عرض مشاركة واحدة

قديم 03-03-09, 05:13 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي إعداد الدولة للحرب



 

إعداد الدولة للحرب

ميسون أحمد مارديني

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


إن الحرب الحديثة ظاهرة معقدة، تتداخل فيها عوامل مختلفة سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية. وإن تحقيق الدولة لأهدافها من خلال الحرب يتطلب تأمين مستلزماتها المادية والمعنوية.

إن تطور الوسائل المادية المستخدمة في الحرب، قد أدى إلى شمول الحرب للدولة بكاملها، أي لمؤسساتها المختلفة السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية، والحرب الحديثة لاتقتصر على الجنود الذين يقاتلون على جبهات القتال، بل تمتد لتشمل جميع السكان في الدولة سواء الذين يشكلون احتياطياً للقوات المسلحة للتوجه إلى جبهات القتال عند اللزوم أم الذين يعملون في مختلف مؤسسات الدولة وينتجون الوسائل المادية والمعنوية اللازمة لاستمرار الحرب.

إن إعداد الدولة للحرب يعني تطوير واستخدام قدرات الدولة الاقتصادية والبشرية والمعنوية والسياسية والدبلوماسية لصالح تنمية وتطوير قدرات الدولة العسكرية لتكون قادرة على تحقيق الأهداف العسكرية التي تحقق في النهاية هدفاً سياسياً وتحقيق النصر في أسرع وقت ممكن وبأقل خسائر ممكنة، بشكل يتفق مع الأهداف الوطنية والغايات العليا للدولة، نتيجة لذلك برزت بعض التعابير التي تجسد ذلك مثل "الأمة في الحرب" أو " الدولة في الحرب".
وتطبق اليوم هذه التعابير بشكل عملي من خلال المظاهر التالية:

أولاً: إعداد القوات المسلحة
إن القوات المسلحة تشكل القاعدة الرئيسية لقوة الدولة، والوسيلة والأداة التي تدخل الدولة من خلالها الحرب، ولذلك يعد إعداد القوات المسلحة في أوقات السلم عاملاً بالغ الأهمية، لأن قوة الجيش وفعاليته تكمن في طبيعة إعداده وتدريبه ونوعية الأسلحة التي يمتلكها، والقيادة التي تشرف عليه. وأن التطور الذي حدث في الأسلحة المستخدمة والتغيرات في الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعلمية والتقنية تطلبت ضرورة الإعداد المسبق للقوات المسلحة. لكي تستطيع استخدام السلاح الذي تملكه وتحارب به بالشكل الأمثل.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ويشمل إعداد القوات المسلحة للدولة المظاهر التالية:
إعداد القوات المسلحة من حيث طبيعة تشكيلها وتكوينها ونوعية تنظيمها وتدريبها في أوقات السلم، وتأمين المتطلبات اللازمة لتعبئتها وتحركها إلى جبهات القتال، وضمان استمرارية قدرتها القتالية العالية، وتطوير فروعها المختلفة بما يتناسب مع تطور الأسلحة، وضمان تأمين التزويد المستمر للقوات المسلحة باحتياجاتها المختلفة، لتكون دائمة الجاهزية لخوض الحرب والسير في العمليات الحربية حتى النهاية، وفي تنظيم وسائل الاستخبارات للحصول على المعلومات اللازمة، وفي وضع الاستراتيجية المناسبة لطبيعة الحرب، وطبيعة المعارك المحتملة.

تعبئة القوات المسلحة من حيث تأمين الاجراءات المختلفة التي تسهم في تجميع القوات وحشدها، أي التحول السريع من مرحلة السلم إلى مستوى الحرب تنفيذاً للخطة الموضوعة، وفي أقصر وقت، وبشكل منظم وفعال.

والتعبئة العسكرية تستهدف إيجاد قوة عسكرية إضافية زمن الحرب تسهم في تشكيل وحدات عسكرية جديدة تتناسب مع حاجة القوات المسلحة ومتطلبات الحرب، كما تسهم في إكمال الوحدات العسكرية القائمة وتدعيمها بوحدات مدربة على القتال، وبمعدات كاملة توصلها إلى مستوى الحرب. وتتخذ عملية تعبئة القوات مظاهر مختلفة، فقد تكون جزئية أو عامة، علنية أو سرية. وإن تحديد مظهر التعبئة المطلوب يرتبط بطبيعة الحرب، هل يتم التحضير للحرب بشكل سري، عندها تكون التعبئة جزئية، وسرية، من أجل الحفاظ على عنصر المفاجأة. وإذا بدأت الحرب تصبح التعبئة علنية وشاملة، حسب متطلبات الحرب ومجرياتها.

تدريب القوات المسلحة على الأسلحة الحديثة والظروف القريبة من العمليات الحربية، والهدف من التدريب على العمليات الحربية هو الحفاظ على درجة عالية من التأهب والجاهزية للقتال، وإتقان استخدام الأسلحة الموجودة والتعامل معها بسهولة وبشكل علمي، واستيعاب كيفية خوض المعارك وتنفيذ العمليات العسكرية المختلفة، وإيجاد الطرق والأساليب الجديدة للسير في المعركة، وتنفيذ الخطة بما يتناسب مع مجريات المعركة وتطوراتها.

وإن نظام التدريب وأسلوبه يجب أن يركز على ضرورة التعاون والتنسيق بين القوات العاملة على مختلف صنوف الأسلحة، وعلى ضرورة الربط بين المفاهيم النظرية وبين التطبيق العملي لها.

ويجب أن يتم تطوير النظريات العسكرية بما يتناسب مع التطورات القائمة في مجال الأسلحة من جهة، ومع التطورات الحاصلة لدى العدو من متابعة دراسة أوضاعه العسكرية دراسة دقيقة، ومتابعة نظرياتة العسكرية وخططه المختلفة.

تأمين الخدمات الطبية اللازمة للقوات المسلحة زمن الحرب، وبما أن الأسلحة تتطور من حيث القدرة والمدى، فإن الخسائر ستزداد وبشكل كبير جداً، وهذا يتطلب تنظيم عمليات الاسعاف السريع، ولذلك يجب أن يتم تنظيم عملية الخدمات الطبية بحيث يتم إيجاد وحدات طبية سريعة الحركة ومزودة بأحدث الأجهزة والمواد الطبية اللازمة كي تستطيع العمل في أي مكان تدعو الحاجة إليه في أثناء المعركة، لذلك ظهرت الآن المستشفيات الميدانية.
يجب أن يتم تأمين احتياجات القوات المسلحة من المواد والذخائر والمعدات ومتطلبات القوات المسلحة من المواد التموينية وورش الإصلاح والصيانة.

يجب أن يتم إعداد البلاد بمجملها لتكون مسرحاً للعمليات العسكرية في أثناء الحرب من أجل خلق الظروف المناسبة لاستخدام القوات المسلحة في المكان والزمان المناسبين، وإذا كانت مسارح العمليات العسكرية سابقاً تقتصر على مناطق محددة على الحدود أو منطقة المعركة فإن مسارح العمليات العسكرية اليوم تشمل جميع أراضي الدولة، وهذا يتطلب تطوير شبكة المواصلات البرية، والبحرية، والجوية، والسكك الحديدية.

ثانياً: إعداد اقتصاد الدولة للحرب
إن الحرب في المرحلة الراهنة مكلفة جداً نتيجة لعوامل متعددة، مثل وجود الأسلحة الحديثة المعقدة، والأعداد الكبيرة للقوات المتحاربة، وكثرة الخسائر التي يمكن أن تحدث، وإمكانية طول مدة الحرب، ونتيجة لذلك فان الاستمرار في متابعة الحرب أو تحديد نتيجة الحرب يتوقف إلى حد كبير على قوة القاعدة الاقتصادية للدولة وقدرتها على تنظيم مواردها وتعبئتها زمن السلم والحرب، ونتيجة لذلك نجد تعبير عسكرة الاقتصاد في أثناء الحرب أو حتى في مرحلة السلم، وتشكل عملية التخطيط الاقتصادي القاعدة الأساسية لتأمين المتطلبات العسكرية في أثناء الحرب، وهذا بدوره يتطلب إعداد الخطط اللازمة لتطوير اقتصاد البلاد ووضعه في خدمة الأغراض الحربية عندما تبدأ الحرب، ومن الضروري أن يكون هناك تخطيط مسبق لحاجة القوات المسلحة من العتاد والأسلحة اللازمة والمتطلبات الأخرى، ولتحقيق ذلك يجب أن يتم اتخاذ الاجراءات المختلفة التي تؤمن السرعة في تعبئة الانتاج الصناعي وتوجيهه لخدمة أغراض الحرب ومتطلباتها مثل تصميم المعامل لتتحول في أثناء الحرب لإنتاج المواد اللازمة للقوات المسلحة، وكذلك يتطلب ضرورة العمل على تأمين توزيع استراتيجي للمعامل في البلاد بحيث تكون بعيدة عن ضربات العدو المحتملة.

وإن مهمة المصانع تأمين متطلبات السكان المدنيين أيضاً للحفاظ على مظهر من الطمأنينة والاستقرار في الدولة لأنه يحمل معه استمرارية تأمين متطلبات القطاع المدني لدعم المجهود الحربي.
ويجب أن يتم أيضاً تنظيم الزراعة لتأمين متطلبات الحرب اللازمة، وتأمين احتياطي كبير وجاهز من المواد الغذائية المختلفة لمواجهة الظروف الطارئة في البلاد.

ثالثاً: إعداد السكان للحرب
إن الحرب الحديثة تتطلب إسهاماً فعالاً للدولة كلها في المجهود الحربي، وهذا يتطلب الإعداد المسبق والجيد للسكان جميعهم زمن السلم، وأبرز المجالات التي يجب أن يشملها هذا الإعداد مايلي:

1 الإعداد المعنوي والسياسي للسكان
إن الإعداد المعنوي والسياسي للسكان أصبح ظاهرة ضرورية في عالم تتقاطع وتتصارع فيه أيديولوجيات وأفكار ومفاهيم مختلفة، ومن هنا فمن الضروري تربية السكان تربية دينية باعتبارها أحد الوسائل في الارتقاء بالروح المعنوية للأفراد، وتحث الفرد المسلم على الجهاد في سبيل الله وتغرس فيه آداب القتال في الإسلام وهي مواد سهلة ومتاحة في العديد من آيات القرآن الكريم وأحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك إيجاد قاعدة من الوعي والادراك حول عدالة قضايا أمتهم، إن عملية الوعي والإدراك هذه تشكل قاعدة تتكسر عليها وسائل الدعاية المعادية أو الحرب النفسية، وحملة الأكاذيب والتضليل التي يمارسها العدو من أجل زعزعة الجبهة الداخلية.

2 إعداد السكان لأعمال الدفاع المدني
بما أن الحرب الحديثة تشمل جميع أراضي الدولة ومرافقها العسكرية والمدنية المختلفة فمن الضروري العمل على تهيئة الظروف والعوامل المناسبة في الدولة من أجل مواجهة أية احتمالات ممكنة في أثناء الحرب داخل الدولة. وإن هذه المهام يطلق عليها اسم " الدفاع المدني".

لقد عملت الدول على تنظيم أجهزة الدفاع المدني المختلفة في إطار وزارات أو إدارات مختصة وشملت القطاعات المختلفة، وقد ازدادت الحاجة إلى الدفاع المدني مع اتساع امكانية استخدام أسلحة التدمير الشامل، والتأثير الواسع والفعال لهذه الأسلحة على الإنسان والبيئة ، ولذلك كلما كان تنظيم "الدفاع المدني" جيداً كلما كان بالإمكان الاقلال من الخسائر البشرية والمادية، وهذا العامل يساعد على تأمين المتطلبات المادية والمعنوية لاستمرار الحرب أو الصمود في وجه العدو، ولتحقيق ذلك يجب العمل على تنظيم تشكيلات خاصة للدفاع المدني ذات مهام متعددة للانقاذ والاسعاف الطبي، والاطفاء، وحماية الأشخاص من أسلحة التدمير الشامل، وتنظيف البيئة، إلى غير ذلك. وهذا يتطلب القيام بحملة واسعة من التدريبات على أعمال الدفاع المدني ومهامه في أوقات السلم حتى نوجد قاعدة من الاستعداد زمن الحرب.

إن إسهام السكان في أعمال الدفاع المدني يؤدي إلى تطويق مظاهر الخوف والفوضى التي يمكن أن تنتشر بينهم زمن الحرب، وخلق قاعدة من النظام والانضباط العام مما يسهم في رفع الروح المعنوية العامة وهذا بدوره يشكل عاملاً هاماً في تقوية عوامل مجابهة العدو=>

 

 


   

رد مع اقتباس