عرض مشاركة واحدة

قديم 06-10-09, 11:30 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

وكذلك قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي نذكر من بينها:

القرار 3246 بتاريخ 29 نونبر 1974 الذي أكد على شرعية الكفاح المسلح في سبيل تقرير المصير والاستقلال.

القرار 2625 بتاريخ 24 أكتوبر 1970 الذي أجاز بصورة علنية ومباشرة للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير مصيرها أن تقاوم كل أعمال العنف التي تمارس ضدها.

القرار 3314 الصادر في 14 دجنبر 1974 الذي يعترف أيضا للشعوب الخاضعة للأنظمة الاستعمارية والعنصرية أو أي شكل آخر من أشكال الهيمنة الأجنبية بحق الكفاح في سبيل نيل الاستقلال, هذا طبعا إلى جانب العديد من القرارات التي صدرت عن المنظمات الإقليمية كمنظمة الوحدة الإفريقية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، زيادة على القرارات الهامة التي صدرت عن حركة عدم الانحياز (18) في هذا الشأن.

وتبدو أهمية هذا التصنيف الأخير ملحة في ظل الظرفية الدولية الراهنة التي تتميز بدخول الولايات المتحدة وإسرائيل في غمار حملة إعلامية ورسمية دولية نحو "أسلمة وتعريب" الإرهاب وتمييع عمل حركات التحرر الوطني الفلسطينية في مواجهة إرهاب الدولة الرسمي الإسرائيلي.

رابعا: الجهود الدولية لاحتواء الظاهرة الإرهابية.

إن مواجهة العنف بكل مظاهره في العلاقات الدولية وجهود التضييق على استخدام القوة في المجتمع الدولي تعود إلى عام 1907 عندما تمت المصادقة على اتفاقية لاهاي الثانية المعروفة ب"دراكو بورتر" التي أكدت على ضرورة الحد من استعمال الدول للقوة في سبيل استرداد الديون المستحقة، وكذا عهد عصبة الأمم المرفق بمعاهدات باريس لسنة 1919 الذي يقيد استخدام هذا الحق ويؤجله (19) دون تحريمه نهائيا, حيث تم التمييز بين الحروب المشروعة والحروب غير المشروعة، ثم جاء ميثاق "بريان كيلوج" بتاريخ 27-08-1928 ليسد نسبيا هذا النقص بعدما ركز ولأول مرة على الجوانب الوقائية لمبدأ الأمن الجماعي حيث أكد على تحريم الحرب ليس كوسيلة من وسائل حل المنازعات والمشاكل الدولية فقط وإنما باعتبارها أداة لتنفيذ سياسة الدولة القومية أيضا.

ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية تبين عدم فاعلية هذه الجهود بالشكل المطلوب، وهو ما جعل منظمة الأمم المتحدة التي قامت على أنقاض عصبة الأمم تنص صراحة وضمن مبادئها الأساسية على مبدأ عدم استخدام او التهديد باستعمال القوة في العلاقات الدولية (الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق) كما منعت المنظمة التدخل في شؤون الدول وربطت ذلك باسثنائين هما: حالة الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي (المادة 51 من الميثاق)، وحالة تدخل المنظمة لمواجهة تهديد السلم والأمن الدوليين أو الإخلال بهما أو عند وقوع حالات عدوانية (المادتين 41 و42 من الميثاق).

أما بخصوص مكافحة ظاهرة الإرهاب فقد تنامى الوعي الدولي في العقود الأخيرة بأهمية مكافحتها من خلال إجراءات جماعية مشتركة وفعالة في إطار من التنسيق والتعاون.

فعلى مستوى منظمة الأمم المتحدة، فقد أدرج موضوع الإرهاب ضمن جدول أعمال الدورة 27 للجمعية العامة عام 1972 بناء على مبادرة من الأمين العام الأممي، غير أنها لم تحقق نتائج ملموسة في هذا الشأن.

ويمكن أن نشير هنا إلى بعض جهود الجمعية في هذا الشأن من قبيل قرارها رقم 2625 الذي اتخذته في دورتها 25 بتاريخ 24 أكتوبر 1970 والمرتبط بإعلان مبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول, حيث تم التأكيد على "وجوب الامتناع عن تنظيم القوات غير النظامية أو العصابات المسلحة…" ثم قرارها رقم 8 الذي اتخذته في دورتها 32 سنة 1977 والمرتبط بسلامة الملاحة الجوية والذي أكدت فيه على إدانة كل أعمال خطف الطائرات وكل ما يؤدي إلى تهديد سلامتها وسلامة راكبيها. وهناك قرارها رقم 146 الدورة 34 بتاريخ 17 دجنبر 1979 الذي اعتمد الاتفاقية الدولية الخاصة بمناهضة احتجاز الرهائن.

وبتاريخ 11 دجنبر 1973 تبنت الجمعية العامة قرارا نص على دراسة وجوب اتخاذ إجراءات لمنع الإرهاب، ثم ألحقت به قرارا صادرا في 14 دجنبر من نفس السنة تمحور حول منع ومعاقبة الجرائم المرتكبة بحق الشخصيات التي تقع تحت حماية القانون الدولي.

وفي السابع من شهر دجنبر اتخذت الجمعية العامة قرارا مهما أدانت فيه الإرهاب الرسمي والأنظمة العنصرية والاحتفالات الأجنبية، وتضمن الدعوة إلى عقد مؤتمر لتحديد مفهوم الإرهاب وقد عارضته الولايات المتحدة وإسرائيل(20).

ومن جهة أخرى وحتى سنة 1997 وصل عدد الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بالجرائم المرتبطة بالإرهاب والتي أودعت في الأمم المتحدة إحدى عشر اتفاقية، وتتناول كل واحدة منها جانبا محددا من جوانب الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب (21).

ومن أهم الاتفاقيات في هذا الشأن نذكر: اتفاقية جنيف لسنة 1937 المرتبطة بمواجهة الإرهاب واتفاقية واشنطن لسنة 1971 الخاصة بمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب التي تأخذ شكل جرائم ضد الأشخاص وغيرهم من الفئات ذات الأهمية الدولية، ثم الاتفاقية الأوربية لقمع الإرهاب والموقعة بتاريخ 27-01-1977 بستراسبورغ الفرنسية، حيث تضمنت لائحة للأفعال الخاضعة للتسليم والاختصاص القضائي…ثم هناك اتفاقية طوكيو الموقعة بتاريخ 14 شتنبر 1963 بشأن حماية الملاحة الجوية وقد اعترتها بعض النواقص مثل عدم اعتبارها الاستيلاء على الطائرات جرائم تستوجب العقاب…

وجاءت اتفاقية لاهاي لعام 1970 الخاصة بحماية الملاحة الجوية أيضا لسد الثغرات الحاصلة في الاتفاقية السابقة حيث جاءت أكثر شمولا في معالجة ظاهرة الاختطاف، ومع ذلك اعترتها بدورها بعض النواقص خاصة فيما يتعلق بعدم تحريمها لبعض الأنشطة الإرهابية التي تمس ملاحة الطيران المدني، كتلك المرتبطة بالاشتراك والشروع التي تتم في الطائرة وهي جاثمة على الأرض وجاءت اتفاقية مونتريال لسنة 1971 لسد ما لحق بالاتفاقيتين السابقتين من ثغرات وهفوات حيث جاءت أكثر دقة وشمولا (22).

وهناك أيضا الاتفاقية الدولية لقمع الأعمال غير المشروعة ضد الملاحة البحرية الموقعة بروما بتاريخ 10 مارس 1989.

هذا طبعا بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات واللقاءات الدولية التي اهتمت بهذا الشأن، ونذكر في هذا الخصوص قمة "صانعي السلام" المنعقدة بشرم الشيخ بمصر بتاريخ 13 مارس 1997 ومؤتمر قمة مجموعة الدول الصناعية السبعة المنعقدة في ليون بفرنسا بتاريخ 28 يونيو 1997، وكذا الإعلان الصادر بمناسبة الذكرى الخمسينية لإنشاء هيئة الأمم المتحدة في أكتوبر 1995، وهو الإعلان الذي أكد على أهمية التعاون الدولي في القضاء على الإرهاب (23).

هذا على مستوى الجهود القانونية الجماعية لاحتواء الظاهرة , أما بخصوص الممارسة, فإن ذلك اتخذ طابعا انفراديا سواء على مستوى الآليات المستعملة أو على مستوى الذرائع والمبررات التي تنبني عليها مكافحة الظاهرة .

خامسا: المقاربة الانفرادية لمكافحة الظاهرة في الممارسة الدولية.

واكب تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي في العقود الأخيرة، تصاعد وثيرة الردود الميدانية عليها في ظل قصور فعالية الجهود الاتفاقية في هذا الشأن، ومعلوم أن معظم الردود الدولية على "الإرهاب" غالبا ما تثير مجموعة من الإشكاليات القانونية والإنسانية بالنظر إلى غياب مفهوم دقيق وموحد لهذه الظاهرة، وتحايل بعض الدول في ردها على "الإرهاب" على مقتضيات الميثاق الأممي وقواعد القانون الدولي عن طريق تكييف منحرف لها – بنود الميثاق- بالشكل الذي يسمح بشرعنة تدخلاتها هاته.

وإذا كانت المرتكزات والأسس القانونية التي استندت إليها الدول في تبرير ردودها على "الإرهاب" هي نفسها-حق الدفاع الشرعي عن النفس ورد الاعتداء- سواء خلال فترة الحرب الباردة أو ما تلاها من أوضاع دولية جديدة، فإن الأمر يختلف من حيث نوعية هذه الردود والأطراف التي تشارك في تكييف هذه المقتضيات مع الحالات "الإرهابية".

ففي ظل فترة الحرب الباردة, دأبت بعض الدول على تكريس سلوك خاص بها للرد على "الإرهاب" في إطار ممارسة حق الدفاع الشرعي الذي تنص عليه المادة 51 من الميثاق الأممي باعتباره استثناء على مبدأ تحريم اللجوء إلى القوة أو التهديد بذلك في العلاقات الدولية، فإسرائيل مثلا وفي سياق تكريس احتلالها للأراضي العربية وتضييقها على نشاط المقاومة الفلسطينية، قامت بعدوان سافر على المخيمات الفلسطينية في لبنان سنوات السبعينيات والثمانينيات, وآخر على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس (سنة 1985) باسم ممارسة حق الدفاع الشرعي في مواجهة "الإرهاب". غير أن هذا المفهوم الذي أعطته إسرائيل لحق الدفاع الشرعي من خلال هذه العمليات، يتنافى بشكل صريح مع جوهر هذا الحق لعدم مراعاته لمنطق الضرورة والتناسب الذي تتأسس عليه مشروعية ممارسة هذا الحق، كما يستفاد من المادة 51 من الميثاق ذاتها (24), ذلك أن الرد العسكري الإسرائيلي كان بالإمكان تلافيه، وفتح المجال أمام السبل السلمية في سبيل احتواء المشكل، كما أنه جاء – الرد- متجاوزا في حدته وخطورته لحجم الفعل "الإرهابي".

وضمن نفس السياق يمكن إدراج العمليات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد ليبيا سنة 1986، بعد أن أخطرت مجلس الأمن بذلك في 14 أبريل من نفس السنة، بذريعة أن ليبيا كانت ضالعة في الانفجار الذي هز ملهى ليليا ببرلين الغربية كان يرتاده أمريكيون، مما أدى إلى وفاة جنديين أمريكيين وجرح آخرين. والحقيقة أن هذا الهجوم الأمريكي على ليبيا لم يكن له علاقة بالدفاع عن النفس ضد الهجمات "الإرهابية" أو "بالدفاع عن النفس ضد هجوم مستقبلي"، إن "إرهاب" ليبيا، كما يقول شومسكي هو "إزعاج بسيط، لكن ليبيا وقفت في وجه الخطط الأمريكية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى…وهذه في نظر أمريكا، جرائم حقيقية لابد من معاقبتها(25).

إن الرد الأمريكي من وجهة نظر القانون الدولي هو عمل هجومي غير مشروع، بل أكثر من ذلك هو عمل انتقامي لا صلة له بموضوع الدفاع الشرعي عن النفس، خاصة وأن استخدام القوات المسلحة لشجب مراكز الإرهاب في العالم، قد يأتي بنتائج أشد خطورة من الإرهاب نفسه (26).

وإذا كانت هذه الممارسات الانفرادية قد وجدت طريقها نحو التطبيق في ظل فترة عصيبة من تطور العلاقات الدولية تميزت بالصراع الحاد بين الشرق والغرب، وما تبعه من شلل أصاب الأمم المتحدة بصفة عامة ومجلس الأمن بصفة خاصة، فإن الأمر سيختلف كثيرا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وسيادة ما أصبح يعرف "بالنظام الدولي الجديد" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك أن التدخلات لمكافحة "الإرهاب"، أصبح لها طابع دولي وجماعي، بعدما أضحت تتم تبعا للشرعية الدولية التي تجسدها قرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الشأن, ولعل هذا ما سيتجسد في العديد من الحالات الدولية كقضية "لوكربي" والتدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان في أعقاب أحداث الحادي عشر من شهر شتنبر 2001.

ففي قضية "لوكربي" التي امتزج فيها القانوني المرتبط بتفسير مقتضيات اتفاقية مونتريال لسنة 1971 الخاصة بحماية الملاحة الجوية، والسياسي المرتبط بمكافحة العنف والإرهاب – المهددين للسلم والأمن الدوليين- في العلاقات الدولية. قام مجلس وفي سابقة فريدة من نوعها بإصدار مجموعة من القرارات في مواجهة ليبيا بمناسبة "حادثة إرهابية".

(القرارات 731/1992 و 748/1992 و 833/1993 و 1192/1998). اثنان منها (القرار 748/1992 و القرار 833/1993) حملا عقوبات ديبلوماسية وسياسية واقتصادية وجوية…على ليبيا لرفضها الانصياع إلى المطالب الأمريكية- البريطانية بتسليم المتهمين الليبيين بالضلوع في حادث انفجار الطائرة الأمريكية (بان أمريكان في أجواء بلدة لوكربي الاسكتلندية سنة 1988) وفق مزاعمهما.

ويبدو أن مجلس الأمن في تعامله مع هذه الأزمة, عكس في العمق إرادة أمريكية تنطوي على سلوك انتقامي, وذلك بالنظر للخلفيات السياسية والتاريخية الصراعية الأمريكية مع النظام الليبي, وقد تجلت الهيمنة الأمريكية على دواليب المجلس في هذا الشأن سواء على مستوى المعلومات التي استند المجلس إليها في إدانته ومعاقبته لليبيا وكذا على مستوى مقترحات القرارات التي اتخذها هذا الجهاز الأممي المسؤول عن حفظ السلم والأمن الدوليين .

ولقد تبين بشكل جلي عدم تناسب العقوبات المفروضة على ليبيا مع حجم الاتهامات الموجهة إليها، فلا يعقل قط فرض حصار على شعب بكامله لمجرد اتهامات وجهتها بعض الدول لشخصين لم يحسم القضاء بعد في مدى صحتها (27).

إن قضية لوكربي تنطوي على مشكل قانوني صرف، محوره تفسير معاهدة مونتريال لعام 1971 الخاصة بمكافحة الأفعال غير مشروعة الموجهة ضد أمن وسلامة الطيران المدني، خصوصا وأن الاتهامات الموجهة إلى ليبيا تدخل ضمن أفعال نصت عليها هذه الاتفاقية (28)، إذ بموجب هذه الأخيرة، يمكن لليبيا أن تحاكم المتهمين على أرضها. ولذلك – وحسب مقتضيات الاتفاقية السابق ذكرها - كان من الأجدر عرضها على محكمة العدل الدولية منذ البداية, خاصة بعد استنفاذ محاولات حلها مباشرة عن طريق المفاوضات أو بواسطة التحكيم.

وإذا كان المجلس قد نجح إلى حد ما من خلال تدبيره وإدارته لهذه الأزمة في منع تطورها إلى مواجهة عسكرية بين طرفين غير متكافئين (أمريكا وليبيا). فإنه مع ذلك تمت هذه التسوية (29) على حساب ليبيا من جهة والشرعية الدولية من جهة ثانية، فالمجلس في تعامله مع هذه القضية اختار منذ البداية مسلكا تصعيديا بعد أن فرض حصارا قاسيا على هذا البلد العربي, وخالف مقتضيات الميثاق الأممي، ذلك أنه لم يتح - بما فيه الكفاية - لأطراف الأزمة منذ بروز هذه الأخيرة، لسلك وسيلة معينة من وسائل التسوية السلمية (المادة 33/2)، ولم يراع ما اتخذته ليبيا من إجراءات في سبيل حل النزاع (المادة 36/2) وقطع الطريق على بعض الجهود السلمية التي بادرت إليها جامعة الدول العربية في هذا الصدد، مخالفا بذلك نص المادتين (33/2 و 52/2). هذا بالإضافة إلى مخالفته لأحكام المادة 2/7 من الميثاق، التي تلزمه بالامتناع عن التصدي لأية مسألة تعد من صميم السلطان الداخلي للدول (تسليم المتهمين في غياب اتفاقية ثنائية مع الأطراف الأخرى أو قانون داخلي يجيز هذا الإجراء). ناهيك عن مشاركة الأطراف الغربية الثلاث المعنية بالأزمة مباشرة (أمريكا، بريطانيا وفرنسا) في صياغة القرار والتصويت عليه، حيث بوأت لنفسها مكانة الخصم والحكم في آن واحد، وذلك بالمخالفة لأحكام الفقرة الثالثة من المادة السابعة والعشرين من الميثاق الأممي.

وقد تكرس التدخل الجماعي وباسم الشرعية الدولية التي تجسدها الأمم المتحدة بقراراتها لمكافحة "الإرهاب" في أعقاب أحداث الحادي عشر من شهر شتنبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث قادت هذه الأخيرة تحالفا دوليا لمكافحة "الإرهاب" الدولي، دشنتها في أفغانستان بناء على قرار مجلس الأمن رقم 1368 الذي صدر بالإجماع وبعد يوم واحد من وقوع العمليات (30)، وما زاد من تكريس وتزكية لطروحات الولايات المتحدة وإسرائيل التي تتذرع في الإساءة لشعوب العالم وتصفية حساباتها مع الأنظمة التي تعتبرها معادية لمصالحها, باسم وشعار مكافحة الإرهاب, هو صدور قرار مجلس الأمن رقم 1373 بتاريخ 28 شتنبر 2001 الذي أكد على ضرورة مواجهة مخاطر الإرهاب الدولي بكل الوسائل السياسية والزجرية, بما فيها تجميد أموال المشتبه في علاقاتهم بالإرهاب دون التمييز بين هذا الأخير المحظور وحق النضال والكفاح المشروعين ضد الاحتلال (31).

الخلاصة.
بإلقاء نظرة سريعة على هذه الجهود الدولية المرتبطة بمكافحة ظاهرة الإرهاب، سواء في صورها القانونية والاتفاقية الجماعية والميدانية الانفرادية, يلاحظ أن جل هذه الجهود اتخذت الطابع العلاجي، أي أن المكافحة تأتي و تنصب على ما بعد الحادث الإرهابي، وحتى تلك الجهود الضئيلة المرتبطة بالمعالجة الوقائية غالبا ما تقارب الظاهرة أمنيا، وهذا ليس بغريب ذلك أن هول وجسامة الأعمال الإرهابية التي أضحت فضاءاتها ومظاهرها تتطور بشكل يتوازى والتطورات التكنولوجية المدنية والعسكرية… غالبا ما تجعل صناع القرار يطرحون أسئلة أضحت عادية وتتكرر باستمرار عقب الأحداث الإرهابية، تنصب وتركز بالأساس على من قام بالفعل؟ وكيف قام بهذا الفعل؟ (مقاربة أمنية محضة)، في حين يتم إهمال-عن قصد أو عن غير قصد- سؤال محوري وضروري وهام وهو: لماذا تم القيام بهذا الفعل؟.

لقد سبق للأمين العام الأممي الأسبق "كورت فالدهايم" في تقرير قدم للمنظمة الأممية أن حمـل القسط الأوفر من مسؤولية تفشي ظاهرة الإرهاب لأسباب منــها (32): ممارسة حق النقض في مجلس الأمن الدولي (وهذا يحيلنا على الفيتو الأمريكي الحالي لمنع إرسال قوات دولية إلى فلسطين) وتهاون الدول الكبرى عن القيام بواجباتها التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وتواطؤ الدول الكبرى وتحيزها الذي يؤدي إلى فشل المنظمة الدولية في تحقيق التعاون الدولي وحل المشاكل ثم هناك اغتصاب حقوق الشعوب المستضعفة…

إن مواجهة الإرهاب ومكافحته تتطلب وقفة تأمل وتركيز لبلورة أساليب وسبل ناجعة وفعالة تقف على مسبباته في أشكالها المتباينة والمتعددة للوقاية من تداعياته قبل الخوض في علاجه بأشكال زجرية وأمنية وربما "إرهابية" أيضا قد تزيد من تفاقمه وتطوره.ذلك أن التجارب الدولية المرة في هذا الخصوص (أحداث أمريكا بتاريخ 11 شتنبر 2001 مثلا) أوضحت وبالملموس أن أي إجراء أمني مهما توافرت له الإمكانيات البشرية والتكنولوجية والمادية لا يمكنه الحد من هذه الظاهرة، بعدما أصبح القائمون بهذه الأعمال يطورون آلياتهم ووسائلهم ويستغلون وبتحايل كبير أضيق الفرص والفجوات لتنفيذ أعمالهم.

إن أسباب ظاهرة "الإرهاب" الدولي كمظهر من مظاهر العنف متعددة ومتشابكة ومعقدة في آن واحد، تتنوع بين ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني أيضا .

والعدالة الجنائية لا يمكن لها أن تتدخل إلا قمعا، أي بعدما يحدث الضرر فعلا، مما يجعلها حلا غير فعال، لذلك فالتدابير التقنية فعالة في هذا الإطار-كما يرى البعض-خاصة إذا ما أخذت بعين الاعتبار هذه الجوانب السياسية والاجتماعية والعوامل التربوية أيضا(33).

إن المكافحة "الدولية" للإرهاب وفي غياب مفهوم قار له ترضى عنه شعوب العالم، تظل نسبية بل وعديمة الجدوى في مجتمع دولي تتضارب فيه المصالح بشكل كبير ويتسم بتباين قاتل بين شمال مصنع ومتطور يغزو الفضاء وجنوب متخلف وفقير يصارع من أجل البقاء. وما دامت شعوب بريئة تقتل وقرارات أمريكية تصدر باسم الأمم المتحدة وأخرى ملحة تمنع وأنساق فكرية وتعليمية محلية تعدل وتلغى، وأموال شخصية تجمد لمجرد الاشتباه، باسم وبذريعة مكافحة الإرهاب.

المراجع:
1- ضيف الله بن محمد الضيعان: الحرب البيولوجية (الجرثومية) - مجلة البيان المنتدى الإسلامي (لندن)-السنة 16 عدد 169 دجنبر 2001، ص: 101.

2- إلهام محمد العاقل: مبدأ عدم تسليم المجرمين في الجرائم السياسية (دراسة مقارنة) سلسلة الدراسات القانونية-مركز دراسات العالم الإسلامي-مالطا الطبعة الأولى 1993- ص: 110.

3- عبد السلام العبادي: الجزاءات الاقتصادية في الممارسة الدولية المعاصرة- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام- الرباط 1993 (غير منشورة)، ص: 47.

4- أدونيس العكرة: الإرهاب السياسي، بحث في أصول الظاهرة وأبعادها الإنسانية، دار الطبعة، بيروت- الطبعة الأولى 1983- ص: 93.

5- د.عصام صادق رمضان: الأبعاد القانونية للإرهاب الدولي-مجلة السياسة الدولية-الأهرام-مصر-عدد 85 يوليو 1986، ص: 24

6- للإشارة فقد تمكنت الجمعية العامة من إصدار قرار هام رقم 3314/29 سنة 1974 يتعلق بتحديد تعريف للعدوان، يعد مرجعية مهمة في هذا الصدد.

7- جريدة القدس العربي (لندن) عدد 3893 بتاريخ 17 و 18 نونبر 2001، ص: 7.

8- عبد الناصر حريز: الإرهاب السياسي، دراسة تحليلية - الطبعة الأولى 1996-مكتبة مدبولي (مصر)-ص: 181.

9- عبد الناصر حريز: الإرهاب السياسي، مرجع سابق، ص: 174.

10- عبد الناصر حريز: الإرهاب السياسي-مرجع أعلاه، ص: 174 أيضا.

11- د.إسماعيل الغزال: الإرهاب والقانون الدولي-المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع- الطبعة الأولى 1990م- 1410هـ (مصر) ص:19.

12- ناعوم تشومسكي: قراصنة وأباطرة، الإرهاب الدولي الجديد في العالم الواقعي - ترجمة محمد برهوم- المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت - الطبعة الأولى 1991- ص: 9.

13- أدونيس العكرة: مجلة دراسات المتوسط، ع1 –شتنبر 1991-مركز دراسات البحر المتوسط-ص: 48.

14- إبراهيم أبراش: العنف السياسي بين الإرهاب والكفاح المشروع-مجلة الوحدة (المجلس القومي للثقافة العربية)-الرباط-السنة السادسة –عدد 67 أبريل 1990-ص: 84.

15- إسماعيل الغزال: الإرهاب والقانون الدولي-مرجع مذكور-ص: 28.

16- Berramdane.A : Les Actions militaires Amérique contre la Libye et le droit international-centre d’études Stratigiques, Annales.1989-1990- N°3 (Maroc).P179.

17- عبد الناصر حريز: الإرهاب السياسي- مرجع سابق-ص: 124.

18 - يراجع في هذا الشأن: د.أحمد مفتاح البقالي-حركة عدم الانحياز- مطبعة الأنباء (المغرب)- الطبعة الأولى 1980.

19- المختار مطيع: المختصر في القانون الدولي العام- أنفو برانت- فاس- الطبعة الأولى 1992-ص: 186.

20- إسماعيل الغزال: الإرهاب والقانون الدولي – مرجع سابق- ص: 56.

21- بطرس بطرس غالي: الأمم المتحدة ومواجهة الإرهاب الدولي الجديد- مجلة السياسة الدولية ع 127 يناير 1997 ص:10.

22- للمزيد من التوسع في تفاصيل هذه الاتفاقيات الثلاث الأخيرة، يراجع: احمد أبو الروس- الإرهاب والتطرف والعنف الدولي- المكتب الجامعي الحديث - الإسكندرية (مصر) الطبعة الأولى 2001.

23-انظر Serge regord : « Raid « anti-terroristes » et développements récents des atteintes illicites au principe de non intervention ». A.F.D.I 1986. P:84.

24-تنص المادة 51 من الميثاق الأممي على أنه:" ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص من الحق الطبيعي للدول , فرادى أو جماعات , في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء" الأمم المتحدة " وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي, والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا, ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس, بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمدة من أحكام هذا الميثاق, من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه ".

25- ناعوم شومسكي: مرجع مذكور, ص: 144.

26- للتوسع في هذا الشأن يراجع: منى مصطفى محمود: استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي، بين الحظر والإباحة – دار النهضة العربية 1989، الصفحات: 87 و 88 و 89.

27- ادريس لكريني: إدارة مجلس الأمن للأزمات العربية في التسعينات، أزمة لوكربي نموذجا. أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق أكدال-الرباط 2001 (غير منشورة) ص: 223.

28- للإشارة فإن جميع أطراف هذه الأزمة (ليبيا، فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية) وقعت على هذه الاتفاقية وأقرت التزامها المسبق بمضمونها. وللإطلاع على مقتضيات هذه الاتفاقية بتفصيل، يراجع: نبيل أحمد حلمي، الإرهاب الدولي وفقا لقواعد القانون الدولي العام- دار النهضة العربية (القاهرة) ص: 139 وما بعدها.

29- رغم أن فصلا مهما من فصول الأزمة قد طوي بتسليم المتهمين للأمم المتحدة لمحاكمتهما أمام قضاة استكتلنديين في قاعدة زايست الهولاندية حيث تم تبرئة أحدهما وإدانة الثاني بالسجن مدى الحياة والذي استأنف الحكم، فإن مجلس الأمن لازال معنيا بالأزمة، ذلك ان رفع العقوبات الدولية كليا عن ليبيا تقتضي قرارا من هذا الجهاز بهذا الشأن بناء على تقرير من الأمين العام الأممي يؤكد فيه استجابة ليبيا لقرارات المجلس ذات الصلة.

30- حول الإشكالات المرتبطة بالتدخل العسكري في أفغانستان، راجع: إدريس لكريني، استثناءات الأمم المتحدة تتحول إلى قاعدة: التدخل العسكري الأخير في أفغانستان بين الشرعية الدولية والتعسف الأمريكي. جريدة القدس العربي عدد 3931 بتاريخ 6/5 يناير 2002 ص: 18

31- لمزيد من التفاصيل بهذا الخصوص راجع: عبد الغني عماد: "المقاومة" و "الإرهاب" في الإطار الدولي لحق تقرير المصير, بمجلة المستقبل العربي (مركز دراسات الوحدة العربية) عدد 275 بتاريخ 1/2002، ص: 33 و 34.

32- إسماعيل الغزال: الإرهاب والقانون الدولي-مرجع سابق- ص: 52.

33- المختار مطيع: المشاكل السياسية الكبرى المعاصرة- منشورات إيزيس- الطبعة الأولى 1993- الدار البيضاء ص: 138.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس