عرض مشاركة واحدة

قديم 18-08-10, 09:02 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البواسل
مشرف قسم العقيدة / والإستراتيجية العسكرية

الصورة الرمزية البواسل

إحصائية العضو





البواسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

إن جهد «حماس» في الهجوم على أهداف داخل إسرائيل اعتمد على نظام ضخم ومعقد. فقد كانت مقار القيادة الخاصة بكتائب القسام تتحكم في النظام الصاروخي، كما أن اتخاذ قرارات إطلاق النار على أهداف داخل إسرائيل كان يجري على مستويات رفيعة. بالإضافة إلى ذلك كانت الأوامر العملياتية تأتي من قيادة كتائب عز الدين القسام إلى الألوية المقاتلة ووحدات إطلاق النار في الكتائب. وفي الفترة التي سبقت الصراع، كان كبار قادة «حماس» في غزة ودمشق يتخذون القرارات الرئيسية. لكن بمجرد بدء القتال في 27 كانون الأول/ديسمبر 2008، اختبأ أعضاء قياة «حماس» في غزة ولم يتمكنوا سوى من ممارسة تأثير محدود على الوضع العسكري. كما أن قادة «حماس» في دمشق كانوا يتمتعون بسيطرة أقل على القتال.

لقد غامرت «حماس» بقراراتها عدم تجديد وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي تم التوقيع عليه في حزيران/يونيو 2008، وقامت بتصعيد الهجمات على الجنوب الإسرائيلي، مما أدى بها في النهاية إلى خوض حرب تجاوزت كثافتها خبرة الحركة وتوقعاتها وقدراتها. وقد نفذت قوات المدفعية التابعة لحركة «حماس»، وبصفة أساسية وحداتها الصاروخية، القسم الهجومي من العمليات العسكرية. وإذا يُجمع كل ما ذُكر، فإن «حماس» قامت بإطلاق حوالي 600 صاروخاً على الجنوب الإسرائيلي، بما في ذلك 400 من صواريخ القسام التي صنعت في غزة وما يقرب من 200 صاروخ إيراني ذا مدى أطول تم تهريبها إلى داخل القطاع. لقد كان إطلاق الصواريخ غير دقيق بصفة عامة، حيث سقطت معظمها بدون إلحاق أي ضرر، رغم أن بعضها أحدث بعض الإصابات، أو أضرار مادية، أو إصابات نفسية كبيرة. لقد كان نظام «حماس» الصاروخي قادراً على التكيف إلى حد ما مع جهود قوات جيش الدفاع الإسرائيلي لوقف إطلاق الصواريخ، ونجح في تحقيق الهدف الهام المتمثل في مواصلة الهجمات طوال العملية، حتى ولو بمعدلات متدنية.

إن العدد المنخفض في معدلات إطلاق الصواريخ حدث نتيجة قيام عوامل عديدة وهي: وتيرة نشاطات قوات جيش الدفاع الإسرائيلي والنار الكثيفة التي أطلقت من قبل وحدات تلك القوات، والدمار الذي لحق بنظام إنتاج الصواريخ وتحريكها وخصوصاً في اليوم الأول من الصراع، واستهداف تحركات الصواريخ ومواقع ووحدات إطلاقها في الوقت الفعلي، واستنزاف وحدات الإطلاق والردع الناتج من أنشطة الإطلاق، وحركة قوات جيش الدفاع الإسرائيلي البرية إلى مناطق إطلاق الصواريخ في شمال غزة، ورفض بعض سكان قطاع غزة السماح لحركة «حماس» بإطلاق النار بالقرب من منازلهم. وقد شكلت هذه العوامل معاً هجوماً متضافراً على نظام «حماس» الصاروخي ككل، كما لعبت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية – وهي مديرية الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام الإسرائيلي – دوراً رئيسياً في العديد من هذه العوامل.

لم تشهد عملية «الرصاص المصبوب» أي اشتباكات أو معارك برية كبيرة بين القوات البرية لجيش الدفاع الإسرائيلي وكتائب عز الدين القسام. وقد تجنبت «حماس» بصفة كبيرة الانخراط في عمليات قتالية متقاربة ورئيسية، وركزت بدلاً من ذلك على هجمات تكتيكية صغيرة استغرقت دقائق، وليس ساعات، مستخدمة غطاء مدني في بعض الأحيان. وقد وقعت الاشتباكات بصفة أساسية على مستوى السرايا فما أقل، مع وقوع بعض القتال في المناطق المبنية. لقد خططت «حماس» للصمود والقتال، لكن كتائب القسام أثبتت أنها ليست على مستوى المهمة. ولم تفلح أي من التدابير القتالية البرية التي اتبعتها كتائب عز الدين القسام، وبالتالي فشلت في مضاهاة الصورة العامة التي حاولت «حماس» جاهدة أن تقدمها عن المحاربين الإسلاميين الشجعان والأكفاء.

مقارنة غير متكافئة
لم يكن صراع غزة متكافئاً، وكان مماثلاً في بعض جوانبه لحرب إسرائيل مع حزب الله عام 2006. ومع ذلك، قامت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي بعملياتها بشكل أفضل بكثير في عملية «الرصاص المصبوب» من تلك التي أدتها في لبنان، وعلى العكس من ذلك، كانت مقاومة حركة «حماس» أسوأ بكثير من تلك التي أداها حزب الله. لقد تفوقت إسرائيل ببساطة على حركة المقاومة الإسلامية، رغم استعدادات الحركة قبل بدء الصراع.
لقد تم اختبار حركة «حماس» بواسطة عملية «الرصاص المصبوب» ووُجد بأن هناك الكثير الذي ينقصها من الناحية العسكرية. وفي الواقع، أن الحرب التي طرحت العديد من التحديات، كشفت "نظرية قتالية" معيبة جوهرياً - أو توقعات بشأن طبيعة الحرب ضد إسرائيل - وأثارت تساؤلات حول القدرات القتالية للمنظمة. ومما لا شك فيه أن لحركة «حماس» سجلها الدقيق - إلى حد معقول - حول [مستوى] أداء قواتها في الصراع مع إسرائيل. فمن الناحية الهجومية، من المحتمل أن تقوم «حماس» [في المستقبل] باتباع نفس الخطوات التي اتخذها حزب الله من خلال الحصول على صواريخ ذات مدى أطول ودقة أكبر فضلاً عن رؤوس حربية أكثر قوة. ومن الناحية الدفاعية، ليس لدى «حماس» أي رد على القدرات الجوية والبرية لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي. ونظراً لفشل دفاعها المخطط عن غزة من ناحية أساسية، فمن المحتمل أن يجري إدخال تغييرات في المعدات والعقيدة. لقد أدركت الحركة مستوى أداء قادتها ومقاتليها المثير للشكوك، وهي تقوم بالفعل باستبدال بعض قادة الألوية والكتائب.
إن وقف إطلاق النار بين خصوم غير متكافئين قد يستمر بعض الوقت، حتى وإن لم يحدث تغيير أساسي في الاتجاهات أو السياسات أو النوايا. إن الهدوء النسبي في جنوب لبنان الذي دام ثلاث سنوات قد أظهر هذه الحقيقة. ويعمل القتال على تخفيف التوتر، وعادة ما تستغرق هذه التوترات بعض الوقت لكي تستفحل مرة أخرى. والأهم من ذلك بالنسبة لحركة «حماس» التي ضُربت بقوة في ميدان المعركة دون أن تُظهر الكثير من الجهود أثناء الحرب، هو أن لديها وسيلة لغرس الحذر فيما يتعلق بالمشاركة العسكرية في المستقبل.



يورام كوهين وجيفري وايت
يورام كوهين كان زميل زائر في معهد واشنطن في عام 2009. وقد تقلد العديد من المناصب في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، وشغل حتى وقت قريب منصب نائب مدير الجهاز.
جيفري وايت هو زميل للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن، متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية لبلاد المشرق العربي والعراق وإيران. كان مسؤول مخضرم في وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية لفترة دامت أربعة وثلاثين عاماً، حيث خدم في مجموعة متنوعة من المناصب التحليلية والقيادية العليا، كما شارك في تخطيط السياسات وتخطيطات تشغيلية في وكالة الاستخبارات الدفاعية وكتب على نطاق واسع لكبار مسؤولي الدفاع، بمن فيهم وزير الدفاع الأمريكي ورئيس هيئة الأركان المشتركة. تتضمن آخر منشورات السيد وايت، تحليلاً مستفيضاً عن الصراع في غزة، وحركة التمرد في العراق والبرنامج النووي الإيراني.

المصدر : معهد واشنطن

 

 


البواسل

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما

   

رد مع اقتباس