عرض مشاركة واحدة

قديم 14-04-09, 12:40 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي المحاكم العسكرية بين الاتجاهات السياسية



 

مقدمة
تعد الإشكالية التي تثيرها مسألة مدى شرعية الخضوع للقضاء العسكري - من أهم الموضوعات التي شهدت مؤخرا جدلا موسعا لاسيما ما يشكله الخضوع لهذا القضاء من استلاب لولاية القضاء العادي .
و برزت أهمية تلك الإشكالية مع تزايد إصدار قرارات الإحالة من قبل رئيس الجمهورية بموجب نص المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية الحالي رقم 25 لسنة 1966 ، وما شاب هذه القرارات من طابع سياسي ، فطبقا لما جاء بتقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بعنوان "اثر قانون الطوارئ على حالة حقوق الإنسان" عن عام 1992 – 2002 إن السلطات المصرية في الفترة من عام 1992 - 2000 أحالت ( 36) قضية إلى القضاء العسكري بلغ عدد المتهمين فيهم (1136) وانتهت هذه القضايا إلى صدور (94) حكما بالإعدام – فيما قضى بحبس و سجن( 701) متهما وبراءة (341) ، مما حدا بالعديد من المنظمات الدولية بالإعراب عن قلقها إزاء إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية ومنها ما أبدته منظمة العفو الدولية في 19/2/2/2007 من تعليق بهذا الشأن حيث قالت :" إن المحاكمات التي تجرى أمام المحاكم العسكرية تنتهك المقتضيات الأساسية للقانون الدولي للمحاكمات العادلة بما في ذلك الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة و مستقلة ونزيهة تشكل بموجب القانون والحق في تقديم استئناف إلى محكمة أعلى ".
وقد بدأ مسلسل إحالة المدنيين المتهمين فى قضايا الارهاب إلى المحاكم العسكرية فى مصر بقرار من رئيس الجمهورية بإحالة 48 متهما فى قضيتى العائدون من افغانستان وتنظيم الجهاد إلى المحكمة العسكرية العليا بالاسكندرية فى أواخر اكتوبر 1992. وقد أصدرت المحكمة آنذاك أحكاما بالإعدام على ثمانية متهمين كان من بينهم سبعة هاربين.
لهذا حرص مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية على تقديم دراسة مصغرة لقانون الأحكام العسكرية تناول فيها :-
المحتويات
المبحث الأول : قانون الأحكام العسكرية و طبيعته القانونية
المبحث الثاني :التطور التاريخي التشريعي لقانون الأحكام العسكرية في مصر
المبحث الثالث:تشكيل المحاكم العسكرية
المبحث الرابع :اختصاصات المحاكم العسكرية في ظل القانون 25 لسنة 1966
المبحث الخامس :الجرائم المعاقب عليها طبقا لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966
المبحث السادس :العقوبات العسكرية
المبحث السابع : حجية الأحكام العسكرية
المبحث الثامن : مدى اتساق القضاء العسكري مع المواثيق الدولية و مبادئ الشرعية
الخاتمة
المبحث الأول :
قانون الأحكام العسكرية و طبيعته القانونية
قد يخص المشرع طائفة معينة بتنظيم قانوني مغاير عن تلك المخاطب به الكافة ، ولا ينال هذا التخصيص من دستورية هذه النوعية من القوانين مدام كان تشريعها يأتي وفقا لمبدأ عمومية وتجريد القاعدة القانونية، كما وما ومادامت تعنى بحماية مصلحة عامة ، و هو ما يسمى في الفقه القانوني بالقوانين الخاصة
و يأتي في هذا الإطار قانون تنظيم الهيئات القضائية ، قانون العاملين المدنين بالدولة ، قانون العمل ،قانون هيئة الشرطة ، قانون المحاماة وقانون الأحكام العسكرية . الخ
" والواقع إن المشرع في تنظيمه للأفعال التي تصدر من أفراد طائفة العسكريين إنما يهتدي بالغاية التي من اجلها خص تلك الطائفة بأحكام معينة – ولذلك كثيرا ما يضع قواعد تغاير القواعد العامة المقررة في قانون العقوبات بالنسبة للأفعال غير المشروعة التي تصدر عن أفراد تلك الطائفة ، والتي تنخرط في ذات الوقت في نطاق جرائم القانون العام ، ويحقق المشرع ذلك غالبا عن طريق إصدار تشريع قائم بذاته ينطوي على الأحكام الموضوعية و الإجرائية الواجب إتباعها بشأن تلك الأفعال المجرمة والتي تصدر عن أفراد تلك الطائفة العسكرية محل التخصيص ، وبالتالي تندرج في صلب نصوص قانون العقوبات العام. هذا و يتبدى في التشريع المتعارف عليه و الذي أطلق عليه اصطلاح " قانون الأحكام العسكرية ". و من ثم فالتشريع العسكري يعتبر تشريعا جنائيا خاصا بالنسبة إلى التشريع الجنائي العام ، فهو يعتبر جامعا للأحكام المادية و الشكلية ، أي مجموعة النصوص التي تحدد الجرائم المخلة بأمن و نظام القوات المسلحة أو الشرطة .
يضاف إلى ذلك إن الجيش بصفة خاصة و الشرطة بصفة عامة لها نظامها الخاص الذي يتفق و طبيعة مهامها وواجبات كل منهما ، مما يقتضى أن تكون لها أحكامها الخاصة ، وان كانت غالبية تلك الأحكام تتصل اتصالا وثيقا بالإجراءات الجنائية مما يعنى أن المشرع قد أراد تخصيصا للقضاء الذي يختص بالمكان و الزمان و الموضوع و الأشخاص .
و يسعفنا في ذلك قول وزير الحربية الفرنسي "مسمير"
messmer"- " في مجلس الشيوخ :( أن سن قانون عقوبات عسكري يبرره وجود نظام خاص بالجيش يستند على الطاعة فبدونها لا يستطيع الجيش أن يقوم بوظيفته بل لا يكون هناك جيش على الإطلاق . وإذا كان من الممكن أن يقوم الرؤساء بتوقيع الجزاءات التأديبية على المخالفات البسيطة فإن الالتزام العسكري قد يكون خطيرا بحيث يتطلب جزاءا جسيما ، وحينئذ لا يمكن توقيعه بغير ضمانات . فالوسيلة الوحيدة هي سن تنظيم قضائي يطبق المبادئ العامة في القانون التي تكفل للمتهم هذه الضمانات ) " .([1])

 

 


 

   

رد مع اقتباس