عرض مشاركة واحدة

قديم 19-08-10, 10:17 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

لقد سيطرت الجغرافيا على الفكر العسكري للغرب طوال القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وحتى منتصف القرن العشرين، وكانت الجغرافيا الحربية توحّد هذا الفكر العسكري الغربي، وكذلك الشرقي، أي كانت تشكّل عاملاً مشتركاً للفكر الاستراتيجي العسكري للقوى الكبرى في العالم. ولأسباب تتعلق بأساليب الكشف المتطورة فيما وراء الحدود التي عرفها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، ومنها الكشف الراداري المحمول بواسطة الطائرات والأقمار الاصطناعية، تطور المسح الأرضي بواسطة الأقمار الاصطناعية، وتطورت آليات المسح الفضائي والجوي الرقمي واستخدام الحواسيب في آليات الكشف والتحليل، مما جعل الجغرافيا تتجرد بداية من أهميتها الحربية، ولتصبح (جغرافيا مدنية)، وتحوّلت الدراسات والأبحاث الجغرافية من أهدافها لتستقر عند تطوير واستخدام سطح الأرض الاستخدام الأمثل، وتحوّل الجغرافي من مهندس حربي للمكان إلي مهندس تخطيطي للمجال، وفي الوقت نفسه أدى إلى ترجيح كفة العلوم الجغرافية باتجاه التطبيقات الحضرية عوضاً عن التطبيقات الحربية التي كانت سائدة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبداية القرن العشرين.

لقد عرفت الجغرافيا الحربية ذروتها في القرن التاسع عشر، ففي ايطاليا تؤكد دراسات FERRUCIO BOTTI ذلك، وبأن الجغرافيا كانت أهم مركبة يجب أن تدرك في الفنون العسكرية. وفي الواقع تأثرت المدرسة الفرنسية العسكرية بالمدرسة الإيطالية واشتهر في فرنسا عدد من كبار الضباط الذين تخصصوا في الجغرافيا الحربية، وخصوصاً بعد الحرب الفرنسية الألمانية (1870 ـــ 1871م)، ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر NIOX و MARGA، اللذان قاما بتأليف موسوعة هامة في الجغرافيا الحربية الفرنسية، وقاما بتدريسها حتى نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين.

أما سويسرا، فقد كان لها باع كبير في الجغرافيا العسكرية الحربية التي طوّرها وساهم في بلورة أهميتها في المعارك الحديثة العقيد ARNOLD KELLER، الذي كان رئيساً لأركان الجيش السويسري، وقام بدوره بتأليف مرجع في الجغرافيا العسكرية لسويسرا، وهو مكوَّن من (34) كتاباً (جزءاً) بين عامي 1906 و 1922م، وكان يعتقد أن الدول الأوروبية لن تحترم كون سويسرا دولة محايدة غير حربية وغير عدوانية، وأنها ستتعرض للعدوان المباشر أو ستستخدم أراضيها لعبور الجيوش المتحاربة.
وهكذا، نجد أن لكل دولة أوروبية عدداً من الجغرافيين العسكريين الذين ساهموا في وضع استراتيجيات دفاعية هامة عن بلادهم، آخذين بعين الاعتبار الخصائص الجغرافية داخل المجال الوطني، وآخذين كذلك بعين الاعتبار شروط الموقع وخصائصه، ونستطيع أن نجد في السويد أعمال GUNNAR ASELIUS، وفي رومانيا أعمال TUDOREL ENE، وفي البرتغال أعمال TOAO VIEIRA BORGES.

ولا يستطيع أحد الجزم بأن الجغرافيا الحربية هي جغرافيا أوروبية، فإن عدداً كبيراً من الدراسات الجغرافية العسكرية ظهرت في (كندا) بين عامي 1867 و 2002م، وهي تؤكِّد أن المدرسة الجغرافية العسكرية الكندية، بعد تأثرها بالفكر الفرنسي، تحوّلت إلى التأثر بالفكر الأنجلوساكسوني الأمريكي.

وبالرغم من تراجع كفة الجغرافيا الحربية في الغرب لتحل محلها الجغرافيا المدنية أو الحضرية، فقد بقيت الجغرافيا الحربية ذات أهمية خاصة في مجموعة الدول الآسيوية، وبخاصة لدى المفكرين العسكريين في اليابان، والصين، وكوريا، وأندونيسيا. وتثبت دراسات Kyoichi Tachi Kawa في اليابان أن أهم أهداف الجغرافيا الحربية في اليابان تكمن في تنظير المجال Space، لأغراض استراتيجية تطبيقية دفاعية أو هجومية، وأقرّت قيادة أركان الجيش الياباني أهمية الجغرافيا الحربية من خلال هذا التعريف منذ عام 1941م.

والدراسات والأبحاث في الجغرافيا الحربية أو العسكرية ــ التي عرفت ذروتها في القرن التاسع عشر ــ أدّت إلى تطوير علوم عسكرية هامة منشقة أو متفرعة منها، وبخاصة علم الجيوستراتيجية Geostrategy، أو الجغرافيا الاستراتيجية، فما هي أصول هذه الجغرافيا ومفاهيمها.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس