عرض مشاركة واحدة

قديم 11-11-09, 04:16 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

ثالثًا: تداعيات الاتفاقيات محلياً وإقليمياً

لا يوجد في القانون الدولي العام أي بند يمكن الاعتماد عليه للقول بمشروعية إعلان المبادئ بين طرفين تربط بينهما علاقة الاحتلال، فالقانون الدولي يحدد القواعد المنظمة للحروب، وكيف تتعامل دولة الاحتلال مع أرض الاحتلال، وليس فيه القانون الدولي شيء يمكن أن يسمح بالقول مثلاً: (وكيف تتعامل مع مستقبل الأرض وأهلها)؟ تحت عنوان صداقة وتعاون، أو أي عنوان آخر. بل لا يمكن أن يُسوّغ ذلك حتى اتفاقيات الاستسلام العسكري، وحتى في إطار القانون الدولي التطبيقي أي مجموعة الاتفاقات والمعاهدات والعلاقات الثنائية والجماعية الدولية التي تعتبر مشروعة بمقدار التزامها بمبادئ القانون الدولي العام، وباطلة بمقدار انتهاكها له حتى في هذا الإطار لا توجد حالة واحدة مشابهة للحالة التي تم صنعها لمستقبل العراق، فحرب فيتنام لم تنته باتفاقية مثل هذه، ولا الحرب العالمية الأولى، وبالتالي فإن الاتفاقات التي تُعقد في فترة احتلال كامل أو ناقص باطلة شكلاً وموضوعاً(7).
والأصل في الاتفاقات أن لها أصلاً ينتهي، فإما أن يجري التمديد أو لا يجري لو كانت الأمور تدور بين بلدين كاملي السيادة والاستقلال، أما وقد ترك ذلك دون تحديد، فهذا يعني أن ما يوقعه رئيس دولة الاحتلال ورئيس حكومة الدولة المحتلة يُراد به أن يكون ملزماً دون تحديد لكل من يأتي بعدهما ليتحول (التعاون) الذي حمله عنوان الوثيقة إلى تعاون بالإكراه، وتتحول (الصداقة) إلى صداقة أبدية، وتتحول (المصالح المشتركة) إلى مصالح لا فكاك منها، وهو ما تكشف عنه القراءة المتأنية لعنوان الوثيقة، فهو (إعلان مبادئ لعلاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية)، ومع بداية النص يتكرر ذلك (ملتزمتان بتطوير علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين بلدين كاملي السيادة والاستقلال ولهما مصالح مشتركة). وكلمة (ملتزمتين) تعني سريان الالتزام على مايسمى تعاوناً وصداقة وشموله جميع المجالات التي تعتبر من عناوين الاستقلال الحقيقي في أي بلد، السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية. فضلاً عن سريان هذا الالتزام على أي حكومة عراقية مقبلة(8)، وعلى ذلك فإن وثيقة إعلان المبادئ والاتفاقية الأمنية، التي وُقِّعت بناءً عليها، لهما تداعياتهما على العراق والمحيط العربي.

1. تداعيات الاتفاقية على العراق

مع الرفض والقبول وما صاحب توقيع الاتفاقية من صخب، وتزايد الهوّة بين المؤيدين والمعارضين، أقرّ مجلس النواب العراقي الاتفاقية ب (144) صوتاً من (198) صوتاً، رغم ما تردد من أن هناك بنوداً لم يُعلن عنها تضمنتها الاتفاقية الأمنية، ومن أهمها طبقاً لما نشرته صحيفة الحقيقة الدولية الأردنية(9):
يحق لقوات الاحتلال بناء المعسكرات والقواعد العسكرية، وهذه المعسكرات سوف تكون سائدة للجيش العراقي، وعددها خاضع للظروف الأمنية التي تراها الحكومة العراقية وبمشاورة السفارة الأمريكية في بغداد، والقادة الأمريكان والميدانيين، وبمشاورة وزارة الدفاع العراقية والجهات المختصة.
لا يحق للحكومة العراقية ولا لدوائر القضاء العراقي محاسبة القوات الأمريكية وأفرادها، ويتم توسيع الحصانة حتى للشركات الأمنية والمدنية والعسكرية والاستنادية المتعاقدة مع الجيش الأمريكي.
صلاحيات القوات الأمريكية لا تُحدد من قِبل الحكومة العراقية، ولا يحق للحكومة العراقية تحديد الحركة لهذه القوات، ولا المساحة المشغولة للمعسكرات ولا الطرق المستعملة.
يحق للقوات الأمريكية بناء المراكز الأمنية، بما فيها السجون الخاصة، والتابعة للقوات الأمريكية حفظاً للأمن.
يحق للقوات الأمريكية ممارسة حقها في اعتقال من يهدد الأمن والسلم دون الحاجة إلى موافقة من الحكومة العراقية ومؤسساتها.
للقوات الأمريكية الحرية في ضرب أية دولة تهدد الأمن والسلم العالمي والإقليمي العام، والعراق وحكومته ودستوره، أو تستفز الإرهاب والميليشيات، ولا يمنع الانطلاق من الأراضي العراقية والاستفادة من برها ومياهها وجوها.
العلاقات الدولية والإقليمية والمعاهدات يجب أن يكون للحكومة الأمريكية العلم والمشورة بذلك حفاظاً على الأمن والدستور.
سيطرة القوات الأمريكية على وزارة الدفاع والداخلية والاستخبارات العراقية ولمدة (10) سنوات، ويتم خلال هذه المدة تأهيلها وتدريبها وإعدادها حسب ما ورد في المصادر المذكورة، وحتى السلاح ونوعيته خاضع للموافقة والمشاورة مع القوات الأمريكية.
السقف الزمني لبقاء القوات سقف طويل الأمد، وغير محدد، وقراره لظروف العراق، ويتم إعادة النظر بين الحكومتين العراقية والأمريكية في الأمر، إلاّ أن الأمر مرهون بتحسن أداء المؤسسات الأمنية والعسكرية العراقية، وتحسّن الوضع الأمني، وتحقق المصالحة، والقضاء على الإرهاب، وأخطار الدول المجاورة، وسيطرة الدولة، وإنهاء حرية وتواجد الميليشيات، ووجود إجماع سياسي على خروج القوات الأمريكية، وعلى ذلك يرى المراقبون أن للاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية تداعياتها السلبية على العراق ومحيطه الإقليمي، ومن أبرز هذه التداعيات:

 

 


   

رد مع اقتباس