عرض مشاركة واحدة

قديم 11-04-09, 09:29 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الأوضاع العسكرية: الأنهار والحرب

لقد لعبت الأنهار دوماً دوراً حاسماً في الحرب، إذ إن الأنهار - بما فيها من تعرجات وسهول تغمرها الفيضانات - تتسبب في مشاكل تكتيكية وهندسية جمة. وكانت الأنهار الواسعة ذات التيار الجارف تمثل عقبة كؤوداً لم تتمكن الجيوش القديمة من عبورها، بيد أن التطورات التقنية التي طرأت قد تبعها تحسن في تكتيكات عبور الأنهار، بيد أن تلك الابتكارات لم تضمن النجاح التام بسبب التأثيرات الكبيرة الناجمة عن عوامل العدو، والجغرافيا، والطقس.

ولعل خير شاهد على ذلك، الكارثة التي حدثت أثناء محاولة عبور نهر الراين في اإيطاليا خلال شهر يناير 1944م، وعملية الإنزال الجوي الفاشلة التي نفذها الحلفاء لعبور نهر الراين أيضاً في شهر سبتمبر 1944م.

كما أن الصعوبات التي واجهتها الفرقة الأولى المدرعة الأمريكية مؤخراً في عبور نهر "سافا" إلى البوسنة في شهر يناير 1996م تعكس التعقيدات التي تكتنف عمليات عبور الأنهار. ورغم أن الفكرة السائدة عن الأنهار أنها تشكل عوائق، إلاّ أن الجيوش الغازية قد استخدمت تلك الأنهار كطرق رئيسة في غزوها. ولعل أوضح مثال على ذلك ما حدث في مسرح العمليات الغربي أثناء الحرب الأهلية الأمريكية.
الأنهار وأوضاع الحرب الأهلية

عندما اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية استدعت الاستراتيجية الاتحادية شن هجوم عسكري مدبر في مجرى نهر المسيسبي لشق صفوف التمرد، وفتح ذلك النهر في وجه التجارة الاتحادية، وقد أطلق على تلك العملية اسم (خطة اناكوندا) .

بل إن الجيش الاتحادي قد سلك كافة الأنهار الرئيسة في مسرح العمليات الغربي - المسيسبي، وكمبرلاند وتنيسي - في ذلك الغزو للنفاذ إلى الجناح الأيسر من خط دفاع المتمردين (انظر الخريطة رقم 1)، وقد فطن الجنرال يو.أس.غرانت إلى أهمية تلك الأنهار منذ الوهلة الأولى، إذ إن نهري كمبرلاند وتنيسي يتجهان مباشرة إلى ولاية تنيسي ذات الأهمية الاستراتيجية. وفي حالة تنفيذ هجوم سريع لاختراق هذه الولاية، والسيطرة على النهرين، فإن ذلك سوف يترتب عليه فصل الجناح الغربي للجنرال "البريت سيدني جونستون"، ويفتح منطقتي ناشفيل وغاتنوغا لهجوم سهل من جانب الجيش الاتحادي.
وبالفعل عمل الجنرال غرانت على تنفيذ هذه الخطة بمساندة أسطول نهري صغير وتمكن من الاستيلاء على قاعدتي "هنري" و "دونلسون" في أوائل شهر فبراير 1862م. وقد كان ذلك نصراً مؤزراً لأن الجنرال غرانت أجبر جونستون إلى التقهقر جنوباً لمسافة (200) ميل حتى وصل إلى مدينة "كورنث" على نهر المسيسبي فوقعت ناشفيل وكافة المناطق القريبة من ولاية تنيسي في قبضة الجيش الاتحادي. واستثمر الجنرال غرانت فوزه بشن هجوم سريع على امتداد نهر تنيسي حتى وصل إلى بتسبرغ حيث دارت معركة "شيلو" الدموية في يومي 6و7 أبريل 1862م.

وضمن ذلك الهجوم الذي شنه الجيش الاتحادي جنوباً على امتداد الأنهار القريبة، تزامن هجوم آخر للاستيلاء على نقطة حصينة للمتمردين تسد الطريق إلى تعرج كبير في نهر المسيسبي على شكل "s" عند الجزيرة رقم (10)، بالقرب من مدينة مدريد الجديدة في ولاية ميسوري (انظرخريطة رقم 2). وتُعد الجزيرة رقم (10) موقعاً استراتيجياً مهماً لأنها تسد النهر تماماً، علاوة على أنها آخر أرض دفاعية قبل مدينة ممفيس، وينعطف عندها نهر المسيسبي انعطافاً حاداً. وقد كان هدف العملية التي نفذها الجيش الاتحادي هو الجزيرة رقم (10) (أطلق عليها هذا الاسم لأنها الجزيرة العاشرة إلى الجنوب من ملتقى نهري أوهايو والميسيسبي).

 

 


   

رد مع اقتباس