عرض مشاركة واحدة

قديم 05-08-09, 08:37 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

المنطقة الإسلامية بمنظور أطلسي
إذا كان المنطق الإستراتيجي يفرض على الحلف أن يضع الصين في خططه المستقبلية، فإن التطور الجاري على أرض الواقع، وترجيح أن يكون لمنظومة القيم دور أكبر في توظيف الحلف غربيا، يدفعان للسؤال عما إذا كان يستهدف المنطقة الإسلامية أو لا وعلى المدى البعيد.
  1. أثناء الحرب الباردة كان الحلف معتادا على وجود عدو معروف ومحدد جغرافيا، يمكن تقدير خططه وتحركاته مسبقا لأن له نفس الثقافة الأمنية والعقلانية الإستراتيجية الغربية (ينفع معه مثلاً الردع النووي).
  2. مع نهاية الحرب بدأ الحلف يرصد مصادر أخطار تختلف بطبيعتها عن العدو التقليدي، فأعداء اليوم هم من جيل جديد، دون قاعدة جغرافية واضحة الحدود، ويمزجون بين أدوات صراع تقليدية وربما غير تقليدية (التخوف من حيازة جماعات إرهابية لمواد انشطارية).
  3. هذا ما أوجد حالة ارتباك إستراتيجية في الحلف، لاعتياده في وضع إستراتيجياته على أساس تحديد دقيق لهوية العدو وتموقعه جغرافيا وسياسيا (ضمن حدود سياسية دولية).
  4. عناوين مصادر الخطر (العدو) التي حددها الحلف تركزت على: الإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل، وانتشار الصواريخ البعيدة المدى، إضافة إلى مصادر أخرى تتجاوز الجانب الأمني العسكري إلى الجانب الاقتصادي، مثل الخلل في التوازنات البيئية، وطرق إمدادات الطاقة والمواد الخام، والطرق التجارية، والهجرات الجماعية، وغيرها.
  5. جميع ذلك (أو معظمه) واقع في نطاق المنطقة الإسلامية (والجدير بالذكر أن دول الحلف اعتبرت امتداد الوجود البشري الإسلامي في دول أوروبية كمنطقة البلقان، وداخل دوله الأعضاء امتدادا لمواطن الخطر) فسعت للسيطرة عليها أو ضبطها في معادلات خاصة بها.
  6. في إطار اختلاف منظومة القيم بين منطقة وأخرى (حددها هنتنغتون بثماني مناطق في العالم)، لا تبلغ درجة التناقضات مستوى الخطر المباشر كما كان بعضها تاريخيا، يسري ذلك على المنطقة الجغرافية التي تتركز فيها المسيحية الأرثوذكسية مثلا، أو لا تصل التناقضات إلى مستوى توظيف اختلاف القيم كعوامل فاعلة في المواجهة، كما في منطقة الديانات والثقافات الشرقية، الكونفوشيوسية والهندوسية.
  7. لا يسري ذلك على المنطقة الإسلامية، لاعتبارات تاريخية لها عناوينها المعروفة (الأتراك على أبواب فيينا، الأندلس، الحروب الصليبية، الاستعمار التقليدي)، إضافة إلى أن الاختلاف قائم في أساس منظومتي القيم الإسلامية والغربية وما ينبثق عنها تطبيقيا من اختلاف في أنماط الحياة وفي الخيارات الثقافية والمجتمعية.
  8. ساهمت الحقبة التاريخية الأخيرة في إيجاد وعي معرفي وثقافي عدائي متبادل، في الغرب تجاه المنطقة الإسلامية وبالعكس، بغض النظر عن أسباب نشأته وتعليلاته.
  9. أصبح العالم العربي الإسلامي يمثل بحكم التاريخ والجغرافيا والقيم، الآخر الحضاري والثقافي بالنسبة للغرب، بينما تمثل روسيا والصين الآخر الإستراتيجي، مع التمييز بين قابلية إعادة صياغة الهندسة الأمنية في أوروبا بالتعاون مع روسيا، وليس ضدها أو على حسابها، وبقاء العلاقات مع الصين مفتوحة تجاه تطورات مستقبلية.
تطرح هذه المعطيات السؤال التالي:
هل تكتسب المدرسة التقليدية في صياغة الإستراتيجيات العسكرية للأحلاف مكانة مركزية في حلف شمال الأطلسي، فيغلب على صياغة مهامه وخططه المستقبلية وضع الخطر الإستراتيجي الصيني الأكبر اقتصاديا وعسكريا في محورها، أم يكتسب مفعول منظومة القيم والحرص الغربي على نشرها عالميا، وتقليص احتمالات مواجهتها بمنظومة مغايرة، المكانةَ المركزية في تلك الصياغة، مما يجعل المنطقة الإسلامية هي المستهدفة؟

إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب دراسات متعمقة، يمكن طرحها على ثلاثة محاور: أولها تطور نظرة الحلف نفسه إلى طبيعة "العدو"، وثانيها ما يشهده الواقع التطبيقي في سياسات الحلف وممارساته في المرحلة الراهنة، وثالثها التمييز الدقيق بين نقاط التلاقي ونقاط المواجهة في علاقات الحلف مع المنطقة الإسلامية، باعتبارها لا تشكل تكتلا سياسيا أو عسكريا أو دولا متجانسة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

العدو المستقبلينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
كان العامل الاقتصادي أبرز من سواه في تحديد توجهات الحلف في المرحلة الأولى وتطوره عقب الحرب الباردة، بينما غلب العامل العسكري على "محاولات" توجيهه في المرحلة الثانية أثناء الحروب الأميركية، ومن المرجح أن يكون ميدان القيم (ونشرها) بمنظورها الغربي عنصرا مؤثرا في صياغة الإستراتيجيات الأمنية في المرحلة التالية، التي يمكن تأريخ بدايتها بقمته الستينية عام 2009.

وقد هيمنت توسعة الحلف على معالم تطوره في المرحلتين الأولى والثانية، ولم تصل إلى نهايتها بعد، إلا أن التطلع إلى تثبيت جملة من التصورات لعلاقات الحلف بمناطق أخرى من العالم، سيهيمن غالبا على المرحلة التالية في المسيرة الأطلسية، وستتأرجح هذه التصورات بين السعي لعقد تحالفات مشاركة وتنسيق دون مستوى العضوية، وبين العمل للسيطرة على الوضع الأمني خارج المجال الجغرافي للحلف وما يقتضيه ذلك على الأصعدة السياسية والاقتصادية وعلى صعيد نشر منظومة القيم الغربية، وهذا ما يشمل بشقيه المنطقة العربية والإسلامية.

لا يمكن الفصل بين تطوير البنية الهيكلية لحلف شمال الأطلسي تطويرا كبيرا خلال السنوات العشرين الماضية، وتحويله من حلف دفاعي في الحرب الباردة، إلى حلف ردع وتدخل على المستوى الدولي، وبين ما شاع وصفه بالعدو البديل عن العدو الشيوعي القديم، إذ لا توجد صيغة إستراتيجية عسكرية جديدة اعتباطيا، وكل تغيير إستراتيجي أطلسي كان يعني ترجمة قرار سياسي إلى خطة عسكرية وتنفيذها، وهو القرار الذي يُتخذ على مستوى اللقاءات الدورية لوزراء الخارجية والدفاع، ولقاءات القمة.

يسري ذلك على إلغاء مراكز قيادات وتشكيل بديل عنها، وتخفيف الاعتماد على نوع من التسلح وتنشيط صناعة نوع آخر، وتعديل ما يسمى "الكتاب الأبيض" الذي يحدد عقيدة القوات العسكرية ومهامها على المستويات الوطنية لعدد من الدول الأعضاء في الحلف وغير ذلك من الإجراءات، فجميع ذلك يعتمد على لجان عسكرية متخصصة دائمة وأخرى تتشكل خصيصا لمهمة محددة.
في هذا الإطار:
  • أولا: تبدل مفهوم العدو أطلسياً من صراع اقتصادي بين رأسمالية وشيوعية إلى صراع قيم حضارية، وازداد التخوّف من خطر أمني مستقبلي، أي أن "يصبح" الآخر حضاريا قادرا على توظيف ما يوصف بمصادر التهديد الليّنة.

    بالمقابل بدأ يتطور مفعول التفوق العسكري التقليدي، فلم تعد التجهيزات وحجم القوة الضاربة كافية كمعيار للحسم، كما يؤخذ من التجارب الأطلسية والأميركية في أفغانستان والعراق.
  • ثانيا: مع التسليم بأن الرؤى الأطلسية على المدى المتوسط والبعيد قابلة للتبدل إذا تبدلت المعطيات التي ترتكز عليها، ففي استشراف ما يستهدفه الحلف في المستقبل المنظور كعدو، لا بد من الاعتماد على معطيات الواقع الآني.
وتشمل هذه المعطيات حاليا:
  1. التنظير، أي ما يصدر عن الحلف مباشرة أو عن دائرة الغرب الحضارية الحاضنة له من توجهات معلنة.
  2. التخطيط والتطوير، وهما في الوقت الحاضر متوافقان مع الصياغات الموثقة أطلسياً بشأن استهداف المنطقة الإسلامية (وليس الصين بالضرورة).
يتبين ما سبق في العناصر التالية:
  1. وثائقيا: بقي القاسم المشترك فيما صدر عن الحلف حتى قمة 2009 متركزا على أطروحة "الإسلام عدوّ بديل"، ولئن أثارت اعتراضا أوروبيا عام 1990، فقد كان تجاه الصياغة وليس المضمون، كما تبين في القمم الأطلسية التالية (روما 1991، وبروكسل 1994، وواشنطن 1999)، فاستقر استهداف "الأصولية" الإسلامية، بدلا عن ذكر "الإسلام" مباشرة، واستخدم هذا التعبير في السنوات التالية في تعديل صياغات "الكتاب الأبيض" حول المهام العسكرية على المستويات الوطنية -لاسيما في ألمانيا وفرنسا- ووصل إلى وزارة الدفاع الروسية لاحقا. أما استخدام تعبير الإرهاب، وتحديدا "الحرب ضدّ الإرهاب الإسلامي"، فبدأ في أواخر القرن الميلادي العشرين ومطلع الحادي والعشرين، واستقر نهائيا منذ تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001.
  2. عسكريا: مع تثبيت استهداف "الأصولية" ثبتت قمة بروكسل (1994) تعديل البنية الهيكلية العسكرية للحلف، بما يشمل توجيه رأس حربته جنوبا بعدما كانت متجهة شرقا (مثل البرمجة الإلكترونية لأهداف الصواريخ العابرة للقارات)، ورافق ذلك تشكيل عدة فرق أوروبية وأطلسية للتدخل السريع في المنطقة الإسلامية تحديدا، مثل قوّة تدخل رباعية من فرنسا وأسبانيا وإيطاليا والبرتغال، هدفها الرسمي "مواجهة الأزمات المحتملة في الشمال الإفريقي"، كما كشفت صحيفة لوموندو الإسبانية في 4/12/1997 النقاب عن وثيقة أطلسية إسبانية حدّدت ما يجب أن تضطلع به إسبانيا من مهامّ عسكرية بما فيها ضمان إنزال عسكري بري في منطقة الشمال الإفريقي.

    ولا ينفصل عن ذلك تطور "إستراتيجي" يتمثل في ازدياد الاستعداد لاستخدام أسلحة نووية ميدانية "ضد الإرهاب"، وأول ما ظهر للعلن من ذلك هو الكشف عن قرار أميركي في فبراير/شباط 1996 (أي قبل تفجير السفارتين الأميركيتين في إفريقيا بعامين وتفجيرات نيويورك وواشنطن بخمسة أعوام) شمل برامج جديدة لتدريب الجنود الأميركيين على استخدام السلاح النووي عند الحاجة، حسبما نشرته وكالة الأنباء الألمانية وصحيفة "زود دويتشه" في ميونيخ يوم 24/8/1998، نقلا عن دراسة قام بها "مركز المعلومات عن الأمن الأطلسي" في برلين و"المجلس البريطاني الأميركي للمعلومات السرية" في لندن.

    وتزداد خطورة هذا المجال عند ربطه بالسياسة الرسمية المعلنة لأقطاب الشمال، لمنع التسلّح المتطور عن أي بلد خارج ما يسمى النادي النووي (وهذا ما يشمل البلدان الإسلامية عموما)، وهو ما اتخذ صيغة "العنصر الأبيض تحت السلاح" حسب تعبير جريدة ذي غارديان البريطانية، بمعنى احتكار أسلحة الدمار الشامل والأسلحة المتطوّرة، أو الحيلولة دون امتلاك قوة رادعة تجاه هجوم خارجي محتمل.
  3. تطبيقيا: بغض النظر عن التفاصيل والأحداث المرحلية التي استهدفت جميع التحركات العسكرية بعد الحرب الباردة (أي الأطلسية والأميركية المقترنة بمحاولة دفع الحلفاء الأطلسيين واستجابة بعضهم للمشاركة فيها) مواقعَ في المنطقة الجغرافية الإسلامية، بدءاً بالقصف الصاروخي للسودان وأفغانستان، مرورا بالتدخل في البلقان، ثم الحرب في أفغانستان، فحرب احتلال العراق، وحتى التدخل الأطلسي البحري لمكافحة القرصنة قرب سواحل الصومال وفي البحر العربي، فبغض النظر عما يقوله قادة الحلف أو يصرحون به، تشهد حركة الجيوش والقواعد العسكرية على اتجاه الحلف نحو تركيز أولوياته في الرقعة الإسلامية.
  4. جغرافيا: شمل تحديد العدو البديل المجال الجغرافي لمصدر التهديدات المتعددة البديلة بمنظور الأطلسي، وهو ما أطلق عليه "هلال الأزمات". ولهذا التعبير جذور فكرية أميركية مبكّرة، وأوّل من أعطاه مضمونا سياسيا المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي بريجنسكي، وأوّل من أعلن نقله إلى مستوى التخطيط العسكري، الأمين العام الأسبق للحلف مانفريد فورنر، في مقابلة له مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية عام 1991، وعندما سئل عن المقصود، ذكر المنطقة الممتدة ما بين المغرب وإندونيسيا.
  5. حضاريا (أو بمعيار منظومة القيم): تعزيزا لما سبق يلاحظ (خارج نطاق الأمن والسياسة) كيف تعددت مظاهر التعبير عن توجهات العلاقة الغربية والأطلسية بالعالم الإسلامي، مثل حملات "تعديل المناهج" وما سمي "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، ودعوات التغيير تحت عنوان الديمقراطية وحقوق الإنسان والتراجع عنها مع ظهور المخاوف من التغيير باتجاه ما سمي "الإسلام السياسي".
الجدير بالذكر أن الأطروحات الأطلسية تحت عنوان المشاركة منذ قمة إسطنبول 2004 (لاسيما مع الشمال الإفريقي ومنطقة الخليج) تجمع بين البعد السياسي الأمني وبُعْدِ التقسيم الإقليمي للمنطقة الإسلامية جغرافيا تبعا لذلك. ويلاحظ أن ما عُرف من قبل (منذ 1994) بالحوار الأطلسي المتوسطي، لم يسفر خلال 15 عاما تالية عن نتيجة مرئية أمنيا في الشمال الإفريقي من حيث تطوير الطاقات العسكرية الذاتية كما في شرق أوروبا، أو من حيث منظومة القيم تحت عنوان تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. ويسري شبيه ذلك على منطقة الخليج حديثا، مع إضافة ما تعنيه المشاركة الأطلسية في الإطار الأوسع في خريطة التطورات الأمنية أطلسياً، والتي تركز على ثلاثة عناوين: العراق وأفغانستان وإيران.

ومن الملاحظ أن استهداف المنطقة الإسلامية يجد على صعيد الرأي والتحليل في الدول الأطلسية تأييدا ومعارضة، ولكن من زاوية الاستشراف المستقبلي دون نفي أنه جزء من الواقع القائم في الوقت الحاضر، وهنا لا يُقارَن "العدو البديل" بالعدو الشيوعي الشرقي القديم من ناحية القدرات العسكرية، بل ينطلق الاستهداف من اعتبار المنطقة الإسلامية منطقة أزمات، أو منطقة تجمع مصادر "التهديدات الأمنية اللينة"، أي رغم افتقاد عنصري التكتل والقوة العسكرية الرادعة.

هذا ما بدأ اعتماده في وقت مبكر، كما يشير إلى ذلك الحديث عن "حرب المستقبل" على لسان وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، وهي حرب تريد واشنطن أن تستخدم فيها "جميع الوسائل المتوافرة" على حدّ تعبير وكيلها الوزاري توماس بركرينغ آنذاك، ويمكن أن تسبّب في المستقبل خسائر أكبر ممّا كان حتى الآن، كما تنبّأ مدير المخابرات المركزية الأميركية السابق روبرت غيتس مؤكدا أنه "يجب إعطاؤها الأولوية على سائر ما عداها في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية".

ونظرا لتفاوت موازين القوى وافتقاد الخطر العسكري الفعلي على الغرب، ظهرت أطروحات "الحروب الوقائية" أميركياً والتي وجدت المعارضة أوروبياً، في حين تطلّب تسويغها تصعيدَ الخلط بين الإرهاب والمقاومة. ويصل تعبير بعض الجهات الغربية عن واقع التعامل مع "العدو البديل" إلى أبعد من ذلك، كقول الأستاذ الجامعي في جامعة كاليفورنيا سابقا فرانس شورمان إن ما يجري "حرب كبرى ضد الإسلام والمسلمين، بدأت في السودان وأفغانستان".

العلاقات الأطلسية مع دول عربية وإسلامية
بغض النظر عن ترجيح استهداف المنطقة الإسلامية أطلسياً، ينبغي أن لا يغيب التساؤل عن موقع نموذج العضوية التركية، وحديثاً الألبانية أيضا، إضافة إلى بعض ميادين التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول المتوسطية.
بحكم موقعها وتاريخها وهويتها، تعتبر تركيا همزة وصل بين حلف شمال الأطلسي والعالم العربي والإسلامي، لكنها في الوقت نفسه همزة فصل بين الإقليمين الأوروأطلسي المتكامل اقتصادياً والمندمج إستراتيجياً، والعربي الإسلامي المفكك المفاصل.
هذه النظرة العامة قد تحجب الرؤية عن مسائل جوهرية، أولاها أن عضوية تركيا في الحلف تبقى حالة خاصة مقارنة ببقية الأعضاء، ويبدو أن البند الخامس من ميثاق الحلف (القائم على مبدأ الدفاع الجماعي) لا ينطبق بشكل تلقائي على تركيا. فإبان الحرب الباردة لم تتردد دول أوروبية في حصر تطبيقه على تركيا في حالة تهديد سوفياتي فقط، رافضة استخدامه من قبل تركيا في صراعاتها مع جيرانها الشرق أوسطيين، وعليه كانت تركيا تعتمد أساساً على أميركا أكثر مما تعتمد على الحلف.

في أزمة الخليج الأولى رفضت دول أوروبية حليفة أي تغطية عسكرية لتركيا تحت عنوان نفس البند تحسباً لهجوم عراقي، وعاد الجدل مجدداً إلى الواجهة عام 2003، حيث رفضت فرنسا وألمانيا وبلجيكا الطلب التركي للمساعدة، لكن الحلفاء اتفقوا في نهاية الأمر على مهمة أطلسية (نشر نظم دفاعية مضادة للصواريخ وعتاد دفاع كيميائي وبيولوجي ومراقبة جوية) في جنوب شرق تركيا مطلع العام 2003 تحسباً للتهديد المترتب عن الأزمة العراقية. وعليه فالوضع الجغرافي لتركيا جعلها منكشفة أمام مثل هذه الاختلافات التي بينت أن المظلة الأطلسية تبقى نسبية بالنسبة لها.

بالمقابل لم تشارك تركيا في القتال على الساحة الأفغانية، ورفضت التدخل في الحملة العسكرية الأميركية لاحتلال العراق عام 2003، وتدل مواقف الحكومة التركية مؤخراً إبان حصار القوات الإسرائيلية لقطاع غزة -رغم علاقاتها الإستراتيجية مع إسرائيل خلال السنوات العشر الماضية- على أن مواقفها السياسية لن تتأثر بحلف شمال الأطلسي أو بإسرائيل أو حتى بالاتحاد الأوروبي الذي تسعى للانضمام إليه بكافة السبل منذ مدة طويلة.

أما ألبانيا فهي دولة صغيرة الحجم وقليلة الموارد ومحدودة السكان، ولا تشكل هدفاً مريباً للحلف ولا شراكة مرهوبة الجانب من قبله، وجاءت عضويتها لأسباب إثنية وجغرافية، وليس لكونها ذات أغلبية سكانية مسلمة.

فالدلالة الإستراتيجية لعضوية دولتين مسلمتين في الحلف هي أنهما مواليتان لمصالحهما المشتركة وليس للعالم الإسلامي، إلا أن الحلف بإمكانه استثمار هذه الخاصية الإسلامية لصالحه على المدى البعيد، عندما تتهيأ بعض الدول الإسلامية فيما بعد ولظروف متقاطعة، لأن تنضم إلى برامج الشراكة أو إلى عضوية الحلف.
وسبقت الإشارة إلى أمثلة أخرى على التعامل الأطلسي مع دول عربية وإسلامية بعينها (مبادرة إسطنبول للتعاون، والحوار الأطلسي المتوسطي)، وتستتبع هذه النماذج السؤال عن قابلية وجود علاقات أطلسية عربية وأطلسية إسلامية خارج دائرة الاستهداف والعداء، وما مدى تأثيرها المحتمل على استبعاد صدام ما؟

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس