عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 11:26 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

ثانياً: تطـور تنفيـذ المباريـات الحربيـة بعـد استخـدام الحاسـب الآلي

يمكن القول إن المباريات الحربية بصورة أو أخرى، تعتبر قديمة قِدَم الحرب نفسها، مثلها في ذلك مثل لعبة الشطرنج، حيث تم استخدام المباريات الحربية بواسطة العسكريين الألمان في القرن الثامن عشر، وكان يتم استخدام قطع ولوحات يتم التدرب عليها، وذلك بالرغم من أن اللوحات المستخدمة كانت تحتوي على آلاف المربعات، ويتم استخدام مئات من القطع. وقد بدأ استخدام الحاسبات الآلية في المباريات الحربية في فترة الخمسينيات، فعلى سبيل المثال، قامت القوات البحرية الأمريكية في عام 1958م بتطوير نظام كان يتم فيه استخدام هيكل رئيس لحاسب آلي، وذلك لتتبع المباراة وحساب النتائج.

بالنسبة للأفرع الرئيسة للقوات المسلحة في مختلف دول العالم، كان إجراء المباريات الحربية يتم قبل استخدام الحاسب الآلي، حيث كانت أطقم القيادة تقوم بالاتصالات مع نظرائها باستخدام أجهزة اللاسلكي، فكان يتم استخدام ما يسمى بقائمة الأحداث الرئيسة، لتتبع ما يتم في توقيته المحدد بالقائمة، حيث يتم إرسال الرسائل أو الأوامر الخاصة بالتنفيذ أو تمام القيام بالمهمة أو الصعوبات التي تواجه التنفيذ 00 إلى غير ذلك من أحداث، وكان يتم استخدام لوحات ورقية طويلة، موضحاً بها الإجراءات وما يتم تنفيذه وما لا يتم تنفيذه، وحولها أفراد على أطراف الخطوط الهاتفية يقومون بإرسال المعلومات، ثم تم تطوير تلك اللوحة إلى خريطة وحولها أفراد يقومون بالعمل، مثل تحريك مكعبات أو تحريك قوارب من مكانها إلى مكان آخر، كان يحدث عادة في مثل تلك المباريات وجود كثير من الآراء بخصوص من رمى أولاً ومن شاهد الآخر أولاً.

ويتم حالياً ــ كهدف رئيس للمباريات الحربية ــ دراسة تطوير تلك المباريات، بحيث تحقق القدرة على إرسال البيانات من خلال شبكة ، مع القيام بتجربة ربط نظم القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وذلك لفهم كيف ستعمل التنظيمات المختلفة، وكيف ستعمل نظم الأسلحة معاً.

ويتم إجراء تلك الدراسة، ليس بواسطة القيادات العسكرية المسؤولة عن التدريب فقط، ولكن بواسطة الشركات التي توفّر تلك التقنيات للجهات العسكرية. ونتيجة لتلك الجهود ظهر ما يشبه تجسيم رواية أدبية على مسرح يمكن أن يطلق عليه (معمل المعركة)، حيث تم بناء منشآت يتم تشغيلها بواسطة الشركات الصناعية، ويتم فيها إرسال البيانات المختلفة عبر شبكة للاتصالات، ويمكن تكاملها مع نظام القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، والقيام بالدراسة المطلوبة. وفي هذا الاتجاه، قامت شركات أمريكية متخصصة بتطوير شبكة تكامل دراسة الصراعات الحربية، والتي لها منشآت في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، باستغلال تشغيل مختلف المنصات، وأجهزة الاستشعار، والأسلحة، وبرامج القيادة والسيطرة معاً، وذلك لأغراض تطوير برامج للمباريات الحربية تناسب العمليات الحربية لعملائها، وتقوم تلك الشبكة بإجرء المحاكاة نفسها التي يستخدمها العسكريون.

من المعروف أن الكثير من الأفراد الذين ليس لهم أي اتصال بالنواحي العسكرية يقومون بممارسة هواية التدريب على المباريات الحربية على الحاسبات الآلية، ولكن من البدهي أن توجد اختلافات بين المباريات الحربية الاستراتيجية التي يتم بيعها تجارياً وتلك المباريات التي يتم استخدامها في مراكز القيادة، أو أي تدريبات عسكرية أخرى، ويكمن أحد تلك الفروق في أن المباريات الحربية المخططة التجارية تقوم بأعمال أكثر من نظيرتها العسكرية، لأنها لا تتلقى الأوامر من أطقم القيادة، على سبيل المثال: إذا نظرنا إلى إحدى تلك النظم النمطية التجارية التي يتعامل معها المدنيون، فإنها تتكون من عدد من الحاسبات الآلية قد يصل إلى (25) أو (30) حاسوباً شخصياً، ويمكن أن يصل العدد إلى (70) أو (80) حاسوباً شخصياً في الشبكة، ويقوم كل حاسب بالتعامل مع شركة واحدة ومع الأسلحة الموجودة بتلك الشركة، كما يقوم الحاسب الآلي الشخصي التجاري بتجسيم جميع مراحل القتال، وبذلك يمكن للشخص أن يطلب مهاجمة أحد الأعداء، وعندئذٍ تتم جميع الخطوات آلياً.

ثالثاً: اشتراك الأنـواع الرئيسـة للقـوات المسلحـة لدولـة أو عـدة دول

معظم مراحل المباريات الحربية مصممة حالياً لخدمة نوع رئيس واحد من أنواع القوات المسلحة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية ـــ على سبيل المثال ـــ نجد أن المباريات الحربية السنوية التي يتم إجراؤها بواسطة الأنواع الرئيسة (الجيش، والقوات الجوية، والقوات البحرية، وقوات مشاة البحرية) منفصلة، ولا يوجد إلاّ اتصال محدود بالأنواع الأخرى، ناهيك عن الأنواع الرئيسة للدول الأخرى، وتقوم القيادة المشتركة للقوات الأمريكية بالعمل على رعاية التدريب بالمحاكاة، بحيث تشترك فيه الأنواع الرئيسة للقوات المسلحة بدرجة أكبر مما هو متاح حالياً، وذلك بالمشاركة عن قرب في المباريات التي تقوم بها الأنواع الرئيسة منفصلة، ومثال ذلك المباراة الحربية التي أطلق عليها (يونيفيد كويست 03)، حيث اشتركت فيها القوات المشتركة مع قيادة التدريب والمذهب القتالي للجيش الأمريكي في دراسة كيفية قيام الأنواع الرئيسة المختلفة بتنفيذ العمليات المشتركة بصورة أكثر فعالية وأكثر تداخلاً، واشترك في تلك المباراة نحو (600) فرد يمثّلون الجيش والقوات البحرية، والقوات الجوية، وقوات مشاة البحرية، وقوات حرس الحدود، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات الحكومية وغير الحكومية. مثل تلك المباراة، وقبلها المباراة التي أُطلق عليها (ميلينيوم تشالنج 02) … وغيرهما من المباريات الحربية، يتم فيها دراسة مواقف تكتيكية خاصة، مثل القيام بالهجوم داخل منطقة سكنية، أو مسائل استراتيجية أوسع، مثل: نشر القوات في مساحة جغرافية كبيرة كمنطقة الشرق الأوسط، لدراسة مواقف تكتيكية محددة تقوم قيادة القوات المشتركة الأمريكية باستخدام نظام محاكاة الصراع التكتيكي المشترك، الذي تم تطويره بواسطة شركة أمريكية.

خلال التدريب بالمحاكاة على مستوى مسرح العمليات، فإن المناورات التكتيكية التي تقوم بها الأنواع الرئيسة المختلفة باستخدام نظام محاكاة الصراع التكتيكي المشترك Jcats، أو أي برنامج محاكاة آخر يمكن ربطهما معاً. كان أول تطبيق لهذا النوع من المحاكاة هو النظام الذي طوّرته القيادة المشتركة للقوات الأمريكية USJCOM) باستخدام المحاكاة على مستوي مسرح العمليات JTLS، والذي هو نموذج لحرب الخليج الثانية في عام 1991م أو مايُطلق عليها (عاصفة الصحراء).

بالنسبة إلى الربط بين نظم المحاكاة التي تتيح للمشتركين في المباريات الحربية والمستخدمين الآخرين لهذه النظم التدريب على القتال ضمن قوات للتحالف، فإن تلك القدرة غير متوفرة حالياً وفي طريقها للتطوير. ويتم حالياً تمويل أحد تلك المشروعات الخاصة بالمحاكاة المشتركة، فقد تم تخصيص مبلغ (7،17) مليون دولار أمريكي له، وتشترك فيه (13) دولة أوروبية، ويهدف هذا المشروع إلى وضع مواصفات لاتصال أجهزة المحاكاة التقديرية خلال أوروبا، وقامت شركة CAE بتطوير النظام GESL، لتدريب القيادة والأركان ويستخدمه الجيش الأيرلندي وعدد من الدول الأخرى، ويقول المسؤولون في تلك الشركة إن هذا النظام لا يتم استخدامه حالياً بواسطة عدة دول للتدريب المشترك على العمليات بالرغم من أن هذا النظام يحقق تلك القدرة، وقامت الشركة بإجراء بيانات عملية عليه باستخدام شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) العادية.

رابعاً: وجـوب أن تعكس المباريات الحربيـة طبيعـة العمليات العسكرية الواقعية

يجب أن تعكس المباريات الحربية طبيعة العمليات العسكرية الحالية؛ فعلى سبيل المثال تقوم القوات المشتركة الأمريكية بتحليل خبرات الحرب المكتسبة من الحرب في أفغانستان والعراق، وتحاول أن تدخلها في المباريات الحربية، ويجب أن توضّح المحاكاة للمشتركين جميع الأخطار والمسائل التي قد تظهر فجأة أثناء العمليات غير الحربية، وذلك كما حدث في الصراع الحالي في العراق، حيث بدأت الحرب ـــ وإلى حدٍ كبير ـــ كحرب بين جانبين لهما حدود واضحة، ثم تطوّرت بعد ذلك إلى قتال داخل المدن بين أطراف كثيرة، حيث اختلطت الأطراف المدنية داخل العمليات العسكرية، التي كانت في معظمها مهام حفظ سلام حول العالم ابتداء من (سيراليون) إلى (جزر سولومون)، وهو ما يتطلب من الجندي العادي أن يتكيّف مع التطورات المختلفة.
لقد تعرَّضت القوات الأمريكية في العراق إلى مواقف مختلفة شملت: التظاهرات، والانتفاضات، وأعمال النهب، والحرب المدنية، ولذلك يجب أن تشمل المحاكاة جميع أنواع تلك المواقف. ويختلف ميدان القتال الحالي عن ميدان القتال المفتوح والواضح أثناء فترة الحرب الباردة، الذي كان استخدام الحاسب الآلي لمحاكاته مناسباً له، حيث كانت القواعد التي يتم تطبيقها في هذا الميدان الأخير قواعد معروفة تعتمد على أن من يرى أولاً هو من يطلق النار أولاً، ثم بعد ذلك يتم حساب احتمال التدمير. لقد أصبح الموقف الآن أكثر تعقيداً ويلزم تحديد القوات على أساس العمل داخل هذا الميدان المعقد، والذي يميل إلى أن يكون مشابهاً للقتال داخل الميدان المفتوح ويحتاج لموارد وتقنيات تختلف عن تلك التي يحتاجها ميدان القتال المغلق.


من بين العوامل التي يلزم أخذها في الحسبان عند محاكاة العمليات العسكرية تحت الظروف المتنوعة تنوعاً كبيراً، والتي يجب أن تتماشى معها تلك العمليات: أن العدو الذي قد تتم مواجهته لا يمكن التنبؤ بقدراته، ويجب أن تعكس المباريات الحربية هذا العامل الهام بوضوح. يقول الأمريكيون إن خبرتهم في لبنان توضّح أنهم بعد انتشارهم هناك عدة سنوات، فإن بعض الأحزاب والجماعات التي كانت معهم أصبحت ضدهم، ولذلك فلا يمكن تخطيط المباريات الحربية على أساس الأبيض والأسود، أي قوات حليفة يتم تلوينها باللون الأحمر، وقوات معادية يتم تلوينها باللون الأزرق، بل يجب أن تشمل المباراة الحربية عدداً من الجماعات المختلفة، ويجب أن تسمح تلك المباراة بتغيير موقف بعض أو كل تلك الجماعات من صديقة إلى معادية كلما تقدمت العمليات الحربية. يقول المسؤول في شركة SAE التي طوّرت نظام المحاكاة GESI، إن هذا النظام كان يحتوي على جماعتين متحاربتين (أحمر وأزرق)، وتم تطويره بحيث يسمح بمحاكاة حتى (8) جماعات مختلفة.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن المباريات الحربية على المستويات الأعلى، التي هي مستويات استراتيجية أعلى، قد لا تحتاج إلى عمل نماذج على الحاسب الآلي، أو لا تحتاج إلى محاكاة على الإطلاق، وهذا يعكس المباريات الحربية على المستوى التعبوي أو التكتيكي، كما هو في حالة المباريات الحربية لمراكز القيادة، حيث يتم فيها محاكاة إرسال القوات إلى هنا أو هناك، أو استخدام قدرات المراقبة والاستطلاع، أو التي تحاكي تأمين قاعدة جوية أو منشأة هامة … إلى غير ذلك من النشاطات التعبوية أو التكتيكية.

على سبيل المثال، في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية NDU الموجودة في واشنطن، حيث يكون الدارسون من الذين خدموا لمدة (18 ـــ 22) عاماً، في هيئات الخدمة الاتحادية، والذين يقومون بدراسة استخدام عناصر القوة الدبلوماسية، والعسكرية، والاقتصادية ... إلى غير ذلك من أدوات القوة لمساندة تحقيق الأهداف القومية، فإن المباريات الحربية تكون في المقام الأول تعليمية وتعتمد على مايُسمَّى بالحلقات الدراسية، حيث يجلس الدارسون حول مائدة بدلاً من الجلوس أمام شاشات أجهزة الحاسب الآلي.

يقول رئيس مركز المباريات الحربية الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية NDU: إن الموضوعات قد تدور حول أحد دول جزر الكاريبي التي توجد بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية خلافات خطيرة، حيث يقوم الدارسون بدراسة كيفية إجبار تلك الدولة على تغيير موقفها باستخدام أي من عناصر القوة المتاحة، فعلى سبيل المثال، يمكن دراسة تأثير العنصر الثقافي، حيث يتم ما يمكن أن يُقال عليه (القصف الثقافي) بواسطة الموسيقى، والأدب، والثقافة الأمريكية، أو يمكن دراسة احتمال استخدام القوة العسكرية عن طريق قصفها وغزوها، أو باستخدام عنصر القوة الاقتصادية بواسطة استخدام الحصار الاقتصادي، أو قد يتم دراسة الربط بين تلك العوامل جميعها.
ولكن كيف يتم معرفة أن أحد تلك العناصر أو جميعها ستحقق النتائج المرجوة منها؟
في مثل تلك المباريات الحربية، يتم استدعاء الخبراء ـــ مثل الجنرال المتقاعد (أنتوني زيني)، الذي كان قائداً لفيلق مشاة البحرية الأمريكية، أو السفير المتقاعد (روبرت أوكلي) ـــ للعمل كمحكمين للمباريات الحربية، وهل القرارات التي تم اتخاذها ستكون مقبولة أم لا؟

وعندما يكون الهدف من المباريات الحربية هو مجرد إثارة النقاش حول مزايا سياسية استراتيجية أوسع وإجراءات عسكرية، فعادة ما تكون نتيجة المناقشة مقبولة. وفي حالة المباريات الحربية على المستوى التعبوي أو التكتيكي، فإن قدرة الحسابات الآلية على حساب نتائج الأحداث (مثل حساب احتمال إصابة الهدف بصاروخ موجّه، أو حساب احتمال وصول رتل من المشاة أو الإمدادات إلى منطقة في الوقت المحدد لتقديم المساندة لمجموعة عمليات ...) تكون أفضل وقريبة على الواقع.

يقول المتخصصون إنه قبل استخدام الحاسب الآلي، فإن تجسيم المواقف التي تتم في المباريات الحربية التي تشمل أفراداً محكّمين كانت تؤدي إلي متاهات نتيجة للمناقشات التي تتم حول نتائج تلك المباريات، حيث ـــ أحياناً وليس في جميع الحالات ـــ تتصارع الآراء فتجد من يقول إنه بناء على خبرتي السابقة، فإن ذلك هو الذي سيحدث، ولكن عند استخدام نظام للمحاكاة فإن درجة قبول النتائج لدى الدارسين تكون غالباً مرتفعة أكثر من مثيلتها التي تجري باستخدام المحكّمين.

خامساً: المباريات الحربية تساعد على التنبؤ بالمواقف القتالية المستقبلية

تكمن فائدة التقنية في أنها عامل أكثر من مهم لتحقق القدرة على إجراء المباريات الحربية، التي تجسّم المواقف والمحاكاة، لإعطاء المشتركين فكرة عمّا سيحدث في المستقبل أثناء التدريب في مراكز القيادة والتدريبات الأخري، ويمكن القول ـــ حالياً ـــ إنه من النادر أن تتم الأعمال العسكرية الحقيقية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية أو القوى العسكرية الأخرى بدون إجراء نوع ما من التدريب عليها باستخدام المباريات الحربية التي تسبقها.

يمكن النظر حالياً إلى تجسيم الأعمال العسكرية على أنه مباراة رياضية كاملة عندما يتم تطوير الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية، ومن الممكن أن يعكس هذا التجسيم التدريبات الميدانية الحيّة. يقول المتخصصون إنه لا يوجد فعلياً مجال من مجالات الحرب الحديثة لا يمكن محاكاته بدرجة عالية من الواقعية، خصوصاً وأن كثيراً من تلك المجالات والنشاطات تستخدم نظم الحاسبات الآلية ابتداء من نظم القيادة والسيطرة إلى نظم الأسلحة.
ويضيف هؤلاء المتخصصون أنه بمرور الزمن، وعندما يذهب العسكريون إلى المعركة التي تم تدريبهم على نماذج لمحاكاتها تصور جميع مراحلها، ربما يكونون غير متأكدين تماماً مما سيحدث، ولكنهم يدركون على الأقل النتائج المحتملة لهذه المعركة، وبالرغم من ذلك، يوجد من يعارض استخدام المباريات الحربية في التدريب، ويقول إنه ما لم يتم التدريب الفعلي في ميدان حقيقي حيث يتم شم رائحة البارود ... وغير ذلك مما سيحدث فعلياً في ميدان القتال، فإنه لن يتم تدريب حقيقي للقوات.


من الأشياء الهامة التي يلزم الإشارة إليها، أن نظام محاكاة الصراع التكتيكي المشترك JCATS، قد تم استخدامه لتجهيز الجنود الأمريكيين للقتال داخل مدينة (بغداد) أثناء ما يُطلق عليه عملية (حرية العراق) في أوائل عام 2003م، يقول أحد الضباط الأمريكيين في إدارة المحاكاة التابعة للجيش الأمريكي في أوروبا في تقرير له: إن الإجراءات التكتيكية التي تم تطويرها أثناء المحاكاة، ربما تكون سبباً أساسياً في أن قوات التحالف قد تمكّنت من احتلال بغداد نسبياً بسهولة، وبدون القتال داخل المدن لفترة طويلة ـــ كما تم توقعه في تلك المباراة الحربية ـــ حيث استخدمت المحاكاة في قيادة التدريب للجيش السابع الأمريكي، إلى جانب نظام محاكاة الصراع التكتيكي المشترك مولداً تصويرياً للمناظر الحقيقية، وهو نظام تصويري للعرض ثلاثي الأبعاد يقوم بتجسيم الأفراد وقطع المعدات، بالإضافة إلى الأرضيات والحجرات داخل المباني.

وطبقاً لما أفاد به أحد القادة الأمريكيين، بدأ تجميع المعلومات لبناء محاكاة واقعية في ربيع عام 2002م، حيث وفّرت الوكالة القومية للتصوير وعمل الخرائط ـــ بالإضافة إلى مصادر أخرى ـــ المعلومات اللازمة لعمل الخرائط، بما فيها المزروعات والهيئات الطبيعية والصناعية بارتفاعاتها الحقيقية والأنهار، لإنشاء صورة عامة لميدان القتال، وأثناء التدريب قامت قوة بتمثيل العدو، حيث لعبت دور القوات العراقية التي من المحتمل أن تواجه الفرقة المدرعة الأولى، وبذلك كانت هناك فرصة أن تدقق هذه الفرقة إجراءاتها التكتيكية، قامت الفرقة الأولى بإجراء ثلاثة تدريبات تحاكي معارك على مستوى اللواء ضد القوات التي تمثّل العدو.
ونظراً لأن نظم القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الموجودة في القطع البحرية وفي مراكز قيادة القوات البرية، أو في داخل مراكز عمليات القوات الجوية، من السهل ربطها مع بعضها أثناء المحاكاة، فإن أطقم القيادة القائمة بالتدريب يمكنهم أن يستخدموا نظم القيادة والسيطرة نفسها للتدريب كما يفعلون أثناء العمليات الحقيقية. وعلى سبيل المثال، تم استخدام نسخة معدلة من نظم المهمة لشركة (لوكهيد مارتن)، وهو نظام إدارة المعركة على مستوى مسرح العمليات، وذلك في نهاية عام 2002م، في تجربة هجوم بواسطة القوات الجوية، كما تم استخدام نظام القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع في محاكاة مماثلة. ويعتمد الاتجاه الجديد للتدريب على استخدام نظم القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع كوسيلة محمية وعضوية لتجسيم ميدان القتال لأغراض المحاكاة. وقد تم تنفيذ ذلك في القطع البحرية، حيث يمكن أثناء وجود القطعة البحرية في الميناء وعندما تكون مجهزة بطاقمها بالكامل إجراء التدريب باستخدام المحاكاة وبدون الاضطرار إلى الانتقال إلى مكان آخر.

لا يتم استخدام المباريات الحربية فقط عندما يكون العسكريون موجودين في الخدمة، بل يمكن القول إن كثيراً من الضباط وصف الضباط أصبح لديهم ولع بالمباريات الحربية، حيث يقوم الكثير منهم بالإنفاق من جيوبهم الخاصة على شراء المباريات الحربية التجارية، يقول المتخصصون: بدأت أكثر المباريات الحربية التجارية شهرة وهي: (ذاهب إلى الجيش)، كوسيلة للتأهيل أساساً، ولكن نظراً لواقعيتها، فقد اعتبرت ضمنياً شيئاً كأداة للتدريب أو على الأقل مفكرة للتكتيكيات للجنود يتم استخدامها كوسيلة للترقية في الجيش الأمريكي.

يضيف هؤلاء المتخصصون أن كثيراً من المباريات الحربية بدأت كمنتجات تجارية، ثم تم بعد ذلك تكييفها لتناسب الاستخدام المتخصص، وعادة ما يتم تحويل المباريات الحربية غير المحظورة، التي تستقي معلوماتها من مصادر المعلومات العلنية، إلى مباريات حربية سريّة، وذلك بإضافة معلومات عسكرية سرية، مثل: مدى الأسلحة، والمعلومات الخاصة بعلم الإحصاء، ونظرية الاحتمالات ... وغيرها من معلومات عسكرية متخصصة.

وبغض النظر عن أصل المباريات الحربية، فإن كثيراً من المستخدمين العسكريين ـــ أياً كان موقعهم في سلسلة القيادة العسكرية ـــ يقومون عادة باستخدام المباريات الحربية كوسيلة للترفيه. يقول أحد المتخصصين إنه تكلم مع قائد سرية في الجيش الأمريكي كان موجوداً أثناء معركة كربلاء، وأن هذا الضابط أخبره بأنه سعيد لوجوده هناك، وذلك لأنه قام بإجراء مباراة حربية مشابهة لتلك المعركة سبع مرات، وتم قتله في جميع المباريات! ?

المراجع

1. العقيد الركن/ أكرم ديري، الموسوعة العسكرية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1977م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، ص 264.
2. العماد الأول (م)/ مصطفى طلاس، كتاب الاستراتيجية السياسية والعسكرية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1991م، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، سوريا، ص 176.
3. اللواء د. محمد نصر الخطيب، مجلة مركز الدراسات الاستراتيجية، كانون الأول عام 2006م، مقالة: «المباريات الحربية»، مأخوذ من الإنترنت، مترجم عن اللغة انجليزية، ص 17.
4. العماد/ حسن توركماني، كتاب: (الحرب وفن الحرب)، بحث غزوالعراق عام 2003، الطبعة الأولى، عام 2006، دار الأولى للنشر والتوزيع، دمشق، سوريا.
5. العميد الركن (م)/ إبراهيم إسماعيل كاخيا، مقالة: (النظريات القتالية من المعركة الحديثة المشتركة إلى الحرب اللاتماسية)، مجلة الدفاع العربي اللبنانية، العدد (11) أغسطس عام 2007، بيروت، لبنان، ص 48.


المصدر : مجلة الملك خالد العسكرية

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس