عرض مشاركة واحدة

قديم 20-05-09, 07:11 PM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الفرع الثاني

الإعداد للحرب التقليدية

تمهيد:

يعتبر الإعداد للحرب التقليدية أمرا معقدا بالمقارنة للإعداد لحرب العصابات مثلا، صحيح أن الإعداد لحرب العصابات يعتبر أمرا شاقا وخطرا كما سيمر بنا بعد حين إلا أن هناك فرقا كبيرا بين التعقيد والخطورة.
ويرجع التعقيد الذي يصاحب الإعداد للحرب التقليدية إلى تعدد الجوانب التي لابد من تهيئة إيقاعها لينضبط مع إيقاع الحرب التي نخطط لها. فهناك الجبهة الداخلية، والجبهة السياسية، والجبهة الإعلامية، والجبهة الاقتصادية، ولابد من إعداد كل هذه الجبهات باعتبار أنها في مجموعها تشكل الجبهة العامة للحرب التقليدية.
وسنتناول فيما يلي إعداد كل جبهة من هذه الجبهات في مبحث مستقل.

المبحث الأول

إعداد الجبهة الداخلية

والجبهة الداخلية هي ذلك الشق المدني من الدولة وينتظم في هذا الشق كافة الأفراد المدنيين الذين يعملون في الأعمال غير العسكرية. وقديما لم يكن لإعداد هؤلاء الأفراد أهمية تذكر، إذ لم يكن لهم في الحرب ناقة ولا جمل رغم أن الملوك في ذلك الوقت كانوا يمثلون السلطتين المدنية والعسكرية معا.
وقد تطور الأمر إلى النقيض من ذلك بعد انفصال السلطتين المدنية والعسكرية، خصوصا وأن السيطرة في أغلب الأحوال كانت للأولى ( المدنية ) لا للثانية (العسكرية ).
فحينما كان الملك يتولى وحده السلطتين معا، وكانت الحرب لا تقوم - في حقيقة أمرها- إلا من أجل المليك المفدى، لم يكن مهما إلا إعداد النبلاء المقربين وأتباعهم المحاربين الذين كان حشدهم يتم على أسس شخصية. وعوامل محلية قلما تجاوزتها أهداف الحرب نفسها.
وأما حين انفصلت السلطتان، وبدأت الأماني الشعبية تفرض نفسها على أهداف الحرب، فلم يعد من الممكن خوض الحروب إلا بعد إعداد الشعب لها إعدادا يؤهله لأن يكون أمينا على ظهر الطلائع العسكرية المحاربة في الميدان لتكون هذه الطلائع بدورها أمينة على أمانيه الشعبية المستهدفة من الحرب. ولهذا صار من الواجب إعداد الجبهة الداخلية وهو الأمر الذي يتحقق بثلاثة أمور هي:
1 - بلورة الأماني الشعبية.
2 - إعداد الغرف اللازمة لإدارة العمليات المدنية.
3 - تكوين فصائل المقاومة الشعبية والدفاع المدني.
ونشير فيما يلي إلى معنى كل أمر من هذه الأمور.
أولا : بلورة الأماني الشعبية

ويقصد بذلك، تحديد هذه الأماني، وتبويبها تبويبا زمنيا يتناسب والإمكانيات القائمة والمنتظرة ثم ضبط انفراج هذه الأماني ليتوازى انفراجها مع الإمكانيات المتاحة بالفعل وذلك تجنبا لإضاعة الممكن في طلب المستحيل.
فالملاحظ دوما أن الأماني الشعبية تتجاوز في حدودها العليا القدرات الواقعية للخطة التي تستلهم فيها الأماني الشعبية، ولا غرو فالأماني الشعبية تتغذى من العوامل العاطفية أكثر مما تتغذى من العوامل الواقعية، ولا ضير، فهذا أساس الأمل واستمراره لدى الشعوب. إلا أن الضير كل الضير أن نخلط بين الواقع والمأمول إذ يؤدي بنا ذلك لا إلى أن نفقد واقعنا فقط بل وإلى أن نفقد آمالنا كذلك. ولهذا يعمد القادة الملهمون إلى المكافأة بين الأماني الشعبية والقدرات الواقعية لدولتهم تجنبا للخلط بين الواقع والمأمول، أو الحقيقة وأشباه الخيال.
ثانيا: إعداد غرف العمليات المدنية

