عرض مشاركة واحدة

قديم 14-04-09, 12:46 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

وان من أهم خصائص النصوص القانونية بصفة عامة و نصوص قوانين العقاب بصفة خاصة هي قوة النص ورصانة العبارات التي تصاغ فيها وتناسقها و استخدام كل لفظ و كل اصطلاح في موضعه المناسب لتأدية المعنى المقصود منه . وذلك إن حسن صياغة النصوص القانونية يضفى عليها الوضوح المطلوب و يبعد عنها الغموض و الإبهام .
و بالنظر إلى قانون العقوبات العسكري فإننا نجد أن كثير من نصوصه تفتقد مثل هذه الخواص فتجده يستخدم ألفاظ وعبارات بعيده كل البعد عن القاموس القانوني و يستخدم لغة ابعد ما تكون عن لغة القانون ، فتارة يستخدم ألفاظ و عبارات مطاطية مبهمة ، وتارة يستخدم العبارات والألفاظ المترادفه لبيان معنى معين ، ويكفى أن تقرأ نص المادة 143 من هذا القانون لتقف على مدى صحة ما نقول ، بل إننا نجد أن هذه المادة قد جمعت بين عدد كبير من الجرائم بعضها من الجنايات مثل الاختلاس ، والبعض الآخر من الجنح مثل السرقة ، وقررت لها جميعا عقوبة واحدة , ويبدو إن المشرع لم يتبع خطة ما ، أو سياسة محددة في صياغته لهذه النصوص ، بل يبدو انه لم يكن على بينة بنصوص قانون العقوبات العام والمبادئ القانونية العامة المستقرة به ، ولن أكون متجاوزا حدود اللياقة إذا قلت أن المشرع الذي صاغ نصوص هذا القانون لم يكن مجازا في القانون".([11])
ولما كان ذلك وكان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 قد نص في المادة السابعة منه على انه:"الناس جميعا سواء أمام القانون . وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز ، كما يتساوون في الحق بالتمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز "
كما نصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في عام 1966 على انه :
"الناس جميعا سواء أمام القضاء "
مما يعنى أن قانون الأحكام العسكرية بصياغته المعيبة و المبهمة في كثير من نصوصه يشكل خرقا و انتهاكا لنص المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا المادة 14 من العهد الدولي الخاٍص بالحقوق المدنية والسياسية حيث أن نصوصه جاءت غير واضحة المعالم بما يفتح الباب بذلك أمام القاضي العسكري لإعمال سلطته التقديرية الواسعة التي لم تضع لها النصوص حدودا أو معايير ثابتة للتفسير في مواجهة الكافة ، مما يجعل أمر تطبيق تلك النصوص يختلف من قاض لأخر ومن واقعة لأخرى رهين بتفسير القاضي الشخصي، الأمر الذي سيودى حتما إلى تضارب الأحكام الصادرة عن ذات الواقعة باختلاف القضاة والمحاكم،مما يشكل انتهاكا لمبدأ المساواة بين المخاطبين بأحكام هذا القانون .
2- أزمة تشكيل المحاكم العسكرية :
نصت المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه :" لكل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا ، للفصل في حقوقه و التزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه "
كما نصت المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في الفقرة الأولى منها على انه :" الناس جميعا سواء أمام القضاء ومن حق كل فرد ، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه و التزاماته في أية دعوى مدنية ، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من محكمة مختصة مستقلة حيادية ، منشاة بحكم القانون "
وباستقراء القانون نجد أن المحاكم العسكرية تعد إحدى إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة و تتبعها النيابة العسكرية ، كما أن القضاة العسكريون مجرد ضباط من القوات المسلحة يتم تعينهم بقرار من وزير الحربية بناء على اقتراح مدير القضاة العسكريين دون أن يتطلب القانون أية شروط تضمن حيدة ونزاهة من سيتقلد منصب القضاء العسكري ودون كونه قانونيا أو خضوعه لثمة برامج لتأهيله حتى يصبح له القدرة على ممارسة مهام القضاء ، وإذا وضعنا في الاعتبار عدة أمور منها السلطة الواسعة التي منحها قانون الأحكام العسكرية للقاضي العسكري بشأن تكييف الوقائع وإنزال العقوبات ، هذا من ناحية – ومن ناحية أخرى ما نص عليه القانون من جواز إحالة المدنين إلى القضاء العسكري بما يعنى أن القانون العسكري قد وسع من دائرة الخاضعين لأحكامه – ومن ناحية ثالثة أن قانون الأحكام العسكرية قد أخذ بمبدأ التقاضي على درجة واحدة ،يتضح جليا أن قانون الأحكام العسكرية بما يحمله من هذا التنظيم يشكل انتهاكا لما ورد بنص المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فحقيقة لا تعد المحاكم العسكرية وفقا لتشكيلها هذا جهات قضائية بالمعنى الفعلي للقضاء ، ولا تعد مستقلة لأنها إحدى إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة ، و المؤسسة القضائية تؤدى دورها عندما تمتاز بالاستقلالية والحيادية وهو أمرا لا يتوافر في جهة القضاء العسكري طبقا لوضعيته الحالية .
3- عدم إمكانية الطعن على الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية :
نصت المادة الرابعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه :
"لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء ، وفقا للقانون إلى محكمة أعلى كي ما تعيد النظر في قرار إدانته في العقاب الذي حكم به عليه ".
ولما كان ذلك وكان قانون الأحكام العسكرية قد نص في المادة 117 منه على أن الأحكام العسكرية لا يجوز الطعن فيها أي إنها أحكاما على درجة واحدة، الأمر الذي يشكل انتهاكا لما ورد بالمادة الرابعة عشر من العهد الدولي .
هذا وضمانه عدم تحصين أي حكم من إمكانية الطعن عليه أمام محكمة أعلى تجد سندها في أن القاضي مهما توافرت له صلاحيات القضاء و القدر الكافي من الحيدة والنزاهة يظل في المقام الأول بشر وكل ابن ادم خطاء ، ومن ناحية أخرى فان المتهم مهما بلغ جرمة تكون اقل حقوقه حقه في الالتجاء لمحكمة أخرى أعلى غير تلك التي أصدرت عليه الحكم متى رأى أن حكمها غير عادل و منصف له ، فلهذا قلما نجد دستورا لأحدى الدول الديمقراطية تنأى عن تضمين ذلك المبدأ . وهو الحال بالنسبة لمعظم التشريعات العسكرية المقارنة ، إلا أن المشرع الذي وضع أحكام القانون العسكري المصري الحالي بكل الصلاحيات الذي خولها للقاضي العسكري و سلطاته الواسعة في تفسير النصوص التي قد تصل إلى حد إصداره حكما بالإعدام ، و الإبهام و عدم الوضوح الذي شاب معظم نصوص هذا القانون ، رغم تضمينه لقاعدة جواز خضوع المدنين و الأحداث لأحكامه ،برغم كل ذلك نص على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من القضاء العسكري ليظل الحكم الصادر من تلك المحاكم محصن من كل طريق عادى للطعن عليه سوى الطريق الغير عادى و المقيد بأضيق الحدود وهو التماس إعادة النظر، وتبقى المرجعية فيه بيد السلطة مالكة إقراره و التصديق عليه وهو رئيس الجمهورية أو من يفوضه ، مما يعنى أن أمر الحكم القضائي العسكري سيظل رهين التوجهات السياسية للسلطة التنفيذية ، على الرغم من الحجية التي ينالها على الكافة مثله مثل باقي الأحكام الصادرة من القضاء العادي .

 

 


   

رد مع اقتباس