عرض مشاركة واحدة

قديم 18-05-22, 04:56 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

بدءا من عام 2015، شرع الجيش التركي في استخدام مُسيَّراته في معركته طويلة الأمد ضد الميليشيات الكردية من حزب العمال الكردستاني. وخلال السنوات الثلاث التالية، تمكَّنت تركيا بفضل المُسيَّرات الجديدة من طرد الميليشيا إلى حدٍّ كبير خارج الأراضي التركية، واستطاعت قتل أعداد كبيرة من أعضاء حزب العمال الكردستاني، بمَن فيهم بعض قادته في العراق. وبعد ذلك بفترة وجيزة، شرعت أنقرة أيضا في استخدام المُسيَّرات ضد المقاتلين الأكراد في سوريا، المعروفين بـ"وحدات حماية الشعب" المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وسمحت هذه الإستراتيجية لتركيا بتعزيز سيطرتها على حدودها الجنوبية والجنوبية الشرقية، ومد وجودها حتى شمال سوريا والعراق دون المخاطرة بقوات عسكرية كبيرة على الأرض. ولأول مرة منذ عقود، باتت أنقرة قادرة على تحقيق مكسب حاسم في صراعها طويل الأمد مع حزب العمال الكردستاني.

بيراقدار تحلِّق في كل الاتجاهات

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بيراقدار "أقنجي"سرعان ما ثبت أن المزايا التي جعلت "بيراقدار" ضرورية للأولويات الأمنية للحكومة التركية هي أيضا على القدر ذاته من الفائدة بالنسبة لكثير من القوى الصغيرة والمتوسطة خارج تركيا. ففي مقابل استثمار متواضع نسبيا، باتت بلاد عديدة قادرة على حيازة تكنولوجيا عسكرية فتَّاكة تُمكِّنها من تغيير ديناميات صراع ما، أو توفير ردع فعال بوجه الجماعات المسلحة أو غيرها من القوات. وفي عام 2017، بدأت تركيا تصدير "تي بي 2″، وفي غضون خمس سنوات كانت قد باعت المُسيَّرات لصالح 24 دولة تقريبا، منها حلفاء وشركاء في أوروبا (ألبانيا وبولندا وأوكرانيا)، ووسط وجنوب آسيا (قرغيزستان وباكستان وتركمانستان)، وأفريقيا (إثيوبيا وليبيا والمغرب والصومال وتونس)، والخليج (قطر)، والقوقاز (أذربيجان). ورغم أن صفقات الأسلحة هذه تمت نتيجة خليط من دوافع المصالح التجارية والجيوسياسية، فإنها دائما تقريبا ما تضمَّنت دولا تملك تركيا مصالح إستراتيجية فيها.

على إثر هذه الصفقات، قلَّبت المُسيَّرات التركية التوازنات في صراعات عديدة. ففي ليبيا عام 2020، مكَّنت هذه المُسيَّرات حكومة طرابلس، المعترف بها دوليا والمدعومة من تركيا، من الصمود أمام الهجوم الشرس الذي شنَّه أمير الحرب "خليفة حفتر" المدعوم من روسيا. وبالمثل، ساعدت المُسيَّرات القوات الأذربيجانية في استعادة أراضٍ متنازع عليها في إقليم "قرة باغ" بنجاح، الذي سيطرت عليه القوات الأرمنية طيلة عقود. وفي محافظة إدلب السورية، أتاحت المُسيَّرات التركية لقوات المعارضة السورية إيقاف عدوان حكومة النظام السوري الذي سعى إلى قهقرة المعارضة إلى داخل تركيا. وفي إثيوبيا، ساعدت المُسيَّرات التركية التي حصلت عليها حكومة أديس أبابا في قلب موازين حربها الأهلية ضد المتمردين التيغرانيين. وعلى غرار الحالات الأخرى، لم تكن مصالح تركيا في إثيوبيا مجرد مصالح تجارية، إذ ترى تركيا تقوية علاقاتها مع أديس أبابا بوصفها طريقا لترسيخ النفوذ التركي في القرن الأفريقي وموازنة نفوذ مصر، التي تنافسها حاليا على النفوذ الإقليمي.

حقَّق صعود تركيا السريع باعتبارها مورد المُسيَّرات الأساسي للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط مكاسب للقوة التركية، بيد أنه خلق أيضا تحديات جديدة. فقد حصل عدد من البلدان، منها إثيوبيا والصومال وتونس، على المُسيَّرات التركية دون استكمال الأنظمة الفنية المطلوبة لتشغيلها. وربما لا تُحقِّق هذه البلدان نتائج حاسمة ضد عدو جيد التدريب أو يفوقها عددا، ولعلها وقعت في هفوات أحيانا. ففي أثناء الصراع في تيغراي، تعرَّضت الحكومة الإثيوبية لانتقاد قاسٍ على تسبُّبها في وقوع ضحايا مدنيين، حتى إنها ضربت مدرسة باستخدام المُسيَّرات تركية الصُّنع. وقد أسهمت مثل هذه الحوادث في تكوين انطباع، يتشاركه بعض المسؤولين الأميركيين، بأن تركيا أصبحت تنشر المُسيَّرات بصورة متهوِّرة.
أما المشكلة الأكبر فلعلها أثر ذلك على الدول المنافسة لتركيا. فقد تسبَّب التدخُّل التركي في صراعات مثل الصراع الليبي في إثارة قلق خصومها، بما في ذلك مصر وفرنسا والإمارات. وفي مايو/أيار 2020، وبينما غيَّرت المُسيَّرات التركية مسار الحرب الأهلية في ليبيا، شكَّلت مصر تحالفا غير رسمي مع كلٍّ من قبرص وفرنسا واليونان والإمارات لمواجهة النشاط التركي في شرق البحر المتوسط من خلال تنسيق الوجود السياسي والدبلوماسي والبحري. هذا ورفعت الولايات المتحدة مؤخرا مساعداتها العسكرية إلى اليونان كإجراء استباقي ضد روسيا، لكنه كان بدرجة أقل موجَّها ضد تركيا أيضا وحضورها العسكري المتزايد في المنطقة.

مُعضلة تركيا في أوكرانيا


لربما برهنت دبلوماسية المُسيَّرات التركية على أنها الأهم، وربما الأخطر، في أوكرانيا، إذ بدأت كييف في شراء "تي بي 2" عام 2019، واستخدمتها للمرة الأولى ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا في إقليم "دونباس" عام 2021. لكن مع حرب الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" على أوكرانيا، اكتسبت هذه الأسلحة وضعا أخطر، فللمرة الأولى تُوجَّه هذه الأسلحة مباشرة ضد القوات الروسية نفسها. وبالفعل، نُفِّذَت أكثر من 60 هجمة ناجحة باستخدام مُسيَّرات "تي بي 2" على الدبابات وقطع المدفعية والمركبات الروسية، بل وحتى قطارات الإمدادات، وعلى الأرجح فإن الحوادث غير المُعلن عنها أكثر بكثير. وبالنسبة لعلاقات تركيا مع الغرب، فإن الدور غير المتوقَّع الذي لعبته مُسيَّرات "بيراقدار" في تقوية شوكة كييف ضد موسكو له تداعيات مهمة، فقد رفع مكانة أنقرة في الناتو إلى مستوى لم تشهدها منذ سنوات، وثمَّة برود في العلاقات ينقشع الآن بين تركيا وبعض الحكومات الأوروبية الكبرى، بما فيها فرنسا.
بيد أن حرب المُسيَّرات في أوكرانيا أثارت أسئلة جديدة مُعقَّدة عن جهود تركيا للحفاظ على علاقاتها العملية مع موسكو، إذ يتعيَّن على تركيا التعامل مع روسيا في مجالات عديدة، من البحر الأسود حتى سوريا وأذربيجان. وعلى الصعيد الإستراتيجي، ستفعل أنقرة كل ما بوسعها لضمان ألا تقع كييف في قبضة موسكو. ويعود سبب ذلك إلى أن عدوان بوتين على أوكرانيا خلق شعورا بالواقعية في أنقرة فيما يتعلَّق بروسيا، العدو التاريخي اللدود لتركيا. والآن، تُقدِّر أنقرة أوكرانيا ودول البحر الأسود الأخرى أكثر من أي وقت مضى بوصفهم حلفاء لا غنى عنهم لبناء كتلة تُوازِن العملاق الروسي شمال البحر الأسود.
ولكن إذا نجح بوتين في احتلال جزء من أوكرانيا -أو فشل وألقى باللوم في ذلك على تركيا- فقد يمتلك بذلك نفوذا جديدا وكبيرا مضادا لتركيا. فلربما يستطيع بوتين، مثلا، تقويض مصالح أنقرة في سوريا عبر إطلاق موجة لاجئين ضخمة من إدلب إلى تركيا، إذ صارت المشاعر المُعادية للاجئين في تركيا أقوى في الآونة الأخيرة، ومع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، من المرجَّح أن يجد أردوغان نفسه تحت ضغط شديد إذا ما تدفَّقت أعداد كبيرة من اللاجئين نحو البلاد. كما يستطيع بوتين أن يفرض عبئا اقتصاديا على تركيا عن طريق الحدِّ من الصادرات الزراعية التركية إلى روسيا، أو منع الروس من السياحة في تركيا، أو إيقاف إمدادات الغاز الروسي إلى أنقرة. ومن شأن هذه الخطوات تقويض انتعاش الاقتصاد التركي، ومن ثمَّ تقويض حظوظ إعادة انتخاب أردوغان عام 2023.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
يكمُن هدف أردوغان الأسمى في تجنُّب المواجهة مع بوتين، الذي قد يستخدم التأثير الاقتصادي أو حتى الهجمات السيبرانية لعرقلة حظوظ إعادة انتخاب الرئيس التركي.


يتبع

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس