عرض مشاركة واحدة

قديم 18-02-09, 07:20 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الخاتمة

82. منذ إنتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991م يدور جدل عريض في أوساط الدوائر السياسية والعسكرية حول تعاظم مظاهر النشاط في التدريب العسكري المشترك في الشرق الأوسط بين العديد من الدول العربية والأجنبية. وتبرز تساؤلات عدة حول المغزى السياسي والعسكري لتلك التدريبات المشتركة عموماً والتدريبات مع قوات أجنبية على الخصوص.

83. في عالم اليوم تتصارع القوى فيما بينها للإستحواذ على أكبر قدر من القوة والمنعة وربما ما ليس لها حق فيه فيسارع الكبير للإيقاع بالصغير الذي لا يجد له سند ولا معيناً إلا في تكتل يضع نفسه عضواً فيه لقد أطلق فريدرتش راتزل نظريته القائلة: ( إن الدولة كائن حي ينمو بالضرورة على حساب ما حولة فيوسع المجال الجغرافي للدولة ويزيد من مواردها ويؤمن لها سلامة أكبر ). وبمنطق الجيوبولتيك هذا فالبعد الإستراتيجي لا يعود يكتفي هنا بثروات الدولة وقدرتها فقط بل يتخطاها السيطرة بالقوة على ما يراه ضرورياً وحيوياً لمصلحتة القومية من أرضي وثروات الآخرين.

84. لقد بحث المفكرون والفلاسفة طويلاً عن الأساس الجوهري للتنظيم السياسي للدولة فظهر لهم أن القوة هي جوهر هذا الأساس وبناؤه تقول نظرية الحق للأقوى أن الطبيعة تريد أن يتغلب القوى على الضعيف ويسيطر عليه. وأن الإنسان الذي يتمتع بقوة طبيعية وذكاء خارق لابد أن يزدري عدالة البشر التي تواضع علية الناس ولابد أن يجهز بما يرى بأن يعيش كما يحب ويهوى مرتكزاً على قوته وجبروت ورهبة الناس وخشيتهم إياه.

85. ما أن تشعر دولة ما بالخطر على كيانها القومي حتى تسارع إلى إتخاذ واحد أو أكثر من الخيارات الأربعة التالية لدعم أمنها وصيانة مصالحها:
أ. إما أن تعلن عن حيادها شرطة أن تكون لهذا الحياد مصداقيته وجديته وجدواه واحترامه.
ب. أو أن تضاعف من قوتها العسكرية وهذا ما ليس متاحاً دائمة أو بالسرعة الواجبة نظراً لعدة قيود سياسية واقتصادية وأمنية.
ج. أو أن تضعف من قوة الخصم بحرمانه من حلفائة عن طريق تحديدهم أو كسبهم إلى صفها وهذا يتطلب وقتاً وتنازلات مادية أو معنوية.
د. أو أن تضيف إلى قوتها قوة أخرى حليفه عن طريق التعاون العسكري أو الإندماج في كتلة عسكرية وهذا هو الأرجح.

86. إن التعاون الإستراتيجي العسكري بين الدول قديم وضارب بجذوره في أعماق التاريخ وقد تباينت أهدافه وغاياته ما بين مواجهه عدو مشترك لدرء خطره وبين تحقيق أطماع أو مصالح مشتركة أو لوجود منافع متبادلة. كما تعددت صوره وأشكاله وتنوعت اساليبة ووسائلة. وتجسدت أقوي مظاهره في الحلف العسكري ثم وبدرجة اقل في اتفاقية الدفاع المشترك. بينما تعد التسهيلات العسكرية بأنواعها ودرجاتها أبسط أشكاله وصوره.

87. لقد احتلت التدريبات المشتركة مكاناً متقدماً في مجالات التعاون الإستراتيجي العسكري بين الدول حيث أنها تعطي دليلاً واضحاً على التعاون لتحقيق مصلحة أو هدف مشترك. كما أنها تعتبر رسالة غير مباشرة لردع طرف معين يخشى من أخطاره. بالإضافة إلى ما تحققه من فوائد عسكرية تتمثل في تبادل الخبرات والإلمام بالجديد في نظم الأسلحة وأساليب استخدامها والتعرف على مسارح العمليات المتنوعة.

88. عند محاولتنا تحديد جوهر الحرب الحديثه نجد أن المعارك لم تعد تدار بتلك الطريقة التقليدية ذات النمطية الثانية والإيقاع ألبطي بل صارت أكثر سرعة وأشد عنفاً وأقصر عمرا بإستخدام السلاح ذو الأثر الفاعل في المكان المناسب والتوقيت الحرج. وبرز مفهوم معركة الأسلحة المشتركة في أسلوب تكاملي ولا يترك لأحد الأسلحة فضل الإنفراد بشرف تحقيق النصر على بقية الأسلحة.

89. عملية إنشاء الجيوش صارت علما وصناعة تتبع أحدث النظريات والنظم العسكرية والاقتصادية والسياسة. وأصبح لزاماً على القائمين على أمرها الوصول إلى درجة الاقتدار والكفاءة لتحقيق ذلك سواء بالمنهجية العلمية في التخطيط والتنفيذ0 وصار العالم يميل لسياسة التكتلات الكبرى والأحلاف العسكرية بحثاً عن الثقل السياسي والسند العسكري اللذين يوفران في الحد الأدنى الرادع للخصوم المحتملين و في الحد الأعلى القوة المطلوبة لحسم الصراع.

90. يعد التدريب العسكري المشترك أرقى مستويات التدريب. وهو يوفر الإلية والمناخ الملائم للقوات المسلحة للعمل كفريق واحد في اسلوب تكاملي للإستفاده من مزايا وقدرات كل العناصر خدمة للهدف المشترك وهو النجاح في تحقيق المهام القتالية وبالتالي تحقيق النصر في المعارك الحقيقية. ولهذا فهو تدريب راقً متطور أولاً وهو قياسي وأختبار للكفاءة والقدرات ثانياً.

91. تتنوع التدريبات المشتركة بين القوات طبقاً لإهتمامات الأطراف المشتركة فيها. من هذه التدريب ما هو عام تشترك فيه عناصر من جميع القوات الرئيسية من كل دوله. و منها ما هو تخصصي بين عناصر معنية يهدف إلى تحقيق التجانس فيما بينها. وكلما زاد حجم القوات في التدريبات المشتركة العامة كما أمكن الحكم على تقدم مستويات هذه القوات. وليس بالضرورة أن يتساوى حجم القوات المشاركة من كل دولة ويتوقف ذلك على طبيعة التدريب وأهدافه.

92. عندما أعلن مع بداية تسعينات القرن العشرين عن نهاية فترة الحرب الباردة بين القوتين العظميين تم الإعلان في نفس الوقت عن ميلاد نظام عالمي جديد يسعى لتطويع آليات سياسية واقتصادية للتعاون بين الدول لتحقيق الأهداف والغايات العليا لها بدلاً من الصراع العسكري كآلية وحيدة لذلك.ولاشك أن التدريب العسكري المشتركة كأحد أهم صور الإستخدام السياسي للقوة يمثل صورة جديدة للحرب الباردة ولكنها صورة محسنة بإعتبار أن وجود حرب باردة بشروط ومواصفات اقتصادية ودبلوماسية هو بديل مناسب عن تنمية واستحضار جوانب حرب ساخنة.

93. مع ذلك تزداد التساؤلات حول أبعاد وأهداف التدريبات المشتركة بصفة عامة وعما إذا كانت تمثل اختراقاً امنياً للدول العربية. ويطرح الكثيرون لاسيما العسكريون سؤالا محدداً كيف يمكن للقوات العسكرية الوطنية لدولة ما أن تقوم بكشف أسرارها العسكرية أمام دولة أخرى خاصة إذا لم تكن صديقة بالمعنى الكامل والمفهوم وذلك أثناء إجراء التدريبات العسكرية المشتركة بينهما والتي تتم طبقاً لبروتوكول عسكري أنبثق عن إتفاق سياسي. خاصة إذا سلمنا بأن جميع الاتفاقات والتحالفات الثنائية هي في جوهرها تحالفات آنية وتكتيكية وتتقلب بتقلب الأوضاع داخل كل دولة وتستجد مع المستجدات الدولية والإقليمية فأن مواقع الحلفاء والأعداء قد تتبدل بين عشية وضحاها وبذلك تكون الدول قد تم إختراقها أمنياً.

94. في هذا الصدد علينا أن نلاحظ أن ما كان يعد في السابق سراً عسكرياً يسيل له لعاب رجال المخابرات لم يعد كذلك في علم اليوم في ظل الزخم الكبير في تطور الأسلحة والمعدات وفي ظل ثورة الاتصالات التي إخترقت كل الحواجز الأمنية المعرفة في السابق. وحتى يكون الحديث منطقياً فأن هذا لايعني بالضرورة طرح كل الإسرار على الغير أو التحدث عنها أمام غير المختصين.وبدون تحميلالعصرية.ضوع اكثر مالعصرية.فأن مفهوم الأمن العسكري قد تطور كثيراً ليواكب التقدم المذهل العصرية.حي الحياة العصرية.

95. إن إجراء التدريبات المشتركة بين قوتين متفاوتتين في المستوى والحجم والقوة العسكرية يحقق العديد من الفوائد السياسية والعسكرية كما يلي:
أ. تحقيق الإستفادة الميدانية في مجال تكنولجيا أنظمة الأسلحة والمعدات المتطورة واكتساب المعرفة والخبرة بالإحتكاك بالجيوش المتقدمة.
ب. في مجال مبيعات السلاح تتوفر ميزة التجريب الميداني للأسلحة من قبل الدول الشارية وفرصة تسويق منتجاتها من السلاح بهامش مصداقية وضمان مرتفع بالنسبة للدول المصنعة للسلاح.
ج. تغطية مهام عملياتية أو تحقيق أغراض أمنية.
د. يوفر الإستخدام السياسي للقوة آلية ممتازة للردع العسكرية في أدنى صور والردع السياسي في أعظم صوره.
هـ. الترشيد العام في بناء القوات المسلحة للدول مع تحقيق التعاون العسكري الاقليمي والدولي في مجال قوات حفظ السلام مثلاً.

96. يبدو جلياً إن التدريبات العسكرية المشتركة بين الدول كإحدى آليات الإستخدام السياسي للقوة تصاحبها أفرارات سالبة وأعرض جانبية أهم المظاهر السلبية هي:
أ. ازدياد معدلات التوتر في الإقليم بسبب تواجد قوات أجنبية على حدود الدول ترسل إشارات واضحة لأطراف بعينها في استهداف صريح أو خفي.
ب. تكريس الفرقة العربية وتسميم أجواء العلاقات السياسية بين الدول حيث تستأثر بتلك التدريبات المشتركة دولة معنية.
ج. تأجيج مشاعر الإستياء الوطني وإثارة حفيظة المسلمين ضد الوجود العسكري الأجنبي عموماً والمسيحي على وجه الخصوص حيث يرون في ذلك سلباً للإدارة الوطنية العربية وتدنيسا لمقدساتهم الإسلامية.
د. تغذية الأوهام التوسعية وتوليد الحسابات الخاطئة مما يزيد من رغبة الزعامات في المغامرة الخارجية. كما إنها تعطى دلالات غير حقيقية عن قوة الدولة الأمر الذي يولد لديها أو هاماً بقوة زائفة.
هـ. لعل ابرز الصور السلبية للتدريبات العسكرية المشتركة صورة استلاب القرار السياسي والإنكشاف الأمني للدول العربية أمام الدول الغربية الكبرى.

97. بصور عامة يتم إجراء التدريبات المشتركة بين الدول لتحقيق غايتين أو من خلال إطارين رئيسيين هما إطار تطوير القدرات القتالية للقوات المسلحة وإطار الإستخدام السياسي للقوة وبصرف النظر عن حقيقة الهدف أو الغرض ولكي ما يتم تحقيق الإستفادة التامة المرجوة من تلك التدريبات لابد أن يتم تناولها بأسلوب علمي مدروس يتناول إبعادها في كافة المجالات تخطيطاً وتنفيذاً مع مراعاة العوامل السياسية والأمنية.

98. هناك جملة من الموجهات العامة يمكنها إذا ما تم العمل بها توفر فرصاً طيبة للاستفادة من التدريبات المشتركة في مجال تطوير القدرات القتالية بما يعود بالنفع والفائدة.

99. من الأهمية بمكان ضرورة مراعاة كافة الجوانب السياسية والإقتصادية والأمنية والعسكرية عند تناول موضوع التدريبات المشتركة كإجراء عسكري في إطار التعاون المشترك بين ا لدول وفي دور الإستخدام السياسي للقوة تحديداً.

إنتهى بحمدالله

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس