عرض مشاركة واحدة

قديم 20-04-09, 08:30 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي الحرب الاستباقية وتطور الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية



 

واجهت الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية صعوبةبالغة في التوصّل إلى سياسة تلبي متطلبات الأمن والسلام، وتنسجم في الوقت نفسه مع تقاليدها وأعرافها، فلم يحدث من قبل أن اضطرت دولة كبرى لتغيير أفكارها وأفعالها بطريقة جذرية في مثل هذ ه المدة القصيرة بمثل ما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية".
جون فوستر دالاس (1945م).

"اعتمد الدفاع الأمريكي خلال معظم القرن الماضي على عقيدتي الردع والاحتواء في حقبة الحرب الباردة، ومازالت هاتان العقيدتان تطبقان في بعض الحالات، ولكن التهديدات الجديدة تتطلب أيضاً التفكير بصورة جديدة".
مقتطفات من خطبة للرئيس الأمريكي( جورج دبليو بوش ) في كلية ويست بوينت العسكرية، يونيو (2002م).

عند وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، أجرى بعض المسؤولين، والعسكريين، والمواطنين الأمريكيين مقارنة بين تلك الأحداث، وقصف الطائرات اليابانية ل (بيرل هاربور) في ديسمبر 1941م، فكلا الحدثان أوقعا إصابات كبيرة، وانتهكا السيادة الأمريكية، وأحدثا مفاجأة شديدة. وفيما عدا ذلك تصبح المقارنة بين الهجومين عمل لا طائل منه، إذ ينبغي التركيز على ما طرأ من تغييرات عالمية، وعلى طريقة تعامل الولايات المتحدة مع التهديدات الجديدة الصادرة من أعداء مجهولين.

لقد أحدث تفجير القنبلة الذرية، يوم 6 أغسطس 1945م، تحولاً كبيراً في مسار الحرب من منظور التخطيط الاستراتيجي، وقد كان ذلك التحوّل أكثر وضوحاً على المستوى التكتيكي، حيث أوجدت الطاقة التدميرية والإشعاعية للسلاح الذري بيئة ميدانية يصعب فهمها، واكتسبت تداعياتها على المدى الطويل أهمية بالغة أيضاً، وأحدثت تلك التحولات ثورة في الشؤون الاستراتيجية، مما جعل الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين يعملون على تطوير استراتيجية تنطوي على توازن فعّال بين القوتين التقليدية والنووية. وتطلّب الأمر إعادة النظر في العقيدتين التكتيكية والعملياتية، والهيكل التنظيمي للقوات، وتخصيص الموارد التي ظلت متبعة على مدى حربين عالميتين، وذلك في ضوء المقدرات النووية الأمريكية ومقدرات عدو يمتلك أسلحة نووية، وكان هذا التحوُّل هو الذي تحكّم في الصراع الأيديولوجي والعسكري بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق على مدى عقود من الزمان.

وفي الحادي عشر من سبتمبر 2001م، حدث تحوّل آخر بعد دخول الإرهاب كبعد ثالث لا يقل أهمية في المعادلة الاستراتيجية التقليدية والنووية لما بعد عام 1945م، فقد واجهت إدارة الرئيس "بوش" تحدياً مماثلاً لما واجهه المخططون الاستراتيجيون في مستهل العصر النووي، وتمثل ذلك التحدي في صياغة سياسة دفاعية فعّالة ومنطقية لعالم شهد تغييرات جذرية في السابق بالأسلحة الذرية وحالياً بالإرهاب، فكانت استراتيجية الأمن القومي لعام 2002م، القائمة على مفهوم الحرب الاستباقية، أو ما يطلق عليه "عقيدة بوش" هي السياسة الدفاعية التي جرت صياغتها في البداية للتعامل مع هذه البيئة الجديدة ثلاثية الأبعاد. لذا، فإن هذه المقالة ستسعى أولاً لوضع تلك الاستراتيجية في إطارها التاريخي، بالقول: إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد أحدثت تحولاً كبيراً في التخطيط الاستراتيجي لا يقل أهمية عما حدث من تحولات عام 1945م.

ولعل دراسة الحرب الاستباقية من منظور تاريخي يوضح بجلاء أهمية صياغة استراتيجية مقبولة وفعّالة، لمواجهة مخاطر الإرهاب العالمي. وثانياً: ستعرض المقالة بعض التحليلات المبدئية للحرب الاستباقية، من منطلق الحث على مناقشة مدى ملاءمتها للبيئة الاستراتيجية الجديدة. ولا تهدف هذه المقالة الدفاع عن "مبدأ بوش" أو معارضته، وإنما لنقاش واعٍ وبنّاء، فالحرب على تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإرهابية ربما تستمر لسنوات إن لم تكن عقوداً من الزمان، مما يستلزم الفهم الواسع للحرب الاستباقية، والانخراط في مناقشة موضوعية عن جوانبها التطبيقية والأخلاقية، والنتائج المترتبة على الأعمال الوقائية ضد إيران وكوريا الشمالية... وغيرهما من التهديدات المجهولة.

 

 


 

   

رد مع اقتباس