عرض مشاركة واحدة

قديم 17-11-20, 08:19 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 


ثراء معجمي

وقد عرف المسلمون قبل ذلك "البوارج" البحرية المستخدمة في الحروب والتي أخذوا صناعتها من الهنود؛ فقد ذكر الطبري -في تاريخه- أنه في 251هـ/865م "دخل من البصرة [إلى بغداد] عشر سفائن بحرية تُسمّى ‘البوارج‘، في كل سفينة اشْتيام/اسْتيام (= رئيس الملّاحين)، وثلاثة نفّاطين، ونجّار، وخبّاز، وتسعة وثلاثون رجلا من الجذّافين والمقاتلة؛ فذلك في كل سفينة خمسة وأربعون رجلا".
كما عرف عصرهم السفن الحربية العملاقة كالتي ذكرها ابن الأثير حين سجّل واقعة استيلاء الأسطول الأيوبي على غريمه الفرنجي التابع لمملكة صقلية سنة 570هـ/1174م، رغم أن القوة البحرية الصقلية كانت "أسطولا كثيرا عدته مئتا ‘شيني‘ (= ‘شَوْنَةُ‘: السفينة الحربية) تحمل الرجالة، وست وثلاثون ‘طريدة‘ تحمل الخيل، وستة مراكب كبار تحمل آلة الحرب، وأربعون مركبا تحمل الأزواد، وفيها من الراجل خمسون ألفا، ومن الفرسان ألف وخمسمئة، منها خمسمئة تركُبُلي (= فرقة عسكرية بيزنطية من أصول تركية)"!!
وقد أدرك البحارة المسلمون طبيعة تضاريس كل بحر فاختاروا لها ما يناسبها من أنواع السفن؛ ولذلك كانت مراكب البحر الأحمر تختلف كلية عن سفن البحر المتوسط لكثرة الشعاب المرجانية والصخور في البحر الأحمر، ولبعده عن حركة سفن الأعداء الصليبيين.
وكانت أكثر مراكب هذا البحر تُسمّى "الجُلّاب" لنقل الحجّاج، وقد سافر فيها الرحالة الأندلسي ابن جبير (ت 614هـ/1217م) فوصف طريقة صناعتها قائلا: "والجُلّاب التي يُصرّفونها في هذا البحر الفرعوني مُلفَّقة الإنشاء، لا يُستعمل فيها مسمار ألبتة، إنما هي مُخيَّطة بأمراس (= حبال) من القَنبار (= فتائل تصنع من جوز الهند)".
وإلى جانب ثراء معجم أسماء السفن بالمفردات؛ نجد طيفا واسعا من المسميات والمصطلحات المتعلقة بالسفينة ومتعلقات صناعتها والحياة داخلها في أعالي البحار؛ فابن منظور (ت 711هـ/1311م) -في ‘لسان العرب‘- يورد مصطلح "الجَلْفَطَةُ" باعتباره وصفا لعملية تركيب ألواح السفينة، فيقول إن "الجِلْفاط.. هو الذي يُجَلْفِطُ السفنَ فيُدخل بين مَسامِير الأَلواح وخُروزها مُشاقةَ الكَتّانِ ويمسَحُه بالزِّفْت والقارِ، وفعْلُه: الجَلْفَطةُ".
كما يذكر مصطلح شحن السفينة قائلا: "الشَّحْنُ: مَلْؤُكَ السفينة وإِتْمامُك جِهازَها كله"، ويقول إن "المِيناء هو الموضع الذي تُرْفَأُ فيه السفنُ أَي تُجْمع وتُرْبَطُ". ومن مصطلحات السفن الشائعة "الربّان" الذي يقول عنه مرتضى الزَّبيدي (ت 1205هـ/1790م) -في ‘تاج العروس‘- إنه "من يُجري السفينة"، أي قائد السفينة أو الرائس أو الريّس.
والربان يختلف عن النُّوخِذَة -أو الناخودة- الذي يُطلق غالبا على من يملك السفن لغرض التجارة أو النقل أو الصيد، وربما يكون ربّانًا أيضًا. وقد تعرّف ابن بطوطة في رحلته إلى الهند على أحد هؤلاء النواخذة كان يملك سفنا عديدة، فيقول عنه: "ومنهم الناخودة إبراهيم [بن خواجة بهرة] له ستة من المراكب مختصّة له"، كما التقى مع "الناخودة مثقال الشهير الاسم صاحب الأموال الطائلة والمراكب الكثيرة لتجارته بالهند والصين واليمن وفارس"!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مجتمع بحري

