عرض مشاركة واحدة

قديم 10-02-11, 08:00 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
البواسل
مشرف قسم العقيدة / والإستراتيجية العسكرية

الصورة الرمزية البواسل

إحصائية العضو





البواسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

خلاصة:
• لقد كان شعار حركات المقاومة الوطنية ضدَّ الاستعمار في غالب ساحات المواجهة التي شهدها القرن الماضي أنَّ ”التحرير أولاً“، أو ”التحرير قبل التعمير“، وإذ اكتمل الاستقلال من الأجنبين في بعض بلدان العلم العربي وفي أفريقيا وآسيا سريعاً وتعثَّر بطيئاً في أخرى، انتصبت في الواقع الجديد تحديات كبير أمام العناصر الوطنية التي أسلمت لها البلاد. ومع غياب الرؤية الملهمة والأفكار والبرامج أو قصورها، دخلت بلاد العالم الثالث كافة في أحوال الاضطراب واستمرار التبعية للأجنبي رغم الحماسة السابقة في الاستقلال عنه، ولتحُلَّ الديكتاتورية في حكم البلاد وتنهض ضدَّها المعارضات السلمية والمسلحة كأنها حركات تحرير أخرى من الوطني المستبد أو العميل.
• على الصعيد الفكري، كانت الوطنية أو القومية عقيدة ألهمت الآلاف في النخبة وأحزابها بل ألهمت الملايين في الجماهير، ولكن مع تعثُّر تجارب الحكم الوطني وتوالي الحروب والهزائم والانقلابات العسكرية استنفذت الوطنية أغراضها لتحُلَّ محلها المذاهب الاشتراكية ومدارسها المعتدلة والمتطرِّفة، لكنها واجهت ذات المحنة وانتهت إلى فراغ.
• أشار كثير من المحلِّلين والمفكرين السياسيين إلى أن الصحوة الإسلامية التي تصاعدت منذ أوَّل العقد الثمانين لتبلغ ذروتها في الثورة الإيرانية ثم الانقلاب الإسلامي في السودان نهاية العقد، ملأت الفراغ الذي انتهى إليه كساد الفكر الوطني وتجربته، ثم فشل الاشتراكيات في الفكر القومي في تحقيق شعاراته الكبيرة، فجاءت العودة للإسلام بمثابة بحثٍ عن الإنقاذ في الهوية الحضارية، ولكن التجارب الإسلامية تعرَّضت لذات المعضلة التي نجمت عن غياب الرؤى والبرامج وإلهام الجماهير بوعيٍ بديل، فتجسَّدت أزمة ماثلة اليوم تعبِّر عن انسداد الأفق السياسي في إيران والسودان، إذ يتصارع فريقان من ذات التوجُّه على الحرية والاستبداد وعلى بسط السلطة أو قبضها مركزية جامدة.
• تطاوُل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والعُنف البالغ الذي يعاني منه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطع غزَّة وحتى خلف الخط الأخضر، ثم فشل عملية السلام منذ أوسلو وما نَجَمَ عن حربي الخليج الأولى والثانية من خيبة ويأس ثم حادثة سبتمبر/ أيلول 2001 في أمريكا، كل ذلك فتح الطريق لرواج تيَّار جديد في مسار حركة الإسلام ينحاز إلى الجهاد المحض الذي جسَّد ظاهرة جديدة في السياسة الدولية (الإرهاب العالمي)، الذي يُنسب كله للإسلام رغم أنه يُجافي غالب رؤية وسيرة المُصلحين الإسلاميين الكبار في الماضي القريب واليوم. قد يُحصر كله في ”القاعدة“ ليوضِّح الزمن أنها ليست تنظيماً محصوراً ولكن تيَّار يهرع إليه آلاف الشباب في العالم الإسلامي الذي آيسوا من الإصلاح والثورة نحو رفضٍ شامل، يتوق إلى إبطال ما يراه باطلاً بالقوة المحضة التي لا تميِّز ولكنه بعيد عن إحقاق ما يراه حقاً في أفكار وبرامج تواجه مشكلات الحياة الحديثة وتجيب حيرة المسلم المعاصر.
• لكن إذ أصبح العالم كله وثيقاً قريباً بعضه إلى بعض، فإن الوطن العربي والعالم الإسلامي يظل منطقة واحدة إذا اشتكى منها عضوٌ تداعى له سائر الجسد متجاوباً، فإذ بدأت ثورة الجماهير فالأغلب أنها ستنداح وتنتشر وتصبح نمطاً سارياً في كثير من دول المنطقة، تنشُدُ الحرية والديمقراطية. لكن الديمقراطية وعيٌ يُكتسب عبر عملية شاقة في تعليم المجتمع كافة، فمهما تكن الثورة ناجحة ناجزة فإن الشعب الثائر سيُختبر وشيكاً بعد الثورة كيف يصنع بالحرية التي نالها بثمنٍ غالٍ. فقد توالت في الدول العربية ودول المنطقة أنماط من تجارب التعدُّدية الحزبية التي أعقبت الثورات، لم تلبث أن تشققت بالخلافات والفراغ الذي استدعى تدخُّل الجهة الأكثر قوة وتنظيماً في المجتمع وليبدأ حُكمُ ”الجيش“. ولئن كان سكان المنطقة التي شهدت سابقاً حركات التحرير ومحاولات الوحدة والتكامل منذ مؤتمر باندونج 1962 وتأسيس منظمة دول عدم الانحياز، فإن غالب السكان هم من الفئة الشابة في العُمر وعليهم يقع عبء حمل بلاد كبيرة نحو المستقبل كما وقع عليهم عبء الثورة والتغيير من قريب.
كاتب وسياسي سوداني

المصدر: مركز الجزيرة للدراسات

 

 


البواسل

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما

   

رد مع اقتباس