وتنقسم هذه الغرف نوعيا إلى قسمين: غرفة رئيسية ترتبط ارتباطا مباشرا بكل من قيادة القوات المسلحة والقيادة السياسية العليا. ومجموعة أخرى من الغرف بكل وزارة ومرفق، ومحافظة ومدينة، وتخضع هذه الغرف جميعا للغرفة الرئيسية الأولى بالأسلوب التدريجي المعروف.
وبالطبع يوجد لكل غرفة من هذه الغرف غرفة أخرى تبادلية تستخدم عند اللزوم.
وتقوم هذه الغرف كل في مكانها بالسيطرة على فصائل المقاومة الشعبية، وتوجيه الدفاع المدني ليستطيع حماية المنشآت الحيوية، مثل منشآت الري والصرف والمياه والمجاري والكهرباء والسكك الحديدية، فضلا عن المعاونة على استمرار هذه المنشآت فيما لو تعطلت بفعل فاعل.
ثالثا: تكوين فصائل المقاومة الشعبية والدفاع المدني

وتتكون فصائل المقاومة الشعبية ممن فاتهم أو لم يصبهم الدور الالتحاق بالقوات النظامية، حيث يلحق هؤلاء الأفراد بتنظيمات شبه عسكرية تتولى تدريبهم على أعمال المقاومة الشعبية مثل: مقاومة الهابطين بالمظلات، والكشف عن الجواسيس والعملاء، وتقدم المعاونة للقوات النظامية .
وأما فصائل الدفاع المدني فتتكون من كل القادرين على أعمال الدفاع المدني المتعلقة بإنشاء المخابئ، وإطفاء الحرائق، وإسعاف الجرحى، وقيادة المواطنين عند الغارات، بل وحتى حياكة الملابس العسكرية المطلوبة للمحاربين.

المبحث الثاني

إعداد الجبهة السياسية

فالحرب الناجحة محصلة أمرين: إعداد سياسي جيد، وخطة عسكرية متقنة. ويعتمد الإعداد السياسي أول ما يعتمد على تهذيب أهداف الحرب لتكون متوافقة مع القانون الدولي العام، فهذا التوافق بين أهداف الحرب وبين القانون الدولي العام هو الأساس الذي تستند إليه الدول المحاربة حين تنادي بحقها في الحرب، كما أنه طريقها الواسع للحصول على تأييد الغالبية العظمى من دول العالم، فكما أنه لا قيمة لحق لا تحميه القوة، فإنه لا قيمة لقوة تتجه إلى غير حق، ولا يغرنا في هذا تقلب بعض الغاشمين في بعض البلاد فمثل هذا مصيره إلى زوال، إذ لو يصح إلا الصحيح ولو بعد حين.
وبعد أن تثق الدول في مشروعية أهدافها، فإنها تتجه إلى المحافل الدولية حيث تقوم بعرض قضيتها هناك، قاصدة بذلك إظهار مالها من حق، وما عليه عدوها من باطل، إذ بذلك تزداد قوتها بازدياد المؤيدين، وتنقص قوة عدوها بانصراف المشايعين.
وتعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل الإعداد السياسي للحرب، فيها تحفز الدولة المحاربة كل الهمم الدولية حتى تمارس الضغط المطلوب على العدو قبل وبعد المعركة معه. وبقدر ما تنجح الدولة في عرض قضيتها، وفي كسب المؤيدين لها، بقدر ما ستجني - فيما بعد - ثمارا طيبة للحرب التي ستخوضها.
ولا تكتفي- الدول في مجال الإعداد السياسي للحرب -بتلقي البركات من غالبية الدول، بل إنها تقوم بعد ذلك بتصنيف هذه الدول لتخرج من بينها الدول التي تتعدى مرحلة التأييد الرسمي إلى مرحلة التحالف. فلكل دولة حلفاؤها، سواء تدنى هؤلاء الحلفاء إلى مرحلة التأييد الشعبي والرسمي، أم ارتفعوا إلى مرحلة الاشتراك في العمليات العسكرية.
والدول الماهرة هي التي تعد هؤلاء الحلفاء بأسلوب مدروس ليكونوا سندها وعمقها حين يبدأ القتال.
وليست هناك وسيلة واحدة لإعداد كل هؤلاء المتحالفين فدول التأييد الرسمي والشعبي لابد لها من عدد كاف من الديبلوماسيين والإعلاميين المهرة الذين يعرفون طريقهم لتنمية واستثمار هذا التأييد، وأما دول العمق المكاني والتسليحي والاقتصادي، فلابد لها من لجان متخصصة تعرف كيف تسيل الماء في القنوات الجافة، وأما الحلفاء المقاتلون فيتم التنسيق معهم على أعلى مستويات التنسيق حتى نضمن لأنفسنا إيقاعا موافقا في العمليات العسكرية يخدم في نهاية الأمر هدفنا الاستراتيجي العام .

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس