عرض مشاركة واحدة

قديم 24-03-09, 06:12 PM

  رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أسد الاردن / قصة ملك (الحلقة الثامنة عشرة) ـ عدة عوامل رجحت اختيار الأمير عبد الله لخلافة الملك حسين
العاهل الراحل بدأ التفكير بصوت مسموع حول قضية خلافته منذ 1992
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالملك حسين والامير حسن والملك عبد الله (الامير وقتها) خلال تسليم ولاية العهد
لندن: «الشرق الأوسط»
استمرت صحة الملك حسين في التدهور طوال عام 1998. خلال الفحص الطبي السنوي في مستوصف مايو في روشيستر بولاية مينيسوتا في مايو (آذار) 1998 جاء فريق الأطباء بنظريات تتعلق بوجود فيروسات غريبة، لكنهم لم يعثروا على أية أشياء شاذة أخرى في فحصه. غادر الملك وزوجته المستوصف إلى واشنطن العاصمة، حيث التقى الملك، الرئيس كلينتون ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت لإجراء محادثات حول إحياء عملية السلام، ثم ذهبا، الملك وزوجته، إلى انجلترا لأسبوع، وذلك لإحياء الذكرى العشرين لزواجهما في بكهرست بارك في أسكوت. كان الملك يبدو سعيدا ومسترخيا. فارقته الحمى وبعد عودتهما للأردن عاودته الحمى، وكانت هذه المرة اشد شراسة، وفي يوليو (تموز) 1998 ذهب الملك مرة أخرى إلى مستوصف مايو، وفي هذه المرة تم تشخيص مرضه بأنه الورم الليمفاوي من نوع non-Hodgkin’s lymphomia مع وجود خلايا غير عادية في أماكن عديدة، وكان عليه أن يبقى في المستوصف حتى نهاية العام. وخلال غيابه قام أخوه الأصغر حسن، الذي كان وليا للعهد منذ 1965، بدور الوصي على العرش.
في حلقة اليوم من كتاب «أسد الاردن»، الذي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشر حلقات منه بالاتفاق مع دار نشر بنغوين ومؤلفه آفي شليم المؤرخ والبروفيسور في جامعة اكسفورد، الكثير من أسرار عام 1998 عام المرض للملك حسين، والذي أمضى جزءا كبيرا منه في مايو كلينك قبل رحلته الأخيرة، والأجواء السياسية وكيف بلور العاهل الراحل تفكيره في اتجاه ترتيب خلافته.
«مايو كلينيك» باتت بمثابة دار للملك حسين خلال النصف الثاني من عام 1998، قبل رحلته الأخيرة للوطن. فقد تسبب سرطان الغدة الليمفاوية الذي كان يعاني منه في إصابته بنوبات من الحمى من وقت لآخر، فضلا عن نقص في وزن الجسم، وشعور بالإرهاق والإنهاك الشديد. وقرر الأطباء إخضاعه لست جلسات علاج كيماوي على مدى ما يزيد على خمسة شهر، تبعتها عملية لنقل نخاع العظم. مُنح العاهل الأردني الراحل في «مايو كلينيك» جناحا خاصا بكبار الشخصيات يحتوي على مطبخ وصالة لتناول الطعام، وغرفة صغيرة مجاورة لغرفته، كانت تنام فيها الملكة نور. اما بقية أفراد الأسرة والمرافقين قد كانوا يقيمون في فندق قريب متصل بنفق مع «مايو كلينيك». أبناؤه وبناته وعدد من أفراد الأسرة الآخرين، كانوا في حركة سفر مستمرة من وإلى الولايات المتحدة لزيارته، وكان الأمير حمزة، أكبر أبناء الملك حسين من الملكة نور، قد ظل إلى جوار والده على مدى شهور خلال الفترة الفاصلة بين تخرجه في هارو والتحاقه بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية. كما أن الملك حسين والملكة نور كانا يسافران بين كل جلستي علاج كيماوي إلى ريفير سايد خارج واشنطن، للقيام بجولات خلال اليوم حول مينيسوتا بسيارة فولكسواجن طراز بيتلز رمادية اللون، كانت قد اشترتها الملكة نور، بعد وصولهما هناك بوقت قصير.
خلال الوقت الذي قضاه في «مايو كلينيك»، بدا الملك حسين شجاعا في مواجهة المرض، وأبدى أملا وتفاؤلا، ظاهريا على الأقل. كان لديه قدر كبير من الأعمال اليومية، فضلا عن عدد لا يحصى من رسائل التمنيات بالشفاء والاستفسار عن صحته، وسيل مستمر من الزوار، إلا الأطباء أصروا على التزامه الراحة للمحافظة على طاقته، وأصبحت الملكة نور بمثابة الحارس الذي ينفذ تعليمات الأطباء. كان الملك حسين على اطلاع مستمر على الأوضاع في الأردن. فعام 1998 كان صعبا على الأردن، ليس فقط بسبب مرض الملك وغيابه، فقد كانت مستويات المعيشة في تدهور مستمر، وتراجع إجمالي الناتج المحلي من 10 في المائة عام 1992 إلى 5.6 في المائة عام 1995، ثم إلى 1.5 في المائة، خلال الفترة من 1996 إلى 1998، وبات تعداد السكان في زيادة أسرع من زيادة إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن أن البيروقراطية وعدم الكفاءة فاقما من الشعور العام بالإحباط. وحدثت خلال تلك الفترة فضيحة المياه الملوثة في العاصمة عمان، الأمر الذي قاد إلى إقالة حكومة رئيس الوزراء عبد السلام المجالي ليحل محله فائز طراونة، سفير الأردن السابق لدى الولايات المتحدة وكبير المفاوضين مع الجانب الإسرائيلي. وواجهت الحكومة الجديدة تحديا تمثل في استعادة ثقة الشعب من خلال ضمان وتعزيز الشفافية، ومواجهة الكساد الاقتصادي والبيروقراطية المستشرية. واصل ولي العهد الأردني، الأمير حسن بن طلال، «الحوار الوطني» الذي كان قد بدأه الملك حسين مع قطاعات الشعب الأردني كافة، ومع المعارضة على وجه الخصوص. إلا ان ذلك لم يسفر عن أي تغير كبير في السياسات أو أي تحسن واضح وكبير، ولكن كان له اثر مهدئ على المسرح الداخلي. باشر الأمير حسن واجباته كوصي على العرش بإخلاص وحيوية وكفاءة، وعلى الرغم من انه اكتسب احترام المثقفين والتكنوقراط، فإنه فشل في كسب تأييد طبقات الشعب العادية، ذلك أن الاعتقاد السائد هو انه كان بعيدا عن واقع وهموم المواطن العادي. كما ان علاقاته بالجيش كانت متكلفة لأنه خلفيته أصلا ليست عسكرية من ناحية، وبسبب انتقاداته العلنية لقادة الجيش من الناحية الأخرى. يضاف إلى ذلك ان الجيش الأردني مرتبط جذريا بالقبائل البدوية وسكان الريف الأردني البدو، ولم يكن للأمير حسن علاقات وثيقة مع هذه القبائل. ثمة عامل آخر يربط بين هذين الجانبين وهو ان الأموال التي يمنحها النظام الأردني لهذه القبائل بغرض كسب وضمان تأييدها كانت تأتي أصلا من الجيش، الذي كان الأمير حسن ينتقد قادته على نحو علني. علاوة على ذلك، لم تكن علاقة الأمير حسن مع رؤساء الحكومات الأردنية المتعاقبين خالية من المشاكل، ووصلت العلاقة بين الأمير حسين ورئاسة الحكومة قمة تدهورها مع عبد الكريم الكباريتي، الذي جرى تعيينه في 17 مارس (آذار) 1997. تلك كانت في واقع الأمر طبيعة شخصية الأمير حسن، إلا ان كل ذلك لا ينفى بأية حال إدارته للحكومة على نحو جيد وأيضا بصورة أكثر فعالية، بعد أن أصبح وصيا على العرش. لم يحاول الأمير حسن قبل أو خلال الفترة التي أصبح خلالها وصيا على العرش تشكيل قاعدة سلطة خاصة به، بل العكس. فقد نفّر كثيرا من الذين كانوا من المحتمل ان يصبحوا من مؤيديه داخل الحكومة والجيش بفعل دعواته بالتزام مبدأ المحاسبة ووعوده باجتثاث الفساد وبهجومه الصريح والمباشر على المجموعات التي تسعى إلى استمرار وتعزيز سيطرتها بغرض تحقيق مصالحها الخاصة. كان الأمير حسن يكن إعجابا واحتراما لشقيقه الملك حسين وكان مخلصا له. فقد ظل يبعث لشقيقه في «مايو كلينيك» تقريرا كاملا على نحو اسبوعي حول الأحداث والمناقشات والقرارات التي اتخذت خلال الأسبوع السابق له. إلا ان الكباريتي، كرئيس للحكومة ورئيس للبلاط، كان أكثر إخلاصا للملك حسين، وربما يكون ذلك أمرا مفهوما. شأنه شأن بقية المساعدين المقربين من الملك، كان للكباريتي اتصالات شخصية وثيقة ومباشرة لم تكن متوفرة للأمير حسن في تلك الفترة، ذلك انه لم يكن هناك تعاطف يُذكر تجاه الأمير حسن من جانب أي من الذين جمعت بينهم تلك الصلة الوثيقة بالكباريتي، كما كانت لغالبيتهم مواقف انتقادية قاسية تجاه الأمير حسن.
العلاقة بين ولي العهد الأمير حسن والملكة نور كانت باردة منذ البداية. فهو لم يكن راضيا عن إطلاع الملكة نور على الأمور الخاصة بالسياسات من خلال الأحاديث الخاصة بينهما وزوجها الملك، كما ان زوجة الأمير حسن الباكستانية الأميرة ثروت، لم تكن راضية عن الطريقة التي يعامَل بها زوجها من جانب الملكة نور. لم يحدث مطلقا أن زار الأمير حسن شقيقه الملك في «مايو كلينيك» خلال فترة مرضه، ولم يكن السبب في ذلك عدم رغبة من جانبه، وإنما لأنه ابلغ بأنه إذا زار شقيقه المريض فإن الأردنيين سيعتقدون ان الملك على وشك الموت. لم يتحدث الأمير حسن مع الأطباء المشرفين على علاج شقيقه، لذا كانت أنباء تدهور صحة الملك الراحل خريف عام 1998 مفاجئة تماما للأمير حسن. ومع بروز قضية خلافة الملك إثر أنباء تدهور حالته الصحية باتت أجواء البلاط تعج بالشائعات والمكائد، وأفرزت الصراعات الأسرية والتنافس السياسي المرير مشهدا اقرب إلى أعمال شكسبير التراجيدية. وفي واقع الأمر، عنوان السيرة الذاتية للعاهل الأردني الراحل Uneasy Lies the Head مقتبس من جزء الفصل الثاني من مسرحية هنري الرابع لويليام شكسبير: Uneasy lies the head that wears a crown، ويعني ان الشخص الذي تقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة، مثل الملك، دائما ما يكون في حالة قلق مستمر. من أبرز المتآمرين ضد الأمير حسن في ذلك الوقت الجنرال سميح البطيخي مدير المخابرات العامة، الذي كانت تدور شائعات باستغلاله لمنصبه لتحقيق مصالحه الخاصة، ووجهت له بعد خمس سنوات تهم تتعلق بالفساد، وأدين وصدر حكم بسجنه. وكان البطيخي قد نجح في تأمين قدر كبير من السلطة والنفوذ لنفسه، وكان من الواضح أيضا ان الأمير حسن بن طلال إذا أصبح ملكا، فإن البطيخي سيخسر كل ما دأب على جمعه من سلطة ونفوذ تحت يديه. يضاف إلى ذلك ان حملة الأمير حسن المتشددة ضد الفساد قد افرزت عددا كبيرا من المعادين لتوجهاته في المواقع العليا، وظهر تبعا لذلك لوبي معاد له في عمان كان البطيخي في قيادته.
ومع بداية تراجع وضعه الصحي، بدأ العاهل الأردني الراحل أكثر قلقا إزاء مسؤوليات الإرث الهاشمي الموروث من جد والده وجده لوالده، وهو ما ظل الملك حسين يحاول تنفيذه طوال حياته.
لم يكن الأمير عبد الله معروفا على نطاق واسع. لكنه داخل الجيش كان معروفا بصرامته ومقدراته العسكرية وشجاعته، ولم يكن يُعرف عنه الكثير خارج أوساط الجيش. فهو الابن الأكبر للملك من زوجته الانجليزية، الأميرة منى، واتبع تقليد الأسرة في الالتحاق بأكاديمية ساندهيرست الملكية العسكرية قبل التحاقه بالجيش الأردني. رغم ذلك، لعبت عدة عوامل دورا في ترجيح كفة الأمير عبد الله. فهو، أولا، شاب وسيم ويحمل الكثير من سمات والده في شتى الجوانب، وثانيا كان يحتل مكانا مناسبا في خط الخلافة الهاشمية لأنه يحمل اسم «عبد الله» وأطلق على ابنه اسم «حسين»، وثالثا، لم يكن غريبا على لقب «ولي العهد»، ذلك ان اللقب أطلق عليه رسميا بموجب دستور عام 1952 بعد ثلاثة أيام من مولده في 30 يناير (كانون الثاني) 1962. إلا ان تلك كانت فترة اضطراب في الأردن شهدت محاولات اغتيال متكررة استهدفت الملك حسين، وكان إطلاق لقب ولي العهد على رضيع عمره ثلاثة أيام، أمر ينذر بمخاطر على الأسرة الهاشمية المالكة في حال مقتل الملك. لذا عندما وصل الأمير حسن بن طلال سن 18 عام 1965 جرى تعديل الدستور كي يصبح أي أخ للملك وليا للعهد، وتقرر تعيين الأمير حسن وليا للعهد، لأنه الخيار الأفضل والأرجح، مقارنة بشقيقه محمد بن طلال الذي كان يعاني من حالة عدم استقرار نفسي. رابعا، الأمير عبد الله متزوج من فلسطينية، ومن الممكن ان تجتذب تأييد الشريحة الفلسطينية من سكان الأردن. وأخيرا، كان للأمير عبد الله، بوصفه ضابطا في الجيش الأردني، علاقات سالكة مع القبائل البدوية، وبالتالي كانت هناك إمكانية بناء قاعدة تأييد قوية في الريف الأردني. لم يهيئ العاهل الأردني الراحل ابنه عبد الله كي يصبح ملكا للبلاد، كما انه لم يتحدث حول احتمال خلافته له، إلا ان الأمير عبد الله بدأ يسجل حضورا بارزا على المستوى الرسمي ابتداء من مطلع عام 1998. فقد منح مكتبا في البلاط الملكي، وبدأ يظهر في معظم الأحيان بصحبة والده الراحل. وفي مارس (آذار) من ذلك العام، رافق والده في زيارة إلى الولايات المتحدة، وشارك في بعض الاجتماعات التي عقدها هناك. وفي مايو (أيار)، 1998، وعلى وجه التحديد في الذكرى الـ45 لتولي الملك حسين العرش، صدر قرار بترقية الأمير عبد الله، الذي كان في ذلك الوقت قائدا للقوات الخاصة، من رتبة عقيد إلى رتبة لواء. تلك الترقية، بالإضافة إلى القدر الذي يتمتع به من شعبية، جعلت منه مرشحا موثوقا فيه لتولي موقع نائب رئيس هيئة أركان الجيش الأردني، وفي وقت لاحق رئيسا لهيئة الأركان. موقف الملك حسين تجاه مسألة خلافة العرش الهاشمي لم يكن ثابتا، بل ملتبسا أصلا. فالتفكير في مسألة تغييرها لم تكن شيئا جديدا بالنسبة له، إذ بدأ يفكر حول هذه القضية بصوت مسموع في حضور أقرب مساعديه عقب نتائج أول فحوصات له أشارت إلى وجود خلايا سرطانية عام 1992. يتذكر عدنان أبو عودة، المستشار السياسي السابق للعاهل الأردني الراحل، أن الملك حسين خلال رحلة رافقه فيها إلى بروناي سعى إلى معرفة وجهة نظره في بعض الأفكار الجديدة حول مستقبل الأسرة، وكان على متن تلك الرحلة محمد بن طلال، ابن عم العاهل الأردني الراحل، لكنه لم يكن جالسا مع الملك حسين وأبو عودة خلال ذلك الحديث. يقول أبو عودة ان الملك حسين لم يكن واضحا تماما، لكنه قال له ان شقيقه محمد استُبعد من خلافة العرش بسبب مرضه وانه (الملك حسين) اختار شقيقه الأمير حسن وليا للعهد ولكن «من الذي يجب ان يخلف الأمير حسن؟». كان ذلك هو السؤال الذي طرحه العاهل الأردني الراحل على أبو عودة طالبا معرفة رأيه. يؤكد أبو عودة ان الملك حسين لم يطرح عليه ذلك السؤال في سياق الحديث عن استبدال الأمير حسن، وإنما كان يريد ان يعرف من الذي من المحتمل ان يأتي بعده. فقد كان يرغب أصلا، حسب قول أبو عودة، تحقيق الإنصاف والعدل في صفوف الأسرة. وزاد من تعقيد مسألة تولي العرش، ان للملك حسين خمسة أبناء: عبد الله وفيصل من زواجه الثاني، وعلي من زواجه الثالث، وحمزة وهاشم من زواجه الرابع. ويشبه حمزة والده إلى حد كبير في خلقه وبنائه الجسماني، ونشأ وهو يتحدث لغتين، وكان متمكنا من اللغة العربية، ولديه معرفة بالقرآن. وأنشأت الملكة نور، التي اعتنقت الإسلام قبل وقت قصير من زواجها، ابنها الأكبر كي يصبح ملكا عربيا، ويُشاع انها كانت تحث زوجها باستمرار على استبدال ابنهما الأمير حمزة بشقيقه الأمير حسن وليا للعهد ووريثا للعرش. وفي عيد ميلاد حمزة الـ18 بعث له والده بخطاب مفتوح قال له فيه انه مقبل على «انجازات عظيمة»، وأشار له إلى انه هو نفسه (الملك حسين) تولى العرش عندما كان عمره 18 عاما. أشار ذلك الخطاب إلى ان حمزة مقبل على أشياء أفضل وأكبر، ويمكن القول ان محاولة العاهل الأردني الواضحة لدعم حظوظه تضمنت رغباته الحقيقية . مروان قاسم، رئيس الديوان الملكي خلال عامي 1995 و1996، سمع أيضا حديثا للعاهل الأردني الراحل حول الجيل الشاب من امراء الأسرة الهاشمية، مع الإشارة على وجه التحديد إلى الأمير حمزة. ولكن قبل ان يصبح الأمير حمزة وريثا للعرش، كان لا بد من إجراء تعديل دستوري، ذلك ان الدستور ينص على ان ولي العهد، يجب ان يكون فقط واحدا من أشقاء الملك أو ابنه الأكبر. وأخبر الملك حسين مروان قاسم بأنه يريد إدخال مادة في الدستور تنص على: «ولي عهد لولي عهدي سيكون حمزة بن الحسين». تلقى مروان قاسم استشارة قانونية أكدت إمكانية إجراء مثل هذا التعديل على الدستور، لكنه كان يخشى من ان تكون محفوفة بمخاطر، لذا أبلغ الملك بأن ذلك الأمر مسألة بينه وشقيقه ولي العهد. أيضا درج العاهل الأردني الراحل على طرح فكرة تشكيل مجلس للأسرة الهاشمية، تتركز مهمته في اختيار خليفة للأمير حسن بن طلال من بين مجموعة من الأمراء. وحسب ما فهمته شقيقه أسماء في ذلك الوقت، كان الملك حسين يبحث عن السبل الكفيلة بتحديث وتنشيط النظام الملكي من خلال الاعتماد على مواهب ومقدرات الأعضاء الشباب في الأسرة الهاشمية. لم تخف حدة التكهنات حول مستقبل ولي العهد الحسن بن طلال، وحاول الملك حسين في بداية الأمر وضع حد لها معلنا أواسط أغسطس (آب) تبديد الشائعات حول خلافة العرش، مؤكدا ان لا أساس لها من الصحة، ومشددا على ان خلافته في يد ولي العهد الحسن بن طلال. وعندما أوردت صحيفة إسرائيلية شكوكا أميركية حول تولي الحسن بن طلال العرش مستقبلا، اتصلت به وزيرة الخارجية الأميركية في ذلك الوقت، مادلين أولبرايت، هاتفيا وطمأنته بأن ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية حول الشكوك الأميركية في خلافته للعرش مستقبلا، خبر لا أساس له من الصحة. الملك حسين أكد مجددا كذلك ثقته «الراسخة» بشقيقه الذي «اضطلع بمسؤولياته، وأدى واجباته على أكمل وجه. أما فيما يتعلق بما يمكن ان يحدث مستقبلا، فلا مبرر على الإطلاق لطرحه الآن». واحد من أصعب الواجبات التي كان على الأمير حسن القيام بها كوصي على العرش حل مكان شقيقه الملك مشاركا في المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني حول الوضع النهائي، واضطلع بهذا الدور على نحو متميز. لم يكن الأردن طرفا في محادثات الوضع النهائي، وكانت له مصالح حيوية في تلك المفاوضات على نحو لا يستطيع معه تحمل التبعات السياسية لانهيار عملية السلام. اما المسؤول بصورة رئيسية عن الطريق المسدود، الذي وصلت إليه المحادثات، فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت بنيامين نتنياهو، وللخروج من ذلك النفق المسدود، دعا الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون إلى عقد لقاء في «واي بلانتيشن» يجمع نتنياهو وعرفات. افتتحت قمة «واي بلانتيشن» في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1998 واستمرت خمسة أيام، ووصل المشاركون إلى طريق مسدود بعد بضعة أيام فقط من المحادثات. هدد نتنياهو بحزم حقائبه والمغادرة عائدا أدراجه إلى إسرائيل، واضطر الرئيس كلينتون للاتصال بالملك حسين، وهو على سرير المرض في «مايو كلينيك»، حيث تجري الاستعدادات لعملية زرع نخاع العظام. طلب كلينتون من الملك حسين تقديم النصح حول محادثات السلام، التي وصلت طريق مسدود، وعرض الملك حسين الحضور بنفسه إلى «واي بلانتيشن» للمساعدة، بصرف النظر عما يقوله الأطباء. وقبل كلينتون عرض الملك حسين.

 

 


   

رد مع اقتباس