عرض مشاركة واحدة

قديم 20-05-09, 07:08 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

المبحث الثاني

التكتيك

تحدثنا من قبل عن المبادئ الاستراتيجية، وتبين مما قلناه أن الاستراتيجية ترتبط بتحرك القوات وأوضاعها قبل المعركة، وبالتأمل، لا يخفى أن الغرض من تطبيق مبادئ الاستراتيجية هو إجبار العدو على القتال في الوضع الذي لا يلائمه عند الاتصال به بهدف الفوز بالنصر في مواجهته.
لكن إحراز هذا النصر لن يتأتى بتطبيق المبادئ الاستراتيجية وحدها، بل يجب أن يتوج التطبيق المبدع لهذه المبادئ الاستراتيجية بنجاح تكتيكي كذلك، إذ لا تغني الاستراتيجية الناجحة عن اتباع التكتيكات السليمة داخل المعارك المختلفة التي تنظمها الحرب، فالتكتيك الفاشل لن تجدي معه الاستراتيجية المنتهجة مهما كانت درجة تفوقها.
ويقصد بالتكتيك في مجالنا هذا: القواعد التي تستخدم لتحقيق التأليف الصحيح بين النار والحركة بغرض إحراز قوة الصدم المطلوبة، وكذا الاستفادة التامة من الخصائص الفنية للسلاح المستخدم.
ولا يؤثر في بقائنا في نطاق تطبيق القواعد التكتيكية أن تكون الوحدة المستخدمة من النطاق التعبوي، فمبادئ التكتيك التي ستمر بنا بعد حين تشمل ما دون الاستراتيجية ولو كان تعبويا.
وللتكتيك عنصران رئيسيان هما: النار، والحركة. وينتظم هذين العنصرين مبادئ عامة هي بعينها مبادئ الاستراتيجية وإن تبلورت لتلائم المجال التكتيكي بالطبع. وفضلا عن هذه المبادئ العامة فهناك مبادئ خاصة لكل عنصر من عنصري التكتيك.
وسنتناول في القسمين التاليين مبادئ كل عنصر من عنصري التكتيك، أي مبادئ النيران ومبادئ الحركة.
القسم الأول:

مبادئ النيران

ويعتبر استخدام النيران في المعارك التقليدية الحديثة هو الأساس، ويستثنى من ذلك حالات قليلة قد ستخدم فيها السلاح الأبيض. ويتوقف النجاح التكتيكي كثيرا على التخطيط الدقيق للنيران.
ويكون التخطيط النيراني دقيقا ومحكما إذا ما روعي فيه المبادئ العامة التالية:
أولا الحشد:

ويقصد بالحشد في هذا المجال تجميع أكبر قدر ممكن لمصادر النيران في المراكز الرئيسية للمعركة التكتيكية.. ويتطلب تحقيق هذا الحشد مراعاة التأليف الصحيح بين السلاح المتيسر والمحلات المختارة له بعناية، وهذا بالطبع مع مراعاة التنسيق الكامل مع المستوى الاستراتيجي والمستويات التكتيكية الأخرى.
ثانيا - المفاجأة :

فلا قيمة لهذا الحشد إذا أتى بطريقة يتوقعها العدو، ويعد لها الوسائل المضادة المناسبة، فلابد لكي نجني الثمرة المرجوة من أن نحرم العدو من الوقت الكافي والاستعداد المناسب لمواجهة التخطيط النيراني المعد ولن يتحقق هذا إلا بمفاجأته بالنيران.
ثالثا - الدقة والمرونة

فلن يكلل الحشد، ولن تتوج المفاجأة بالنجاح، إلا إذا كانت النيران معهما دقيقة ومرنة، خصوصا وأن التقدم العلمي الهائل قد أدى إلى ضمان سقوط النيران في البقعة المطلوبة بالضبط، كما أنه أدى كذلك إلى تحقيق القدرة على المناورة بالنيران بالطريقة المطلوبة تماما.
رابعا - الاستمرار:

فقد تتوافر للقائد المحلي كل العوامل السابقة، إلا أن ذخيرته تنفذ دون أن تكون هناك خطط موضوعة لضمان استعراضها واستمرارها، وهنا يتكفل العدو غالبا بحل هذا الأشكال.
القسم الثاني:

مبادئ الحركة


وتتحرك القوات في الميدان تحركات متعددة، إلا أن هذه التحركات مهما تعددت لا تخرج عن إطارين هما: التحرك للهجوم، والتحرك للدفاع.
ولكل من الهجوم والدفاع مزايا معروفة تكتيكيا، فالمهاجم يتمتع باختيار وقت ومكان المعركة، بينما المدافع يتمتع في مواجهة ذلك بميزتين رئيسيتين هما: دراسة الأرض، وتجهيزها هندسيا، وقد يتمتع المدافع إلى جوار ذلك بميزات أخرى قد لا تتوافر في كل معركة ونعني بذلك دعم الشعب، والميل الغريزي للجند نحو الوله بتراب الأرض، وكذا الموانع الطبيعية الصعبة.
هذا، وليس من الميسور الجزم مسبقا بتفوق الشكلين السابقين في المجال التكتيكي، فالفصل في ذلك ليس مطلقا ومجردا، وإنما هو يتم بناء على عوامل فنية كثيرة، يدرس القادة المهرة معطياتهم، ثم يحددون على أثرها الشكل الذي يرونه محققا أقصى القوة لقواتهم على أرض الواقع.
وعلى أية حال فسنتناول فيما يلي كلا من الدفاع والهجوم.
أولا - ا لهجوم:

وللهجوم أشكال ثابتة، ومعروفة، هي: الالتفاف، والتطويق، والاقتحام بالمواجهة.
ويتوقف اختيار الشكل المناسب منها على عوامل فنية كثيرة، أهمها: الظروف الطبوغرافية، ونظم دفاعات العدو، وأسلوبه في العمل، فضلا عن الموعد المطلوب تحقيق الهجوم فيه ليلا أم نهارا.
ويقصد بالالتفاف: التقدم على أجناب العدو ومؤخرته المباشرة، مع معاونة ذلك بهجوم تثبيتي (ثانوي) آخر على المواجهة.
ولا يختلف التطويق عن الالتفاف إلا في عمق المدى، فالتطويق لا يتم على الأجناب والمؤخرة مباشرة، وإنما يتم بعيدا عنهما، كما قد لا يكون هناك تعاون مباشر دائما بين قوات الأجناب وقوات المواجهة في مجال التطويق.
وقد يتم الالتفاف بجناح واحد على جنب واحد وهنا يسمى بالالتفاف المفرد، وقد يتم بجناح واحد على كل جنب من الجنبين وهنا يسمى بالمزدوج، كما قد يكون الالتفاف بجناحين على كل جنب من الجنبين وهنا يسمى بالمركب، ونفس الشيء تماما بالنسبة للتطويق.
وأما الاقتحام بالمواجهة فيقصد به أحد شكلين: إما الهجوم على مواجهة واسعة، وإما الهجوم على مواجهة ضيقة واختراقها ثم الاتجاه إلى خلف أجناب العدو وإلى مؤخرته، وفي هذه الحالة تكون تسميته الدقيقة هي الاختراق بالمواجهة.
ويتم اختيار الشكل الأول (الاقتحام بالمواجهة) إذا أريد إجبار العدو على توزيع مجهوده، وتضليله على اتجاه المجهود الرئيسي للضربة. بينما يتم اختيار الشكل الثاني (الاختراق بالمواجهة) في حالة ما إذا كانت أجناب العدو قوية ومحمية بدرجة مناسبة، بينما تكون دفاعات الوسط ضعيفة إما لعدم حمايتها بدرجة كافية، وإما لوقوعها بين فواصل الوحدات.
وأيا ما كان الشكل المتخذ للهجوم، فإن القادة المهرة لا يهملون فيه السرية، وإحماء القوات للقتال بحسم وعزيمة، وكذا المحافظة على القوة الدافعة للهجوم، والمبدأ الأخير ليس بالأمر الهين لما يتطلبه من استعواض مستمر لكميات في الذخيرة والعتاد تتعاظم بتعاظم مواجهة المعركة وعقمها.
وقد يلحق بالهجوم شكلان آخران يسمى أولهما بالمعركة التصادمية، وهي تنشأ من فجاءة القوات المتضادة كل منها بالأخرى. والنجاح في هذا الشكل للخصم العنيد المصمم، الذي يسرع بالفتح المناسب في تشكيل المعركة، وبعد أن يكون قد أخذ حذره واحتياطه من قبل بدفع مفارز متقدمة أثناء السير مهمتها التنبيه إلى العدو وأوضاعه فور ظهوره، ثم تعطيله حتى تسرع القوة الرئيسية بالفتح للمعركة.
وثاني هذين الشكلين يسمى بالمطاردة وتعزيز الأراضي المكتسبة، ويؤتى هذا النوع ثماره بالمحافظة المستمرة على الاتصال بفلول العدو المنسحبة، لما يعنيه هذا الاتصال من استمرار الضغط على العدو، وحرمانه من أية فرصة لتجميع قواته أو التقاط أنفاسه.
وفي الختام، يجدر التنويه إلى أن التنفيذ العملي لأي من أشكال الهجوم السابقة يصاحبه اختيارات كثيرة، سواء في نقطة الفتح للهجوم، والتي قد تكون من الاتصال القريب أو من العمق، وهذا يتوقف بدوره على طبيعة دفاعات العدو (مجهزة أو غير مجهزة)، ونوع دفاعه (ثابت - متحرك) وشكل دفاعه (خطي صندوقي دائري)، كما يتوقف كذلك على مسرح المعركة، هل هو صحراوي أم يقع في المدن؟ وهل أي منهما به موانع أو بدون موانع؟ وكذا تتوقف نقطة الفتح للهجوم على وقت المعركة، هل هو ليلا أم نهارا؟.
وهناك كذلك اختبارات أخرى تتعلق بنوع القوات المستخدمة لتحقيق شكل الهجوم، والغالب الآن - استجابة لمعطيات معركة الأسلحة المشتركة - أن يتم التنسيق بين كافة أنواع القوات، سواء البحرية، أم البرية، أم الجوية وبالأفرع المناسبة من كل منها بالطبع.
وبالإضافة إلى هذه الاختبارات، فهناك أيضا الاختبارات التي تتعلق بالأنساق التي تدفع للمعركة، وأسلوب دفعها.
وللهجوم الليلي اختيارات خاصة تتعلق بدرجة الصخب المسموح بها، فهل يكون صاخبا؟ وفي هذه الحالة يبدأ بالتمهيد النيراني المناسب بالأسلحة الثقيلة وبالأضاءة المناسبة، أم يكون صامتا؟ وهنا لا تستخدم نيران الأسلحة الثقيلة ولا تضاء أرض المعركة إلا بعد اكتشاف العدو للهجوم، أم يكون جامعا بين النوعين السابقين بحيث يكون صامتا/ صاخبا؟ وهنا لا يصدر القائد أوامره بصخب الهجوم إلا بعد مرور قواته، المناطق الأكثر تعرضا لنيران العدو.
وغني عن البيان أنه لا يتصور أن يبدأ الهجوم - صاخبا ثم ينقلب صامتا كما يظهر بأدنى تأمل.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس