عرض مشاركة واحدة

قديم 21-12-11, 05:56 AM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 


المهام الاستراتيجية
تحتاج الرؤية الاستراتيجية الى جهاز داعم ومواكب لمراحل تطبيقها. ومن مهام هذا الجهاز استحداث مجموعة من المؤسسات المتخصصة المساعدة على دعم وضبط ايقاعات تطبيق الرؤية الاستراتيجية.
هذا النوع من المؤسسات الاكاديمية والاستخبارية لا يمكن ارساءه دفعة واحدة لكونه يستند لجهود تراكمية. ولعل مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية طليعة هذه المؤسسات. اذ ان هذه المراكز تكون مؤهلة لتقديم المساعدة في صياغة الرؤية الاستراتيجية ومناقشة المشاريع المقترحة لتطبيق هذه الرؤية وتقديم الاستشارات بشأنها. اضافة لمراجعة ثغرات المشاريع والتجارب السابقة المشابهة. وغالباً ما تقترح هذه المراكز انشاء مؤسسات موازية بمهام محددة لخدمة الرؤية الاستراتيجية.
بالانتقال الى الامثلة الواقعية نجد ان وزير دفاع ووكر بوش المدعو دونالد رامسفيلد لجأ بناء على اقتراح مراكز دراسات لانشاء شعبة مخابراتية في البنتاغون لعبت دوراً فائق الاهمية في سنوات حكم بوش الثمانية. وذلك باستخدام امكانياتها في الالتفاف على الاجهزة الامنية الاميركية الاخرى. وكان من نتائج هذه الشعبة اضافة دور عملياتي ميداني الى وكالة السي آي أي الاميركي. وكان اغتيال بن لادن آخر هذه العمليات.
الا ان المثال الاكثر دلالة وخطورة هو ما يسمى ب “الوكـالة الاميركية للتنمية” التي اسست للاستفادة من تجارب السي آي أي في تجنيد الاجانب العاملين في الحقل العام تحت شعار مستحدث هو شعار “المجتمع المدني”. حيث تتخذ الاختراقات المخابراتية تجسيدات فكرية ثقافية اجتماعية تحجب طابعها الاستخباري.
وتعود هذه الوكالة في جذورها الى ما كان يسمى ابان الحرب الباردة بـ”منظمة حرية الثقافة” التي لعبت دوراً شديد الاهمية في استقطاب مثقفين كان ميؤوساً من استقطابهم، لذلك نقلت مقرها من برلين إلى باريس حيث أمنت تمويلها من مؤسسات مالية كبرى لتغطية دور السي آي أي فيها. وكان هذا التمويل مستقطباً ومغرياً بوفرته، حيث كان كافياً لإطلاق الجوائز ودور النشر ولتبني الكتاب والترويج لهم ومكافأتهم على خدماتهم في مجال حرية الثقافة. وأكمل مركز بحث المعلومات IRD البريطاني دور هذه المنظمة بتشجيعه لإصدار مجلات في البلدان النامية (منها مجلة حوار العربية) في مرحلة الحرب الباردة.
هذا ويتم تحديد مهمة هذه المؤسسات المتعاونة عبر وثيقة مكتوبة تمثل دستور عمل المؤسسة والمرشد الرئيسي لكافة قراراتها وجهودها ولكن دون دخول في التفاصيل. وعادة تغطي المؤسسة مهامها لفترة طويلة نسبياً منطلقة من الامكانيات الحالية المتوافرة مع رؤى تطويرية مرتبطة بفعالية المؤسسة وبتحسن الظروف المساعدة على التطوير.


الـرؤية الاستراتيجية

هو مصطلح يشير للتصورات الفكرية لتحقيق الاهداف التي يتعذر تحقيقها في ظل الامكانيات والظروف الحالية الا ان من الممكن بلوغها على المدى الطويل. وهو بلوغ يقتضي وضوح الرؤية الاستراتيجية كونها الاساس النظري الذي تبنى عليه الخطط الاستراتيجية الهادفة لتحقيق هذه الاهداف على المدى الاطول.
هذا وتعتمد الرؤية الاستراتيجية مبدأ التقسيم الزمني للاهداف وتوزبعها على مراحل زمنية تتسم بالمرونة التي تعطي الرؤى الاستراتيجية قدرة التكيف مع المتغيرات غير المنتظرة والمفاجآت وأيضاً قصور التخطيط الاستراتيجي. وهي عوامل تؤدي لتأجيل تطبيق او تنفيذ الرؤية الاستراتيجية دون ان تلغيها.
ولعل المشروع الاميركي لإحتـواء منطقة الشرق الاوسط وادارة صراعاتها وبخاصة الصراع العربي الاسرائيلي خير دليل على مرونة الرؤية الاستراتيجية وقابليتها للالتفاف على صعوبات الواقع واخطاء التطبيق. حيث بدأ المشروع الاميركي في المنطقة عبر مشروع “حلف بغداد” الذي ساهمت الوحدة السورية المصرية في اسقاطه. فكان التراجع الاميركي ولكن مع الاصرار على القضاء على الوحدة كونها تشكل عائقاً مستقبلياً امام الخطط الجديدة لتنفيذ المشروع. وبالفعل كانت الوحدة ثمن اسقاط حلف بغداد.
الا ان حلف بغداد عاود الظهور عبر صياغة مشاريع متتالية وان كانت جزئية. حيث كان صلح كامب ديفيد تمهيداً للطريق امام الرؤية الاستراتيجية الكامنة خلف حلف بغداد واعقبتها الحرب الاهلية اللبنانية. وبانتظار اكتمال المشروع الجديد كان تطبيق سياسة الاحتواء المزدوج التي استنفذت طاقات واموال العراق والدول النفطية الخليجية كما فعلت بالمقدرات الايرانية.
هذه الخطط المرحلية انطلقت من الناحية الاستراتيجية من ثبات الرؤية الاستراتيجية الاميركية الآحادية الوجهة (النفط العربي). مع الطرح الدوري للاسئلة حول النقاط التالية:
ما هي عوامل ازعاج مصلحنا في المنطقة اليوم؟. وما هي مؤشرات اعاقة هذه المصالح في المستقبل القريب والابعد. ثم ماذا يمكننا تحقيقه خلال السنوات العشر القادمة؟. وما هي الطرق الآيلة لصياغة رؤيتنا الاستراتيجية بصورة افضل وأدق. وما هي ثغرات الصياغات السابقة وكيف يمكن اصلاحها.
وفق هذه السيرورة تم اتباع الحرب الايرانية العراقية بالحرب الخليجية الثانية تحت مسمى “تحرير الكويت” وهي مهدت الطريق امام الحرب الخليجية الثالثة المتثلة بالاحتلال الاميركي للعراق.

هنا نلاحظ ان العراق كان في قلب كل الخطط التنفيذية للمشروع الاميركي وكل مراحلها. ذلك ان السيطرة على العراق تتيح محاصرة سوريا وإحتواءها.

أما عن اسباب تجنب كل هذه التطبيقات الاستراتيجية لسوريا فهي كثيرة اهمها التالية:

1 – ان سوريا لها حدود مع اسرائيل مع ممانعتها المبدئية للسلام القهري. وبذلك يصبح اي مساس اميركي بسوريا بمنزلة مساعدة مباشرة لاسرائيل ضد العرب. وبما ان المخابرات الاميركية تعرف ان مناخ الشارع العربي معاد لها بل ويزداد عداءه مع ممارسات اميركا في المنطقة.

2 – ان الحدود السورية اللبنانية تبقى مصدر أخطار غير ممكنة الحصر على لبنان في حال المساس الاميركي بسوريا. فمع وجود لبنانيين يعتمدون الخيار الاسرائيلي فان غالبية اللبنانيين ينظرون الى سوريا كعمق استراتيجي لا يمكن التخلي عنه.

3 – فشل المحاولات الاميركية السابقة لاستدراج سوريا وتوريطها.

4 – العلاقات السورية الاستراتيجية التي تتمظهر بشكل رئيسي بعلاقتها مع روسيا وبعدها مع ايران. كما ان سوريا تحسن تخليق الاوراق الاستراتيجية كما تحسن توظيفها. اضافة لكونها المركز الوحيد لكل الحركات العروبية التي تعكس فعلياً نبض الشارع العربي.

مرة اخرى سقط المشروع الاميركي الجديد للشرق الاوسط حيث بدأ هذا المشروع مقترناً بمصطلح “الكبيـر” وتحول خلال حرب تموز التي احتوت موازنة الرعب الاسرائيلية الى مصطلح “الجـديد” على لسان كونداليزا رايس. ونرد القاريء الى كتاب “أوهام الشرق الاوسط الكبير“ على الرابط التالي: http://www.mostakbaliat.com/?p=516

ومع ذلك فان ادارة اوباما وجدت صيغة جديدة لتجميل صورة اميركا التي زادها بوش بشاعة عبر الكياسات الدبلوماسية الكلينتونية وعبر رسالة من القاهرة لم ينفذ بنداً من معسول كلامها. لتعود بعدها وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون فتطرح مشروع الشرق الاوسط الجديد وترجمته “المتفجر من داخله بدون تورط اميركي مباشر”. والملفت ان حديث كلينتون بدأ خافتاً في مقابلة لها في سبتمبر 2010 لتصرح به تفصيلاً في مؤتمر المنامة اوائل كانون الاول/ ديسمبر 2010 وكانت التحركات العربية الداخلية التي ننتظر إتضاح خلفياتها ومآلاتها. وان كانت ثقتنا كبيرة بسقوط المشروع الاميركي وبعزوف الشارع العربي عن الثمار الاميركية المحرمة.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس