الموضوع: الحصار
عرض مشاركة واحدة

قديم 28-10-09, 08:32 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

حصار عكا
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حصار عكا 1291


في عام 1289 قضى السلطان قلاوون على كونتية [24] طرابلس الصليبية وحرر طرابلس من قبضة الصليبيين ثم قرر في العام التالي تحرير ثغر عكا الذي كان من بقايا مملكة بيت المقدس الصليبية، إلا أنه ولفرحة سكانها الصليبيين [25] توفي في شهر تشرين الثاني/نوفمبر قبل أن يبدأ بالمسير. فلما تولى الأشرف خليل السلطنة قرر المسير إلى عكا لفتحها وإنهاء الاحتلال الصليبي لها، فأرسل إلى "وليام اوف بوجيه" [26]. رئيس طائفة فرسان المعبد (الداوية) بعكا يعلمه بأنه قد قرر الهجوم عليها وطلب منه عدم إرسال رسل أو هدايا إليه لأن ذلك لن يثنيه عن مهاجمة عكا.[27]. إلا أن عكا أرسلت إلى القاهرة وفداً محملاً بالهدايا [28] يرأسه فيليب ماينبوف [29] لاسترجاء الأشرف بالعدول عن خطته وضرورة الحفاظ على المعاهدة فرفض الأشرف خليل مقابلتهم وقام بحبسهم [25][30].
قام الأشرف بتعبئة جيوشه من مصر والشام والتي كانت تضم أعداداً كبيرة من المتطوعين [31][32] وآلات الحصار التي كانت تشمل اثنين وتسعين منجنيقاً [33][34]. بعض العرارات الضخمة كانت تحمل أسماءً مثل "المنصوري" [35] و"الغاضبة" [36] وكانت هناك مجانيق أصغر حجماً ولكن ذات قوة تدميرية هائلة اسمها "الثيران السوداء" [37]. احتشدت الجيوش عند قلعة الحصن في جبال الساحل السوري ثم انضم إليها جيش مصر الذي خرج به الأشرف خليل من القاهرة[38][39]. انضمت أربعة جيوش يقودها نواب السلطان , جيش دمشق يقوده حسام الدين لاجين، وجيش من حماة يقوده المظفر تقى الدين، وجيش من طرابلس يقوده سيف الدين بلبان، أما الجيش الرابع فقد كان من الكرك وكان على رأسه الأمير المؤرخ بيبرس الدوادار [40][41]. وقد كان في جيش حماة أمير مؤرخ آخر هو أبو الفداء [42].
كان الصليبيون في عكا يدركون منذ فترة خطورة موقفهم، وكانوا قد أرسلوا إلى ملوك وأمراء أوروبا يطلبون منهم العون والمساعدة إلا أنهم لم يصلهم من أوروبا دعم يذكر. قام ملك إنجلتراإدوارد الأول (Edward I) بإرسال بعض الفرسان. الدعم الوحيد الذي كان ذا أهمية جاء من هنري الثاني (Henry II) ملك قبرص الذي قام بتحصين أسوار عكا وأرسل قوة عسكرية على رأسها أخوه "أمالريك" (Amalric). كانت عكا محمية براً عن طريق سورين مزدوجين سميكين واثنا عشر برجاً شيدها الملوك الأوروبيون وبعض أثرياء حجاج بيت المقدس [43]. كانت الأسوار مقسمة على الطوائف والفرق الصليبية بحيث تكون كل طائفة (فرسان المعبد، الاسباتريه، فرسان التيوتون الألمان وغيرهم) مسؤولة عن حماية قسمها [36] .
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
خريطة عكا عام 1291


غادر الأشرف خليل القاهرة في السادس من آذار/مارس عام 1291، وبحلول الخامس من نيسان/أبريل كان جيشه يقف بمواجهة عكا [36][37][44][45]. نصب الأشرف دهليزه الأحمر فوق تلة [36] مواجهة لبرج المندوب البابوي على مسافة غير بعيدة من شاطىء البحر، وانتشر جيش مصر من نهاية سور مونتموسارت [46] حتى خليج عكا، واتخذ جيش حماة مواقعه عند البحر وعلى ساحل عكا [39]. وفي اليوم التالي انطلقت عرارات جيش المسلمين ومناجيقه تلقي بالأحجار الضخمة والنيران على أسوار عكا وراح رماة السهام من المسلمين بإمطار المدافعين من الصليبيين المتمركزين فوق أبهاء الأبراج وأفاريزها بسهامهم [42]. بعد ثمان أيام من الدك والمناوشات والاشتباكات تقدم الفرسان والمهندسون المسلمون وقد تغطوا بالدروع في موجات متلاحقة نحو سور عكا حتى سيطروا على حافته دون أن يتمكن المدافعون الصليبيون من إيقاف موجات زحفهم لكثرة أعدادهم وتلاحق موجاتهم بامتداد الأسوار [47]. استخدم المسلمون سلاحاً يدوياً صغيراً يطلق نيراناً كثيفة وسريعة أطلق عليه الصليبيون اسم "كارابوها" وقد أحدث هذا السلاح أضراراً بالغة بالمقاتلين الصليبيين وصعب عليهم التقدم نحو المهاجمين المسلمين [47]، وتمكن المسلمون من أحداث أضرار وبعض النقوب في الأجزاء الضعيفة من الأسوار، أخذ الأمير سنجر الشجاعي ومقاتلوه على عاتقهم نقب سور برج جديد يسمى برج الملك وكان أمام البرج الملعون، فقام الصليبيون بإشعال النار فيه وتركوه ينهار [48].
على الرغم من استمرار وصول الإمدادت والتعزيزات العسكرية من قبرص إلى عكا عن طريق البحر إلا أن الصليبيين المحاصرين فيها كانوا يدركون أنهم غير قادرين على التصدي لجيش المسلمين. في الخامس عشر من نيسان/أبريل، تحت ضوء القمر قامت قوة صليبية من فرسان المعبد بقيادة "جين غريلي" (Jean Grailly ) و"أوتو أوف غراندسون" (Otto of Grandson) بغارة مفاجئة على معسكر جيش حماة بهدف إحراق إحدى عرارات المسلمين إلا أنه، ولسوء حظهم، تعثرت أرجل خيولهم في حبال خيام المقاتلين المسلمين مما أدى إلى انكشاف أمرهم ومقتل وأسر العديد منهم [49]. وتمكن عدد منهم من الفرار ببعض طبول ودروع المسلمين [50]. وبعد بضعة أيام شن فرسان الاسباتريه غارة أخرى على معسكر للمسلمين، تلك المرة في الظلام الدامس، ولكن غارتهم انتهت هي الأخرى بالفشل بعد أن انكشف أمرهم وأشعل المسلمون المشاعل وتصدوا لهم فلاذوا بالفرار بجرحاهم [50][51].
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
تصوير تخيلي من القرون الوسطى عن حصار عكا 1291


في الرابع من شهر أيار/مايو استرد الصليبيون المحاصرون بعض الثقة والأمل حين وصل الملك هنري الثاني من قبرص [44]. وفي صحبته أربعون سفينة محملة بالمقاتلين والعتاد [52]. تولى هنري قيادة الدفاع ولكن سرعان ما أدرك هنري قلة حيلته في مواجهة الأشرف خليل، فأوفد إليه فارسين من فرسان المعبد هما "وليم اوف كافران" (William of Caffran) و "وليم اوف فيلييه" (William of Villiers ) لطلب السلام وإعادة الهدنة، وسألهما الأشرف عما إذا كانا قد أحضرا معهما مفاتيح المدينة، فلما أجابا بالنفي قال لهما أن كل ما يهمه هو امتلاك المدينة وأنه لا يهمه مصير سكانها ولكن تقديراً منه لشجاعة الملك هنري ولصغر سنه وقدومه لتقديم المساعدة وهو مريض، فإنه على استعداد أن يبقي على حياة السكان في حال تسليم المدينة له دون قتال، فأجابا بأنهما لم يأتيا إليه للاستسلام ولكن فقط لطلب رحمته على السكان [52][53]. وبينما الفارسان يستعطفان الأشرف إذ بعرارة صليبية تلقي من داخل عكا بحجر يسقط بالقرب من دهليز الأشرف فظن أنها مؤامرة صليبية لقتله وأراد قتل الفارسين، إلا أن الأمير سنجر الشجاعي شفع فيهما فسمح الأشرف لهما بالعودة إلى عكا[54].

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس