عرض مشاركة واحدة

قديم 19-08-10, 10:26 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الطبوغرافية

تحدد الطبوغرافية ممرات واتجاهات العمليات والتنقلات العسكرية والبشرية الهامة للبضائع والسلع والتكنولوجيا، وغالباً ما تشكّل الممرات ـــ مثل ممر خيبر في أفغانستان المستخدم من قِبل الغزاة والفاتحين منذ الإسكندر الكبير ـــ الطريق الوحيدة المفتوحة للحركة، ناهيكم عن الفتحات الجبلية التي لولاها لما استطاعت الحركة البشرية، مهما كانت أغراضها، أن تتم بسهولة على سطح الأرض، كفتحة (فولدا) في وسط ألمانيا، وفتحة (كوزيزيا) على الحدود الإيطالية، وفتحة (حمص) في سوريا، والممرات الجبلية بين سلاسل الأطلس المتوسط والأطلس الكبير في المغرب العربي التي لولاها لما استطاع الإنسان التحرّك بين الواجهتين الأطلسية والقارية للمغرب.

ويعلم الجميع أهمية ودور التلال في تكوين التحصينات العسكرية المتقدمة في الجبهات القتالية الحديثة، وخير مثال على ذلك تمركز الجيش الإسرائيلي بشكل دائم على رؤوس التلال في جبهاته الشمالية مع سوريا ولبنان، واستغلاله لأعلي قمة في المنطقة، وهي قمة (جبل الشيخ) لإنشاء أكبر مرصد عسكري إلكتروني حديث في المنطقة. ونجد من ناحية أخري أهمية الطبوغرافية في العمليات العسكرية في الحرب الدائرة في جبال (كشمير) بين الهند وباكستان، وكذلك في أفغانستان، حيث تلعب طبوغرافية الجبال دوراً هاماً في فشل أو نجاح العمليات التكتيكية بين مختلف أطراف النزاع الميداني، ناهيكم عن المناوشات الكردية التركية في شمال العراق التي تستفيد بدورها من الطبوغرافية الجبلية بشكل موسع.،
وفي البحار والمحيطات، فإن الممرات والمضائق البحرية تشكّل نقاط استراتيجيةً هامة، تحاول الدول القوية بحرياً في العالم السيطرة عليها، كما أن أشكال السواحل وتعرجاتها تؤدي إلى نشوء حماية طبيعية للدفاع عن الأراضي الساحلية ولحماية السفن والمراكب في أيام الحرب، أما في أيام السلم فهي تشكّل موانئ طبيعية تسمح لمختلف أنواع المراكب والبواخر باستخدامها كملاجئ أيام الاضطرابات الجوية الهامة.

شبكة الطرق والمواصلات

جاء التطوّر التقني الخاص بالمركبات والآليات والسيارات المختلفة بضرورات جديدة خاصة بشبكة الطرق والمواصلات، التي يجب أن تكون شبكه من الطرق المعبّدة بشكل يسمح بتحقيق سرعات عالية مع تحمّل كثافة مرورية عالية، وأن تكون جيدة الصيانة بشكل دائم، لتسهيل الحركة داخل مسارح العمليات إن كانت عسكرية أو مدنية.

ولاشك في أن تطوير شبكات الطرق يؤدي إلى تسهيل مهمة المحتل في المسارح العسكرية، كما حدث للجيوش الألمانية عند احتلالها للأراضي الفرنسية التي تحمل فوقها شبكة كثيفة من الطرق.

وكانت الطائرات في الحرب العالمية الثانية قادرة على الهبوط على أية أرض مستوية، أما اليوم فإن الطائرات الحديثة بمختلف أغراضها تتطلب تطوير قواعد جوية تحتوي على مختلف التجهيزات الخاصة بالطيران النفّاث وصيانته، وتحوّلت القواعد الجوية بدورها إلى قواعد عسكرية قتالية من الطراز الأول، وهذا الأمر جعل منها أهدافاً يجب السيطرة عليها في الجيوستراتيجيات التكتيكية.

تناسب القوى

المقصود بهذا العامل هو (السكان)، فالكثافات السكانية لمختلف مسارح العمليات، وبقع التنازع السلمي والعسكري، وكذلك أقاليم التطوير الإداري ــ السياسية التي تتطلب جيوستراتيجيات سلمية خاصة للتخطيط وإعادة استغلال الأراضي، فالحجوم السكانية تشكّل قوى تؤدي إلى تزويد مسارح العمليات بالرجال، وكذلك تؤدي إلى تزويد السلطات العليا المسؤولة عن مسارح العمليات بالمفكرين القادرين على إدارة الأزمات إن كانت حربية أو مدنية.
والإنسان هو مولّد للثروة وللتكنولوجيا، ومن هنا تأتي الأهمية الاستراتيجية لبعض الدول النامية كالصين، والهند، وأندونيسيا، والبرازيل، فالقوة البشرية أدت إلى تغيير النزاع أو تحويله لصالح المحتل، أو لإيقاف العمليات العسكرية وتغيير مهمتها، وهذا ما أدى إلى تطوير حروب العصابات لدى المجتمعات المتفوقة بأعداد سكانها والضعيفة تكنولوجيا، والأمثلة في هذا المجال لا تُعد ولا تحصى في التاريخ القديم والحديث، لعدد من دول العالم شرقه وغربه، فهل تعتبر مهمة الجيوستراتيجية غزو المكان، أم أن أهدافها المعلنة تكمن في استخدام خصائص المكان من أجل إعادة تطويعه لأغراض الإنسان النفعية الاقتصادية منها وغير الاقتصادية؟


من أجل الوصول إلى هذا الهدف، فإن الجيوستراتيجية الحديثة تبحث عن تطوير الأمن القومي الداخلي، كونه الإطار الذي يسمح بتطوير الأمة بمختلف قطاعاتها الاقتصادية، واتباع الجيوستراتيجية الحديثة لمنهج سلمي قائم على تطوير آليات الدفاع عن المسرح العملياتي القومي الوطني الذي يمتد على كامل التراب الوطني للدول، ولا يعني هذا تخلي أصحاب القرار الجيوستراتيجي ـــ وخصوصاً في الدول الكبرى ـــ عن طموحاتهم في السيطرة على اقتصاديات العالم، للمحافظة على مكتسباتهم في خيراته وثرواته، لدرجة جعلت رؤساء بعض من هذه الدول يعلنون صراحة أنه من الخطأ التفكير في أن دولنا هي دول محايدة، ولن تتردد في استخدام الخيارات العسكرية المدعومة بالسلاح الرادع لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لحماية مصالحها.

ويلاحظ المهتمون والمتابعون لشؤون السياسة العالمية أن تطوير العالم لتكنولوجيا المراقبة الفضائية باستخدام توابع ذات مرئيات عالية الوضوح المكاني، كمرئيات التابع الصناعي (إيكونس)، والتابع الصناعي (كويك بيرد)، جعل للجيوستراتيجية بشقيها العسكري والمدني بعداً فضائياً هاماً، كما يمكن اعتماد التفكير المغاير لذلك، والقول إن الطموحات التي مازالت كثيرة ومتعددة للدول المتقدمة في العالم في حربها الاقتصادية، ونتيجة لمتطلبات الجيوستراتيجية الحديثة، فقد تم تطوير هذه التوابع الصناعية الماسة للأرض التي تقدم مرئيات في غاية الدقة والتفصيل لمختلف مسارح العمليات.

ولاشك في أن الهدف الثاني والأكبر في هذا المجال، بعد الهدف الرئيس الأول للجيوستراتيجية الحديثة، يكمن في تحقيق المكاسب وتكوين مناطق التأثير والأنظمة اللاحقة أو التابعة، ذلك أن الجيوستراتيجية التطبيقية تتطلب أن يكون هناك منافع ومكاسب من وراء الأراضي المحتلة، التابعة أو الحليفة، بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق عبقرية اتخاذ القرار الصادر عن الاستراتيجي المسيطر أو الأقوى الذي يتخذ عادة (القرارات التكتيكية الهجومية) التي لها بالضرورة علاقات مكانية، وإلاّ فإنها لن تكون جيوستراتيجية ولن يتمكن الاستراتيجي من تطويع (مكان الآخر) لصالحه، وذلك باعتماد واقع المكان، والعلاقات السياسة ــ الاقتصادية المهيمنة أو السائدة، والأهداف الاستراتيجية المطلوب الوصول إليها.

تحتاج الجيوستراتيجية إذن إلى المعلومة المكانية ــ الزمنية، وهذه المعلومة يجب أن تكون موثقة وصحيحة لكي تتمكن القرارات التكتيكية ــ الصادرة حسب الخطة الجيوستراتيجية ــ من أن تكون صحيحة وقيمة، وبالتالي ذات فاعلية. والحصول على المعلومات المكانية يتم عبر طريقين فقط هما: العمل الميداني، وآليات استشعار عن بعد بواسطة المرئيات الفضائية عالية الدقة، كما أن الحصول على المعلومات المكانية المرئية والبيانات الخاصة بمختلف الخصائص الجغرافية لأي مسرح عمليات تسمح بعزل وحصار هذا المسرح إعلامياً وقطعه عن العالم، مما يؤدي إلى شلل كبير في مختلف مرافق هذا المسرح وسرعة وقوعه كقيمة نافعة إن كان ذلك بالمعنى الفكري أو المدني للجيوستراتيجية المستخدمة.

وهكذا نجد أن الجيوستراتيجية ليست نوعاً من أنواع الاستراتيجية، لأن المسؤول الجيوستراتيجي يهدف إلى السيطرة المتكاملة على المجال ــ الزمن من أجل أن يتمكن الاستراتيجي من اتخاذ قراره الصحيح والأمثل، ونظرياً نعتقد بأن الجيوستراتيجية لا تستخدم لأغراض (محو الآخر)، أي لأغراض عسكرية، بل هي تقوم على دراسة الطرق الأمثل لتنظيم المجال لزمن محدد لتحقيق أهداف عسكرية ومدنية ولخدمة الاستراتيجية السياسية ــ الاقتصادية، فهي إذن من هذا المنطلق أداة تقنية لاتخاذ القرار، وهي تكتسب كل أهميتها من هذا المنطلق ?

الهوامش

(1) يفضل استخدام كلمة (المجال) كتعبير مباشر وصحيح لكلمة Space الإنجليزية، وكلمة Espace الفرنسية، إلاّ أن التعبير العلمي العربي الموروث من الدراسات والأعمال والتراجم الجغرافية الأولية التي جاءت علي يد مؤسسي الجغرافيا العربية الحديثة، هو (المكان)، ويجب اعتبار تعبير المكان بمعناه الواسع جداً للتعبير عن حقل الدراسة الجغرافية بالرغم من كونه أجوف، ولا يستحق استخدامه للتعبير عن ميدان أو حقل العلوم الجغرافية الذي هو المجال أي Space، وليس (الفضاء) كما حاول بعض الكتّاب ذكره في الآونة الأخيرة.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس