عرض مشاركة واحدة

قديم 11-11-09, 04:17 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أ. التواجد الدائم للقوات الأمريكية

كما يوحي حديث وزير الدفاع الأمريكي (جيتس) في 14-12-2008م عن خطة الرئيس (أوباما) للانسحاب: فالانسحاب في تقديره لا يعني الانسحاب غير المسؤول، وعلى ذلك يمكن حدوث تعديلات في مواعيد تلك الانسحابات أو خططها على النحو الذي تحدث به

الجنرال (ريموند أوديرنو) قائد القوات في العراق الذي كشف عن وجود نيّة لإبقاء القوات الأمريكية داخل المدن العراقية لتقديم المساعدة للقوات العراقية بعد موعد انسحاب الجيش الأمريكي من المناطق السكنية خلال هذا الشهر (يونيو 2009م)، حسبما تنص الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية، هذه الإيماءات تحوّلت إلى مصارحة على لسان المتحدث باسم الحكومة العراقية الذي أثار جدلاً بإعلانه أن القوات الأمريكية قد لا تنسحب بالكامل بعد ثلاث سنوات كما ينص اتفاق سحب القوات، نظراً لأن القوات العراقية تحتاج إلى (10) سنوات كي تصبح جاهزة لتولي زمام الأمور من القوات الأمريكية(10).
وفي تفسير لعودة العنف الطائفي إلى واجهة المسرح العراقي قد يكون هناك فاعل وراء هذا العنف يستهدف إحداث تغيير برنامج الانسحاب الأمريكي من العراق، فكما هو معروف هناك ثلاثة جداول بحسب خطة الإدارة الأمريكية الجديدة: الأول: الانسحاب من المدن قبل نهاية شهر يونيو 2009م، والثاني: إنهاء المهام القتالية للقوات الأمريكية خلال عام منذ فبراير 2009م، والثالث: سحب القوات الأمريكية (المقاتلة) كلها بعد أقل من ثلاث سنوات، بيد أن أياً من هذه الجداول لا يُعتبر نهائياً على الرغم من أن إدارة (أوباما) تشدد على أنها عاقدة العزم على وضع حدٍ لحرية الاختيار التي فرضتها إدارة (بوش) في العراق، بهدف التفرّغ إلى (حرب الضرورة) في أفغانستان، ولأزمات باكستان وإيران(11).
لقد لاحظ مراقبو المشهد العراقي أن حوادث التفجيرات التي شهدتها مدن عراقية في الآونة الأخيرة ترافق مع عدة مؤشرات، من أبرزها: ارتفاع وتيرة الحديث عن انسحاب أمريكي كامل قبل نهاية عام 2011م تنفيذاً للوعود الأمريكية، وبالتالي فلا يستبعد الكثيرون من متابعي المشهد العراقي قيام القوات الأمريكية أو جهات استخباراتية مرتبطة بها بتنفيذ تفجيرات مدروسة لتوقّع أكبر تأثير نفسي وسياسي وطائفي على الساحة العراقية، ويستند هؤلاء إلى ماضي أجهزة الاستخبارات الأمريكية في بلدان أخرى(12).
يُضاف إلى ذلك أن التخطيط العسكري الأمريكي يقوم على تحويل العراق إلى قاعدة إقليمية محورية للوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، بحيث يرتبط العراق بالاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، لذلك اتجهت النوايا للاحتفاظ بعدد من القواعد العسكرية على الأراضي العراقية، وهو ما يمثّل أحد أهداف الحرب على العراق، بحيث يتم فرض وجود عسكري طويل الأمد في العراق القريب من منابع النفط الضخمة، ومركز الثقل الاقتصادي والبشري العالمي، بما يسمح لها بتطويق وحصار أوروبا وروسيا والصين والهند، وحتى الدول الأقل خطراً على المصالح الأمريكية مثل: اليابان، وباكستان، ومناطق جنوب شرق آسيا، وهذا ما أكدته مشاريع الإدارة الأمريكية (السابقة) في إعادة التنظيم العالمي لقواعدها العسكرية في أوروبا وآسيا وكل بلاد العالم(13).
وإذا كان الرئيس الأمريكي الجديد (أوباما) قد اقترح حدوداً زمنية لانسحاب قوات بلاده من العراق، فإن ذلك لم يتسم بالصراحة والحسم، بل جاء غامضاً في مضامين رئيسة من هذا الاقتراح، فقد حدّد جدول الانسحاب الذي أعلنه نهاية أغسطس 2010م موعداً لإنهاء العمليات القتالية، لكنه أعلن أن ما بين (35000 إلى 50000) عسكري أمريكي سيبقون في العراق، وهنا تبرز ملاحظتان: الأولى حجم القوات المتبقية، وأسباب عدم سحبها؛ فحجم القوات المقترح بقاؤها يشكّل أكثر من 35 من عدد القوات الأمريكية المتواجدة الآن بالعراق، وهوحجم ليس بالقليل، وبالتأكيد تستطيع الولايات المتحدة في أية لحظة زيادة هذا العدد أو إنقاصه، وفقاً لاستراتيجيتها الخاصة، ومتى دعتها حاجتها لذلك؛ والملاحظة الأخرى في هذا السياق هي الإشارة إلى إنهاء العمليات القتالية من قِبل الأمريكيين، وهنا لا يقدم الرئيس الأمريكي تعهداً واضحاً وثابتاً بشأن مشاركة الأمريكيين في القتال الدائر بين الحكومة وبين والمقاومة، هذا وغيره من المضامين الغامضة للخطاب الأمريكي بشأن الانسحاب يستهدف التعتيم على التفاصيل الحقيقية للانسحاب ويترك مرونة لصانع القرار الأمريكي كونه على الصعيد العملي لم يلتزم بشيء، ومن جانب آخر فإن هذا التعتيم سيكون عامل ضغط على جميع الأطراف المستهدفة بهذا الملف، وهي الحكومة العراقية، وإيران، والمقاومة العراقية(14).

ب. التحكم بالبترول العراقي

حددت الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية عدة اتجاهات بشأن النفط العراقي، منها ما جاء به الإطار العام الذي ينظّم العلاقات الاقتصادية بين بغداد وواشنطن، وتحديد الآليات التي تحكم عمل الاقتصاد العراقي عبر عدة مسارات متصلة، منها: بناء اقتصاد عراقي مزدهر ومتنوع ومندمج في النظام الاقتصادي العالمي، ودعم العراق لاستثمار موارده من أجل التنمية الاقتصادية الثنائية، من خلال حوار الأعمال التجارية الأمريكي العراقي، وبرامج التبادل الثنائية مثل: أنشطة الترويج التجاري، والوصول إلى برامج للتصدير والاستيراد، وذلك يعني: أن الحكومة العراقية ملتزمة بشروط المنظمات الاقتصادية الدولية وبخاصة منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد والبنك الدوليين لأجل تحرير التجارة، أو فتح الحدود أمام الاستثمارات الأجنبية إلى داخل العراق، كما تعني أن الولايات المتحدة ستُعطى ميزة الدولة الأكثر رعاية في المجالات المذكورة، كما يلاحظ أن الاتفاقية وفّرت للطرفين العراقي والأمريكي آلية ثنائية لضمان ومراقبة تنفيذ ما جاء فيها، بما في ذلك ملف التعاون الاقتصادي عبر لجنة تنسيق عليا تجتمع بصفة دورية، فضلاً عن لجان مشتركة إضافية ستتشكل حسب ما تستدعي الظروف. وكجزء من تطبيق الرؤية الأمريكية للانفتاح في الاقتصاد العراقي سيكون ضخ النفط العراقي من العراق إلى مصافي التكرير في مدينة حيفا بفلسطين المحتلة جزءاً من المشاريع المتوقع تنفيذها في ظل الاتفاقية بحسب ما ذكرته صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤول بوزارة الدفاع، من أنه سيتم نقل النفط من كركوك، حيث ينتج نحو 40 من النفط العراقي عبر الموصل والأردن ليصل إلى إسرائيل(15).
تعطي الاتفاقية الشركات الأجنبية وبخاصة الأمريكية فرصة الحصول على الحصة الأكبر من النفط العراقي، خصوصاً وقد ازدادت تقديرات حجم الاحتياطات المتاحة إلى (350) مليار برميل، ما يعادل ثلاثة أضعاف الاحتياطيات المؤكدة حالياً، كما أن في العراق حوالي أربعة أضعاف النفط الموجود بالولايات المتحدة، بما في ذلك نفط (ألاسكا)، وإضافة إلى ذلك فإن الولايات المتحدة التي كانت مكتفية ذاتياً بالنفط حتى نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي، وهي تستورد الآن معظم النفط الذي تستخدمه، كما أن التفكير الاستراتيجي الأمريكي يحتم عليها الحفاظ على سيطرتها العسكرية في المنطقة لكي تظل القوة الأعظم في العالم، وللعراق هنا أهمية حاسمة، فمن منظور البنتاجون سيترك أي انسحاب كامل من العراق الولايات المتحدة مكشوفة بصورة خطرة، وبخاصة في مواجهة غير مرحب بها في النفوذ الإيراني، وفي هذه الظروف فإن الاحتفاظ بالسيطرة على العراق بمافي ذلك قدرة عسكرية مباشرة يظل أمراً سياسياً(16).

 

 


   

رد مع اقتباس