ونظرًا لطول زمن الأسفار والرحلات في البحار حتى إنها كانت تبلغ أسابيع بل أشهرًا أحيانا؛ فقد صمم المسلمون سفنًا عملاقة للتجارة والنقل زوّدوها بكل ما يضمن راحة ركابها وحاجياتهم التموينية، فكانت تحتوي على مرافق للنوم وأخرى للطبخ والاستحمام، وكان يخُصّص فيها قسم كبير لتخزين الطعام بما يكفي مئات الركاب، بل إن بعض السفن يكون متعدد الطبقات والأدوار فتصبح إحداها أشبه بمدينة عائمة، كما تتعدد البضائع والسلع المعروضة فيها للبيع للركاب فأنها سوق جامعة متنقلة!
ويحدثنا الرحالة ابن جبير الأندلسي عن مشاهداته لسير الحياة في هذه السفن العملاقة؛ فيقول إنه أثناء عودته من المشرق إلى الأندلس 581هـ/1185م على ظهر سفينة كبيرة "قلَّ الزادُ بأيدي الناس، لكنهم [كانوا] مِن هذا المركب -بمنة الله- في مدينة جامعة للمرافق، فكلُّ ما يُحتاج شراؤه يوجد: من خبز وماء ومن جميع الفواكه والأُدْم (= جمع إدامٍ)، كالرمان والسفرجل والبطيخ السندي والكمثرى..، والحمص والباقلاء -نَــيْئاً ومطبوخا- والبصل والثوم والتين والجبن والحوت، وغير ذلك مما يطول ذكره؛ عاينّا جميع ذلك يُباع" داخل السفينة!!
ويصف ابن بطوطة -في رحلته- سعة السفن في بحار الهند الإسلامية والصين فيقول إن بعضها يتكون من "أربعة ظهور (= طوابق)، ويكون فيه البيوت والمصاري (= جمع مصرية: جناح مفرد بمرافقه) والغرف للتجار، والمصرية منها يكون فيها البيوت والسنداس (= الحمّام)، وعليها المفتاح يسدها صاحبها ويحمل معه الجواري والنساء، وربما كان الرجل في مصريته فلا يعرف به غيره ممن يكون بالمركب..، و[رجال] البحرية يُسْكِنون فيها أولادهم ويزدرعون (= يزرعون) الخُضَر والبقول والزنجبيل في أحواض خشب"!!
وخوفا من ضياع الأموال والأمتعة؛ كان التجار والبحارة يوزعون أموالهم وتجارتهم على أكثر من سفينة عند الضرورة، فقد جاء عند الجاحظ (ت 255هـ/869م) في ‘البخلاء‘: "قال ابن سيرين (ت 110هـ/729م) لبعض البحريين: كيف تصنعون بأموالكم؟ قال: نُفرّقها في السفن فإن عُطِب بعضٌ سَلِم بعضٌ! ولولا أنّ السلامة أكثر لما حملنا خزائننا في البحر".
وعلى ما تضمنته الأساطيل البحرية -مدنيةً وعسكريةً- من أسباب الراحة ووسائل الأمان؛ فإن حياة البحر اشتُهرت بالمغامرات والمنغصات وما يلاقيه أهله من أهوال طبيعية تتصل بظروف البحر وتقلبات الطقس، أو مخاطر بشرية كظاهرة الخطف والقرصنة. وقد دُوِّن حوادث ذلك في قصص رحلات البحار وأساطيرها، ونشأ عنه في الثقافة العربية لون من "الأدب البحري" كانت بدايته من شواطئ مدينة سيراف على الساحل الغربي لإيران؛ إذْ كانت مركزًا لتلاقي البحارة والتجار من مختلف الأجناس والأقطار.
ونجد أقدم هذه القصص في كتاب بعنوان ‘رحلة السيرافي‘ التي يرجع تاريخ جمعها إلى النصف الثاني من القرن الثالث/التاسع الميلادي، ويصف فيها التاجر سليمان السيرافي البصري (ت بعد 330هـ/942م) رحلته إلى الصين والحكايات التي سمعها من الربابنة العرب المسافرين بين البصرة والصين.
ويحدثنا السيرافي عن الأعاصير والزوابع التي كان يشاهدها الربابنة والنواخذة آنذاك في بحر الهند؛ فيقول: "ذكر لي جماعة من النواخذة أنهم ربما رأوا في هذا البحر سحابا أبيض قِطعاً صغارا، يخرج منه لسان أبيض طويل حتى يتّصلَ بماء البحر، فإذا اتصل به غلا البحر لذلك وارتفعت منه زوابع عظيمة لا تمرّ زوبعة منها بشيء إلا أتلفته"!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إرث معرفي

كانت حصيلةُ قرونٍ من ملاحة أساطيل المسلمين -في مياه مختلف البحار سِلْماً وحَرْباً وسياحةً وتجارةً- كافيةً ليراكموا تجارب ثرية، ويتركوا تراثًا ضخما في ميدان علوم البحار وفنون الملاحة؛ ولذا نجد الحسن بن عبد الله العباسي (ت 710هـ/1310م) يُفْرِدُ -في ‘آثار الأُوَّل‘- البابَ العاشر للكلام "في حروب البحر"، فيصف هذه الحروب ويعطي النصائح للقادة فيقول: "يجب على والي حرب البحر أن يستجيد المراكب ويستجدّها (= يصونها)، ويُكثر تقويتها وادّخار آلاتها، حتّى إذا تلف شيء من ذلك وجدَ ما يخلفه، ويحتاط في تقييرها (= طلاؤها بالقار: الزِّفت)..، ويستنخب (= يختار) القوّاد والرؤساء العارفين بمسالك البحر ومراسيه، وعلامات الرياح وتغيرات الأنواء والحركات البحرية من المدّ والجزر وغيره".
ويكشف العباسي عن الأدوات والتكتيكات التي يجب استخدامها أثناء الصدام البحري مع العدو؛ فيوصي المحارب البحري بأن "يرمي في المراكب جِرار (= عُلَب) النُّورة (= مادة كيميائية) المدقوقة غير المطفأة؛ فإنها تعميهم بغبارها وتُلهب عليهم إذا تبدّدت (مثل الغاز المسيل للدموع)، ويرمي عليهم النفط، وقُدور الحيَّات والعقارب، وقدور الصابون اللين فإنّه يُزلّق أقدامهم، ويُعلّق حول المراكب الجلود واللُّبود المبلولة بالخَلّ أو الماءِ لدفع [نار] النفط، ويحترسُ من هجوم العدوّ عليه في الليل، فلا يتخذ في المراكب نارًا ولا يُشعل مصباحًا".
ومن المصادر المهمة في حياة ومعارك البحر أيضًا كتاب ‘الأحكام الملوكية والضوابط الناموسية في فن القتال في البحر‘ لمحمـد بن منكلي الناصري (ت بعد 770هـ/1368م)، الذي كان أحد قادة الجيش المملوكي في عصر السلطان الأشرف شعبان (ت 778هـ/1376م)؛ فقد أفرد أبوابا لبيان الأزمنة المناسبة لصناعة السفن وأوقات إقلاعها ورسوّها، والأطعمة والأشربة التي يجب أن يتناولها راكب البحر قبل الرحيل وأثناء السفر حتى لا تُضار صحته؛ فيقول: "ينبغي أن يكون [الإنسان] عند ركوب البحر ممتلئًا من الطعام، فإذا حصل له القيء كان في معدته ما يستفرغه..، ثم يُقلل الغذاء بعد ذلك"!

وفي تاريخ الجغرافيا البحرية العربية نجد أخبارًا ومعارف متفرقة عن البحار وعلومها والملاحة وقواعدها، لاسيما ما يتعلق فيها بعلوم الفلك التي كان الربابنةُ يعرِفون بها المنازلَ والأبراج والتغيرات السماوية المتعلقة بمطالع ومغارب النجوم، والمواعيد المناسبة -من حيث حالة الطقس وجهات هبوب الرياح- للأسفار إقلاعاً ورُسُوًّا، وكانوا يعرفون ذلك بواسطة ما كان يُسمى بـ"علم الأنواء" وببعض آلات الرصد الجوي والفلكي.
استعان الربابنة والنواخذة بهذه المعارف الفلكية والجغرافية العربية واشتُهر بعضهم لخبرتهم وعلومهم؛ فهذا المسعودي يذكر -في ‘مروج الذهب‘- أن "عبد الله بن وزير (ت بعد 332هـ/944م) صاحب مدينة جَبَلَة [الشامية].. لم يبقَ في هذا الوقت (= 332هـ/944م).. أبصرُ منه في البحر الرومي (= البحر المتوسط) ولا أسنُّ منه، وليس فيمَن يَركبه مِن أصحاب المراكب الحربية والعمالة إلا وهو مُنقادٌ إلى قوله ويُقرّ له بالبصر والحِذْق، مع ما هو عليه من الديانة والجهاد القديم فيها".

وقد توارث الربابنةُ والبحّارةُ مؤلفاتٍ وأراجيز تتضمن قواعد الإبحار وطرائقه ومُرشداته، ونجد أقدم إشارة لهذه المرشدات البحرية عند الرحالة الجغرافي الفقيه المقدسي البشاري (ت 380هـ/991م) في ‘أحسن التقاسيم‘؛ إذ يقول: "وأما أنا فسِرْتُ نحو ألفيْ فرسخ (9000 كم تقريبا) ودرتُ على الجزيرة [العربية] كلها من القُلْزُم (= البحر الأحمر) إلى عَبّادان (مدينة إيرانية شمال شرقي الخليج العربي)، سوى ما توَّهتْ بنا المراكبُ إلى جزائره (= المحيط الهندي) ولُجَجِه، وصاحبتُ مشايخ فيه وُلدوا ونشؤوا من ربَّانيين (= ربابنة)… ووكلاء وتجار، ورأيتُهم مِنْ أبصر الناس به..، ورأيتُ معهم دفاتر في ذلك يتدارسونها ويُعوّلون عليها ويعملون بما فيها"!!

ومن هذا المنطلق، كانت مهام الربابنة أو النواخذة محددة لها تقاليد وقواعد راسخة تتناقلها الأجيال، لكنها بلغت ذروتها مع أحمد بن ماجد النجدي (ت 906هـ/1501م) الملقب "أسد البحر" وكبير ربابنة العرب وأشهرهم، ومخترع البوصلة البحرية التي يسميها "الحُقّ" أو "الإبرة". ففي كتابه ‘الفوائد في أصول علم البحر والقواعد‘؛ نراه يؤكد على الربابنة في معاينة السفن قبل أن تمخر البحار؛ فيقول مخاطبا الملاح: "تأمّل في السفنية وهي فوق الأرض واكتب جميع خللها، وقليلٌ في زمننا من يفعل ذلك..، وإذا ركبتَ فيها انصب عودًا وفيه خِرْقة لتعْرف [مهبّ] الريح".
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


إسهام مؤثر

ثم يوجّه ابنُ ماجدٍ الربانَ بضرورة المكان الذي توضع فيه البوصلة خشية أن يكون في قاعدة السفينة ما يُخِلُّ باتزانها؛ فيقول: "جَلِّسْ ‘الحُقّة‘ في مكانها وتفقّد كلّ التفقّد أولاً في نصب الحقّة؛ لأن من المراكب ما يكون في نجارته خلل فيعدّي بك عن مجراك، فاستدرك الأمر بأوله". كما ينصح الربابنةَ بسماع الآراء الحصيفة المخلصة والتحلي بالأخلاق الفاضلة، فهو يقول: "تفقّد جميع الركاب والعسكر، وتأمل نهوضهم لتكون عارفًا بهم عند الشر..، واسمع جميع أقوالهم وخذ مليحها ودع قبيحها، وكُن حازمًا قويًا في قولك لينَ الطبيعة".
وإلى جانب البوصلة التي كان الربابنة المسلمون يحددون بها وجهة مسيرهم الصحيحة في مجاهيل البحار؛ امتلكوا أيضا مناظير رؤية يراقبون بها ما في مياه البحار من صخور وشعاب قد تضر جسم السفينة، ومنها تلك التي أشار إليها الحميري -في ‘الروض المعطار‘- قائلا إن "نواتية.. المراكب لهم آلات مُحْكَمَة موضوعة في أعلى الصاري (= الشراع) الذي يكون في مقدَّم المركب، فيجلس النوتيّ يُبصر ما لاح أمامه من التروش (= صخور البحر) التي تحت الماء مخفيةً، فيقول للماسك (بالمقود): خُذْ إليك وادْفع عنك! ولولا ذلك ما عَبَره أحد وآفاته كثيرة في المراكب، والمسافرون يأوون كل ليلة إلى مواضع يلجؤون إليها خوفا من معاطبه"!!
ويخبرنا قطب الدين النَّهْرَوَالي المكي (ت 990هـ/1582م) -في ‘البرق اليماني في الفتح العثماني‘- أن أحمد بن ماجد هو من ساعد المستكشف البرتغالي فاسكو دي غاما (ت 918هـ/1524م) على الوصول إلى الهند بدايات القرن العاشر الهجري/الـ16 الميلادي.
وفي ذلك يقول النَّهْرَوَالي: "واستمروا [أي البرتغاليين] على ذلك (= محاولتهم بلوغ الهند) مدة وهم يهلكون في ذلك المكان (= رأس الرجاء الصالح).. إلى أن خلص منهم غُراب (= سفينة حربية كبيرة) إلى بحر الهند..، [فـ]ـدلّهم شخص ماهر من أهل البحر يُقال له أحمد بن ماجد، صاحبَه كبيرُ الفرنج وكان يُقال له الأملندي (= ألميرانتي/ Almirante أي الأميرال البرتغالية)..، وقال لهم لا تقربوا الساحل من ذلك المكان وتوغّلوا في البحر ثم عُودوا فلا تنالكم الأمواج، فلما فعلوا ذلك صار يَسْلَمُ من الكسر كثير من مراكبهم فكثروا في بحر الهند".
وإذا كان البحارة المسلمون ساعدوا فاسكو دي غاما في معرفة الطريق إلى الهند وجنوب شرق آسيا؛ فإنهم كذلك كانوا أول من رسم خريطة للعالم الجديد -في القرن العاشر/الـ16 الميلادي- تُضاهي في دقتها صور الأقمار الصناعية اليوم، ونقصد بذلك الخرائط التي رسمها الخرائطي والقائد البحري العثماني محيي الدين بيري ريِّس (ت 961هـ/1553م)، وهو ابن أخي قائد البحرية العثمانية كمال ريِّس (ت 917هـ/1511م) أحد الذين ساهموا في إنقاذ مسلمي الأندلس ونقلهم إلى سواحل الشمال الأفريقي والدولة العثمانية.

فقد كان أبرز ما جاء في خرائط بيري ريِّس -ولاسيما الخريطة الثانية التي رسمها وأهداها للسلطان سليمان القانوني (ت 974هـ/1566م) سنة 935هـ/1529م- أنه رسم قارات العالم الجديد حينها (الأميركتان الشمالية والجنوبية) بصورة مثيرة للدهشة، حتى إنه في 26 أغسطس/آب 1956م (1379هـ) عقدت جامعة جورج تاون الأميركية ندوة لمناقشة خرائط بيري ريّس، فاتفق كل العلماء الحاضرين على أن هذه الخرائط تتمتع "بصحة تُدهش العقل، [فهي] فوق مستوى عصرهـ[ـا] في علم الجغرافيا، وتفوق بكثير مستوى علم الجغرافيا لدى الغربيين" حينها؛ حسبما نقله يلماز أوزتونا (ت 1434هـ/2012م) في ‘تاريخ الدولة العثمانية‘.

المصدر : الجزيرة نت -أحمد بن إبراهيم


 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس