عرض مشاركة واحدة

قديم 21-12-11, 05:50 AM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الجـيوبوليتيك او الجيوسياسـة Geopolitics
هـو علم دراسة تأثير الأرض (برها وبحرها ومرتفعاتها وجوفها وثرواتها وموقعها) على السـياسة في مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي اضاف الى الجيـوبوليتيك فرع الجيـو استراتيجيا.
وكان أول من استخدمه في الماضي المفكر السويدي رودولف كجلين مطلع القرن الميلادي الماضي وعرّفه بأنّه “ البيئة الطبيعية للدولة والسلوك السياسي “ بينما عرّفه مفكر آخر جاء بعده يدعى كارل هوسهوفر بأنّه دراسة علاقات الأرض ذات المغزى السياسي، بحيث ترسم المظاهر الطبيعية لسطح الأرض الإطار للجيوبوليتيكا الذي تتحرك فيه الأحداث السياسية “. ومن التعريفات المهمة لمصطلح الجيوسياسية عند الغربيين أنها عبارة عن “ الاحتياجات السياسية التي تتطلبها الدولة لتنمو حتى ولو كان نموها يمتد إلى ما وراء حدودها “ ومنها أيضا ً دراسة تأثير السلوك السياسي في تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة.
هذا ويمكن تبسيط مفهوم الجيوسياسية بلغة مبسطة بأنها تعني السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الدولة الوصول إليه. إذ أن النظرة الجيوسياسية لدى دولة ما تتعلق بقدرتها على أن تكون لاعبا ً فعّالا ًفي أوسع مساحة ممكنة من الكرة الأرضية.
هذا وشهد علم الجيوبوليتيك إهتماماً اوروبياً لافتاً في القرن التاسع عشر. وذالك بسبب الحروب التي نشبت بين الدول الاوروبية إما بسبب خلافاتها على المستعمرات أو على أراضي الدول الأوربية نفسها. وذلك بحيث تذبذب علم الجيوبولوتيك بين القبول والإهمال. لغاية تعرضه لما يشبه الهجران عقب الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم بين قطبي الرأسمالية والشيوعية.
فيما لوحظ انتشار استخدام تطبيقات “ الجيوسياسية “ وتداول المصطلح بصورة واسعة مع اكتساب هذا الفرع من العلوم السياسية صدارة ملفتة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وزوال الثنائية القطبية العالمية. هذه الثنائية التي كانت تكبت أهمية الجيوسياسية بسبب حالة التواطوء الضمنية التي كانت قائمة بين القطبين الاميركي والسوفياتي.
والملفت ان روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي كانت المجال الحيوي الاكثر خصوبة لاستخدامات علم الجيوبوليتيك نظراً للسعي الروسي للاستعاضة عن السوفيات باتحاد روسي يعيد روسيا القيصرية الكبرى بضم بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة لتوسيع المجال الروسي الحيوي. في المقابل بذلت الولايات المتحدة كل مهاراتها الجيوبوليتيكية لعرقلة مشروع روسيا الكبرى. ومن هذه المهارات الاميركية اشعال الثورات الملونة في الدول المستهدفة لتحقيق المشروع. مع محاولة احتواء هذا المشروع في حال قيامه عبر احاطته بمجموعة من الدول التابعة لاميركا والمرتبطة بنفوذها على قاعدة المصالح المشتركة.
وعلى طريقته الخاصة عبر الزعيم الروسي فلاديمير بوتين عن هذا الوضع قبل سنوات بقوله إن الوضع الجيوسياسي في العالم معقد للغاية، وميزان القوى الدولية مختل، ولم يتم بعد بناء هيكل جديد للأمن الدولي.
وهكذا فان إن توسيع النفوذ الجيوسياسي هذا بالنسبة لأية دولة قد يكون إمّا بدوافع إيديولوجية عقائدية سياسية كانت ام دينية كما قد يكون بدوافع قومية عنصرية كالنازية والفاشية والصهيونية، أو قد يكون اخيراً بدوافع استعمارية نفعية كالرأسمالية.
وعليه يكون الصراع الدولي على النفوذ، والتأثير في العلاقات الدولية، ودفاع الدول عن مصالحها الحيوية، ومحاولة فرض الدول هيمنتها على دول أخرى، وما شابه ذلك من أعمال، تكون من الحالة الجيوسياسية.
التفريق بين الجغرافيا السياسية والجيوسياسية
مما تقدم تمكن ملاحظة وجود فوارق بنيوية بين مفهومي الجغرافيا السياسية والجيوسياسية مع ملاحظة وقوع بعض الوضعيات الجعرافية والسياسية ضمن الزاوية الميتة حيث تنتمي بعض الاوضاع الى حالة بينيـة يمكن تفسيرها وفق المفهومين معاً ولكن دون تطابق التفسيرين. وهذه الأوضاع هي سبب الخلط بين المفهومين وهي الاكثر عصياناً على التفريق.
مهما يكن فان مفهوم الجغرافيا السياسية يتعلق بتأثير الجغرافيا على السياسة بينما يتعلق مفهوم الجيوسياسية بتأثير السياسة على الجغرافيا. حيث يغلب الثبات والرتابة ،أو ما يسمى بالاستاتيكا، على مفهوم الجغرافيا السياسية. فيما يطغى على الجيوسياسية طابع الحراك والتغيير، أو ما يسمى بالديناميكا.
التداخل بين الجيوسياسية وعلم المستقبليات
مما تقدم تبرز اولى معالم ومعايير التفريق بين المفهومين حيث الطايع الدينامي البنيوي للجيوسياسية يعطيها دوراً رئيساً في محاولات استقراء المستقبل السياسي ما يجعل من الجيوسياسية في قلب علم المستقبليات الناشيء. حيث لا يمكن للدراسات المستقبلية ان تتصف بالموضوعية ان هي تجاهلت الجيوسياسية ومتغيراتها المحتملة. بل ان العديد من الامثلة يشير لامكانية تغيير المستقبل عن طريق استيعاب الجيوسياسية واللعب على احتمالات توجهاتها المستقبلية.
ولعل المثال الاكثر فظاظة على هذا التداخل يتمثل بالجراحات الجغرافية الوحشية التي اجرتها معاهدة سلام الحرب الكونية الاولى والمعروفة بمعاهدة فرساي. التي تكشفت عن تغييرات صاعقة في الخارطة السياسية الاوروبية. وهي اعتمدت على رؤية مستقبلية لمصالح الدول المنتصرة في تلك الحرب. وقصور هذه الرؤية المستقبلية بسبب اقتصارها على المصالح كان سبباً في تفجير قائمة من النزاعات والحروب بما فيها الحرب العالمية الثانية. حيث لا يمكن للرؤية المستقبلية الوقوف على قدم واحدة ،هي المصالح في حالة فرساي، وتجاهل الديناميات الاخرى المؤثرة في المستقبل.
في حالة معاهدة فرساي نجد ان الانثروبولوجيا هي الحاضن الرئيسي للعوامل المكملة للرؤى المستقبلية. حيث كمنت عوامل انثروبولوجية خلف كل الأزمات والحروب التي افرزتها معاهدة فرساي. وبالمناسبة فان مشروع المحافظين الجدد في اميركا المعنون بـ "مشروع تغيير الخارطة العربية" يتجاهل الانثروبولوجيا وكأنها لا توجد. وهو تجاهل يكرر تجاهل الانثروبولوجيا في كافة مخططات ومشاريع المحافظين الجدد بما فيها حروب ادارة بوش في الشرق الاوسط الموزعة بين احتلال افغانستان والعراق وبين شن الهجمات العسكرية على جيرانهما مثل باكستان وسوريا. مروراً بالتغيير القسري تحت التلويح بالتهديد العسكري كما حدث في لبنان وخلق حالة من التهديد العسكري المستمر كما في الحالة الايرانية.
هذا وتعود الفوضى الجيوبوليتيكية الراهنة في الشرق الاوسط برأينا الى اهمال ادارة بوش بصقورها ومحافظيها للانثروبولوجيا. حيث تهديد ايران دعم طموحاتها التسلحية لغاية الشك بنوويتها العسكرية وهو ما ترجمته دول الجوار الايراني بانه تهديد للمعادلات العسكرية في المنطقة فيما تعتبره ايران حقها المشروع في الدفاع عن النفس ضد عدو مهدد من خارج المنطقة. وهو ما استدعى إثارة الاصطفافات العربية – الفارسية والسنية – الشيعية وهي إثارة فجرت كل التناقضات الانثروبولوجية في المنطقة بما بشرع الحديث عن بلقنة كامل منطقة الشرق الاوسط وليس فقط بعض المحطات فيها.
وبقدر رفضنا لنظريات المؤامرة في هذا المجال نرفض معها نظرية الاستراتيجيات الاميركية الذكية اذ ان تفجر هذه العوامل الانثروبولوجية سوف يشكل اخطارا حقيقية على الامدادات النفطية الشرق اوسطية بما لا يمكن للاقتصاد الاميركي المتعثر تحمل نتائجه. عداك عن كون هذه العوامل داعمة لتجدد نظرية الارهاب وفق منطلقات اكثر شعبية من منطلقات تنظيم القاعـدة.
الزاوية الميتة بين الجغرافيا السياسية والجيوسياسية
لعل مشروع شق قنـاة السويس يقدم لنا المثال الاوضح على التداخل بين الجغرافيا السياسية والجيوسياسية. حيث انطلقت فكرة المشروع من منطلق ينتمي الى الجغرافيا السياسية بامتياز دون اي التفات الى الاهمية الجيوبوليتيكية للقنـاة. بل ان بعض المصادر تنفي انتماء مشروع الفناة الى أي من المفهومين مدرجة اياه في اطار الرغبة الخديوية ببناء اهرامات من نوع معاصر. وهو طرح تدعمه التكاليف الهائلة للمشروع بالمقارنة مع وضع الاقتصاد الخديوي المعاني من المديونية في حينه.
لقد كان لاكتشاف النفط في الخليج العربي أثره في تحويل الخليج الى منطقة استراتيجية وهو الذي اضاف الى قناة السويس صفة استراتيجية لم تكن اتحصل عليها لولا اكتشاف النفط الخليجي. ولو حدث وطرحت الحاجة للقناة على اساس تجاري تبادلي بحت لكان شقها مرتبطاً بدراسات الجدوى التجارية للمشروع بعيداً عن المنطلقات الاستراتيجية والسياسية.
بهذا يمكن اعتبار مشروع القناة يوم تنفيذه مشروعاً خال من الآفاق المستقبلية ومن الديناميكا السياسية. اذ جاءت هذه المعطيات مكتسبة ،بعد عقود على تنفيذ المشروع، عبر استراتيجية النفط.
هذا المثال يبين لنا امكانية تراوح المشروع بين النرجسية الاوتوقراطية والجغرافيا السياسية الممزوجة بقرار سياسي يفتقد للمبررات التي يمكنها ادراجه في خانة الجيوبوليتيك ليصل في النهاية الى منفذ استراتيجي يشارك في التوجهات الجيوبوليتكية لكامل المنطقة بل وللعالم.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس