عرض مشاركة واحدة

قديم 09-03-23, 07:33 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

يبدو أن واشنطن استنزفت خياراتها السلمية بلا جدوى. لقد كانت السياسة الوحيدة التي أمكنها نزع الأسلحة النووية -غزو كوريا الشمالية والإطاحة بنظامها- مُحاطة بالغموض، ولربما نتج عنها ضحايا بأعداد لا يمكن التهاون معها. لقد أمهل التاريخ واشنطن الوقت لإبطاء تقدُّم الكوريين الشماليين، ومن ثمَّ ضمان المزيد من الوقت لإيجاد حل نهائي، بيد أنها ضيَّعت هذه المهلة بتخبُّط سياساتها مرارا وتكرارا، من الدبلوماسية إلى سياسة "الصبر الإستراتيجي"، ثم من إستراتيجية "النيران والغضب" والعودة إلى الدبلوماسية مجددا، دون إعطاء فرصة كافية لنجاح أي نهج منهم.

قد يجادل المرء بأن عداء الولايات المتحدة هو ما اضطر كوريا الشمالية في المقام الأول إلى السعي وراء القنبلة، وبأن الأمور كانت قد تؤول إلى نتائج مختلفة إذا ما طبَّعت الولايات المتحدة علاقاتها مع بيونغ يانغ ورفعت العقوبات وأبرمت معاهدة سلام وسحبت قواتها من كوريا الجنوبية. بيد أن تلك الحُجة تخلط ببساطة بين السبب والنتيجة، إذ إن الجنود الأميركيين جرى إرسالهم إلى كوريا الجنوبية في أعقاب غزو كوريا الشمالية عام 1950، وظلوا هناك بسبب التهديد الكوري الشمالي الذي لم يتبدَّد أبدا. فقد نسفت كوريا الشمالية مؤخرا جدا -عام 2010- سفينة بحرية تابعة لكوريا الجنوبية وأغرقتها، ولقي على إثرها 46 بحارا حتفهم. إن انسحاب الولايات المتحدة لن يُبدِّد بالضرورة الشعور العام في كوريا الشمالية بانعدام الأمن، حيث إن عائلة كيم، الدكتاتورية المبنية على المكر والقمع، مُهدَّدة في نهاية المطاف بافتقارها هي نفسها إلى الشرعية. فلا يسعك الشعور بالأمان ما دامت توجد إلى جوارك دولة كورية أخرى تتمتَّع بقدر أكبر من الحرية والازدهار. إذن، امتلاك بيونغ يانغ للسلاح النووي يتعلَّق بيأس النظام الكوري نفسه، بقدر ما يتعلق بحاجته إلى صدِّ أي عمل عسكري أميركي.

إذا كانت ثمَّة حكومة قادرة على صنع فارق حقيقي، فلن تكون واشنطن بل بكين. إن الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الشمالية حتى الآن، ومصدر رئيسي لإمدادات الطاقة لها، ولذا يمكنها تركيع كوريا الشمالية ببساطة عن طريق وقف تدفُّق النفط، على غرار ما فعلته عام 2013 وكرَّرته عام 2014، عندما غضبت إثر إجراء كوريا اختبارا نوويا جديدا، بالإضافة إلى إعدام "جانغ سونغ تَيْك"، وهو عمُّ كيم وحلقة الوصل الأساسية في بيونغ يانغ مع الصين. بيد أن هذه الضغوط لم تستمر. وتخشى الصين، رغم أنها لا تناصر البرنامج النووي الكوري، من أن الضغط أكثر من اللازم قد يتسبَّب في انهيار النظام في بيونغ يانغ، ويفتح الباب أمام تدفُّق اللاجئين إلى الصين، علاوة على احتمال قدوم القوات الأميركية وحليفتها الكورية الجنوبية إلى عتبات بكين. ونظرا لتدني مستوى العلاقات الأميركية-الصينية الآن، ليس لدى بكين سبب وجيه لمساعدة واشنطن في هذا الصدد.

على عكس الرؤساء السابقين، يواجه بايدن الآن خصما حازما ذا رادع نووي متين يشمل القدرة على ضرب الأراضي القارية للولايات المتحدة بصواريخ نووية. فكيف يستجيب بايدن للأزمة المقبلة؟ بصرف النظر عمَّا قد يحدث، يجب أن يظل خيار الضربة العسكرية الاستباقية خارج أذهان صُنَّاع القرار، فإن كان هذا الخيار قد نُظِر له عام 1994 بوصفه خطيرا جدا وعالي التكلفة بشكل يحول دون الإقدام عليه، فهو اليوم أخطر وأكثر كُلفة من ذي قبل. ويُعتَقَد اليوم أن كثيرا من الرؤوس الحربية والصواريخ النووية لكوريا الشمالية مُخبَّأة في منشآت سرية ومدفونة في مخابئ غير قابلة للاختراق، فيما يمكن تحريك بعضها بسهولة. ومن غير المُرجَّح أن تمحو الضربات الجوية هذه القدرات بضربة واحدة، ما يعني أن كيم يمكنه الانتقام والرد بضربة نووية.

تُعَدُّ الدبلوماسية خيارا أفضل، لكن من غير المُرجَّح أن ينتج عنها نزع للأسلحة النووية. فعلى أقصى تقدير، قد توافق بيونغ يانغ على اتفاق يقضي بتجميد نووي مؤقت يحدُّ من قدرات أسلحتها النووية لفترة مُحدَّدة. بيد أن التاريخ يُرجِّح أن المفاوضات ستفشل في نهاية المطاف بسبب مسألة التحقُّق من تنفيذ اتفاق كهذا. وبدلا من تقديم تنازلات وعدم الحصول على أي شيء في المقابل؛ فعلى بايدن التصالح مع حقيقتين أساسيتين، أولاهما أن كوريا الشمالية لن تتخلَّى عن أسلحتها النووية ما دام نظامها الاستبدادي في السلطة، والثانية أن تغيير النظام بقيادة الولايات المتحدة ليس خيارا متاحا، على الأقل في المستقبل القريب. أما أفضل رهان أمام بايدن فهو احتواء التهديد الكوري والعمل على إضعاف قبضة النظام تدريجيا من الأسفل إلى الأعلى.

شعب كوريا الشمالية.. نُقطة ضعف "بيونغ يانغ"

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
قد يكون من الصعب، وربما من المستحيل، العودة إلى سياسة "الضغط الأقصى" التي نُفِّذَت عام 2017، وسيظل الأمر على حاله ما دامت الصين لم تضع تطبيق العقوبات أولوية. بيد أن تجدُّد استفزازت كوريا الشمالية قد يُعيد الصين مرة أخرى إلى هذا المسار. أما في الوقت الراهن، فلا يزال بوسع واشنطن إحياء جهودها لاستهداف تدفُّقات الأموال غير المشروعة والحسابات في البنوك الأجنبية، كما أنها قد تفرض عقوبات ثانوية على الشركات الصينية التي تنخرط في النشاط التجاري مع كوريا الشمالية.

ستكون تدابير مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل أمرا ضروريا أيضا. فقد اشتهرت كوريا الشمالية بمشاركة تكنولوجيا الصواريخ الباليستية مع إيران وسوريا، إلى جانب دول أخرى. وكلما أنتج النظام المزيد من الأسلحة والصواريخ النووية، زاد خطر مشاركته للمعرفة التي لديه مع المزيد من الدول أو حتى جهات غير تابعة للدولة، وذلك مقابل أشد ما تحتاج إليه بونغيانغ، وهو العملة الصعبة. وستحتاج واشنطن إلى بناء تحالف من الدول لإجراء مراقبة مكثفة ميدانيا وبحريا وجويا، لكشف أي نشاط كوري لنشر السلاح النووي.

مع تطبيق تدابير الاحتواء هذه، قد تستطيع حملة إعلامية إرخاء قبضة النظام على الشعب الكوري الشمالي. وبالفعل فإن الأخبار من العالم الخارجي تتسرَّب إلى كوريا الشمالية من خلال حدودها سهلة الاختراق مع الصين، كما سهَّلت السوق السوداء داخل البلاد نشر التكنولوجيا والإعلام المحظورين. ونتيجة لذلك، يستطيع الكثير من الكوريين الشماليين أكثر من أي وقت مضى رؤية الفجوة الكائنة بين أساطير الدولة والواقع القاسي، وبالنسبة لنظام مبني على الأكاذيب، يُمثِّل هذا الوعي المتزايد تهديدا له.

يبدأ كيم حاليا عقده الثاني في السلطة، لكن يصاحب ذلك دوامة من الشائعات حول صحته بالتزامن مع مشهد اقتصادي يزداد صعوبة، وما من أحد يعلم مدى استقرار حكمه في الحقيقة. وبصرف النظر عن المستقبل القريب للنظام، فإن فرصه على المدى الطويل تبدو قاتمة، إلا إذا قاد إصلاحات اقتصادية حقيقية، بيد أن هذه الإصلاحات في حد ذاتها قد تولِّد عدم استقرار سياسي. وبالنظر إلى هذا الوضع، لن تؤدي أي حملة إعلامية بالضرورة إلى نتائج سريعة على صعيد الملف النووي، بيد أنها قد تنثر بذور تحوُّل أكثر استدامة. وحينما تصبح كوريا الشمالية أكثر مسؤولية وتجاوبا مع شعبها؛ حينها فقط ستكون هناك فرصة لتقدُّم ملموس باتجاه نزع الأسلحة النووية.

إن الحل الآخر المستدام للأزمة النووية هو إعادة توحيد البلاد تحت الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في "سيول" عاصمة كوريا الجنوبية. وحتى لو قرَّرت كوريا الديمقراطية المُوحَّدة الاحتفاظ بالترسانة النووية، فإنها مع ذلك لن تُشكِّل التهديد ذاته الذي يواجهه العالم اليوم من النظام الاستبدادي في بيونغ يانغ. ففي نهاية المطاف، تُعَدُّ أزمة كوريا الشمالية النووية انعكاسا للنظام الحاكِم في كوريا الشمالية، وحتى يصلح هذا النظام نفسه إصلاحا كبيرا أو ينهار، فسيظل التهديد النووي من جانبه قائما.
—————————————————————-

هذا المقال مترجم عن Foreign Affairs
ترجمة: هدير عبد العظيم.

المصدر : الجزيرة نت

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس