعد حدوثه، وهو ما يُتوِّج الشرعية الكاملة في البناء دون ضمان أو رقابة. ويُضاف إلى ذلك ثغرة أخرى في البند الرابع للاتفاقية، فقد فرضت إثيوبيا وضع كلمة "تحترم" بدلا من "تلتزم" حول تقرير المكتب الاستشاري لبناء السد، وهو ما يجعل أي اعتراض حول الجوانب الفنية بلا قيمة قانونيا. (6)

البند الخامس هو العمود الفقري الأهم للاتفاقية، وهو سلاح ذو حدين مُتعدِّد التفسيرات، إذ إنه يتعلَّق بإدارة السد. وتُفسِّر إثيوبيا هذا البند بأنه يُجيز لها إخطار دولتَيْ المصب بتشغيل السد، وليس الاستشارة أو الاستئذان، ومن ثمَّ فهي ترفض مشاركة مصر والسودان في تحديد قواعد التشغيل السنوي طويلة الأمد، وهي نقطة من المُفترض أن يُحدِّدها الاتفاق النهائي، لكن إثيوبيا تقول إنها لن تسمح بإقرار أي اتفاق يشمل انتهاك سيادتها وممارسة حقها بتشغيل السد. ترى أديس أبابا أن الإخطار السابق "الوحيد" الذي كُلِّفَت به ضمن الاتفاق هو: "إخطار دولتَيْ المصب بأي ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد بواسطتها".

سطور البند الخامس تُفسِّرها مصر والسودان من جهتهما تفسيرا مختلفا، فدولتا المصب تَعتبران البند الخاص بـ"تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام النتائج النهائية للتقرير النهائي للجنة الوطنية الثلاثية بشأن الدراسات المشتركة التي أوصى بها التقرير" بندا يسمح لإثيوبيا فقط ببناء السد بالتوازي مع المفاوضات، لكنه لا يسمح لها بتشغيله دون التوصُّل إلى اتفاق نهائي حول إرشادات وقواعد ملء السد وتشغيله. ويُشكِّل ملء السد في غياب اتفاق كهذا خرقا جوهريا لإعلان المبادئ، وانتهاكا للقانون الدولي، ولذا يمنح مصر والسودان الحق في الانسحاب الكامل من الاتفاق، حسبما يقول المستشار القانوني للخارجية المصرية. (1)
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


صورة توضح نهر النيل الأزرق على أنه خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير و هو يملأ بالقرب من الحدود بين إثيوبيا والسودان، في هذه الصورة الطيفية الواسعة تم التقاطها في 6 نوفمبر 2020في المقابل، يميل البند العاشر الخاص بتسوية النزاعات كُليا لصالح إثيوبيا التي سبق ورفضتالوساطة الأميركية، وترفض حاليا مقترح الوساطة الرباعية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تحت قيادة الاتحاد الأفريقي. ويشترط البند المُثير للجدل اتفاق الدول الثلاث مُجتمعةً على اختيار وسيط المفاوضات الجارية بينهم، ولا يمكن لمصر اختيار دولة أو جهة دولية للوساطة دون موافقة إثيوبيا، لذا يمكن اعتبار ذلك البند بامتياز عنوان إطالة الأزمة الراهنة. ولا تنفي كل تلك الثغرات أن لأديس أبابا أيضا مخاوفها من الأوراق المصرية والسودانية في الاتفاق، الذي لم يتضمَّن في بنوده أي مواد تُحصِّنه من الإلغاء، وهو ما يُتيح الانسحاب منه في أي وقت. وتمتلك الدولتان بالفعل ما يُبرِّر انسحابهما كما كشفت الأحداث الأخيرة، لكنهما تَعتبران ذلك التصرُّف، على الأقل في الوقت الحالي، خيارا غير مناسب لحماية مصالحهما.

الورقة الأهم التي تمتلكها دولتا المصب في الاتفاقية مُمثَّلة في البند الثامن الذي يُجبر إثيوبيا على تنفيذ توصيات لجنة الخبراء بشأن سلامة السد، وينص التقرير صراحة أنّ على إثيوبيا أن "تستكمل، بحُسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية". وقد أكدت لجنة الخبراء الدولية سابقا وجود عيوب في التصميم والأمان، ووفق خبراء مصريين في القانون الدولي، فهذا البند يقود بسلاسة لمواجهة إثيوبيا في مجلس الأمن طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمنحها التدخُّل في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان بين الدول طبقا للمادتين (41) و(42). (7)

يُعَدُّ نهر النيل نهرا دوليا طبقا لاتفافية الأمم المتحدة لعام 1997، التي تمنح الحق للدول المُتضرِّرة في الاعتراض على المشروعات والسدود المُقامة على الأنهار إذا ثبت أن لها أضرارا جسيمة. وبينما يُعَدُّ البند الثامن نقطة قوة لصالح مصر والسودان، فإن مسار التصعيد في مجلس الأمن قد يبدو غير آمن بالنسبة للدولتَيْن، بسبب التخوُّف من فيتو صيني محتمل في ظل مشاركة شركات صينية حكومية في مشروع السد، حسبما يقولرئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية، ممدوح المنير، لكن الصين التي تُعَدُّ شريكا استثماريا مهما في القاهرة والسودان لعلها لن تغامر سياسيا في قضية السد، خاصة أنها تنأى بنفسها عن الانحياز المُعلَن لأحد طرفَيْ الصراع حتى اللحظة. (8)

شهدت الأيام الماضية جولة مفاوضات فاشلة جمعت وزراء الخارجية والري لمصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة، وأُقيمت في "كينشاسا" عاصمة الكونغو الديمقراطية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. وكان من المُفترض أن تتوصَّل الدول الثلاث إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، خلال الأشهر المقبلة، قبل الملء الثاني من جانب إثيوبيا أثناء موسم الفيضان في يوليو/تموز المقبل. ووفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، فقد رفضت إثيوبيا المُقترح الذي قدَّمه السودان وأيَّدته مصر بتشكيل رباعية دولية، تقودها الكونغو التي ترأس الاتحاد الأفريقي، للتوسُّط بين الدول الثلاث. وبحسب البند العاشر من اتفاق المبادئ، يتطلَّب الفشل الأخير إحالة المفاوضات إلى أعلى سلطة سياسية مُمثَّلة في رؤساء الدول والحكومات لكلٍّ من مصر والسودان وإثيوبيا لعقد لقاء ثلاثي حول الأزمة، وهو المسار الأخير في التفاوض، بعد فشل القمة على مستوى الوزراء، ورفض إثيوبيا الوساطة الدولية.

في الوقت الذي حذَّر فيه الرئيس المصري من المَساس بحق مصر في مياه النيل، في تلويح بتحرُّك عسكري كما فهم بعض المحللين، شهدت البورصة المصرية تراجعا حادا عقب بيع المستثمرين الأجانب أسهمهم، وهو أحد الاعتبارات التي قد تُؤرِّق موقف مصر إذا ما قرَّرت جديا الصدام العسكري، رُغم ما تتمتع به القاهرة الآن من مزايا التعاون العسكري المشترك مع السودان بموجب اتفاقية وُقِّعت بين الطرفين في الآونة الأخيرة.

بخلاف ذلك، فإن مصر قد لا يكون بمقدورها إعلان الحرب ضد إثيوبيا قبل الانسحاب من اتفاق المبادئ أولا، وهي خطوة لم تُقدِم عليها مصر حتى الآن، رغم تَمتُّعها بتفوُّق عسكري واضح على إثيوبيا التي يقف إنفاقها العسكري عند نحو نصف مليار دولار فقط، ولا تزال مُنهمكةً في صراعاتها الداخلية، مع التأكيد أن ذلك التدخُّل يحتاج إلى تنسيق شامل مع السودان الذي سيتكبَّد الجزء الأكبر من فاتورة المواجهة المباشرة. وحتى ذلك الحين، يتمسَّك البلدان بكل ما أُتيح لهما من أوراق، بما في ذلك الثغرات في اتفاق المبادئ التي يأمل كل طرف في استغلالها لصالحه، فيما يبقى الصراع حبيس أروقة المفاوضات، على أمل أن ينجح المجتمع الدولي في إرضاخ التعنُّت الإثيوبي، أو أن تتبدَّل انحيازات القاهرة والخرطوم المُتمسِّكتَيْن بأحبال الدبلوماسية حتى اللحظة الأخيرة.
——————————————————
المصادر

المصدر : الجزيرة نت - محمد العربي

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس