عرض مشاركة واحدة

قديم 16-09-09, 05:09 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الأساس الأول: دروس نكسة يونيو 1967


في تلك الحرب لم تكن لدينا استراتيجية شاملة من الدولة تحقق التوازن والتنسيق بين الهدف السياسي للدولة وقدرتها العسكرية، بل إن القوات المسلحة فوجئت بقرارات سياسية لم تكن على علم بها لتستعد لتنفيذها، ولما بدأت تنفيذها كانت في صورة مظاهرة عسكرية لدعم القرار السياسي وكان على القوات المسلحة أن تحشد في سيناء دون أن تعلم الهدف الاستراتيجي العسكري المطلوب تحقيقه وبالتالي فقدت القوات المسلحة اتزانها قبل أن تبدأ الحرب كما فقدنا الرأي العام العالمي الذي أصبح ضدنا وعندما نشبت الحرب كانت تصرفات القيادة العسكرية منفصلة عن القرارات السياسية ولاتتماشى مع الظروف العسكرية ولذلك أصبحت القوات المسلحة ضحية من ضحايا نكسة 1967 وليست سببا من أسبابها.
وقد أمكن تدارك ذلك قبل حرب 1973 حيث وضعت استراتيجية شاملة للدولة- لأول مرة- تلعب فيها القوات المسلحة الدور الرئيسي تؤيدها مصادر القوى الأخرى ولعل أبرز سماتها أن الجهد السياسي المخطط هيأ أنسب الظروف الداخلية والعربية والعالمية لبدء العمل العسكري، وفي نفس الوقت وضعت القيادة العسكرية أمام القيادة السياسية ثلاثة توقيتات خلال عام 1973 لتبدأ فيها الحرب وبنفس المهارة أديرت السياسة خلال الحرب وتدعيم العمل العسكري واستغلال نتائجه بعد الحرب.

الأساس الثاني: هدم نظرية الأمن الإسرائيلي


أ- وكان الأساس الثاني في الاستراتيجية المصرية هو هدم نظرية الأمن الإسرائيلي التي تعتمد على الردع النفسي والمادي والاحتفاظ بالحدود الآمنة على خط القناة، لذلك كان علينا:
اتخاذ قرار المبادرة لاستخدام القوة المسلحة لأن إطلاق الرصاصة الأولى يعني تحديا عمليا لأسلوب الردع النفسي كما كان الهجوم الشامل وليس مجرد حرب استنزاف يعني هدم أسلوب الردع المادي.
أما بالنسبة لاحتفاظ العدو بالحدود الآمنة في منطقة القناة فقد كان علينا اختراق وتدمير الخطوط الدفاعية الحصينة التي أقامها مهما استندت على مواقع طبيعية أو صناعية، ومهما كلفنا ذلك من تضحيات.
ب- واعتمدت النظرية الإسرائيلية في تطبيقها على عدة عناصر قوة كان علينا أن نحيدها أو نبطل تأثيرها كما كانت هناك عناصر ضعف يجب أن نستغلها، وتطلب ذلك:
- أن نعمل على حرمان العدو من مزايا توجيه الضربة الأولى، وأن نبدأ بتوجيه الضربة الأولى ضده لنستفيد نحن بمزاياها.
- وأن نعمل على شل فاعلية قواته الجوية المتفوقة وإضعافها بواسطة نظام دفاع جوي قوي بالتعاون مع القوات الجوية.
- إن شل فاعلية قواته المدرعة القوية التي أعدها لتدمير قواتنا التي تنجح في اقتحام قناة السويس بالمشاة المسلحة بأكبر عدد من الأسلحة المضادة للدبابات تعاونها قوة نيران كثيفة من المدفعية في المراحل الأولى الحرجة، على أن يكون القتال معارك أسلحة مشتركة طوال مدة الحرب.
- وأن نعرقل وصول احتياطياته من العمق وتشتيت جهوده وبث الذعر على خطوط مواصلاته وفي اتجاهات مختلفة بواسطة قوات الصاعقة.
- وأن ننسق العمل العسكري بين مصر وسوريا لتشتيت جهوده بين الجبهتين وحتى يضطر إلى بعثرة قواته على الجبهة المصرية فقد كان الهجوم المصري على أوسع مواجهة.
- وحيث أن النظرية الإسرائيلية يعتمد نجاحها على توفير المعلومات المبكرة عن نوايانا الهجومية فقد كان لزاما علينا أن نبذل كل جهد ممكن لتضليل وخداع مخابراته وتحقيق المفاجأة وكان علينا إهدار قيمة الوجود العسكري الإسرائيلي في شرم الشيخ بعرقلة خطوط مواصلاته البحرية في منطقة باب المندب.
- وبالإضافة إلى ذلك فقد ركزت الاستراتيجية المصرية على الاستفادة بنقط القوة المصرية وهي كثيرة واستغلال نقط الضعف الإسرائيلية وهي كثيرة ولعل من أبرزها مواردها البشرية المحدودة التي نوقع بها أكبر خسائر ممكنة وكذلك الغرور الإسرائيلي الذي ساعدنا في مواقف كثيرة.
الأساس الثالث من الاستراتيجية المصرية:
إعداد الدولة للحرب
وكان العامل المتحكم في هذا الموضوع هو إعداد القوات المسلحة للحرب وكانت مشكلتنا الرئيسية والوحيدة هي التسليح ولنا مصدر واحد للإمداد بالسلاح وهو الاتحاد السوفيتي وهو له سياسته واستراتيجيته في المنطقة وبالتالي له ما يبرره في إمدادنا بالسلاح سواء من ناحية الكمية أو النوع أو التوقيت وأدت الدراسة إلى أنه لا مجال أمامنا سوى الحرب بما هو متيسر لدينا من أسلحة وذخيرة ومعدات وأن التخطيط السليم والتنفيذ الشجاع والاستخدام الصحيح للسلاح والروح المعنوية العالية هي التي تعوض مانحتاج إليه وهنا يجب أن أذكر أن العدو أساء التقدير بالنسبة لهذا الموضوع فقد قدر خطأ أن الاستغناء عن الخبراء السوفييت عام 1973يعني عدم إمكان القدرة المصرية على الحرب وقدر خطأ أن مصر لن تبدأ بالحرب قبل حصولها على الطائرات المتطورة لتتعادل مع القوات الإسرائيلية المتفوقة وكنا نغذي هذا المفهوم الخاطئ لدى المخابرات الإسرائيلية كجزء من خطة تضليلها.
الأساس الرابع للاستراتيجية المصرية:
دور الطاقات العربية
بنيت الاستراتيجية العسكرية المصرية على أساس إدارة الصراع المسلح بالإمكانيات الذاتية لمصر بالتنسيق مع سوريا وان القتال نفسه سيتيح الفرصة لاستغلال الطاقات العربية.
وعلى ضوء الأسس الأربعة بالإضافة إلى غيرها من الأسس والاعتبارات والمبادئ، وضعت الفكرة الاستراتيجية للحرب على الجبهة المصرية بالتنسيق مع الجبهة السورية وبدأت الحرب بمبادرة يوم 6 أكتوبر 1973 واشتملت على العديد من المعارك مما يصعب عرضها في هذا المجال.
ولكني أريد أن أضع بعض الحقائق:
أ- إن التخطيط للحرب وتنفيذها كان مصريا خالصا.
ب- ودخلنا الحرب ونحن نعلم أن العدو لديه التفوق الجوي من حيث أنواع الطائرات.
ج- ودخلنا الحرب ونحن نعلم أن اقتحام قناة السويس كمانع مائي فريد في مواصفاته الفنية يعتبر من أعقد العمليات وإشعال النيران في القناة يعتبر مانعا ثانيا والساتر الترابي يعتبر مانعا ثالثا والمواقع الحصينة لخط بارليف يعتبر مانعا رابعا ورغم ذلك فقد كان نجاح الاقتحام أمرا حتميا، وإن كان قد بدا للكثيرين أنه أمر مستبعد..
د- ودارت المعارك فاتسمت بكفاءة التنفيذ والاستخدام الجيد للأسلحة المعقدة وشجاعة المقاتلين.. والقدوة الحسنة من القادة، وروح المبادأة والمرونة التي كانت لديهم.

 

 


   

رد مع اقتباس