عرض مشاركة واحدة

قديم 05-01-10, 04:14 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مفهوم المرتزقة.
نجد أنه من المناسب وقبل الدخول بموضوع الشركات الأمنية والأفراد المتسببين لها في العراق، يقتضي الأمر منا توضيح مفهوم المرتزق او المرتزقة لدى القارئ؛ حيث يعرفه البعض بأنه اسم يطلق على طبقة من المحاربين المحترفين الذين يقدمون خدماتهم لمن يطلبها نظير أجر معين، دون اعتبارات خلقية أو قومية (4)؛ وقد انتظمت هذه الطبقة في هذا العصر تحت صيغة شركات حماية. في حين عرفت الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم الصادرة في 1989 في المادة الأولى أن المرتزق هو "أي شخص يجند خصيصاً، محلياً أو في الخارج للقتال في نزاع مسلح ويكون دافعه الأساسي الاشتراك في الأعمال العدائية هو الرغبة في تحقيق مغنم شخصي ويبدل له فعلاً من قبل طرف في النزاع، أو باسم هذا الطرف وعد بمكافأة مادية تزيد كثيرا على ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة" وأضافت الاتفاقية شرطاً يتعلق بجنسية هذا الطرف كونه (لا يكون من رعايا طرف في النزاع ولا من المقيمين في إقليم خاضع لسيطرة طرف في النزاع)(5). في حين عرف القانون الفرنسي الارتزاق "كل شخص يجند خصيصاً للمشاركة في نزاع مسلح، إذا لم يكن من رعايا الدول المشاركة في هذا النزاع ولا عضواً في قوات هذه الدول المسلحة... ويشارك لأجل الحصول على امتيازات شخصية.
يستشف من التعريفات السابقة ضرورة وجود عناصر مشتركة بالشخص الذي يمتهن الارتزاق بحيث يوصف الشخص أو المجموعة بالمرتزقة، وهذه العناصر هي:
(1) قيام شخص أو أشخاص بأعمال عنف.
(2) مقابل أجر مادي محض بحيث لا يدر بال للأخلاق أو القوانين.
(3) على أن لا يكون عضو في نزاع مسلح شاركت أو تشارك فيه القوات المسلحة (النظامية) لبلده ضد دولة أخرى.
إن إسقاط هذه المفاهيم على الساحة العراقية وتحديدا على القوات المسلحة الأجنبية المتواجدة في العراق حالياً يمكننا تحديد أي هذه المجموعات يسلخ عليها وصف الارتزاق، ودون الدخول في تفاصيل فقهية وقانونية يمكن الإشارة إلى أن القوات النظامية لجيوش الدول التي شاركت في الحرب العدائية على العراق يسري عليها مبادئ القانون الدولي المتعلق بالاحتلال الحربي ولأحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949 وخاصة الرابعة منها، بحيث يتمتعوا بكل الامتيازات التي توفرها لها هذه الاتفاقيات ويسري عليهم تباعاً قانون الاحتلال الحربي، في حين توجد مجموعات مسلحة انضوت تحت وصف الشركات الأمنية لا يسري عليها وصف الجيش النظامي ولا يخضع أفرادها لقواعد هذه الاتفاقيات كونها خليط من جنسيات أجنبية مختلفة تمتهن العنف لغايات المال فقط، إذ يتم استخدامهم من دول مثل الفلبين وجنوب أفريقيا وهندوراس وليبيريا وساحل العاج وانجولا وهذه لغايات القيام بأعمال عسكرية يكون الغرض الأساسي من قيامهم بها هو الربح المادي أو تحقيق غايات خاصة أخرى مثل الوعود بالحصول على الجنسية الأمريكية (الجرين كارت) على سبيل المثال.

الأساس القانوني لعملهم في العراق.
يطلق البنتاجون على هؤلاء بـ (المتعاقدين)، في حين تفضل الحكومة العراقية وصفهم بالمتعاقدين أو الحرس(10). وهو وصف قصد منه تخفيف حدة الاستياء الشعبي من الأعمال السيئة التي يقومون بها وتبرير وجودهم في العراق كونهم جاءوا لأعمال تتعلق بإعادة بناء العراق. وفي هذا الإطار يجدر بنا الإجابة على سؤال مهم وأساس وهو ما هو الغطاء القانوني وراء عمل هؤلاء في العراق، وكيف تسوغ قوة الاحتلال والقوات المتعددة الجنسية والحكومة العراقية وجودهم؟ وهل يقع هؤلاء ضمن حماية وحصانة القانون الدولي والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحالة الحرب؟.كان من أوائل الأوامر والقوانين التي شرعتها سلطات الاحتلال في العراق هو إلغاء أو حل الكيانات السياسية (القانون رقم 2) وتشريع عمل شركات الحماية الخاصة في العراق بموجب القانون رقم 17. وذلك للتعويض عن حل الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية التي جاءت خلف جيوش الاحتلال التي رفضت إدارة جارنر وما أعقبها إدارة بريمر عملها. وهو ما يبرر وجود 20 ألف شخص ضمن قوة حماية الدكتور أحمد الجلبي (رئيس مؤتمر الوطني العراقي، وهو أبرز المعارضين لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين)، حيث رفض وصفهم بالميليشيا الأمر الذي استغل فيه الجلبي قانون عمل شركات الحماية الذي أصدره بريمر للعمل في العراق ضمن هذا الإطار ويذكر أن معظم أفراد هذه القوة هم من العرب والأكراد الذي أقنعتهم وجندتهم الحكومة الأمريكية للعمل معها منذ مطلع التسعينيات.أصدر الحاكم المدني للعراق "بول بريمر" القرار رقم 17 بتاريخ 27-6-2004م عن سلطة الائتلاف الذي منح هذه الشركات حرية العمل في العراق لتأدية مهامها باعتبارها توفر خدمات الحماية، كما منحها حصانة قضائية ضد ملاحقة القانون العراقي لها بحيث سيكون أفراد هذه الشركات بمنأى عن الاعتقال أو الاحتجاز، وقد أعطى القانون للسلطات المتعددة الجنسية الحق في احتجاز أياً منهم فيما لو تجاوزا صلاحياتهم وحجبت هذا الأمر عن الحكومة العراقية (يتضح من القانون أعلاه انعدام سلطة الدولة العراقية على أفراد الشركات الأمنية، بل أنه جعلهم فئة متميزة بحيث لا يخضعون للقانون العسكري الأمريكي المطبق على الجنود وفي نفس الوقت لا يخضعون للقوانين العراقية، الأمر الذي أفرز العديد من التداعيات:
(1) في ظل حالة الفلتان الأمني والخوف الذي يعتري عمل هؤلاء جعلهم يتصرفون بصورة غير منضبطة، والأمر الذي تسبب في حالة من اللامبالاة وهو ما انعكس في تصعيد وقتل أي شخص يجتاز المركبات التي يستقلونها ذات الدفع الرباعي، وهو ما دفع البعض إلى وصف ذلك كأحد الأشكال المعبرة عن الاحتلال .
(2) في ظل غياب آلية واضحة للتعامل بين المؤسسات الحكومية العراقية وهذه الشركات أو التعامل مع أفرادها، جعل المواطن عرضة للتجاوزات التي تسببها أفراد هذه الشركات وهو ما انعكس في آلاف القضايا المرفوعة لدى القضاء العراقي، وجعل الحكومة في حرج بين تأمين حياة المواطن العراقي وعدم وجود مسوغ قانوني أو قضائي لملاحقة هؤلاء. وقد علق أحد الضباط العراقيين على ذلك أن هؤلاء يقتلون الناس ثم يغادرون الموقع كأن شيئاً لم يكن، وحين الاتصال بالشركات التي يعملون بها ينكرون الأمر بتاتاً.
(3) لقد ترك هذا الأمر للشركات الأمنية ذاتها في رسم تعاليمها وقواعدها للعمل في العراق، خصوصاً تلك المتعلقة باستخدام السلاح لغايات القتل أو التهديد باستخدامها. يعلق أحد الجنرالات في الجيش الأمريكي أن هؤلاء الأفراد لديهم نفس القواعد والإجراءات الممنوحة للجندي الأمريكي في التعامل مع الخطر، أي الاستخدام التدريجي للقوة بحيث يصرخ الجندي ثم يظهر سلاحه ثم يطلق النار لأجل القتل. وتكمن الخطورة هنا أن هذه التعليمات يتم مراقبتها وتدريب الجنود عليها، بالعكس من أفراد هذه الشركات الأمر الذي يوحي إلى الاعتقاد أن هؤلاء يستخدمون القوة دون أي اعتبار.
(4) انعدام إجراءات الرقابة والمتابعة على أعمال هذه الشركات، حيث أن طبيعة العقود الممنوحة لهذه الشركات لا تضع معايير على عمل أفراد الحماية؟ إذ يعين أفراد الحماية بصفتهم مقاولين مستقلين (independent contractors) في شركات حماية تتبع لشركات حماية أخرى فرعية والتي هي بدورها تتبع لشركات حماية عملاقة يتم التعاقد معها من قبل المقاول الرئيسي. هذا النهج جعل من المراقبة
الحكومية على هذه الشركات شبه معدومة، أي مراقبة الزبون لنشاط الشركات التي توفر له هذه الخدمات غير موجودة.إن عمل أفراد الشركات الخاصة في وسط فراغ قضائي يؤدي إلى التشجيع على التجاوزات ويفسد نوعية النتائج المتوخاة من التعاقد معهم ويؤدي إلى عدم احترام حقوق الإنسان، حيث أشار السيد تينس روس، المدير التنفيذي لجمعية مراقبة حقوق الإنسان Human Right Watch أنه (إذا كان البنتاجون ينوي استخدام متعاقدين من القطاع الخاص من أجل مهمات عسكرية أو إستخباراتية، فيجب عليه التأكد من أنهم خاضعون لبعض القيود والأشكال الرقابية القانونية ... ذلك أن السماح لهؤلاء بالعمل وسط فراغ قضائي يعتبر تشجيعاً للتجاوزات لقد استمرت الحصانة القضائية التي يتمتع بها هؤلاء حتى بعد نقل السيادة إلى الحكومة العراقية المنتخبة، فرغم التجاوزات التي ارتكبها هؤلاء طوال الفترة التي أعقبت نقل السيادة لم يقدم أحد منهم للقضاء، بل يكتسب أفراد هذه الشركات ميزة إضافية، حيث أنهم بحلاً من أي التزام قانوني أو قضائي عراقي كان أو أي التزام تفرضه دولها، خصوصاً تلك التي ليس لديها قوانين تكافح ظاهرة الارتزاق، فعلى سبيل المثال يتعرض الجنود الأمريكيين الذين تورطوا في فضيحة سجن أبو غريب إلى المسائلة من قبل محكمة عسكرية، في حين كان هناك شخصين من هذه الشركات قد تورط في أعمال اغتصاب وتعذيب لم تطالهم المحاكم العسكرية الأمريكية باعتبارهم مدنيين، ولم تطالهم المحاكم العراقية أيضاً لأنهم أجانب في حماية سلطة الاحتلال.ولم يكتف الأمر عند هذا الحد بل سنت التشريعات التي تضمن نشاط هذه الشركات دون رقابة الحكومة او مؤسساتها الأمنية على هذه الشركات او الأفراد العاملين فيها؛ فقد سوغ قانون إدارة الدولة العراقية الصادرة عن سلطة الائتلاف لهذه الشركات العمل بحرية بموجب المادة 26 الفقرة (أ)، وجاء الدستور العراقي الأخير ليؤكد هذا الأمر في المادة رقم 130 حيث نصت على (ان القوانين الحالية تبق سارية المفعول ما لم يتم تعديلها او إلغائها بموجب فقرات هذا الدستور لقد حاولت التشريعات الدولية تقنين القواعد الخاصة بالمرتزقة للحد من هذه الظاهرة وفرض العقوبات على الدول والهيئات التي تستخدم هؤلاء لغايات خاصة. ففي العام 1977 وخلال مؤتمر تطوير القانون الدولي الإنساني وتطبيقه في النزاعات المسلحة، أكد عدد من الوفود على ضرورة رفع وصف المحاربين على هؤلاء، ذلك الوصف الذي منع هؤلاء المرتزقة التمتع بوصف المحارب بحيث عبر البروتوكول رقم 1 من المادة 47 من اتفاقية جيف قبل تعديله أن أي شخص يقع في قبضة الدولة منهم كونه أسير حرب له كامل الحقوق في الرعاية والحماية لكن جرى تعديل هذا البروتوكول بحيث حجب عن هؤلاء وصف المحاربين واعتبرت أعمالهم تقع ضمن وصف جرائم الحرب،كما رفع عنهم الحماية التي كانت توفرها المادة 1 من اتفاقية أسرى الحرب.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس